الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غياب استراتيجية بيئية واضح.. غبار الفوسفاط يقتل مدينة اليوسفية

احمد زهير

2006 / 3 / 31
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


اشتدت في الآونة الأخيرة وثيرة التلوث بمدينة اليوسفية من جراء تزايد ما تقذفه فوهات معامل تكليس و تنشيف الفوسفاط من غبار، خاصة بالليل، حيث يجتاح المدينة ضباب كثيف من الغبار المتساقط على الدور السكنية بفعل وجود هاته المعامل بجاورها، و يتساءل المهتمون و عموم المواطنين عن السر في كون الكمية التي تلفظها هاته الفوهات تتضاعف و بشكل مفزع بعد منتصف الليل، محاولين إيجاد أسباب معقولة تبرر ذلك، خصوصا وان الأمر، على ما يبدو، لا يرتبط بتدابير تقنية أو باعطاب متكررة لا تحدث بشكل اعتباطي إلا في هاته الفترة الزمنية، و بشكل يومي..
و كانت إدارة المكتب الشريف للفوسفاط باليوسفية قد اضطرت إلى إيقاف الاشتغال بأحد أجزاء معمل تكليس الفوسفاط الأسود بعد الاعطاب المتكررة التي لحقت بالمصفاة اللاكترونية المخصصة لامتصاص ذرات الغبار، و لم يتم لحد الآن تدارك ذلك، و أكد عمال من داخل المعمل لـ « صوت الناس » أن لعنة الاعطاب تتواصل و بشكل مستمر بباقي المصافي الالكترونية، و انه في كثير من الأحايين يتم تشغيل المعامل من دونها، على اعتبار أن المكتب الشريف للفوسفاط ملزم بتوفير كميات مضاعفة من مادة الفوسفاط نتيجة لالتزاماته التجارية مع زبنائه في مختلف الدول، و لا يعقل أن يتم توقيف المعامل و الإخلال بهاته الالتزامات حتى و لو تعلق الأمر بانتهاك الحقوق البيئية للساكنة..
و بالإضافة إلى ما تلفظه فوهات المعامل من غبار، فان الأمر يتضاعف عند نقل الفوسفاط من المناجم إلى هاته المعامل، حيث يتم الاعتماد في ذلك إما على الأحزمة المطاطية غير المغطاة، و المتهالكة بفعل قدمها، حيث أن اغلبها أنشئ في عهد الاستعمار و لم يتم تجديده، مما يجعل الغبار يتسرب منها و بنسب كبيرة، أو على الشاحنات المتعددة، و التي تنقل الفوسفاط من مناجم بعيدة بازيد من 40 كلمترا، بدون أن تغطي حمولتها مما تثير جحافل من الغبار تتصاعف عند طرحه بجوار معمل الغسل، يضاف إلى ذلك التسربات التي تحدث عند شحن القطارات المتعددة التي تنقل الفوسفاط الى مدينة اسفي، حيث يثناثر الغبار و بشكل قوي من المصبات المكلفة بالشحن، مع غياب التدابير الوقائية اللازمة للحيلولة دون ذلك..
إلا أن الطامة الكبرى، هي جبال الأتربة التي تتكوم و بشكل تصاعدي بجوار المعامل، و الناتجة عن ما تطرحه من نفايات، و هي جبال هشة و تتلاعب الرياح بمحتوياتها بكل سهولة، الشيء الذي يحول المدينة إلى شبح كلما هبت الرياح، و تستحيل الرؤية بفعل ذلك، بل تختفي أحياء بكاملها عن مجال الرؤية، خاصة المجاورة للمعامل كأحياء العيون و الساقية الحمراء و الأمل و الداخلة، و هي الأحياء التي تكلست بفعل ذلك، و أضحت مبانيها تحمل لون الفوسفاط..
يقول محمد ز احد ساكني حي الداخلة « أصبحت حياتنا جحيما بفعل ما تقذفه معامل الفوسفاط من غبار، فالغبار يغزو بيوتنا، و يستقر بملابسنا، بل حتى بمسامنا و نضطر إلى إغلاق نوافذ منازلنا و باستمرار خاصة عندما يكون هبوب الرياح في اتجاه مساكننا..» و يضيف بلهجة متذمرة « ان إدارة الفوسفاط تقتلنا بذلك..»..
هذا و ينعكس الامر سلبا على صحة المواطنين، حيث تنتشر مجموعة من الأعراض و الإمراض المرتبطة بالتلوث، كأعراض الإرهاق المزمن و النسيان و التذمر و فقدان الشهية و الإمساك و آلام الظهر و الركبة و الكتفين، و الحك الغير مبرر للأنف و للأذنين..و أمراض الحساسية و الربو و التهاب الشعب الهوائية و الرماتيزم و و القلب و الشرايين و مختلف أمراض العيون..
نفس الافة انتقلت الى البهائم و الدواب، حيث ان المزداد منها بالمنطقة يعرف تشوهات فظيعة في الاسنان، بالاضافة الى تقوس الارجل و الحوافر، و هو ما يدفع القرويين الى بيع الضعار منها و شراء أخرى اكبر تستطيع تحمل آفة التلوث، مع ما يلحق ذلك من مصاريف إضافية..
يحدث هذا في غياب استراتيجية بيئية فعالة لدى المكتب، و ما يقوم به من تدابير لا يتجاوز الطابع الاسيتهلاكي الذي يهذف إلى تحسين صورته من دون أن يعقب ذلك إجراءات ميدانية حقيقية تحد من هاته الظاهرة، و في هذا الإطار يورد عبد السلام ج ، ( فاعل جمعوي ) تساؤلات حول مدى تورط المكتب الشريف الفوسفاط باليوسفية قي تلاعبات مفضوحة في برنامج تشجير المدينة، حيث أشار إلى أن ما تم زرعه منها لا يتطابق و بشكل واضح مع العدد المحدد في دفتر التحملات، وأكد أن المقاول الذي قام بالعملية لا يتوفر على المؤهلات التقنية و اللوجستيكية المرتبطة بطبيعة العملية، فهم مجرد صباغ متقاعد من المكتب الشريف للفوسفاط، انعم عليه بعدد من المشاريع ، و منها مشروع التشجير، الشيء الذي أدى إلى إتلاف عدد كبير من الشجيرات فور الانتهاء من عملية غرسها، ناهيك عن التلاعب في العدد المغروس منها.. وهو الأمر الذي يستلزم فتح تحقيق عاجل في الأمر، لمعاقبة المبذرين للمال العام، و المتلاعبين بصحة المواطنين..
هذا و يأمل المواطنين التدخل العاجل للحد من هاته الظاهرة، و انجاز دراسات بيئية لقياس درجة تلوث المدينة، و الحد من هاته الافة التي تقتل تدرجيا المدينة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة