الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى الوطنية وعلاقتها بعالمية الدعوة الإسلامية

مجدى يوسف
(Magdi Youssef)

2018 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


تعليقا على مقال الدكتورة فوزية عشماوى " الفرق بين الوطن والأمة" ( المصرى اليوم بتاريخ 20 الجارى)، أرجو أن أوضح الأمر التالى ، لاسيما وأنى مستشار سابق لهيئة اليونسكو بباريس، ومن ثم فما طرحته الدكتورة فوزية قريب من اهتماماتى البحثية.
فيما يتعلق بمفهوم الأمة فى الإسلام الحنيف: صحيح هو لا يعرف الوطن، لأن الأوطان ظاهرة حديثة فى التاريخ لم يعرفها أسلافنا. فبذور الدولة الوطنية فى مصر نشأت فى القرن التاسع عشر، وتدعمت فى القرن العشرين. ومن هنا نشأ أيضا التناقض بين الدولة الوطنية ، والأممية الدينية. وهو ما وجدناه جليا فى النزعة القومية فى ألمانيا ما بين الحربين العالميين . فاليهود لم يلاحقوا وحدهم هناك لاستغلال بعض التجار منهم لمعاناة الشعب الألمانى أثناء كساد العشرينات، وإنما كذلك الكهنة الكاثوليك، نظرا لتوجههم العالمى. ومع التطور التاريخى لانحسار عولمة السلطة الدينية، إلا أن نفوذها المعنوى لا زال قائما، وإن يكن بأشكال مختلفة، منها على سبيل المثال "لاهوت التحرير" فى أمريكا الجنوبية يقوم على القيم الأساسية للمسيحية متمثلة فى المحبة، والتضامن الإنسانى . تلك القيم التى يفترض فيها أن تشكل أساسا مشتركا بين المسيحية، أو بالأحرى المسيحيات الغربية والشرقية (الأرثوذكسية) مع اختلافات فى الاجتهادات اللاهوتية.
السؤال هنا: لم أتحدث عن المسيحية فى مناسبة عيد الأضحى المبارك ؟ ذلك أن الولاء الدينى لا يتعارض بالضرورة مع التراث المحلى للشعوب. فلكل شعب طريقته فى تناول المسائل العقائدية، وهى مستمدة من تاريخه الخاص. فعندما ذهب صديق عزيز لى، وهو عالم مصرى، إلى باكستان ليصبح عميدا لكلية العلوم الإسلامية فى جامعة لاهور، كان يتصور فى أول الأمر أن الإسلام هناك هو الإسلام فى مصر. لكنه ما لبث أن تبين أنه إسلام هندى يلعب فيه التراث السابق على الإسلام دورا رئيسيا فى صياغته. فنحن لم نعرف مثلا سيدة حكمت بلادنا سوى شجرة الدر. لكن ذلك ليس بمستبعد فى الهند ولا فى باكستان على الرغم من المتشددين الذين ابتعدوا عن الإسلام الحى فى تفاعله مع الثقافات هناك. وككل دعوة مجردة تتعالى على الواقع الملموس تصبح وبالا على الجميع. وهو ما تمثل فى اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة. ففى تعدد الشعوب تعدد لاستقبالها للدعوات الوافدة عليها وإعادة صياغة لها. ورصد ذلك التعدد يدعم وحدة القيم الإنسانية التى تنادى بها كافة الأديان. فهى علاقة جدلية، ولكنها لا تصبح صراعية بالضرورة، إلا حين تسعى لأن تفرض توجهها المجرد العام على خصوصية الواقع الملموس، وهو ما يتناقض مع دعوة الإسلام الحنيف فى انفتاحه على الآخر( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ...)، فالإسلام دين ودنيا، وارتباطه بالواقع الحسى الملموس لا يتناقض مع عالمية روحانيته بل يدعمها فى توتر متوهج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة