الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حل الدولة العلمانية الواحدة في فلسطين - حوار مع الرفيق سلامة كيلة 3

ارام كيوان

2018 / 9 / 9
القضية الفلسطينية


أول ما أبدأ به هو الاعتذار على تأخري الغير مبرر في تكملة الحوار الشيق بيني وبين الرفيق سلامة كيلة حول القضية الفلسطينية.

أؤكد قبل الخوض في الحوار أنني لا أرفض حل الدولة العلمانية الواحدة في فلسطين ولكنني أتفق وأختلف في جزئيات مع طرح سلامة كيلة، وهذا المقال هو لاستعراض اراءه وذكر الاتفاق والاختلاف فيها وافساح المجال للقراء للادلاء باراءهم حول الموضوع.

1. الأصل في قضية : "نحن نعود إلى "الأصل"، إلى فلسطين التاريخية، وهذا يناقض بالطبع الوعي الذي يحصر فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي السلطة التي يطمح أصحابها إلى تحويلها إلى دولة. نعود إلى كل فلسطين، وإلى كل الشعب الفلسطيني، ونؤسس على ذلك الحل الذي هو دولة علمانية ديمقراطية واحدة، تستوعب من استوطنها، لكن ليس على حساب حقوق السكان الأصليين". (سلامة كيلة)
هنا يقول سلامة كيلة أن الدولة الفلسطينية الواحدة التي يطمح اليها ليست كما يدعي البعض "اسرائيل" التي ستضم الضفة وغزة رسميا وهنا أتفق معه وأريد أن أضيف أن الدول في منطقتنا تم تشكيلها اعتباطيا دون ظهور الحاجة الموضوعية لها و ذلك على يد القوى الاستعمارية وفلسطين قبل سايكس بيكو كانت عبارة عن ولايتين عثمانيتين، لذلك ورغم اتفاقي مع الفكرة المطروحة الا أنني ان أريد أن أقول أن الأصل هو الشعب الفلسطيني لذلك فان نقطة الأساس هي حق العودة ومن ثم حدود الدولة وماهيتها لأن حق العودة هو الشعب الفلسطيني ولا حل لقضية الشعب بدون الشعب (كي لا أفهم خطئا فالرفيق سلامة كيلة بالطبع من الداعمين لحق العودة فهو فلسطيني مهجر ممنوع من العودة الى فلسطين) وقبل هذه الفقرة يطرح الرفيق كيلة الأسباب التي جعلت منظمة التحرير ترضى بما تبقى من فلسطين التارخية (الانتدابية).

2. ما هي الدولة العلمانية الواحدة : "وحين يكون هناك قدرة على فهم العلمانية، وعلى توضيحها بما هي. فهي ليست ضد الدين، بل تفصل الدين عن الدولة، وتقرر احترام الدولة لكل المعتقدات بما فيها المعتقد الديني. بمعنى أنها تمنع التدخل في معتقد المتدين ما دام لا يطرح الدين كمشروع مجتمعي. وهذا هو سرّ صراع الإسلام السياسي مع العلمانية، بالضبط لأنه يطرح مشروعاً مجتمعياً يخدم مصالح طبقة تجارية، وحتى مافياوية. فهو يرفض تغيير النمط الاقتصادي القائم لأنه يريد الحفاظ على سيطرة الرأسمال، التجاري والريعي والمافياوي، وليس معنياً بالحل الجذري لمشاكل الفقر والبطالة والتهميش." (سلامة كيلة)
من النقطتين السابقتين نفهم من طرح سلامة أن الدولة العلمانية الواحدة معناها : دولة فلسطينية واحدة على كامل التراب تفصل الدين عن الدولة، على الرغم من تطرق سلامة كيلة في مقاله الى الفئات والطبقات الشعبية ومسألة العلمانية الا أننا نقول أن العلمانية لا تشكل نموذجا من نماذج الدولة وان كان سابقا لأوانه التطلع الى ماهية الدولة المرجو اقامتها على أنقاض المشروع الصهيوني، فلا نجد هنا أي مانع من طرح تسائل الرفيق فؤاد النمري : "عرف العالم عبر تاريخه الطويل خمسة نماذج مختلفة تماماً للدولة. لكل نمط من الإنتاج دولته الخاصة به. دولة العبودية البطريركية، دولة الإقطاع، الدولة الرأسمالية، الدولة الإشتراكية، واخيراً " دولة الرفاه " الإستهلاكية. فأي دولة يختار أولئك الذين يتعبطون دولة الديموقراطية العلمانية لزرعها في فلسطين؟".
SAT 1:02AM
3. هل تكون الدولة الواحدة ثنائية القومية؟ : " فهل هناك قوميتان في فلسطين؟ هل الفلسطينيون قومية؟ وهل "اليهود" قومية؟ هذا سؤال بديهي لكي نتلمس إمكانية قيام دولة ثنائية القومية. لا شك في أن الفلسطينيين هم جزء من أمة هي الأمة العربية، وبالتالي فلسطين جزء من الوطن العربي.....فلا شك أنه في دولة واحدة علمانية ديمقراطية سوف ينخرط اليهودي العربي مع بيئته، ليتحوّل الدين إلى طقس شخصي، بينما سيبقى الأشكنازي يتعامل بشكل مختلف، فهو مختلف عن المنطقة بعكس السفرديم الذي يمارس عادات وتقاليد المنطقة ذاتها. وإذا ما افترضنا أن كل هؤلاء سيبقون في فلسطين (رغم أن ما يجب أن يُطرح هو حق كل منهم العودة إلى موطنه)، لن يكون العرب الذين يدينون باليهودية مع الأشكناز بل جزءاً من التكوين العربي الموجود في فلسطين. وبهذا يمكن أن تبقى أقلية من الأشكناز فقط، وهذا لا يؤهل لقيام دولة ثنائية القومية، بل يمكن أن يكون لهذه الأقلية حق في ممارسة لغتها وثقافتها في إطار "حكم ذاتي" لأقلية قومية، إذا بقيت هذه الأقلية.....هنا بالضرورة ستكون الدولة هي دولة عربية. ومن هذا المنطلق ليس صحيحاً طرح حل يقوم على أساس دولة ثنائية القومية، لتبقى الدولة لكل مواطنيها هي أساس كل حلّ في فلسطين. وهي كما كررنا الإشارة دولة عربية، دولة فلسطينية. لهذا يجب الفصل الجذري بين الدين، أي اليهودية، والتكوين القومي لليهود، لكي يكون ممكناً تحديد ما يجب أن يكون عليه الحل. فاليهودية كما المسيحية والإسلام انتشرت في أمم عديدة، وإنْ كان وضع اليهودية أقل في هذا المجال، وانحسر في بضع أمم، ليس كما المسيحية والإسلام، لكن في كل الأحوال لا يمكن المطابقة بين اليهودية والقومية....بالتالي لا ينطبق حل الدولة ثنائية القومية على فلسطين، وليس ممكناً ذلك."

أنا أتفق مع ما ذكره سلامة كيلة حول اليهود ومسألة الدولة هل هي ثنائية القومية، ولكن لا أتفق معه بشأن عدم اعتبار الفلسطينيين قومية (ان كنت قد فهمته بالشكل الصحيح) فأنا على عكسه أرى أن العرب هم العرق والفلسطينيون كما المصريون، العراقيون، السوريون هم قوميات لها عرق مشترك، أي كما الاسبان، الفرنسيون، الايطاليون الخ هم قوميات وفي نفس الوقت أوروبيون (لا أقل بوجود قومية اسمها قومية أوروبية بل بوجود عرق مشترك لمن يسمون الأروروبيين)

4. ماهية الصراع :"لقد نشأت الدولة الصهيونية كقوة هيمنة رأسمالية على المنطقة، ولهذا باتت أكبر قوة عسكرية، وأكثرها تطوراً، وكذلك يجري التعامل معها كامتداد رأسمالي، وكقاعدة عسكرية تخدم المصالح الإمبريالية في المنطقة. ومن أجل ذلك ليس في مقدرة الفلسطينيين تغيير ميزان القوى بما يسمح لهم بالانتصار وحدهم، وليس من سبيل لتغيير ميزان القوى إلا بتغيير النظم في البلدان العربية (وليس بالضرورة فيها كلها بداية) لكي يصبح ممكناً تحقيق مواجهة ناجحة.... الصراع في المنطقة هو، في الجوهر، صراع عربي ضد الدولة الصهيونية، وهذا جزء من الصراع ضد السيطرة الإمبريالية، الذي هو الطريق لتحقيق الاستقلال والوحدة والتطور الاقتصادي والمجتمعي. ودون إعادة بناء الصراع على هذا الأساس سيبقى وضع فلسطين صعباً، وتبقى الأرض تُقضم، والمستوطنات تتزايد، والنضال الفلسطيني في مأزق يتزايد كل يوم". (سلامة كيلة) - هنا أنا أتفق مع الرفيق سلامة كيلة بشكل كامل.

5. كيف تتحقق الدولة الواحدة : من المعروف لكل ماركسي أن تسعير التناقض الى ذروته هو ما يحدث التغيير، وفي سبيل تحقيق الدولة العلمانية الواحدة يطرح سلامة كيلة أربعة تناقضات تكون هي السبيل نحو تحقيق هذه الدولة (سلامة كيلة يقول أن الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية ليست النقطة الرئيسية والسبيل لتحرير فلسطين ولكن لا يرفض الكفاح المسلح).

- الأزمة التي تنشأ لدى المجتمع "الصهيوني" جراء صراع طويل الأمد مع العرب (وغير العرب من الممكن) تؤدي الى "حالة من الإرهاق من جهة، ومن الشعور بعبثية الوجود ذاته من جهة ثانية، وكذلك من الشعور الأخلاقي الذي ينعكس بفهم الدولة الصهيونية كدولة قتل من جهة ثالثة" (سلامة كيلة) وطرح الحل من قبل الطرف الاخر للصراع أي العرب (وأنا أضيف اليها غير العرب من مناهضي الصهيونية) لا يكون شيئا غير دولة واحدة والا لن ينتهي الصروع.

- التناقضات بين "اليهود" أنفسهم حيث أن "اليهود" الشرقيين عرب (حسب سلامة كيلة) ومعاملتهم من منطلق كونهم عربا يخلق فجوة داخل المجتمع "الاسرائيلي" نفسه - (هذه النقطة ليست بذلك الاقناع بالنسبة لي، ولكن من الجميل أن أضيف أن اليمين حاولوا تقديم الهوية اليهودية دائما على الاسرائيلية وجملة نتنياهو المشهورة "اليسار نسي معنى أن تكون يهوديا" - أ.م)

- التناقضات الطبقية (الصراع الطبقي) : طرح الرفيق كيلة يقول أن سياسة اللبرلة تزيد من حدة الانقسامات والاحتجاجات داخل اسرائيل اضافة الى ارتباطها مع العالم الغربي (الامبريالي كما يسميه) وهنا أتفق معه بالكامل وكنت قد كتبت مقالين عن الموضوع عن الموضوع أحدهما منشور في الحوار المتمدن تحت عنوان "هل هناك مستقبل لاسرائيل؟"

- المقاطعة العالمية لاسرائيل من قبل شعوب العالم.

6. اسم الدولة الواحدة : "بالتالي فإذا كانت الدولة هي فلسطين خلال الاحتلال الإنجليزي وحوّلها هذا الاحتلال إلى دولة إسرائيل، فإنه يجب أن يكون واضحاً أنها ستعود فلسطين، لكن متضمنة كل من يريد البقاء من المستوطنين الجدد، في ظل طبيعتها المشار إليها للتو، أي أن تكون دولة علمانية ديمقراطية" (سلامة كيلة).
لا اختلاف اطلاقا مع هذه النقطة ولا يهمني كثيرا موضوع التسمية ان كان سيتم تجاوز المشروع الصهيوني. (تبقى نقطة وهي نقاش سيكون في وقت اخر مع الرفيق سلامة كيلة حول طبيعة النظام العالمي الذي يحدده سلامة كيلة ب"الامبريالي)

ختتمت قد يهزأ البعض بهذا الطرح وهذا النقاش ويقولون أنه حالم وغارق في عالم رومانسي، هنا لا أستطيع أن أفعل شيئا سوى أن أطلب منهم قراءة كتاب كتب عام 1896 وهو كتاب "دولة اليهود" لهرتسل، في هذا الكتاب الذي يذكرني كثيرا بالمدينة الفاضلة لأفلاطون تطرق هرتسل لأدق تفاصيل دولته المستقبلية وأهم معالمها في ظرف كان فيه سقف أحلام اليهودي العادي هو أن لا يتم سحقه تحت الأقدام تحدث هرتسل عن بناء دولة.

******
على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ
الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ
تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة
(محمود درويش)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشعب الأسرائيلي
عبد المطلب العلمي ( 2018 / 9 / 10 - 17:23 )
رفيقي العزيز ارام
اراك اغفلت نقطه مهمه. خلال سبعين عاما ، و رغم محاولات الانكار، تم تكون شعب على ارض فلسطين يجب تسميته بالشعب الاسرائيلي.ارض مشتركه(بغض النظر انها مغتصبه) و لغه مستحدثه لم تكن موجوده الا في اللاهوت، و هدف واحد اذا استثنينا الصراع الطبقي المغيب في حالتنا هذه.
فما هو شكل الدوله العلمانيه لشعبين متناقضي الاهداف؟؟


2 - الرفيق العزيز عبد المطلب
ارام كيوان ( 2018 / 9 / 10 - 18:16 )
فكرت في هذه النقطة ولم أجد اجابة وافية على هذا السؤال، في طرح الرفيق سلامة كيلة أعلاه رفض حتى لوجود شعب اسرائيلي (أنا لا أتبنى طرحه) أعتقد أن سلام شامل في فلسطين التاريخية سينتزع كل أسس العنصرية القومية ولا يبقى غير المسألة الطبقية على الأرض، سلام شامل في فلسطين سيجعل صراعات الماضي تاريخا انتهى ولن يعود، وفي ظل عدم وجود صراع غير الصراع الطبقي فان الانتماءات والصراعات القومية لن تطفو على السطح لعدم وجود الحاجة الموضوعية اليها.
لم أتطرق لشكل الدولة لأنني لا أرى أفقا اشتراكيا، وشكل الدولة الحالي في اسرائيل هو دولة الرفاه الاستهلاكية البرجوازية الوضيعة.

سؤال في نفس السياق : هل نعتبر اليهود الشرقيين عربا أم نعتبرهم من ضمن الشعب الاسرائيلي؟
(ربما الاثنين معا)

اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص