الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة الاسترخاء

نزار جاف

2006 / 3 / 31
كتابات ساخرة


وسط أوضاع سياسية ـ إقتصادية ـ أمنية ـ إجتماعية مکفهرة في المنطقة، إنعقدت القمة العربية في الخرطوم. وفيما أشار غالبية المراقبون و المحللون السياسيون بإن لاجديد يرتجى من هذه القمة بل وقد رأى البعض من المراقبين إنها تمثل واحدة من أکثر القمم العربية"ضعفا"في مواضيعها المطروحة للبحث و نتائجها المتوقعة لتلک المواضيع، فإنها ومع ذلک تصدت وبتواضع ملحوظ للعديد من الملفات الساخنة وبصيغة تطغي عليها التوافقية في المعالجة وکأنها تريد بشکل أو بآخر أن تثبت"نوعا"من الحضور في واقع يزداد وخامة مع مرور الايام.
القمم العربية التي طالما کانت موضع شک و إنتقاد عموم شعوب المنطقة، أثبتت مع مرور الاعوام"العجاف"على قصورها الواضح عن تلبية متطلبات الواقع الموضوعي و عن إستيعاب حرکة و تداعيات سير خطوط السياسة الدولية المتعلقة بالمنطقة. وفي الوقت الذي کانت الفاصلة الزمنية بين قمة و أخرى تزداد مع مرور الاعوام، فإن التباين في الآراء و المواقف بين القادة العرب کانت هي الاخرى تشهد إضطرادا ملحوظا بين قمة و أخرى.
وإذا کانت الاراء في تقييم مواقف و طروحات تلک القمم تزداد سلبية وقتامة مع مرور الايام، فإنه ومع ذلک من الضروري النظر بشئ من التروي و الهدوء لجوهر و ماهية الاسباب الکامنة وراء هذا "الضعف"العربي الذي يکاد يصل في بعض الاحيان الى مستوى"الازمة" و هل هناک من طريق أو مخرج ما لمعالجة هذا الامر؟
وإذا ماکان التباين والاختلاف في الاراء و التوجهات تمثل نعمة آلهية و حالة إنسانية طبيعية و مألوفة على مر التأريخ، فإن هذا التباين و الاختلاف قد لايکون سوى"نقمة" خصوصا إذا ماکان هذا التباين و الاختلاف"من قبل البعض من القادة أحيانا ومعظمهم أحيانا أخرى" لايجد له موطء قدم على أرض الواقع.
وقد تکون واحدة من أکبر المشاکل و"المنغصات"التي تعاني منها القمم العربية، هي وصول وجوه الى سدة الحکم في بعض من البلدان العربية وهي غير مؤهلة أساسا لهذا المنصب لإفتقارها للخلفية السياسية المطلوبة منها وهي تتصدى لمثل هذا المنصب الحساس و الخطير. وإذا ما نظرنا الى الصراع العربي ـ الاسرائيلي على مر العقود الستة المنصرمة، لوجدنا أن رئاسة الوزارة في الدولة العبرية قد وصل إليها العديد من الساسة الحکماء و المخلصين لشعبهم وبطريقة دستورية و قانونية لا غبار عليها، فيما نرى في الضفة الاخرى، عکس ذلک تماما، إذ دأبت الشعوب العربية على أن تصحو العديد من"الاصباح" على صوت المارشات العسکرية و الاناشيد الحماسية التي تزف بشرى الخلاص بثورة "جماهيرية"سوف تنهي کل أسباب التخلف و الإنتکاسة في البلاد! والامر المثير و الملفت للنظر، إن هذه الحرکات الانقلابية التي أبتليت بها البعض من البلدان العربية، کانت هي واحدة من أسباب التخلف و حتى النکسة(بالاضافة للإنتکاسة).
ينسب البعض من العراقيين قول مأثور ورد على لسان السياسي العراقي الداهية"نوري السعيد"، حين قال يوما وهو يشهد تظاهرة جماهيرية ضده( أنا غطاء للوعاء العراقي وإذا مارفعوني عن مکاني فسوف تزکم أنوف العراقيين رائحة الجيفة)، ولو نظرنا للذي حدث للعراق من بعد إنقلاب14تموز1958، لرأينا أن العراق کان ينتقل من مصيبة الى واحدة أسوأ منها، فماذا حدث في العراق؟ لقد إ‌غتالوا الشرعية و الدستورية و القانون تحت ستر الثورة و مطالب الجماهير وهو أمر کشفت زيفه الايام.
ماحدث في العراق هو ماحدث للعديد من البلدان العربية التي قفز المغامرون الى سدة الحکم فيها من خلال"إنقلابات" سموها ثورات وهي حتى ليست بثويرات إن جاز التعبير، وبوصول هؤلاء إزداد الوضع وخامة و إزداد الطين بلة، فشغلوا الشعوب عن ممارسة حقوقها الاساسية في الديمقراطية بقضايا وهمية أخرى من قبيل محاربة(الامبريالية و الصهيونية و الرجعية)والحق إن تلک النظم الانقلابية لم تحارب سوى شعوبها فقط وهو أمر يبدو جليا من الوضع الوخيم الذي آلت إليه مثل تلک البلدان في ظل تلک النظم غير الشرعية.
وأعود للموضوع الاساسي، إذ أن هکذا قادة"عسکريون بالاساس"، ليس بالامکان أن يقدموا شيئا على أرض الواقع السياسي المتحرک، السياسة علم وليست إنفعالات و أهواء و مزاجات تسير وفق ماسار مزاج الحاکم"بأمره"، وإذا کانت العديد من دول العالم تحاسب حکامها و قادتها على ما إقترفوه من أخطاء جسام، فإن مثل هذا الامر يمر مرور الکرام في بلداننا، إذ هل حاسب الشعب الليبي مثلا الاخ العقيد عن ما إقترفه بحقه من جريمة هدر أمواله في متاهات و أوهام إنتهت في لاهاي بمحاکمة المقراحي و صاحبه وتلک الملايين التي دفعها قائد الجماهيرية العظمى للمتضررين من"غزوته الجوية"على الطائرات المدنية، هذا إذا وضعنا فضيحة الملف النووي الليبي جانبا، فلماذا لايزال العقيد معمر القذافي على رأس السلطة في بلاده؟
إنه سؤال يتکرر لا في ليبيا لوحدها فقط، وإنما في سوريا و البلد الذي تعقد فيه القمة وووحتى نصل الى موضع الجرح ونلتفت الى ذلک العرس الديمقراطي الذي شهدته إسرائيل بوصول"کاديما"للحکم وإنشغلت به کل وسائل الاعلام في العالم حتى غطى ذلک على مؤتمر"الاخوة المختلفون دوما"في الخرطوم، فمن المسؤول؟
الحق أن قمة اللاءات الثلاث الشهيرة، قد إنعقدت وسط أجواء توتر و حماس و إنفعالات غير عادية قادت الى تلک النتائج غير الواقعية في قراراتها، أما القمة الحالية، فهي تمثل حالة من الإسترخاء العربي الرسمي أمام مختلف الملفات و المشاکل التي تعصف بالمنطقة، ومن يدري فلعل الإسترخاء قد يکون بأفضل من الإنفعال الذي لا خير من وراءه أبدا.
الاحداث"بشقيها الايجابي و السلبي" تصنع التأريخ، وحرکة التأريخ ترسم لوحدها الخط البياني الحقيقي للشعوب دون غيرها، وعلى ضوء ذلک هلموا و إبحثوا بتمعن في تلک الاحداث التي صنعت التأريخ في بلداننا و قارنوها بمثيلاتها في بلدان أخرى وبعدها أخبروني بحق السماء، هل هناک من خير يرتجى؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو