الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا... إلى أين؟

محمد الورداشي
كاتب وباحث مغربي.

(Mohamed El Ouardachi)

2018 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


عرف العالم، في الآونة الأخيرة، مجموعةً من الأزمات، والتي يمكن ذكرها في: الحروب بشتى أنواعها، وفي مختلف المجالات العسكرية، والاقتصادية والاجتماعية، والسياسية. بيد أن ثمة حربا مختلفةً عما سبق ذكره؛ وهي الحرب الحضارية؛ إذ إنها تتجلى في محاربة القيم الثقافية في مختلف مجالاتها. وهذا ما يمكن أن نجده فيما يسمى بالعولمة، باعتبارها أدلوجة غربية، تسعى، من خلالها، الدول العظمى إلى فرض سيطرتها الثقافية والحضارية على دول العالم عامة، ودول العالم الثالث على وجه الخصوص.
على أن هذه الحرب الحضارية، وهذا المفهوم يعود إلى عالم المستقبليات المغربي، المهدي المنجرة، حيث أشار، في كتبه، إلى أن الحروب التي سيعرفها العالم في السنوات المقبلة، ستكون حروبا حضاريةً بامتياز؛ أي أنها ستتسلط على أهم شيء عند الإنسانية، وهي كرامتها، وهذه الأخيرة تتجلى في القيم؛ لأن القوي والغالب، يسعى دائما، إلى فرض قيمه الحضارية على الضعيف أو المغلوب. فإذا عدنا إلى الوراء، وإذا ما نحن أردنا أن نستحضر ما عرفته الإنسانية من حروب قاتلة في الماضي، فإننا نؤثر الإشارة إلى أهم هذه الحروب، وإلى أكبرها من حيثُ البعدُ الزمني، والبعدُ الإنسانيُّ الذي نلخصه في: الخسائر البشرية والمادية، وفي الإرث الثقافي والحضاري؛ ونجمل الكلام في:
- الحروب الصليبية، والتي يمكننا القول إنها حروبٌ مسيحية ضد الإسلام. ثم الحرب العالمية الأولى والثانية.
إن ما يميز هذه الحروب أنها حروب كبيرة، وخلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة. فهي حروب اتخذها الإنسان ضدّ أخيه الإنسان، وإن شئنا، قلنا إنها حروبٌ ضدّ الإنسانية جمعاء.
لقد تنوعت هذه الحروب بين شمال/ شمال، وشمال/ جنوب.
بيد أننا في السنوات الأخيرة، غدونا نرى حروبا بين جنوب/ جنوب، والتي يمكن أن نمثل لها، بحرب العراق ضدّ إيران، بتدخل إيادٍ خفيةٍ، تشتغل في الخفاء، بل إنها تحرك دول العالم الثالث، كما تُحرّكُ الدمى من وراء الستار. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، يمكن أن نستحضر حربا من نوع شمال جنوب، وهي حرب الدولة العظمى ضدّ الخليج العربي.
فالحرب ضد العراق لم تكن لها أهدافٌ اقتصاديةٌ بامتياز، بقدر ما كانت لها أهدافٌ حضارية. فإذا كانت العراق، وحسب ما صرح به المهدي المنجرة في كتبه، البلد العربي الوحيد الذي عرف تطورا في مجال البحث العلمي، حيث إنه يتوفر على موارد بشرية هائلة؛ أي على علماء متميزين، وحاول أن يبني نفسه بنفسه، بعيدا عن أي وساطة خارجية، أو صدقة مادية من لدن صندوق النقد الدولي، أو البنك الدولي، فإن الحرب ضدّه كانت ولا بد، حتى لا يكون القدوة الحسنة لباقي الدول العربية الإسلامية.
إن من بين أهم تدخلات الدول العظمى في الدول العربية الإسلامية، تظهر في أن الحروب لا تكون مباشرة، وإنما هناك مجموعةٌ من المخططات والمناوشات اللتين تعطيان مشروعيةً ومصداقيةً لهذه الحروب. وإذا ما نحن عدنا إلى عالم المستقبليات المغربي مرة أخرى، واستحضرنا ما أشار إليه في دراساته؛ وهو أن الحروب ضد الدول العربية المسلمة وغير المسلمة، ستكون حروبا حضاريةً بامتياز، وأن الحرب ضد الخليج عموما، والعراق على وجه الخصوص، هي سلسلةٌ من مخططٍ أمريكي مسبق، فإننا، وباستحضار أوضاع تركيا الآن، نطرح الأسئلة التالية:
ما علاقة التطورات التي عرفتها تركيا، في السنوات القريبة، بالولايات المتحدة الأمريكية؟ هل نجاح تركيا في مجموعة من المجالات، يعد تهديدا لدول الشمال؟ ألا تعد هذه التشنجاتُ التي تعرفها الساحة الاقتصادية، في هذه الأيام، بين الولايات المتحدة وتركيا، تمهيدا لدخول الولايات المتحدة إلى تركيا؟ هل تدخل تركيا، باعتبارها دولةً إسلامية، ضمن مسلسل الحروب الحضارية التي تنهجه القوى العظمى ضدّ دول العالم العربي، والإسلامي؟ وهل ستكون هناك حربٌ أمريكيةٌ ضدّ تركيا؟
كلّ هذه الأسئلة، تستمد مشروعية طرحها، انطلاقا مما عرفه التاريخ من حروب وأزمات، لذلك، فإننا سننتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في السنوات القادمة؛ لأن ليس بعيدا أن تكون الحرب ضدّ تركيا حربا ضدّ الإسلام، خصوصا إذا استحضرنا أن ما نلاحظه في تركيا من اعتماد على الإسلام بالدرجة الأولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ