الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا توجَّهنا للأمم المتحدة؟

عايدة توما سليمان

2018 / 9 / 4
القضية الفلسطينية





شهدنا خلال هذا الاسبوع غضب الكثيرين لإقدامنا في القائمة المشتركة على مجابهة من نصّبوا انفسهم اسيادًا للارض من خلال قانون القومية، وبدلًا من الاكتفاء بفتافيت الحقوق التي قد يعطف علينا نتنياهو ويمنحها لنا، قلنا على الملأ بان قانون القومية لا يمكن تعريفه الا كقانون فصل عنصري، ووقاحته لا تلائم اصحاب الارض الذين لم يُعترف بلغتهم كلغة رسمية، بل نصّبهم مواطنين درجة ثانية. لذلك، توجهنا للامم المتحدة احتجاجًا على هذا القانون الجائر الذي يعزز قطار الاحتلال ويؤسس لدولة عرقية تمييزية.
وبالرغم من عدم وجود اساس للاخبار الزائفة التي قام بنشرها سفير اسرائيل لدى الأُمم المُتحدة، داني دانون، بأنني قمتُ خلال لقائي بنائبة الامين العام للامم المتحدة، روزماري ديكارلو، بتقديم اقتراح للقائمة المشتركة يحتوي على ادانة لاسرائيل في الامم المتحدة ومجلس الامن وبالتعاون مع السلطة الفلسطينية، الا انه من الضروري التوضيح بأن قانون القومية ليس بمسألة اسرائيلية داخلية.
القانون الذي يضرب بيدٍ من حديد اسس الديمقراطية ويتجاهل المبادئ الاساسية لوثيقة الامم المتحدة (التي من المفترض ان اسرائيل احدى الدول الموقعة عليها) هو شأن دولي. وليس فقط من حقنا، بل من واجبنا الاخلاقي والوطني ان نقوم بالتنبيه والعمل ضد قانون القومية وضد العنصرية، من على كل منصة- في اسرائيل والعالم.
ولكن يبدو ان رفضنا ترك النقاش حول هذا القانون الابرتهايدي يدور في الحدود المريحة لمشرِّعيه، سبَّب لهم الازعاج، ليس فقط نتنياهو وائتلافه، الذين يرون بدونالد ترامب نورًا للامم وبتساوي الحقوق تهديدًا وجوديًا، ولكن ايضًا اولئك الذين يدعون بانهم البديل العاقل لليمين المتطرف.
زعيمة المعارضة الجديدة، تسيبي ليفني، ادانت بشدة، ليس منذ وقت بعيد، رئيس الحكومة -الذي يصر على تعريفه لكل يساري كمتعاون مع العدو- ولكن هذا لم يمنعها من القول لعدة سفراء (على خلفية لقائي مع ديكارلو في الامم المتحدة): "لا تتدخلوا بالشؤون الداخلية لاسرائيل، ولا تتعاونوا مع اي خطوة كهذه في الامم المتحدة". على ما يبدو ان ليفني قد نسيت بأن اي انتهاك لحقوق الاقليات القومية يتعارض مع القانون الدولي، وبالتالي فهو شأن يخص الامم المتحدة.
اختارت زعيمة المعارضة ان تتجاهل علنًا ما ينص عليه قانون القومية وهو ان "ارض اسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي ومكان اقامة دولة اسرائيل"، والتي فيها حق تقرير المصير حصريا للشعب اليهودي، ونفي القانون بشكل واضح حق الشعب الفلسطيني التاريخي، القانوني، والاخلاقي في تقرير مصيره.

باعلانه ان "القدس الكبرى والموحدة" هي عاصمة دولة اسرائيل، يتناقض القانون مع قواعد بنود القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة التي تعتبر القدس الشرقية أراضي محتلة. كما ان القانون يسمح باستبعاد وتجاهل فئة من السكان فقط على اساس انتمائهم الوطني او اصلهم القومي، عندما ينص على ان تطوير الاستيطان اليهودي هو قيمة عليا يفترض على الدولة العمل على تحقيقها، وان تعزيز وبناء المستوطنات لليهود فقط، في الضفة الغربية كما في الجليل.
بكلمات أُخرى، قانون القومية لا يخلق فقط فصلا عنصريا داخل دولة اسرائيل، بل يفرض واقع يصعب من خلاله ابرام الحل السياسي العادل لاقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967 الى جانب دولة اسرائيل.
انضمام آفي جباي ويائير لبيد لجوقة التحريض ضد الجماهير العربية في اسرائيل وقيادتها المنتخبة يثبت مرة أخرى، ان من يدَّعون بأنهم معارضة حقيقية، في وقت الشدة وساعة الاخلاق، يفضلون الوقوف والتوافق مع نتنياهو بدلًا من محاولة بناء معسكر ديمقراطي حقيقي، ويستمرون في شغل منصبهم كظل شاحب لحكومة يمين متطرف يقودها نفتالي بينيت، افيغدور ليبرمان واييليت شاكيد.
من يفتقر الى النسيج الاخلاقي للوقوف بوجه الاندفاع القومجي المظلم الذي يجتاح اسرائيل، ومن يقف بفخر بجانب حملة تحريض دانون ويريف لفين، من المفترض ان لا يتفاجأ من اعمال العنف المقصودة ضد المواطنين العرب كما حدث قبل اسبوع في شاطئ كريات حاييم. من يعارض قانون القومية ظاهريًا وشكليًا، سيفشل ليس فقط في صناديق الاقتراع، وانما ايضًا في المعركة الاخلاقية الجوهرية ضد استبعاد مجموعات كاملة من المواطنين من دائرة المواطنة الكاملة المتساوية.
توجهنا للمؤسسات الدولية لان قانون القومية لا يقتصر على كونه قضية اسرائيلية داخلية، بل هو قانون غير اخلاقي له عواقب بعيدة المدى بالنسبة لمواطني الدولة العرب وللشعب الفلسطيني الذي يعاني تحت عبء الاحتلال. لقد قلنا موقفنا بصوتٍ عالٍ وجهوري من على منصة الكنيست، وهذا ما سنفعله الاسبوع المقبل خلال لقائنا مع وزيرة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، فيديريكا موغريني.
نضالنا من اجل السلام، المساواة، والعدالة الاجتماعية لا يقتصر على مساحة الخطاب اليهودي في اسرائيل. انا ورفاقي في الجبهة وفي القائمة المشتركة سنواصل النضال بعزيمة وهامة مرفوعة ضد الاحتلال والفصل العنصري في جميع الساحات، بما في ذلك الساحة الدولية.
اليوم نحن عربًا ويهودًا أمام واحد من خِيارين لا غير: ديمقراطية حقيقية او اثنوقراطية قومية.
ويدنا ممدودة لكل من يؤمن بالعدالة والحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا