الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يقاضي المحكمة الإتحادية العليا ؟؟

محمد علي العامري

2018 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


من يقاضي المحكمة الإتحادية العليا ؟
محمـد علي العامـري
من المتعارف عليه أخلاقياً ودستورياً أن يكون القضاء مستقلاً لا سلطان عليه ، وأن يكون بعيداً كل البعد عن الخراب السياسي والفساد الإداري .
إلاّ أننا وجدنا المنظومة القضائية في العراق قد تحوّلت الى خيمة يحتمي بها الفاسدون ، ونسجوا منها غطاءاً آمناً لهم ، وأصبحت المحكمة الإتحادية التي يترأسها القاضي مدحت المحمود أداة والعوبة تتحكم بها الأحزاب والكتل المتنفذة كيفما تشاء ، فنراها تفسر وتصدر " قرارات مسيّسة حسب الطلب ، وحسب المزاج السياسي لهذا الطرف أو ذاك ".
وبسبب تبعيته المحكمة الإتحادية للأحزاب المهيمنة على مقاليد الحكم وعدم إستقلاليتها ، خلقت أجواء سياسية متشنجة ومتوترة إنعكست سلباً على الأوضاع الأمنية والإقتصادية والإجتماعية في عموم العراق.
وهنا أريد أن أتطرق الى قضيتين تدلان على مدى نجاح مدحت المحمود بإبعاد المحكمة الإتحادية والمنظومة القضائية عن الإستقلالية والحيادية والنزاهة .
القضية الأولى : تفسير المحكمة لـ ( الكتلة الأكبر ) عندما فازت ( القائمة العراقية ) بزعامة أياد علاوي عام 2010 بـ 91 مقعد مقابل 89 مقعداً لدولة القانون بزعامة نوري المالكي . فبدلاً من تكليف أياد علاوي بتشكيل الحكومة ليكون رئيساً للوزراء ، بإعتبار كتلته هي الكتلة الفائزة ، ذهب نوري المالكي بطلب الى القاضي مدحت المحمود ليفسر له معنى ( الكتلة الأكبر ) وكان الغرض من ذلك سحب البساط من تحت أياد علاوي قضائياً ، وجاء التفسير حسب الإتفاق كالتالي : الكتلة الأكبر هي ( الكتلة النيابية الأكثر عدداً في البرلمان والتي تُشَكّل في أول جلسة نيابية ) وهذا التفسير الغريب الأعوج فُـصّل وصُـمّم على مقاسات دولة القانون ليفوز المالكي بولاية ثانية ، التي كلفت العراق الكثير من الصراعات السياسية والتدخلات الإقليمية العبثية ، وفساد لا مثيل له ، وفشل سياسي وإداري وخراب مجتمعي وإقتصادي وإنهيار أمني مازال العراقيون يعانون منه ويدفعون ثمنه الباهض .
مع العلم ، كان تفسير لجنة صياغة الدستور كالتالي : الكتلة الأكبر هي ( الكتلة الفائزة في الإنتخابات والحاصلة على أكبر عدد من المقاعد ) وهذا معمول به في كل الدول الديمقراطية بالعالم ، وأيضاً أخذ به في الإنتخابات العراقية عام 2006 .
ولكن سكوت أياد علاوي وعدم إعتراضه على هذه اللعبة التي خسر بها رئاسة الوزراء جاء مقابل بيع وشراء الوزارات والمناصب الكبيرة ، والكل يتذكر فضيحة تسعيرة الوزارات التي كشف عنها كل من باقر صولاغ الزبيدي ومشعان الجبوري وغيرهم في وسائل الإعلام العراقية والدولية .
فلوا إبتعدت المحكمة الإتحادية العليا عن تدخلها لنصرة هذا الطرف على حساب الطرف الآخر ، لما حدثت هذه الفوضى والإرباك في تشكيل الحكومة ، ولو إكتفت الكتل السياسية بتفسير لجة صياغة الدستور ، لسارت العملية السياسية بإنسيابية وشفافية وأخذت شكلها الطبيعي في مستقبل العراق السياسي ، ولولا تفسير مدحت المحمود لـ ( الكتلة الأكبر ) لريأينا اليوم رئيس الجمهورية يقوم بتكليف تحالف سائرون الفائز بالإنتخابات والحاصل على العدد الأكبر من المقاعد لتشكيل الحكومة دون معوقات أو تعقيدات أو تأويلات .
أما القضية الثانية : والتي لا تقل خطورة عن الأولى هي إعتراف المحكمة الإتحادية العليا على النظام المحاصصاتي الطائفي والقومي وحتى العشائري الذي أصبح عرفاً دستورياً غير مكتوب أتفقت عليه الكتل والأحزاب المتنفذة بمباركة القضاء بالرغم من عدم دستوريته وشرعيته .
فالدستور العراقي يخلو من أي مادة تحدد ( أن يكون رئيس الجمهورية من حصة الكورد ، ورئاسة الوزراء من حصة الشيعة ، ورئاسة مجلس النواب من نصيب السنة ).
لكن تعودنا من قضاء مدحت المحمود " أن لا تكون قراراته مستندة الى القانون والدستور ، بل الى حسابات الربح والخسارة ومحاباة الطرف الأقوى في القضية "
فالمنظومة القضائية وخاصة المحكمة الإتحادية العليا تتحمل مسؤولية بقاء مقومات الفساد والخراب في العراق ، ومسؤولية تدوير نفايات الإحزاب الفاسدة .
محمد علي العامري
19 آب 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت