الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَن قتلَ اللغة العربية؟

جورج أنطون أبو الدنين

2018 / 9 / 10
الادب والفن


يلمح العاملون في تدريس اللغة العربية في المدارس الإعدادية والثانوية وفي الجامعات مجموعة من المظاهر التي تشير إلى نفور أبناء اللغة العربية من لغتهم الأمّ؛ نتيجة مجموعة من العوامل الفكرية والاجتماعية والثقافية المرافقة للتفاعل البيئي بين الفرد والجماعة من جهة، وبين الفرد والتكنولوجيا من جهة أخرى، وهو ما يعني بوضوح تام تراجع مستويات الإتقان اللغوي وتوظيف اللغة العربية في مختلف مناحي الحياة، بداية من الحياة الدراسية، مروراً بالحياة العملية وغيرها.
أتساءلُ كثيراً عن تلك العوامل التي ساهمت في تشتيت أوصال اللغة، وتمزيق ما بقي من جسدها، بعد وقوعنا لقرون عدّة مضت تحت نير احتلالات واستعمارات لم تُعر اللغة العربية اهتماماً؛ مما جعل الكاتبَ والمثقفَ والدارس العرب يتراجعون رويداً رويداً حتى بلغوا مرحلة الجمود الذي كسّر الروابط المستقبلية مع الأجيال القادمة، إلا مَن رحمَ ربّي من هؤلاء الذين قلنا عنهم إنّهم رواد الفكر العربي في التربية والأدب والدراسات والتأليف أمثال طه حسين، وخليل السكاكيني، ومن حذا حذوهما من المهتمّين القلائل، أسواء الباحثون منهم عن المجد الذاتيّ أم هؤلاء الذي حملوا رسالة اللغة على أكتافهم ودعوا للعودة إلى مجدها القديم ونفض الغبار عنه.
برغم ما سبق؛ أرى أمامي اليوم معطيات مختلفة تماماً، توحي بالعجز والضمور، والتقصير والتشرذم من أبناء المجتمع العربيّ، والنواة الأولى، أقصدُ الأسرة؛ لأنّ البنية التربوية التي نرتكز عليها اليوم في ظل عصر مفعم بالحيوية التكنولوجية، والاندفاع الرهيب المتسارع نحو اتّخاذ الغرب مثلاً أعلى في التقدم والتطور في أساليب الحياة وتقنياتها، عجزت عجزاً رهيباً عن مواكبة التغيّرات الاجتماعية؛ فأصبحنا نقفزُ من قمّة إلى أخرى مُلقين عن كاهلنا ما نحمله من مسؤوليات التراث واللغة والشخصية العربيّة، حتى أضحى ذلك الإنسان المرتبط بالفكر الغربيّ، المندمج في اللغات الأجنبية، هو الفرد القادر على التقدّم في الحياة وتبوّء مناصب عليا والحصول على مدخول أفضل من أولئك الذين لم يحصدوا الحظ الوافر والقمح الصافي من حقل العلم والفكر الأجنبيين.
وفي ظلّ المعطيات السابقة، ما ينبثق عنها من تغيّرات متسارعة، لا أتخيّل اللغة العربية قادرة على مواكبة العالم الحديث بحثاً وعلماً وإنتاجاً وتطويعاً، لا لأنّ الخلل فيها بل في أصحابها؛ فالتدريس الجامد من هؤلاء المعلمين القدامى، أصحاب الباع الطويل والعقود الطوال في التدريس، لا ينفكّون يلتزمون بالتدريس الجامد النائم في أحضان التبعية والتقليد؛ فنحصل في النهاية على طالب لا يريد اللغة ولا يحبّ تعلّمها، يكرهها ويميل نحو تطوير نفسه في مجالات أخرى بحجّة أنّ العربية لن تنفعه الآن أو في المستقبل.
بصراحة، وفي لحظة واقعية كاملة، أجدُ نفسي موافقاً هذا التلميذ الذي يميل إلى التحرّر من قيود اللغة البالية، لأنّنا-معلمي اللغة العربية-تقمّصنا شخصية أهل الجاهلية والعصور الأموية والعباسية والعصور الغابرة، وطالبنا طلبتنا بأن يحبّوا هذه الشخصيّة ويتعلّموها، وهو ما يرفضه هذا الجيل، وسترفضه الأجيال القادمة؛ لأنّ الإنسانَ بطبعه يميل إلى الحرّية والانفتاح، ويحبّ أن يرى نفسه ينمو وحده ويثمر في تربة تفهمه وتتفهّم احتياجاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لغة عليها بالانقراض
محمد البدري ( 2018 / 9 / 12 - 17:47 )
لماذا تدافع عن اللغة العربية؟
هي لغة وقفت عائقا امام فهم وتقديم كل ما يمكن الممتكلم بها الي العصر الحديث.
هي لغة تصر علي تمرير الاكاذيب بتكرار ممل لا ضرورة له كما في قراءة القرآن ورفع الاذان وكل الاقوال التي تستلزمها طقوس التعبد العبودي دون ان تساعدهم علي تحرير عقولهم.
اما من الناحية التكنيكية فهي لغة بلا قواعد فكل نحوها وصرفها مجموعة من الشواذ بعدد التصاريف النحوية للفعل والاسم.


2 - لغة الأجداد المزعومين والهوية المزيفة
ماوكلي ( 2018 / 9 / 12 - 19:40 )
(نفور أبناء اللغة العربية من لغتهم الأمّ) : اللغة العربية لغة تجدها في الكتب, اللغة الأم هي التي سمعتها من أمك عندما كنت صغيرا

(لا لأنّ الخلل فيها بل في أصحابها) : العروبة دين ينزهه أتباعه عن أي خطأ ويعيدون الخطأ إلى أنفسهم

للبدري : لماذا يدافع عن اللغة العربية ؟ لأنها لغة أجداده كما لقنوه ولأنها لغة هويته المزيفة كما علموه


3 - تمنيت لو أدركت المغزى
جورج أنطون أبو الدنين ( 2018 / 9 / 12 - 19:55 )
سيدي المحترم؛
أرى أنّك لم تنظر إلى المقال من الزاوية التي جاء عليها الطرح؛ اللغة كائن حي، يتغير ويتطور ويتحرّك مع الزمن ولو حاولت تدقيق البحث في اللغات الأجنبية الأخرى لوجدت منها ما يشبه الفصيح ومنها ما جاء حديثاً وتطور مع الزمن ليتناسب والمخترعات الحديثة والعلم وما يقدمه باستمرار من بيانات ومفاهيم لا بد من التعامل معها.
الطرح في المقال لا يدافع عن اللغة العربية كما يبدو أنك فهمت، بل يوجه سهام النقد إلى من يهتمون باللغة العربية تدريساً وتخصصاً وتعليماً؛ فهم من عجزوا عن تحريك اللغة وحافظوا على قيودها البالية التي تنفر الناس منها وخاصة الجيل الجديد، وهو ما تطرح المقالة.
أما لو أردت انقراض اللغة فلا أظنك تغفل مدى اهتمام الدراسات اللغوية في اوروبا ومن أبرزها في ألمانيا وبالأخص في جامعات برلين الأهلية وهايدلبرغ للغة العربية باعتبارها لغة سامية، ودراسة الايديولوجية المكوّنة للبنية اللغوية الحالية للمتحدثين بها، ولا يأتي هذا من فراغ، إنما هو نتيجة إيمان اللغويين وإيمان الساسة والمهتمين بدراسة الشعوب من أجل التفوق عليها أو أخذ الحيطة معها بأهمية دراسة اللغة وتطورها الحي عبر الزمن.


4 - لا اراهم يدركون المقصد
أحمد العابد ( 2018 / 9 / 12 - 19:58 )
بعد الاطلاع على تعليق السيد البدري لا استغرب هذا الصوت الكاره للغة في التعليقات والكاره للدين فيا ليت المعلق ادرك ان المقال ينتقد العلماء والنحويين ومعلمي اللغة لانهم جعلوا الطالب يكره اللغة وهم السبب في عجز اللغة واستغرب حقا كيف نندفع نحو مهاجمة اللغة او الارث او صاحب الانتاج لمجرد اننا نحمل في داخلنا مجموعة من الافكار والمعايير التي تعادي الشرق
تقبل مروري


5 - تعليق علي تعليقات
محمد البدري ( 2018 / 9 / 13 - 03:04 )
بالنسبة للتعليق 2: اللغة التي تعلمناها هي ليست لغة الاب والام في الصغر بل هي لغة المحتل الاجنبي الذي جاء راكبا كتابا اسمه القرآن لا قواعد نحوية وصرفية له بهدف النهب والسلب المقدس باسم شئ اسمه الله لا يعرف كيف يتكلم ولا يرتب افكاره في تسلسل زمني / منطقي بل بالقفز فوق الاحداث لتبرير كل لحظة زمانية حسب الرغبات ومطالب الاشباع الغريزي.
فاللغة معرفيا هي منتج ثانوي وليست معطي اولي ومن السهل ادراك انها اصطلاحية وليست توقيفية. يصطلح عليها البشر كلما عن لهم امر عليهم فهمه ولهذا تتعرض اي لغة للتغيير. اما بالنسبة للفصحي فهي وكما جاء بها العرب فهي توقيفية جعلها الناس توفيقية (اي وفقوها حسب المتغيرات) حسب كل ما تعرض له الغزاه من احداث وامور حياتية من صلب الحضارات الاكثر رقيا من مجتمع البداوة العربي.

الي التعليق 4: العلماء والنحويين هم ذاتهم، ودون ان يدروا، ضحايا اللغة وبكلمات آخري ضحايا الثقافة العربية الاسلامية التي لا جذر لها الا الجاهلية العربية جمودهم هو من جمود الماكينة الثقافية التي انتجتهم واصبحوا متحجرين. لماذا، علي سبيل المثال، ان اضيف حرف الف في نهاية كلمتي اصبحو و يدرو؟!

اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??