الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملتقى الجامعات العربية عودة الى عصر الإنحطاط 2

مجد يونس أحمد

2006 / 4 / 1
الادب والفن


ملتقى الجامعات العربية في جمهورية مصر العربية
تدني في مستوى الأداء؛وعودة الى عصور التخلف والجهل
( 2 )
ردة إسلامية خطيرة تتغلغل في أجواء المكان ...
حطت الطائرة على أرض المطار , بدأ قلبي يخفق , حملت الـ/ الهاند باك / ونزلت من الطائرة , لفحني هواء غريب برائحة نتنة أيضا , وبدأ محترقوا الجلود باستقبال الوفد السوري بتفتيش أوراقه وحقائبه , وما زلت أنظر حولي ملاحقاً مصدر الرائحة النتنة وغرابة الإحساس المبهم .. حاجز وآخر وآخر, هاأنذا في أرض المطار من جهة الداخل المصري .
وصلت إلى مصر , ليست الزيارة الأولى , إنها الثانية ..
الرائحة النتنة تزداد شيئاً فشيئاً, التنفس أكثر صعوبة, البرد يقرص جسدي الذي ما زال يحمل بعض دفء تم تهريبه من بلادي إلى هناك واستطعت بنجاح أن أمرّ به عبر الحواجز والحدود رغم الحراسة المشددة ..
أحاول أن ألملم جسدي كي لا يخترقني البرد , ومقلّصا الأوكسجين في محاولة لتقنينه فالواضح حاجتي القادمة والكثيرة له ..
دقائق.. جاء مرافق الوفد , نظرت إليه , وكأنه خرج لتوه من فرن للشواء , جاء مستقبلا الوفد السوري المشارك في الملتقى الفني للجامعات العربية في جمهورية مصر العربية الذي تقيمه جامعة جنوب الوادي في محافظة قِنا في الصعيد المصري , بادر مرحبا بلهجتهم المشهورة..
- ( أهلن بيكون يا جماعة , تفضلوا الأوتوبيس أهو جاهز .. حمد لله بالسلامة , منورين واللهِ .. ) ...
بدأ الجميع بحمل الحقائب وحشوها في جوف الحافلة الجائعة , حتى امتلأ بطنها تماماً .. وصعدنا...
وبينما الحافلة تقلع متجهة بنا إلى مكان إقامتنا , يرتفع صوت المسجل الذي ابتلع كاسيتاً سُجل عليه تراتيل قرآنية بصوت ليس بالشجي بل أقرب إلى الطرق على النحاس , بدأ ترتيل آيات من الذكر الحكيم كما يقال , وبدأ قلبي يخفق أكثر من المعتاد , إضافة إلى النظرات الغريبة المنشأ التي تبدو على الوجوه المحترقة ...
هناك شيء ما ؛ قلت لنفسي ..
حاولت صرف تفكيري عَمّا يعتمل بداخلي من نفور سيطر فجأة عَلَيّ ... وفي محاولةٍ لتبديد ذلك, نظرت عبر النافذة التي تعرض لي من خلال سير الحافلة بسرعة معقولة ؛شوارع وأزقة وأبنية مدينة القاهرة والتي لم تقع عيني عليها منذ أكثر من أربع سنوات خلت .
هاهي قلعة صلاح الدين الجبارة والمثيرة , وهاهو جامع محمد علي باشا , القلعة والجامع يتلاصقان مكانيا ويرتفعا حتى يكاد للناظر التوهم بانهما معلقتان في الهواء ..
احترمت رغبة السائق في سماع ما يريد ولكنني طالبته ضمنيا أن يحترم رغباتنا التي ربما يشاطرني بها مجموعة كبيرة , فلكل شيء وقته , فالمغالاة بإظهار شيء ما برأيي إن هو إلا دليل قاطع على الكذب والدجل والخداع والمكر .
شارع / 30 , أحمد حمدي / مقر إقامتنا في فندق الجامعة ..
الحافلة تتقيأ ما بداخلها من حقائب , يطالعك العم رمسيس برأسه الأزعر الأشيب وجلدته المحترقة وشارباه الغليظان البنيان وشفاه غليظة أقرب إلى اللون الأسود منهما إلى الاحمرار قائلاً
- ( مرحب بيكم , حمد لله بالسلامة , تفضلوا ) ..
حملت حقيبتي ودخلت بهو فندق الجامعة في منطقة الجيزة , شارع أحمد حمدي , بهو متواضع , وفجأة, شيء ما يصيبني بالدوار , مشدوهاً وعينان متجمدتان على ورقة مطبوعة ألصقت على الحائط بعناية فائقة , مطبوع عليها مانشيت عريض باللون الأزرق وبين قوسين اختبأت الكلمات التالية : ( التدخيــن شــرعاً حــرام ) , فتوى صادرة عن دار الفتوى في مصر , عشرات الكلمات , والشروح تبين كيف أن التدخين حرام شرعا , ما كان مني إلا أن أخرجت علبة الدخان الحمراء الطويلة التي كتب عليها الطول الفاخر والتي صنعت من أفخر أنواع التبوغ , وأشعلتها وبدأت بارتكاب أفعال تعتبر الحرام بجوهره بناءا على قرأت ,و من خلال تدخيني للسيجارة .
وما ان انتهيت حتى رميتها تحت اللوحة المكتوبة وما كان من قدمي إلا أن تدهس السيجارة تعبيرا عن غضب دفين جرّاء ما يحدث في تلك البلاد .
بدأ قلبي يزداد خفقاناً , ربما بدأت أعي مصدر القلق والرائحة النتنة التي تزكم أنفي , انه الجهل والإساءة الحقيقية لما يسمى بالإسلام من أهل الإسلام , الإساءة من خلال تلك الطرق المتخلفة البعيدة عن المنطق الحر غير الخاضع سوى لقوانين ومزاجيات من يصدر تلك الفتاوى , وأما من يطيع دون تفكير لهو تأكيد على تخلف مجتمعات بأكملها . الإساءة للإسلام منبعها المسلمين أنفسهم وحسب المثل القائل:( دود الخل منه وفيه ), فلا تتهموا أحد قبل أن تتهموا هؤلاء الذين يزيدون الطين بلّة ...
كان مصدر الرائحة النتنة والقلق والشيء المبهم, بسبب وضعي لنفسي في موقف محرج للغاية , أنا الآن في سجن لا أبواب له , وجدرانه تضيق من حولي كلما نزلت إلى قاع الحياة وتفاصيلها في تلك البلاد .
أطفأت غضبي تحت تلك اللوحة التي حرّمت التدخين شرعاً , حملت حقيبتي دونما خوف مما ارتكبته غير آبه بما قد يثير تصرفي من ردود فعل ممن حولي , وكانت حقيبتي أكثر ثقلا مما كانت عليه عندما كنت في بلادي , دخلت المصعد حتى الطابق الرابع , هاهي غرفتي المحشوة بخمسة أسرّة , وبعض قطع الأثاث المتواضع مع رائحة العفونة التي ينتعش المكان بها ...
ماذا أنا فاعل بنفسي في تلك الورطة التي وضعت نفسي بها.
بدأ الندم يسبح في تلافيف دماغي , في بحر أفكاري المتصارعة بين ما كنت قد خزّنته بذاكرتي في المرة الماضية التي زرت فيها هذه البلاد , وبين ما قد أواجهه من تشويه لتلك الزيارة الاستثنائية الجمال من عمري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم