الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحور الوطني الابوي

سيف ابراهيم

2018 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



ان الاعلان عن نتائج العد و الفرز الالكتروني للانتخابات البرلمانية العراقية 2018 و بعد اسبوعين تقريبا من اجراءها ، و ذلك في اول استخدام لهذه الطريقة في العد و الفرز كان من شأنها ان تعطي زخما اكبر لتشكيل الكتلة الاكبر و من ثم انعقاد البرلمان و تشكيل الحكومة . لكن ، لمن يريد مصلحته و مصالح من يدعمه اقليما او دوليا بغض النظر عن مدى انعكاس ذلك سلبيا على الشعب ، جعل هؤلاء و بسبب النتائج الغير متوقعة لبعض الكتل و سائرون على وجه التحديد و التي حصدت العدد الاكبر من المقاعد البرلمانية .
جعلهم يشككون بالنتائج و يطعنون بها ، بغية التشويش و التأثير و عدم المضي قدما في العمل بالخيارات و التوقيتات الدستورية ، ظنا منهم ان التوجه بتشكيل الكتلة الاكبر و من بعدها الحكومة لم يكن ليشملهم بأي حال من الاحوال .

و هذا بالفعل كان ليتم ، لولا ان سطوتهم و سلطتهم في التأثير كانت اعتى و اقوى ، فإستطاعوا و بضغط منهم و ممن يدعمهم خارجيا و الذي تأذى البعض منه ايضا بهذه النتائج ، جعلهم يشدون العزم و يآزرون بعضهم البعض و يعقدون الجلسات الطارئة و بنصاب يفوق النصف زائد واحد و المشكوك بعدده كما العادة و برئاسة رئيس برلمان فشل في كسب اصوات ناخبيه لانه لم يعد اهلا للثقة ، و الكل يعلم مدى قربه من الكتلة التي دعت لهذه الجلسات من اجل تعديل بعض فقرات و مواد قانون الانتخابات ، و التي رئيسها كان له الفضل الاكبر في اسقاط تهم الارهاب الموجهة اليه و التي كادت لتمنعه من الترشيح لانتخابات العام 2014 ، لكن بقدرة قادر تم اسقاط جميع التهم عنه ، فترشح و فاز و حصل على رئاسة البرلمان !

تم عقد الجلسات و خرجوا بالقرارات التي تدعم ما يطمحون اليه و ايّدتهم المحكمة الاتحادية على وجه السمع و الطاعة ، و تم قبول التغيير الذي شرعوه و هو اجراء العد و الفرز اليدوي الجزئي ، بحجة التزوير الذي شاب العملية الانتخابية ، في حين لم نسمع لهؤلاء صوتا في انتخابات 2014 و التي حدث فيها تزوير لا حد له و انتج تشويها على مستوى النتائج ، مناطق اغرقت و اراض وزعت و مقاطع انتشرت تؤيد و تؤكد حجم التزوير و استغلال النفوذ و المال و السلطة و لكن لم يسمع احد لمن شكك حينها ، و مضت الامور على هواها و كأن شيئا لم يكن !

ان الموافقة على شرعية العد و الفرزي اليدوي الجزئي ، كان الغاية منه هو تعطيل مشاورات تشكيل الكتلة الاكبر و التي كانت ترعاها الكتل الشيعية الاكبر ، ذلك من اجل الضغط و كسب مزيد من الوقت في ايجاد تقارب في وجهات النظر و عدم افساح المجال لاي كتلة بان تمضي وحدها بالتوافقات مع الاخرين من غير مكونها ، لذلك كان احد السيناريوهات المطروحة هي اعادة الانتخابات . ان اعادة العد و الفرز مجددا ، كان انعاكسه ان تم ايقاف المشاورات بين الكتل ، و التي في بادئ الامر كانت قاب قوسين او ادنى من تشكيل تحالف قوي مكون من مختلف المكونات طائفيا و قوميا ، و التي كانت لتكون الكتلة الاكبر التي ستشرع بتشكيل الحكومة و اجبار الاخرين على المضي نحو خيار المعارضة .

الى جانب ذلك ، قد كان لغضب الشارع و تظاهراته ضد نقص الخدمات و الفساد و البطالة و انعدام الامن ، عظيم الاثر الذي تم استغلاله من قبل بعض الكتل السياسية لجعل مسالة المباحثات و التقاربات بين الكتل تمر بمرحلة فتور كبيرة ، و كل ذلك كان بمصلحتها ، كي لا تتشكل اي كتلة بعيدا عنهم .
بعد كل ذلك ، تم الانتهاء من العد و الفرز اليدوي الجزئي و بنسب شبه مطابقة ، ما يعني ان الاعادة انما كانت عبثية و الغاية منها هو التعطيل و التاخير في ايجاد اي توجه وطني ينقذ بلدا ارهقته كثرة المآسي و الويلات ، ظاهر الامور انهم قد نجحوا في مسعاهم هذا و ما عادت هناك من سهولة في تقريب وجهات النظر لتشكيل الكتلة العابرة للطائفية و القومية بالصفات و المواصفات الابوية كالتي في البداية كانت ممكنة او متاحة الى حد ما .

حيث ان بعد او في اثناء الاعلان عن النتائج و تصديقها ، تمخض تكتل سني جديد قد اربك المشهد السياسي العام و جعل خيارات التفاهم جدا معقدة ، ان التكتل الجديد هذا و المسمى بالمحور الوطني و الذي ضم معظم القيادات السنية بعداد يربو على الخمسين نائب ، اصبح هو الممثل السياسي للسنة بمعنى ان اي كتلة شيعية تريد تشكيل الكتلة الاكبر عليها ان تجلس و تتحالف معهم تحديدا دون غيرهم . ان التعقيد هنا يكمن في ان اغلب قيادات هذا المحور مرفوضة من قبل الشارع الشيعي كونها متهمة بالارهاب و سفك الدماء و تدمير البلد ، هذا يعني ان توجه اي كتلة شيعية نحوهم و الجلوس معهم و تقارب وجهات النظر بينهم ، انما يعني سقوط هذا الكتلة سياسيا و فقدان لمصداقيتها و توجهاتها و خطاباتها ، هذا ما رأيناه عندما توجهت كتلة الفتح في زيارة لقيادات المحور و على رأسهم خميس الخنجر ، رأينا ردة فعل عنيفة من قبل الجميع تجاه هذه الخطوة التي كادت لتخسرهم مجهود سنوات القتال ضد داعش و التي جعلت اسهم مقبوليتهم تتضاعف و من خلالها حصدوا مقاعد ما كانوا ليحلموا بها .

ان هذا التشكيل السني الجديد و لكونه مدعوم خارجيا من مختلف الاطراف و بحصص تمثيل معينة ، يعتبر عصيا على التفكك و التشضي ، خاصة و انهم يرون ان الكتلة الشيعية لم تعد كما السابق وحدة واحدة كالتحالف الوطني او الائتلاف ، بل اصبحوا الشيعة سياسيا عبارة عن كتل و شيع منفصل بعضها عن بعض ، هذا يعني ان اي كتلة شيعية ستكون و رغما عنها بحاجة لهم و لعدد النواب الذي يمثلونه من اجل تشكيل الكتلة الاكبر . و بسبب كون تشكيل اي حكومة يتوجب ان تكون جامعة لكل مكونات الشعب ، بمعنى ان لا يمكن ان تتشكل اي حكومة من غير تواجد السنة و الكرد فيها ، هذا يعني ان الكتل الشيعية التي تسعى لتكوين الكتلة الاكبر هي امام خيارين لا ثالث لهما بخصوص التعامل مع السنة .

و للتذكير قبل الخوض بهذين الخيارين ، ان اي كتلة شيعية لن تستطيع ضم المحور اليها كاملا لانه سيكون قد ضحى بقاعدته الشعبية و سقط من اعين الجميع و من مختلف فئات الشعب سيكون منبوذا و حتى المرجعية لعلها ستعلن عن موقفها من هذا التوجه ان تم ، هذا يعني انها انتحار سياسي بذلك لن تقدم عليه اي كتلة شيعية .

اما بخصوص خياري تشكيل الكتلة الاكبر ، فاما الاول فهو دعوة اطراف من المحور و ليست كل اطرافها من اجل الانضمام لمحور سائرون او محور الفتح و من ثم المضي بالاعلان عن الكتلة الاكبر بعد التوافق مع الكرد ، و هذا امر شبه مستحيل الان ، و قد رأيناه واقعا ، عندما حاول محور سائرون تشكيل الكتلة الاكبر باجتماع فندق بابل و الذي حضره كل من تم دعوتهم الا المحور و كان رفض التواجد هو ان الدعوة لم تكن موجهة لهم جميعا و انما كانت لقيادات بعينها ، بذلك نرى ان الدعوة تم رفضها و لم يتم الحضور للاجتماع رغم الضغط الخارجي الذي قام به بريت ، فلم يتمخض الاجتماع عن اعلان الكتلة الاكبر و انما خرج بنواة فقط و للاسف ، رغم ذلك يعتبر تشكيلها انجازا و تقدما كبيرا رغم عظيم التحديات و المعوقات .

و فيما يخص الخيار الاخر ، فهو عودة الاشقاء الشيعة بمختلف توجهاتهم و ميولهم نحو تكتل واحد يجمعهم و يوحد كلمتهم و يجعلهم اقوى و اقدر في مواجهة ابتزازات البعض من الذين يتباهون بدعم الارهاب بالمال و السلاح ، بمعنى ان يتقارب محور سائرون مع محور الفتح مع الاتفاق على بعض الامور و المحددات و نبذ بعض الاطراف الموجودة في محور الفتح او ايجاد تعهدات و التزامات تشذب و تهذب عملهم و تركن بعضهم نحو المعارضة .

ان هذا التقارب الذي سينتج تكوين كتلة شيعية قوية بعدادها و عديدها و القائمين عليها ، يجعلها تكون اشد و اقوى عند اجراء المفاوضات مع اطراف المكونات الاخرى ، بذلك يستطيع هذا المحور الشيعي القوي و برعاية ابوية من قبل السيد الصدر ان يتكلم من باب القوة و القدرة في تشكيل الكتلة المكوناتية الاكبر و التي منها ستتمخض تشكيل الحكومة و اختيار الرئاسات الثلاث ايضا . هذا الامر يجعل المحور الوطني السني اما ان يخضع للامر الواقع و يستقبل دعوة المحور الوطني الابوي بشرط عدم انضمام جميع قياداته مما يعني انه سيكون مجبرا على الشتات و الانفكاك و التشضي من اجل التواجد بالحكومة القادمة و هذا لعله امر سيحصل رغما عنهم .

اما اذا رفضوا ذلك و استمروا على عنادهم في اصرارهم على ان يكونوا وحدة واحدة ، هذا يعني ان حظوظم انتهت و امالهم في التواجد بالحكومة المقبلة قد فنت ، و سيبحث المحور الوطني الابوي عن النواب السنة الاخرين و الغير منضمين لذلك المحور و عددهم لا بأس به و منهم سيتم اختيار رئيس البرلمان ، في حين سيكون المحور الوطني السني في المعارضة . بعد ذلك سيمضون بتشكيل الكتلة الاكبر فعليا و تصبح واقعا بعد التفاوض مع الكرد و ايجاد لجان تفاوضية مؤثرة بالقائمين عليها من اجل الوصول الى وجهات نظر مقبولة بخصوص الشروط التي يضعها الكرد كضمانات تنفيذ من اجل الدخول بالكتلة الاكبر ، و لعله سيتم ذلك سريعا و ينتج في نهايتة حكومة وطنية ابوية راعية لمصالح و حقوق كل مكونات الشعب و اطيافه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريو الحرب.. تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وحزب الله


.. البابا فرنسيس يشارك في قمة السبع لأول مرة.. ويدعو إلى توجيه




.. هل يُرجح الحرس الثوري الإيراني كفةَ قاليباف على حساب جليلي؟


.. التصعيد الإقليمي.. جبهة لبنان على وشك الانفجار | #رادار




.. حماس: إسرائيل قتلت 2 من المحتجزين بقصف على رفح | #رادار