الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل الحرية .. والرغيف معاً

بدر الدين شنن

2006 / 3 / 31
الحركة العمالية والنقابية


يسود في الوسط العمالي السوري ، هذه الأيام ، قلق مشروع من التطبيقات العملية لما أطلق عيه " اقتصاد السوق الاجتماعي " ، فيما يتعلق بالعاملين في الدولة ، وفيما يتعلق بعمال القطاعين العام والخاص ، ومن التوجهات الجادة لتعديل قانون العمل ( 91 / 1959 ) وإلغاء المرسوم ( 49 / 1962 ) ، وتطبيق ماكر ظالم للقاعدة الحقوقية " العقد شريعة المتعاقدين " في علاقات العمل

إذ لم تجد الطبقة العاملة ، بالتعاطي اليومي ، مع " اقتصاد السوق الآجتماعي " سوى " اقتصاد السوق " الذي يقوم على قانون العرض والطلب والقوي يبلع الضعيف ، وتصاعد مستمر للأسعار ، وانخفاض مواز للقدرة الشرائية ، وتحكم مقص الأسعار بالرواتب والأجور ، وإعادة قولبة علاقات العمل على أسس معادلة قهرية . أما " الاجتماعي " كمسمى رديف " للعدالة الاجتماعية " فقد ابتلعته حيتان السوق ، وأرتج على فلاسفة العهد أمام الصرخات العمالية والشعبية المطالبة بالعدالة وحمايتها من غول الغلاء المتوحش

وهناك ماهو أكثر من القلق عندما يتم التعديل المزمع إجراؤه للقانون ( 91 / 1959 ) بإدخال " العقد شريعة المتاعقدين " في الصيغة الجديدة ، أي منح أرباب العمل حق طرد العمال من العمل بانتهاء المدة المحددة بالعقد ، ما يستدعي بطبيعة الحال إلغاء المرسوم ( 49 / 1962 ) القاضي بمنع التسريح التعسفي ، مع مواصلة تنفيذ خطط تفشيل وخصخصة القطاع العام ، عندما يستكمل ، على حساب جماهير العاطلين عن العمل ، الشرط السادي البربري للمشهد الاحتفالي " باقتصاد السوق الاجتماعي " العتيد ، حيث يتجذر التمايز الطبقي بصورة أكثر إيلاماً ولؤماً ، ويخضع ملايين العمال والفقراء إلى مزيد من البؤس والحرمانات المأساوية

التعديل للقانون ( 91 / 1959 ) مطلب عمالي منذ صدوره ، فهو قد حرم العمال من حق الاضراب دفاعاً عن حقوقهم ، وقد تضافر هذا الحرمان مع القمع المباحثي ،في حينه ، ليشكل حالة قهر وإضعاف للحركة النقابية العمالية المطلبية . إلاّ أن ماهو مشغول عليه الآن من تعديل ، فهو ليس لإعادة هذا الحق للطبقة العاملة ، وإنما للإمعان في إضطهادها بإلغاء المرسم ( 49 / 1962 ) المانع للتسريح التعسفي ، وتعريضها للمزيد من الإضطهاد بتضمين التعديل صيغة " العقد شريعة المتعاقدين " . ليس هنا مجال للإسهاب في شرح " فلسفة " العقد وأنواعه وأركانه ، وإنما لابد من الإشارة ، إلى أن أي عقد يقوم على الإذعان وعلى عدم احترام الحقوق التي كفلها القانون هو حكم باطل حكماً . والواضح أن المقصود من إدخال هذه الصيغة التعاقدية بين العمال وأرباب العمل ،هو عدم تحول عقد العمل ، حسب النص القانوني الراهن ، بعد تجديده أو تمديده إلى عقد عمل دائم ، أي لإبقاء العمال في حالة قلق دائم على مصيرهم بعد انتهاء مدة العقد ، وخضوعهم للتحايل والابتزاز من قبل أرباب العمل للحصول على فرص عمل أخرى .. وتعريضهم للبطالة .. ونشوء حالة ضغط في سوق العمل للمحافظة على الأجور المنخفضة .. وتحقيق مستويات أعلى لفائض القيمة لصالح أرباب العمل . وهذا التوجه الإجرامي من قبل النظام ، إنما يخطط وينفذ عن عمد لاستجلاب رؤوس الأموال الأجنبية للعمل شراكة مع الطبقة السياسية الحاكمة، لتحقيق نسب أعلى وأسرع في معدلات التراكم والثراء والربح الفاحش

والأمر الذي يزيد في بشاعة ما ستكابده الطبقة العاملة وجموع الفقراء من أوضاع ، كونها مجردة من أية آليات نقابية أو سياسية تساعدها في الصراع من أجل رغيفها وحريتها . فالحركة النقابية ، رغم ارتفاع عدد من الأصوات الناقدة أحياناً في المناسبات النقابية ، محكومة بأمرة " الحزب القائد " وملتزمة بقيود " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " التي فرضت عليها منذ أواسط السبعينيات ، حيث بلغت من العجز حداً باتت تشكل معوقاً حقيقياً للنضال النقابي المطلبي . والقوى اليساسية الملتزمة ب " الجبهة الوطنية التقدمية " محكومة أيضاً بأمرة " الحزب القائد " وغير وارد لديها أي تحرك مطلبي جدي مستقل . أما قوى المعارضة فهي مازالت مبتعدة عن الخوض في الهم الاجتماعي ، وأسيرة عقلية النخبة ، ومشغولة بإصدار الإعلانات التنافسية في الداخل والخارج

في هذا السياق ، من المفيد الإشارة إلى الإضرابات والمظاهرات ، التي يخوضها الطلاب والعمال في فرنسا ضد قانون " عقد العمل الأول " ، الذي يشكل في حالة تطبيقه في فرنسا حالة مشابهة للحالة ما بعد تعديل التشريعات العمالية في سوريا ، بل وأقل من ذلك . فمن أجل سحب قانون " عقد العمل الأول " ، أي عدم السماح بالتسريح التعسفي للعمال ممن هم دون 26 سنة من العمر في السنتين الأوليتين من العقد الأول ، نزل مئات الآلاف من الطلاب والعمال إلى الشارع في مظاهرات جماهيرية حاشدة لأيام عديدة ، كان أبرزها مظاهرات يوم الثلاثاء الماضي ، التي اشترك فيها نحو ثلاثة ملايين من العمال والطلاب وغطت 137 مدينة وعشرات الجامعات

أما في سوريا .. من أجل سحب خطط " اقتصاد السوق " الظالمة والإحتجاج على تدني الأجور وارتفاع الأسعار بمقاييس فظيعة ، ووقف إجراءات فرض " العقد شريعة المتعاقدين " وإلغاء الرمسوم ( 49 / 1962 ) ، أي مقاومة تفشي البطالة والجوع .. فلا حركة ولاحراك .. الأمر الذي يستدعي أكثر من أي وقت مضى .. العمل من أجل حركة نقابية جديدة .. مستقلة .و مناضلة .. من أجل معارضة جديدة جماهيرية تحمل الهم الديمقراطي والاجتماعي .. .. يستدعي النزول إلى الشلرع .. من أجل الحرية والرغيف معاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو في مأزق.. إضراب شامل ينتظر إسرائيل خلال ساعات


.. إضراب عام بإسرائيل لإقالة نتنياهو وعقد صفقة رهائن




.. دعوات لإضراب شامل في إسرائيل للضغط على نتنياهو للقبول بصفقة


.. منافسة خالية من الانبعاثات السامة.. موناكو تحتضن سباق القوار




.. دول تفضل العمل لـ 4 أيام لزيادة الإنتاجية وتحسين نفسية الموظ