الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب النكوص في المسار الثوري

كرم خليل

2018 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


بداية لن نقول أننا الأفضل ولا الأقدر على الوصول إلى الحقائق لكننا على الأقل سنحاول فهم ما حدث ويحدث وفقاً لمنظور ورؤية دقيقة للوقائع التي حدثت ولازالت آثارها مستمرة للآن , وهذا لا يعني أننا نقف مع أي جهة ضد أي جهة أخرى , وإنما سنلتزم الحياد والمصداقية قدر استطاعتنا ذلك .
وكركيزة لذلك فإن الأسئلة التي يجب أن نطرحها على أنفسنا: لا يصح أن تنطلق من مبدأ مع من نحن؟ ولا بأجندة من سنعمل؟ وإنما علينا قبل كل شيء أن نستعيد الإرادة والقرار، ولذلك سنحدد أولاً من نحن؟ وماذا نريد؟ وما هي الطريق إلى تحقيق هذا الذي نريده؟
وذلك لن يتحقق في الكل العربي وفي السوري خصوصاً إلا بتحديد الهوية على الصعيد القومي، واستعادة مبادئ وقيم المواطنة على الصعيد القطري ، وهذا لن يكون إلا بالدعوة للالتزام بعقد اجتماعي وطني يضمن العدالة والمساواة والحرية للمواطنين جميعاً, من دون تمييز لا على أساس طائفي أو مذهبي أو عنصري أو مناطقي , وذلك حتى يمكننا أن نواجه هذا التوحش الداخلي والخارجي الذي يدمّر الإنسان والعمران وينتهك النسيج الوطني والقومي لبلادنا .
ولذا فإن عملية الفرز باتت حاجة ملحة ومصيرية لشعبنا ووطننا لمواجهة هذا العدوان متعدد الأطراف على وطننا وشعبنا، ففي كل جماعة وطائفة ومذهب واثنينية، عصبويات متوحشة تتنافس في فنون التوحش وممارسته سواء أكان هذا التوحش على صعيد الكل أو الأجزاء , مع الانتباه أن في كل منها أيضاً طاقات وطنية إنسانية تنشد الحرية والعدالة والمساواة والمواطنة المتساوية، وتنبذ هذا التوحش, وقد آن الأوان لهذه الفئة أن تنتزع زمام المبادرة من عصبويات التوحش، أما كيف يتم ذلك؟ فهذا هو السؤال الذي يجب أن تتضافر الجهود الوطنية كافة للإجابة عليه.
وكبداية لمحاولتنا سنبحث في ما الذي دفعنا للوصول إلى ما نحن عليه الآن على الصعيد السوري ؟ إن الجواب عند بحثه قد يكون صادماً للبعض ,لأن السبب الرئيسي في ذلك هو السوري نفسه ! لكن ليس أي سوري , بل هو السوري الجشع ,الطائفي , العنصري , الغبي الذي يتشدق بالثقافة , وهو أبعد ما يكون عنها , فهو جاهل للعلم الذي يدعيه, هذا السوري هو كالفلاح أو العامل الذي يدعي الفهم في أمور الجيش والسياسة والقيادة , وهذا ليس انتقاصاً للفلاح أو العامل أبدا , ولكن لذلك الفرد العديم الثقافة المنتمي إلى هذه الفئة الاجتماعية و الذي يدعي فهمه لشيءِ لا يفقه فيه البتة.
وهذا إن دلنا على شيء فهو أن المجتمع السوري مجتمع هش, لا ضوابط أخلاقية فيه , ملأ الحقد قلبه وعقله ( على اعتبار أنه يمتلك كليهما معاً) , وسيطر الحسد عليه فجرى منه جريان الدم , وسرت البغضاء في أوصاله سريان النار في الهشيم .
وخير دليل على ما نقول يبدو لنا عندما ننظر إلى :
- الذين حملوا السلاح كيف استطاعوا بلحظة واحدة التخلي عن قيمهم ومبادئهم التي تهدف لتحقيق النصر للوطن ككل من اجل حياتهم ومصالحهم الشخصية التي لا تساوي شيئاً بالمقارنة مع مصلحة الوطن وحقوقه وواجباتنا تجاهه كأفراد , إذ أن هؤلاء تركوا واجباتهم لأجل ملذات وأغراض شخصية , فصاروا دون كرامة وصار الوطن دون أمل , انتشروا كالقطيع على شبكات التواصل الاجتماعي التي ما إن يسمع فيها باسم ظهر على الشاشة إلا وكالوا إليه آلاف التهم والشتائم , ليعبروا عن وطنيتهم أو إيمانهم المفبرك لعقيدة أو حزب أو طائفة , بغض النظر عن صحة ما يقول أو يفعل , المهم هو النصرة العمياء للجماعة التي ينتمي إليها وسحق وتحقير كل ما يخالف ذلك .
- تلك المؤسسات الثورية الفاشلة والفاسدة التي استغلت أي شي لكي تبقى حتى الوطن والمواطن ( والتي يفترض أنها وجدت للدفاع عنهما وحماية واحترام حقوقهما ) إلا أنها استباحت كل مقدس ومحرم لتغطي جرائمها وأخطائها .
- المجتمع المدني السوري الذي يقطن المناطق المحررة كيف يخون حتى الرسول في قبره , لأنه يتعامل ويتفاعل دون وعي أو فهم أو معرفة وعلم.
- الأغبياء من السوريين الذين تبنوا فكر داعش , وانضموا إلى صفوفها, فنكلوا بأهلهم وذويهم دونما رحمة أو شفقة .
- السفلة الذين انضموا إلى جبهة النصرة , وتخلوا عن مفهوم الحرية والكرامة والعدالة , لأجل أهداف ومبادئ مزعومة لا تمت إلى الحقيقة بصلة .
- قيادات الجيش الحر المتخاذلين الساعين للحفاظ على بقاءهم من أجل مصالحهم لا من أجل الوطن .
بعد كل ما سبق علينا أن ننكس رؤوسنا ونتساءل ما هذا الداء الذي ألم بوطننا ؟ألسنا نحن الداء الذي أصيب هذا الوطن به ! والمؤيدون منا مع أننا لا نحترمهم لمواقفهم أبدًا , ولكن على الأقل لا نستطيع أن ننكر أنهم كانوا صادقين مع سيدهم الضال , فلَم يتغيروا أو يتلونوا كما فعل هؤلاء الذين تشدقوا وعلت صيحاتهم لتنادي بالثورة والحريّة والكرامة , بينما هم في الدرك الأسفل منها لا يعرفون عنها سوى الصياح بأسمائها والتغني بها , ولكن الحقيقة أن التاريخ سيلعنهم , والأطفال الذين تشردوا بسببهم سيظلون ناقمين عليهم للأبد , وسيعجز أي تبرير يقدم بحقهم عن المغفرة لهم أو الصفح عما فعلوه بوطنهم ومواطنيهم .
ولنلاحظ أننا دائماً نسعى لتبرير أفعالنا ومواقفنا , بل وحتى جرائمنا التي غالباً ما نردها إلى نظرية المؤامرة التي يجب أن تكون في أدبيات وأعمال المحققين الجنائيين والمخابرات فقط كفرضية محتملة للوصول إلى الحقيقة, بينما نحن بعبقريتنا الفذة وذكائنا الخارق قمنا بتعميمها سواء أكان ذلك بين السياسيين أو بين الإعلاميين عبر وسائل الاتصال كافةً , والهدف منها دائماً هو أن تقود إلى إحباط المجتمع , ودفعه إلى النكوص والاستسلام للواقع المرير في ظل و إطار هكذا نظرية خيالية شوهاء, بعيدة كل البعد عن حقيقة الواقع المعاش , وهذا ما نلحظه من سيطرة هذه النظرية على عالمنا العربي والإسلامي على مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية حتى .. وكأن أدمغتنا قد غسلت واستقرت فيها فكرة وفكر واحد أننا (شعب المؤامرة ) , وذلك عبر نصف قرن من الزمن مما أدى إلى فقدان الثقة والتخوين بين الحاكم والمحكوم , وبين أفراد المجتمع فيما بينهم , فانتهت بهم الحال إلى التراخي والاستسلام , وتعليق كل تخلفنا و أخطاءنا السياسية و الاقتصادية والاجتماعية وفشلنا في كل المجالات على شماعة المؤامرة , مع العلم أن العالم ليس وحشاً ولا شبحاً يلاحق انجازاتنا الفذة وأعمالنا , ولكن هي حالة من الهرب من عيوبنا بإسقاط ضعفنا وتخاذلنا ورده إلى تآمر الآخر علينا لمنعنا من التطور والتقدم , واتهامه بالتسبب في ضياعنا وتشتتنا .
ومن هنا نلاحظ أن أغلب مشاكل الشرق الأوسط ولن أقول كلها تتلخص بغياب شرعية تطبيق حقوق الإنسان ، والحل الوحيد للتغيير يمر عبر بوابة احترام حقوق الإنسان الأساسية وتطبيقاتها, هذا هو الضمان الوحيد للحرية والعدالة والسلم الاجتماعي والدولي .
ولكن للأسف كيف سيكون ذلك ومن يسعى للحيولة دون الوصول إلى تلك الحال من السلام الداخلي لمجتمعنا العربي و(السوري خصوصاً ) هم أشخاص من الداخل مهما اختلفت اتجاهاتهم وانتماءاتهم , فهم في النهاية فضلوا مصالح الفرد أو الحزب أو الطائفة أو الدين على الكل , وهذا ليس شيئاً جديداً , فالتاريخ يبين لنا أن أشد الناس عداوة للرسول كانوا من أقربائه وذويه ، والعدو هو العدو ، و لا أهمية لكونه داخلي أو خارجي .
فالجريمة لا تقاس بكونها داخلية أو خارجية ، بل بكونها جريمة أولاً وأبداً , وكما يقول الشاعر : وظلم ذوي القربى أشد مضادة .. على المرء من وقع الحسام المهند .
ونتيجة لذلك نستطيع القول إن (بشار الأسد) يجب أن يدخل موسوعة " غينيس " للأرقام القياسية في الإجرام والحقد والجنون, وللأسف لا دواء يشفي سوريا منه سوى الاستئصال الجراحي أو البتر مهما كانت المخاطر ومهما كان الثمن باهظاً , وهذا لن يتحقق بين يوم وليلة , وإنما بتضافر هذه الفئة التي تمتلك الثقافة والوعي وبتضافر الجهود بهدف إنشاء مجتمع مدني حقيقي , صادق مع نفسه , وقضيته , ساع لتحقيق مبادئه , يجمع أفراده شيء واحد فقط هو حب الوطن والإخلاص له , أولاً وللأبد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا