الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقييم لكتاب أنعتاق فكر متمرد حطم اصفاده , للكاتب هاشم المدني

سوزان امين
ناشطة مدنية

(Sozana Amin)

2018 / 8 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نزل مؤخرا للمكتبات كتاب باللغة العربية عنوانه انعتاق فكر متمرد حطم أصفاده , للكاتب الشاب هاشم المدني . يتناول الكتاب قضية فكرية اجتماعية وسياسية موجهة بشكل خاص للشباب يدعم بقوة فكرة الخروج عن المألوف من خلال تحليل و طرح الافكار الحداثوية بعيدا عن قيود الدين، التطرف و الفكر الرجعي وتحثهم على التفكير العقلاني السليم والعمل على تحطيم القيود الفكرية الجامدة والتي من شأنها دعم احداث تغييرات نوعية في التحولات الاجتماعية والسياسية اللازمة لبناء مجتمع علماني مدني سليم .
يتميز الكتاب باسلوب سلس وشيق يشد القاريء كثيرا , حيث يذكر في كل فصل من فصوله امثلة حقيقية لشعوب اجتازت ازماتها وتغلبت عليها بابتكار اساليب مختلفة , ثم يريطها بواقع الحال في العراق وكيف يمكن للشباب العراقي الاستفادة من هذه التجربة او تلك للقيام بالتحولات الاجتماعية المطلوبة . وبما ان الكاتب يعيش في اسبانيا وتحديدا في مقاطعة كاتالونيا فهو يستشهد كثيرا بالواقع الاسباني لكونه مر بمرحلة حكم ديكتاتوري مشابهة بالتي مرّ بها العراق , ومن خلال ذلك يتطرق الى نبذ الفكر القومي ومحاربة التوجهات والسلوكيات العنصرية التي تعيق تقدم المجتمع , خاصة في مجتمع متعددة الاديان والطوائف القوميات .
يذكر الكاتب في احدى الفصول بشكل مسهب نوعا ما عن التاريخ الحديث في اميريكا وتحديدا مرحلة التمييز العنصري وتاثير الشباب الاميريكي الواعي في الغاء العنصرية بشكل تدريجي وذكي ما ادى الى تفكيك الكثير من المنظمات والحركات اليمينية العنصرية واختفائها من المجتمع الامريكي . مستشهدا بامثلة حية لشخصيات فنية واعلامية كان لها دور بازر في القيام بشكل مباشر في صنع هذا التغيير السلمي لمحو العنصرية من الشارع الامريكي . والغاية من هذه الامثلة هي شرح لكيفية تذليل الصعاب امام التحديات الكبيرة حتى يشعر القاريء بان الكتاب الذي بين يديه هو دليل موجز ومبسط لكيفية عمل وميكانيزم تغيير الكثير من المظاهرالسلبية التي تعيق حركة التطوربشكل سلمي دون الحاجة لقائد ميداني خبير يقوم بقيادة المجتمع في ثورة عارمة لبلوغ هذا الهدف او ذلك . فهو يركز على دور العمل الجمعي والفردي معاً لتحقيق التغيرات بشكل سلمي وديمقراطي فعال .
يتالف الكتاب تقريبا من 25 فصل وفي كل فصل يتناول الكاتب الشاب هاشم المدني موضوع معين او احيانا نفس الموضوع ولكن بمحورمختلف يسعى من خلاله التاثير على افكار الشباب العراقي وتغيير نظرتهم التقليدية والجمودهم العقائدي الذي يتميز به المثقفين العراقيين ونبذ السلبية والكسل والكف عن الدوران في حلقات الماضي المغلقة وحث الشباب على العمل خارج نطاق المالوف واستحداث اساليب جديدة من اجل اخراج البلد من الواقع الماساوي الذي يعيش فيه اليوم . مشيرا الى السلبيات الحالية واعطاء البدائل الفكرية والعملية للتحرر من الحكم الطائفي الرجعي وبناء مجتمع مدني علماني حر .
معظم القضايا التي تناولها الكاتب كُتِبَت باسلوب مقنع وبموضوعية بالغة ومدعومة بالامثلة الحية . الفصل الوحيد الذي ابتعد عنه الكاتب عن موضوعيته المالوفة وبرأيي لم يمنحها حقها هو فصل ( القومية والقضية الكردية) الذي اعتمد فيه الكتاب على مشاهداته الشخصية وبعض الحوادث الفردية .
ان موضوع كبير مثل القضية الكردية في العراق لايمكن اختزاله بفصل صغير بتالف من بضع صفحات يُبدي فيها الكاتب مشاعره الشخصية الطيبة ازاء الكرد وما على الشباب العرب فعله لكسب ود الشباب الكرد وضمهم الى جانبهم في محاولة لتبديد التشنج والتوتر والعزلة القائمة حاليا بين القوميتين العربية والكردية فهو يطرح القضية الكردية من وجهة نظرة احادية وغير محايدة . من جهة اخرى يتحدث الكاتب بايجابية عن حكومة اقليم كردستان الحالية وما قاما به الحزبين القوميين الحاكمين هناك , اذ يقول : " كردستان كاقليم ومن خلال ادارته الحكومية والحزبية أول ما قامت به لمصلحة شعبها هو انهاء الخلافات الحزبية مابين الحزبين ...." الى اخره من التوصيفات الايجابية التي لاتمت بصلة لواقع حال هذين الحزبين القوميين الفاسدين , مشيرا في النهاية ـ حسب وجهة نطره ـ الى وجود بعض السلبيات منها محاولات الاستئثار بالسلطة وتضييق اصوات المعارضة وتسيير بعض الممارسات المجتمعية وفق سياقات قديمة مثل اضطهاد النساء وانتشارظاهرة قتل النساء . وهذا مايوضح بصورة جلية عدم الدراية الكافية للكاتب بواقع حال الشباب الكرد والمجتمع الكردي بصورة عامة وواقع حكومة الاقليم وعزلتها الكبيرة عن الجماهير في مدن كردستان العراق .
دور المراة كان غائبا بين فصول الكتاب , فالكاتب لم يشير في اي فصل من فصول الكتاب بشكل خاص الى ضرورة تفعيل دور المراة ولم يشيرالى الكيفية التي تجعل المراة العراقية تخرج من شرنفتها وتتغلب على عجزها وقبولها بدور الضحية او التابع . ومن المؤكد توجد في جعبة الكاتب الكثير من القصص والامثلة الشيقة من تجارب الشعوب لتكون دليلا حافزا ومشجعا للنساء العرقيات في تحرير ذواتهن من العقلية التقليدية والقيام بدورهن الطبيعي في الحياة على قدم المساواة مع الرجل .
وختاما اود ان احيي الكاتب الشاب هاشم المدني على وضعه هذا الكتاب القيم بين يدي القراء . اشجع جدا على قرائته خاصة من الشباب العراقي لعله يساهم في احداث تغيير في وجهات نظر كثيرة تحتاج الى اعادة ترتيبها ووضعها في نصابها الصحيح من اجل بناء عراق مدني متحضر خال من التعصب الديني والطائفي والقومي ويتقبل الاختلافات الفكرية التي تعد الاساس لبناء مجتمع مدني علماني سليم يسير في ركب التطور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا دخلت شرطة نيويورك قاعة هاميلتون بجامعة كولومبيا حيث يت


.. وزير الدفاع الأمريكي يقول إن واشنطن ستعارض اقتحام رفح دون خط




.. وقفات احتجاجية في جامعات الكويت للتضامن مع غزة


.. وزير الخارجية الأمريكي: إسرائيل قدمت مقترحات قوية والكرة الآ




.. الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد قال إنها لتجهيز فرقتين للقتال في