الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية السيق

نمر القدومي

2018 / 8 / 29
الادب والفن


نمر القدومي:
قراءة في رواية " السِّيق "
الكاتبة الفلسطينية الناشئة " ليندا صندوقة "
رواية لليافعين:

صَرَخَتْ الكاتبة من خلف سطور روايتها "السِّيق" تمامًا كصراخِ (ثائر) وقد أفزعه ذلك الكابوس الذي يزوره كل ليلة، أو كصراخِ (أم نضال) الأم التي فقدت عقلها وباتت تؤرق منام أهل الحي كل عشيّة، أو (أبو منصور) وهو يتساءل عن إبنته (شمس) ومَنْ أوصلها إلى المدرسة !!!

(ليندا) تُنادي بأعلى صوتها عن حُبٍّ شديدٍ للماضي، أَم هو حنين، لعلّه تفكير ونضال وطني وإنساني. خَلَقَتْ من الشَّخصيّات ما يروق لها، وذلك حتى ينساب مِداد قلمها، فترسم أحداثًا وصورًا أليمة جَعَلَتْ من الحنين في جوف حنين أكبر، حنين للمكان في المكان ؟! دَخَلِتْ المدينة الظّلماء بمدخلٍ بلاغيٍّ مُشوِّق، وبأوصافٍ خِلتها جسد متحرِّك أمام ناظريّ. تصِفُ نفسها من خلال أشخاص روايتها، تجاه الذّكريات التي تعود إلى الأذهان كلّ مرَّة بكامل حزنها !!

وتواصل الكاتبة رتقَ أنفاسها المُتعبة في الحديث عن الأطلال والزقاق والأماكن المنسيّة، وتتحدّث عن أناس ووجوه وعقول غابت في الضجيج.
إنَّ تأمّلات الكاتبة من خلال جُمَلِها، تُعَمِّق المعنى حركيًا، وهذا بالتالي يمنح الرواية حياة أخرى. إستحدثتْ كذلك ألفاظًا جَزِلَة ظهرتْ لنا بجليّة، لغةٌ فيها من البلاغة المجازية ما يفوق عقول اليافعين بل أعلى مستوى. وقد يكون هذا مَرَدَّه إلى المساعدة التي تلقتها الكاتبة من المشرفين عليها.

الرواية إجتماعية سياسية، وقد خرجت الكاتبة من الرتابة التي اعتدنا عليها في روايات أخرى، وتنقلت بين الفصول بطريقة سلسة ومريحة وترابط مميّز، واستخدمت لغة السّرد أكثر من لغة الحوار. أما عنصر التّشويق والحبكة ، فقد سارا معًا حتى وصلا وتيرة عالية، لكن (ليندا) فاجأتنا بنهاية غير متوقعة عندما عاد (ثائر) يبحث عن الكوابيس بعد أن تعافى منها، وعودة (نضال) الإبن المُغترب منذ خمسة عشرة عامًا ليستشهد في وطنه، وكانت هي الحلقة الأضعف في الرواية !؟

وإذا تحدّثنا عن العنوان وصورة الغلاف، فنجد أن كلمة (السِّيق) لم تُذكر في الصفحات، إلاّ أننا نستطيع أن نستشف الرمز العميق لها؛ فبدل تلك الرياح العاتية التي تسوق الغيوم المُحَمّلة بالمطر، تستبدلها الكاتبة بطريقة ذكية إلى تلك القوى الغاشمة التي أزاحت شعب كامل متكامل بثقله، أزاحته عن أرضه ورمته بعيدا. وقد نجحت (ليندا) أيضًا في إختيار صورة الغلاف، والتي تتطابق جملةً وتفصيلًا مع بطلها (ثائر) الذي كان يكنس بيت جدته صباحًا ومساءً. أما قمة الجمال كانت في التعبير عن كنسه للهواء بطريقة جنونية، وذلك لكسر الحياة الروتينية المملّة ؟ ويمكن سماع أحداث الرواية وكلماتها بحضور السيمفونية التاسعة لبيتهوڤن، سيمفونية الحرب العالمية.
وأنا أقولها وبصراحة، حِكمة تراودني دائمًا، بأنَّ السَّراب لم يكذب يومًا يا أيها الشعب المنسيّ، بل نحن مَنْ إعتقدناه ماء ؟؟؟؟؟
مبارك انجازك الرائع وباكورة أعمالك الأدبية اديبتنا الناشئة (ليندا صندوقة)، ونحن نُثَمِّن جهودك الحثيثة للخروج بأعمال أخرى في القريب.
نمر قدومي
٢٠١٨/٨/٢٩








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??