الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة للخلاص من جبهة الخلاص الخدامية

محمد علاء الدين عبد المولى

2006 / 4 / 2
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


دعوة للخلاص من (جبهة الخلاص)
في اللحظات الحاسمة في تاريخ المجتمعات (والشعوب) - وأضعها بين قوسين لأنني أعتبر المجتمعات أقرب لحالتنا العربية – في هذه اللحظات يستدعي العقل الثقافي والسياسي الفاعل كل ما يملك من إمكانيات العمل والسجال ليساهم الجميع في قراءة هذه اللحظة وتحليلها وتفكيك بنيانها أو تصويبها إذا كان التصويب ممكنا ونابعا من حاجةٍ مشروعة.
أقول هذا لأخصص الحديث عن (المسألةِ السوريّة) وموقف المعارضة منها...
وهي مسألة حظيت باهتمام يومي من كتاّب وسياسيين وإعلاميين وقلّةٍ من الأدباء، استطاع الجميع الإدلاء بدلوه لأن الشرط الموضوعي للمسألة كما هو واضح هو شرطٌ يخدمها من جهة تسليط الضوء عليها واختراق المحظورات في الحديثِ عنها نظراً لما حدث من تطور في علم الاتصالات والنشر الالكتروني مما لا يجب التقليل من شأنه...
وإذا كان من حق (الجميع) التعبير والمساهمة في السجال الدائر حول الوضع السوري والمعارضة السورية، وذلك على سبيل القبول بخيار الديمقراطية وحرية التعبير والرأي؛ فإنه ومن المبدأ نفسه يحق لمن أراد الاختلاف أن يختلف ويعبر عن اختلافه، ويحق لمن يرى في الأمر غير ما يراه (الجميع) أن يقول ويمارس دوره في الحوار...
لا شك أن سهولة النشر وسرعته، أثرت على سوية ما يكتب وما يطرح، وجعلت كثيرا منه فاقداً لأدنى درجات النضج الفكري وأدوات التعبير المتماسكة، لهذا هجمت علينا المقالات والبيانات والشعارات والتحليلات من كل حدب وصوب... وكل ذلك في النهاية حسنٌ ومفيد وبرهان على جوع البشر للتفكير والتعبير. فقد يئس الجميع من الرأي الواحد الصادر عبر قرارات سياسية وحزبية، من قيادات حكيمة وتاريخية... وها قد وجدها الجميع فرصة لممارسة نوع ما من أنواع الحرية... وهذا بطبيعة الحال حق مقدس لا أحد يماري فيه.
وكأية مسألة تأخذ الطابع الإعلامي واليومي، قد تصبح الساحة مشرعةً على كثير من (الاختلاطات الفكرية) والتداخلات الملتبسة... خاصة في غياب ما أشرنا إليه سابقا (البعد الفكري الفلسفي) للمعارضة السورية...
من هنا أؤكد على إمكانية التوقف مليّا عند بعض ما يطرح من أفكار بخصوص المعارضة وعلاقتها بالمسألة. فقد يرى البعضُ بحجة الديمقراطية (وهي حجة مقنعة للوهلة الأولى وتصادر احتمال رفضها) أنه ضروريّ أن تدخل جميع الفئات والاتجاهات والتيارات في (خندق واحد) طالما أن الغاية هي بناء المستقبل وتخليص البلد... وربما يغيب عن هذه الأفكار أن المجتمعات في مثل هذه الظروف الحرجة والملتبسة والغامضة حد التناقض أحيانا تكون مرتعا خصباً لمن هبّ ودبّ، ممن تحركهم مشاريع غير داخلة في صلب مشروع الوطن وتأسيس بديل عن واقعه الحاليّ. بل إن كثيرا من هذه الاتجاهات ما هي إلا متحينة للفرصة من أجل الانقضاض على خصومٍ راهنين كانوا بالأمس القريب (أصدقاء) كباراً، أو لتصنيع أصدقاء من بقايا الأعداء التاريخيين... ولا أجد سببا واحدا مقنعا للصمت على مثل هذه الحالة التي أراها من أكبر الثغرات داخل أية جبهة معارضة تغفل عن تمتع الكثيرين بالاننهاز والاحتيال...
لا أعتقد أن هذا كلام في (الأيديولوجيا) كما تطرح السيدة العزيزة فلورانس غزلان في بعض ما طرحته من أفكار... لأن الوقوف بالمرصاد لهذه الانتهازية شأنٌ مستقلّ عن أية أيديولوجيا أو أي مسعى مؤدلجٍ... بل هو فعل إنساني ما قبل معرفي وثقافي حتى، موقف غريزي طبيعي يندفع من داخل الإنسان حتى ولو كان فردا غير منتظم في جماعات وتيارات وتنظيمات... إن الذي يؤدلج هو من ينطلق في تحليلاته من منظمة عقائدية متكاملة ينضوي تحتها ويدافع عنها متمثلاً فحواها ومصدقا لما بين يديها... لهذا سنجد تيارا آخر لا هو مع النظام (بالمطلق) من جهة، ومع المعارضة ولكن (ليس بالمطلق)!. وذلك يتوضّح عندما نأخذ بعين الاعتبار أن النظام ولأنه شموليّ إطلاقيّ استبدادي، وجب رفضه (بالمطلق)، ولأن المعارضة ليست كذلك (أي ليست شمولية ولا إطلاقية ولا استبدادية) فقد وجب الوقوف منها موقفا نسبيا، حتى ولو كان الوقوف معها هو في النهاية وقوفٌ (داخلها، لا على يمينها أو يسارها.
ولأن النظام لا يؤمن بالحوار ولا بتعدد الآراء وأنماط التفكير، فقد وجب الانحياز إلى المعارضة لأنها تتيح التنوع وتقوم عليه وهو سبب وجودها وقوتها الرمزية والروحية والاجتماعية...الخ. لذا عندما نختلف مع طروحات أو سلوكات المعارضة، فذلك لأننا معها، حتى لو كنا ننتقدها... ولا يجوز للمعارضة بأي حال من الأحوال أن ترفض الانتقاد أو تستهزىء به، ولا أن تلغي أحقية الاختلاف والنقد، وإلاّ فقدت جزءا من مصداقيتها.
أقول مرة ثانية هذا ليس أدلجةً بل هو حرب على الأدلجة وهروب منها وتناقض مع شكلها والتعبير عنها. بل وأكثر من ذلك: أقول إن ذلك خيارٌ معرفي / ثقافي / بحت ولا علاقة له بالأيديولوجيا إلا إذا كنا نقصد بالأيديولوجيا أننا نتحدث بمبادىء فكرية منظّمة، يبقى أن نبين إذاً أن الفكرة في هذه الحالة تشكل مبادئها بعيدا عن الإيمان العقائدي والتعصبّ الحزبي للفكرة، مما تقتضيه لعبة الأيديولوجيا... لا شك أننا مؤمنون بفكرتنا، ولكن ليس كلّ إيمان بفكرة ودفاع عنها بالتالي أصبح يدخل في باب الأيديولوجيا، لأننا نؤمن بالفكرة في حيويتها وفي اختبارها المعرفي وليس السياسي ولا الخاضع للحسابات والرهانات الطّارئة المتشكلة في السوق.
وما انتقدنا به المعارضة السورية من أنها تدخل في بعض أطيافها الأساسية في تحالفات هجينة وليست مبنية على وجهات نظر عميقة، إنما كان انتقادنا نابعا من خوف فطريّ غريزيّ على مستقبل العمل الوطني والسياسي في مجتمعنا...
إن مفهوم المعارضة صار فضفاضا أكثر مما ينبغي إلى درجة هزلت معها أية فكرة للمعارضة. والا ما معنى دخول المدعو خدام على خطّ (المعارضة)؟ وما معنى جبة خلاصه التي (فبركها ولفّقها) مع الإخوان المسلمين؟ وما معنى أن نقرأ منذ أيامٍ أن المدعو والسيء الذكر (عبد الحميد السراج) تشاع عنه أنباء وتسريبات أنه يلعب على وتر المعارضة ويسعى للعودة إلى سورية ليجد له مكاناً؟ وأنه قد يكون اتصل بجهات معارضة (إخوانية أو خدّامية)؟ هل استغرابنا ورفضنا لهذا هو أيديولوجيا؟ أننا نكون ملكيين أكثر من الملك إذا توقفنا مليا عند مثل هذه التصرفات؟
(خدام – الإخوان – السراج) كلها مداخل (إما أنها دموية) للوطن؛ أو في أحسن الحالات (تشكل نقضاً) لمشروع الوطن ومقترحاته من حرية وتعبير وحق اختلاف وديمقراطية. وهي التي تلعب في سوق الأيديولوجيا وتصنيع وتعليب وتحسين البضاعة حسب آخر الطلبات...
* * *
إن اللغة المناسبة لقراءة ما يجري هي لغة تتحرر من بلاغة المجاملة وترضية الخواطر لأنه لغة لن تنتج وجهة نظر حائزة على الارتقاء إلى مصاف لغة الحوار الجريء المنفتح. وإلا ما الفارق النوعي في أدوات تعبيرنا عن الأفكار بين مرحلة سادها اللعب والاحتيال على اللغة، وبين المرحلةِ الحاسمةِ التي تعصفُ بالجميع وتستثير الأسئلة المحرمة كلها؟
لا يجوز مجاملة الإخوان بحجة أنهم يمتلكون الشارع والأكثرية، و لا يجوز مجاملة خدّام لأنه يعرف أسرار النظام ومداخله ومتاهاته، حيث يروج البعض لأن خدام حالة ضرورية يحتاجها الجميع بمن فيهم المعارضة، لأنّه ابن النظام لديه الشيفرة الخاصّة بهِ... وهذا يذكّر بمقولة (الحلّ في يد أمريكا) التي راجت كثيرا لدى بعض زعماء العرب وصارت الآن مسلمة من المسلمات التي فرضت بالقوة والاستلاب...
إن هذا المنطق يفصح عن غايات عابرة وتقود الموضوع إلى رغبة بتغيير النظام وامتلاك السلطة بدلا عنه فحسب. ولا أعتقد أن هذا يشكل بعدا استراتيجيا لمشروع معارضة توحي بأنها تناضل من أجل الخلاص من الاستبداد. لا يمكن الانتظار إلى لحظة الوقوف عند صناديق الاقتراع لتفرز الصناديق لغتها التي هي أصلا لغة مفبركة وموجهة في معظم أحوالها وشروطها. ماذا سنقول عندما تقول الصناديق إن الشارع السّوريّ يريدُ الخلاصَ من (الكفار) والرجوع إلى حكم الإسلام؟ هل هذا حديث في الأيديولوجيا أم وقفة صريحة تحاول استصراخ من آلت إليهم أمور العمل السياسي – تنظيرات وممارسةً – لكي لا يتجاوزوا مثل هذه الهواجس التي تقضّ مضجع الكثيرين ممن لا يمارسون العمل السياسي المباشر ولكنهم يراقبون ويعتبرون أن دورهم التنبيه إلى أن ما قد يتم بشكل مختلط ومشوش سيؤدي بالنتيجة إلى تكريس وضع معارضٍ سيكون موضع تساؤل وانتقاد ورفض؟.
السيدة العزيزة فلورانس غزلان ترغب في أن يلتقي الجميع الآن (بصدر رحب ودون خلفيات نظرية وتخوينية ...بل دون أحكام مسبقة..ويلتئم شملهم... على القاعدة الواسعة العريضة ، والتي تسمى سورية... إنقاذ سورية ...تغيير النظام في سورية...) راجع رأيها هنا فلورنس غزلان
href="mailto:[email protected]?subject" target="_blank" mailto:[email protected]?" class="aEml">class="aLink">mailto:[email protected]?subject=الحوار المتمدن -أين تخطيء المعارضة السورية، وكيف يمكن تلافي الخطأ؟&body=Comments about your article http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=61087
ولا أدري ما جدوى تأجيل مثل هذه النقاشات إلى حين تغيير النظام؟ هل يمكن تغيير النظام على أساس أنه هدف بحد ذاته؟ من العقل الذي سيغير النظام؟ من الذي يمتلك القدرة على إدارة التغيير على أرضية الرؤيا الوطنية المثقفة؟ لماذا نستهين بآراء المثقفين والمبدعين؟ أليس هذا إعادة أخطاء بل وإهانات النظام للمثقفين والمبدعين؟ ألا نتفق كلنا على أن المثقف والمبدع هو ضمير المجتمع والعين الثاقبة التي ترى ما قد يخفى على السياسي في لحظة انهماكه بالبرامج والمشاريع السياسية؟ أم أننا نريد تحويل المبدع إلى (زرقاء اليمامة) التي لا يصدقها قومها ولا يكترثون برؤياها إلا بعد فوات الأوان... وكالعادة؟
إن مشكلة سورية أن الصراع فيها اختزل إلى صراع سياسي في أبسط أحواله، وهمّش الصراع القائم على أسس ثقافية ومعرفية تمهد لصراع سياسي نبيل وحضاري. وهذا ما يروق لأي نظام سياسي حاكم في دولنا العربية، حيث يتمّ تهميش المثقفين والتيارات الفكرية ويتم ضغطها ببرنامج ضغط جاهز للعمل بشكل دائم، حتى يسحب النظام القدرة على التفكير من الآخرين ويجعلهم أصداء وردود فعل ودوران في المكان فيحرمهم بذلك من الغطاء الثقافي الذي يشكل الضامن الكبير لتحقيق توازن داخلي بين السياسي والثقافي...
تقول السيدة فلورانس كذلك:
(والأشد إيلاماً هو التنظير للديمقراطية ومدى الالتزام بأدبياتها السياسية وهنا يبدأ الاختلاف ــ لا عيب فيه طبعا ــ إنما يحلو لبعض أطراف المعارضة ، أن تضع خطوطاً ومفاهيماً ...ترى فيها معاييرا نقية وصافية للديمقراطية والوطنية..وتعتبر أن من حقها إصدار الأحكام على من يختلف معها، ربما لم يصبح في عرفها خائناً بعد، لكنه بنظرها لا يصلح أن تتفاوض وتتحاور معه لأنه يحاول أن يكون أكثر انفتاحاً وصراحة وصدقا مع طروحاته وقناعاته من جهة ومع الواقع و الآخر من جهة ثانية)
وأرى من وراء هذه الفقرة أنها ترفضُ الرأي الذي يشكك في نوايا الإخوان المسلمين الذين (يحاولون أن يكونوا أكثر انفتاحا وصراحة وصدقا مع طروحاتهم و...) (مع تحوير طفيف في صياغة الجملة)...
من حيث المبدأ ليس التنظير للديمقراطية شيئا مؤلما ولا يمكن أن يكون أشد إيلاماً، على العكس من ذلك: الأشدّ إيلاما أننا لا نعرف كيف ننظر للديمقراطية، محولين إياها إلى صناديق اقتراع وتشكيل مجالس بلديات ونقابات و... وهذا بالضبط ما نعنيه عندما نأخُذ على المشتغلين في السياسة المعارضة أنهم يقزّمون مفاهيم علم الاجتماع السياسي إلى أعمال إجرائية لا تنفع إذا لم تضرّ...
شخصيا لا أعطي نفسي حق إطلاق الأحكام على أحد، ولكن بالمقابل أرى أن الجميع يطلق الأحكام باسمي أنا المواطن... ويجعلون مني حقل تجارب لمعارضتهم وولائهم معاً. أي أنني أنا الورقة التي يستثمرها هذا الفصيلِ أو ذاك دون أن يحترم أحد حاجاتي ومستقبلي الحقيقي. من هنا أجد من حقي أن أنتقد وأعترض وأقول رأيي.
لذلك أجد من الهجنة أن يتم اتفاق النقائض والأضداد التي سيؤدّي لقاؤها إلى القضاء على ما تبقى من أطلال الوطن...
هل يراد (لجبهة الخلاص الوطني) أن تكون ضحكا على الذقون؟ ومنطلقا لمسح ذاكرة البشر؟ لماذا لا يحترم هؤلاء ذاكرتنا ويعملونَ على إعادة صياغتها من موقع الوقوف على ما تتضمنه هذه الذاكرة وما يصطرع فيها من لا من منطلق القضاء عليها...
لهذا من الضروري التأكيد بالنسبة لي أن نظاما بديلا يعمل على طبخه خدام مع الإخوان هو نظام مرفوض بالدرجة نفسها التي أرفض فيها النظام القائم، وأعتبر مثل هذا اللقاء احتيالاً على الوطن وصيدا في الماء العكر، واستغلالاً بامتيازٍ لوضع الوطن من حيث أنه يحتاج إلى خلاص والى بديل...
لا أحد يعترض على بديهية تغيير النظام، ولكن الكثيرين سيعترضون على الطريقة الانتهازية التي تدار بها هذه البديهية...
لا مبرر لأن نمرر فكرة (نتحالف مع الشّيطان) من أجل الخلاص، لأن ذلك يعني أن نأتي بشيطان جديد، والشياطين لها في النهاية طبيعة واحدة وآلية معروفة...
لذلك أقول بالصوت الملآن سأكون من الآن أول معارض لنظامٍ يكون خدام أو الإخوان جزءا أساسيا فيه، لا لشيء إلا لأنّني أرفض رفضا كبيرا أن يلعبَ أحدٌ على وعيي ومعرفتي ومستقبلي ويستهين بإحساسي...ولأني أحمل في داخلي (زرقاء اليمامة) فإنني ومنذ الآن أدعو إلى تشكيلِ جبهة خلاص تخلصنا من نظام (جبهة الخلاص الخدامية الإخوانية)...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال