الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(نازو أوشاغي)

يارا خليل

2018 / 9 / 13
الادب والفن


افتح النافذة واجلس على حافة الرخام ..
السماء بنفسجية هنا وبعيدة ..
والظلام حل بعد يوم طويل و حار..
نسمات الهواء تضرب وجهي مثل ندف ثلج تائه..
في مكان ما من ذاكرتي يهز جدي شجرة الزيتون..
و تتساقط حباتها وترتطم على اسفلت الشوارع..
التي تلتف حول رأسي …
ويأتيني صرير الدولاب الحجري في المعصرة القديمة على طرف منزوى
. معصرة تهرس زيتاً من زمن رتيب ..
تضيق رئتي .
اهرب من حتفي ..
رعشة الامكنة تنتابني..
..و انسى بانني كائن حي ..
انسى .. وكما لو أنني قطعة لحم مجمدة في كيس بلاستيكي مفرغ من الهواء ..
كيس مرمي في قعر ثلاجة صدئة ..
وفي اخر الليل يطهى على نار هادئة ويقدم على مائدة طعامي ..
انسى وامضغ نفسي بهدوء ..

في النهار اهرب من شمس الحقيقة الى الظل الذي تلقيه شجرة السرو العالية على نافذتي.
شجرة خضراء لا تموت ..
ولا تشبه الاشجار التي كانت هناك ..
لا تكترث ببرودة الشتاء ولا بحرارة الصيف ..
ولا تخاف الذئاب التي يعلوا عوائها بعد منتصف الليل..
.. احيانا تقتحم هذه الذئاب احلامي . اهرب وألهث من الركض ..
اصعد سطح بيتي على رؤوس اصابعي.. خوفا من اين يستيقظ جاري العجوز .. وينهال علي بالشتائم..
واحياناً تجرني الذئاب من شعري وتأخذني بعيداً .. ترمقني برأفة ..
ثم تغرز أنيابها في ذاكرتي الهشة ..
لاتذكر انني قطعة لحم مثلج في كيس مفرغ من الهواء ..

في قريتي نازو عندي نافذة وشجرة سرو عالية..
لا احد يسمع صوتي ان صرخت الآن غير ذاك النهر البعيد.
.. يمضي مثل رجل ملول .
و إن سقطت من النافذة لن يهرع احد لنجدتي في هذا الشارع الطويل والموحش..
.. وخلف هذه الحقول الممتدة على مد النظر.
ذات يوم ترك المزارعون خلفهم مناجلهم مغروزة في الارض وهربوا ..
صورهم الباهتة ما تزال معلقة على الجدران ..
كثيرون تركوا قابس الكهرباء مرفوعاً ..
خافوا ان تطفأ الاضواء ويستحل الظلام غيابهم .
او ربما عرفوا انني سآتي إلى هنا ذات يوم و اتكور على نفسي مثل قطعة لحم مجمدة في كيس مفرغ من الهواء
مرمي في قعر ثلاجاتهم الباردة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس