الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أساسيات للحوار الديمقراطي

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 3 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لابد للذات التي أدمنت الاستبداد النفسي والذهني كي تخرج من قمقمها من التدرب على كيفية الخروج، وذلك بغاية التحرر من التناقض الذاتي الذي يُعيد إنتاج الاستبداد عبر مقوماته الموقوتة الراسخة في الوعي المُشوّه،وذلك بتعلُّم كيفية إقامة الحوار الذي من أساسياته:
-القبول الواعي بوجود مُغاير نفسي وفكري وسياسي
-المجاهدة الذاتية لتحقيق هذا القبول
-الوعي السياسي للوطن ومصلحة أبنائه بتنوعهم
-الاقرار بحقوق التغاير مهما كان،والابتعاد عن المناورة بهذا الاقرار للمحافظة على نقاء التنوع وعدم تشويهه بالعدوانية
-الاقرار بالخصوصية على قاعدة الحقوق وليس التقاطعات المرحلية
-لاانتصار ولا هزيمة في الحوار الديمقراطي لأن غايته الوصول إلى نتائج أفضل ماتكون وليس انتصاراً لأحد أو هزيمة لأحد آخر، بل انتصارً للمُشترك بكل معانيه.
مجتمع عاش الاستبداد بشرائحه الدينية والسياسية والحزبية من أوسعها إلى أضيقها،عندما يتجه نحو الحرية التي لم يعهدها يمكن أن يتخبط في هذا المشروع الجديد، لأن من يطرحه قلة من مُثقفيه وسياسييه التي تُشكّل جذره الديناميكي،فيبقى نجاحه يرتبط ارتباطاً صميميا بنجاح هذا الجذر وإنجاحه في الوسطين السياسي والاجتماعي، وهذا بحد ذاته يطرح سؤالا عمليا:هل يتمتع هذا الجذر بسوية هذا المشروع أم دونه أم مُتقدم عليه؟،إنه سؤال يحتاج إلى إجابة علمية جذرها في الوعي وتعبيراتها في الواقع الذي لازال يُعاني من التكفير سياسيا واجتماعيا، هذا بما يتعلق بالشريحة التي تعتبر نفسها صاحبة هذا الطرح ودعاته.
إن إعادة صياغة العلاقات الاجتماعية والسياسية عبر تحويلها من الاستبداد إلى الديمقراطية بحاجة لدراسة بنية المجتمع المُستهدف بهذه الصياغة، فإن كان يعج بالاستبداد بدءا من سحق المرأة والطفل في المنزل بعلاقة بطريركية، والعامل في المعمل على أساس البطريركية السياسية والبيتية، فأمام هذا المشروع مصاعب جمة تدعوا لإدراكها قبل الغوص في مسألة الطرح السياسي للديمقراطية.
ماأنتجته المرحلة الحالية لقاءات مُطلقة تدّعي الحوار على أساس النسبية والاعتراف المُتبادل لدى المُلتقين،والحقيقة أنّ وعي الآخر لازال بحدوده الضيقة التي يمكن لها أن تفرز إشكالات وتناحرات تدفع نحو التراجع عن مشروع الحوار إلى فضاء الإلغاء والتمترس، إن لم يتمتع كادر الديمقراطية بثقافتها النفسية والذهنية والتنازل لقبول التدرب عليها أي الاقرار الصادق أن الديمقراطية مطلب لم يعهده ولم يمارسه وبالتالي لابد من التدرب على وعيها وثقافتها وممارستها في الأرض تحت وليس من وراء الطاولة.
من أولويات الديمقراطية وأساسياتها الاقرار بالواقع كما هو وليس الواقع المُفترض/ديمقراطية على القد،أو ديمقراطية تُحقق أنايا/،فمثلاً عندما تكون على عداء فكري أو سياسي أو حزبي أو شخصي وتستدعي الضرورة والحياة اللقاء مع هذه الشرائح، فإن لم تتمتع بأساسيات الحوار الديمقراطي سينحرف وعيك نحو المؤامرة على هذه الشرائح، وبالتالي ستزرع من جديد مايسعى الجميع للتخلص منه.
في الخمس سنوات الأخيرة رغم الطرح العلني للتغيير الديمقراطي، كان هناك احتجاج حول ظاهرة الإقصاء كإحساس ذاتي يُشير إلى الذات التي لم تتحرر من ثقافة الاقصاء، وكملاحظة موضوعية حددتها الممارسة القسرية برفض طرفاً ((ما))، وأنا لاأجد فارقا بين القاصي والمُقصى إذ كلاهما لم يتعلما قبول الآخر إلاّ بشروط، وهذا التشريط هو بحد ذاته ناتج عن ثقافة الالغاء والاقصاء اللتان لم يتحررا منهما كلاهما، وهذا مادفعني لطرح هذا الموضوع الذي يتناول الجانب الذاتي/الفرد/ والموضوعي/الجماعة/، إذ أن التقاطعات السياسية تُصبح قشرية إن لم تتجذر في التنوع، ويمكن لها أن تنهار بلاحماية عبر جدلية الفرد/الجماعه،فالأحزاب السياسية التي كانت تمارس الإقصاء وتبنت الديمقراطية فيما بعد، تتحاور اليوم لكن كيف يتم الحوار؟!، بالتأكيد من يقوم بالحوار هم أفراد من هذا الحزب أو ذاك، والفرد كيان مركب من المشاعر والتقدير والمعرفة وغير ذلك من مقومات تُحقق هذا الكيان، فإن كان هناك شيء من الهدر لهذا الكيان يحدث التنافر، وإذا كان هناك حماية له تتم متابعة الحوار لإنتاج الأفضل، إذاً تبدأ المسألة بالفرد والأفراد وهو الجذر الحقيقي للتأسيس لحوار ديمقراطي مُجدي، لأن الأخطر في ذلك كله اعتبار التقاطع السياسي قاعدة لإنتاج العقل الديمقراطي، وهي مرحلة لايمكن تجاوزها وهماً،لأن أزمة الديمقراطية ليست سياسية فقط بل اجتماعية وتربوية وثقافية وممارسة، وكل هذا لم نعهده أو نعرفه من قبل.
لزوم علينا أن نعترف والاعتراف فضيلة كبيرة بأننا يمكن لنا أن نُخطىء بالتعامل مع الديمقراطية معرفة وممارسة، وهذا بحد ذاته يفرض علينا قبول الصعب الذي كنا نرفضه، لأن الحوار السياسي يمكن أن يفرض عليك التحاور مع ألدّ أعدائك،وخصومك التاريخيين،وذلك لتحقيق مصالح الفرد والمجتمع والأمة، التي تعاني من تهديدات خارجية تسعى لإخراجها من كل مركبات وجودها، وطمسها في تبعية مُفتّتة لقوى عُظمى.
كان افتراض الأيديولوجيا أحد معوقات الحوار الديمقراطي،لكن الواقع يقول أن هناك مُعوقات غيرها وأشد شراسة منها،إذ أن افتراض الأيديولوجيا كمعوق أخذ الجانب المعرفي منها،وأهمل أو تجاهل الجانب أو البعد النفسي الذي يُقيم الحواجز على أسس فردية وشخصية، وهو الأهم بمعالجة الممارسة الديمقراطية كفعل على الأرض،وهذا مايصنعه الحزب السياسي عبر تعميمه على أعضائه مشروعه الجديد نحو الديمقراطية التي تبدأ بعلاقات طيبة بالمعنيين السياسي والشخصي بين الأفراد وتنتهي بالجماعات كلها والوطن أخيراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو