الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهم مكلفون ببيعنا ب-عروقنا- جملة وتفصيلا لمن يضمن بقاءهم في الحكم !!

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2018 / 9 / 17
الادارة و الاقتصاد


على هامش مفاوضات الاليكا "aleca" اتفاق التبادل الحر الشّامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي ، بوصفه تتمة لاتفاقية الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 1998 ، وجب علينا التدقيق في وضعية الاقتصاد التونسي للوقوف على مكاسب الشراكة التي تم بموجبها إحداث منطقة التبادل الحر حيث ألغيت القيود الجمركية أمام السلع الأوروبية وتم اجبار الدولة التونسية على خفض نفقاتها العامة بهدف تحجيم دورها التعديلي التدخل لتعديل السوق لصالح المؤسسات والسلع الوطنية التي تعاني من قدرات تنافسية لا تؤهّلها للصمود في وجه "شريكتها" الأوروبية ، وقد تم هذا تحت مبرّرات ايجاد أسواق جديدة وواسعة (قرابة 500 مليون مستهلك ) للبضائع التونسية وتكثيف الاستثمارات الاوروبية والتبادل التكنولوجي لتأهيل الاقتصاد التونسي ...الخ ؟ لذلك سنقف عند بعض الارقام التي تواكب تطور مختلف مؤشرات الاقتصاد التونسي وخاصة في ما يتعلّق بالشراكة الاوروبية ومدى نجاعتها في تأهيلنا .
فيما يتعلّق بالتجارة الخارجية انتقل عجز ميزاننا التجاري من 1700 مليون دينار سنة 1990 الى 12000 مليون دينار سنة 2015 منها عجز ب 6000 مليون دينار مع الاتحاد الاوروبي وحده ( صادراتنا الى الاتحاد سنة 1990 تقدّر ب2500 مليون دينار بينما وارداتنا ب3000 مليون دينار ، اما في سنة 2015 فقد بلغت وارداتنا حدود 27000 مليون دينار ولم ترتفع صادرتنا سوى الى 21000 مليون دينار ؟؟) فأين تأهيل الاقتصاد التونسي والبضائع التونسية ؟؟
أما اذا نظرنا الى الامر من زاوية النسيج المؤسساتي التونسي لنفس الفترة ، نجد أن عدد المؤسسات النشطة بتونس ارتفع من 354000 سنة 1996 الى 711000 سنة 2015 ، ولكن تركيبتها الغالبة مؤسسات ميكروية ( من 0 الى 5 أجير بنسبة 97 ) بينما تراجعت نسبة المؤسسات المتوسطة والكبرى (من 50 الى فوق 200 أجير) من 0.64 %سنة 1996 الى 0.44 % سنة 2015 بعدد جملي لا يتجاوز 3358 مؤسسة ؟؟ أما اذا اعتبرنا كل الشركات الاجنبية التي تم تأسيسها في تونس والتي بلغت 14900 سنة فان أغلبها يخضع لقانون المناطق الحرة (قانون 72) أي أنها معفاة من أداء الضرائب لخزينة الدولة التونسية كما أنها معفاة من القيود على التحويل بالعملة الصعبة الى جانب بقية الامتيازات التي تخولها لها مجلّة التشجيع على الاستثمار والتي تكلّف ماليتنا العمومية عبئا ثقيلا ( بلغ عدد الشركات الأوف شور الجملية 2700 سنة 2014) ، ورغم كل هذا النمو العددي بالنسبة للنسيج المؤسساتي (عدد الشركات في تونس) فأن حجم الرساميل الأجنبية في شكل استثمارات اجنبية وافدة لم يتعدى 700 مليون دولار فقط سنة 2016 مقارنة مع 649 مليون دولار سنة 1998 و750 مليون دولار سنة 2000 مثلا ؟
لم تمكنّا الشراكة الأوروبية من تحقيق المأمول في دفع اقتصادنا الوطني وتأهيله للتفاعل الندي مع الاقتصاد الأوروبي في مجالات الصناعة التي فرض علينا فيها الانفتاح ، بقدر ما حوّلنا الى تابع اقتصادي/تجاري في علاقة تبادل تجاري حرّ احادية الجانب والمنفعة لصالح الرأسمال الاتحادي يفرّغ فينا أزماته ويوسّع من خلالها دورته الاقتصادية محطّما البقية الباقية من نسيجنا الصناعي ومغرقا اقتصادنا الوطني في عجز مزمن للموازنات العمومية نتيجة تخلي الدولة القسري عن جزء من موارد ميزانيتها ( الضرائب على الشركات والرسوم الجمركية ... الخ) ، إلى جانب الركون إلى التداين الخارجي الدائم لتمويل نفقات تلك الشراكة الأوروبية اللامتكافئة ودون فوائد مادية تذكر حيث بلغ التكوين الصافي لرأسمال الثابت سنة 16435 دينار منها 43 %فقط متأتية من نشاط استثماري الشركات والمؤسسات التجارية و 57 % أي 9300 مليون دينار من الأفراد والعائلات والإدارة العمومية ، وهي نسب وتركيبة معاكسة لما كان سابقا حيث تراجع دور المؤسسات والشركات الاقتصادية مقابل دور العناصر الوطنية الأخرى ، مقابل 10000 مليون دينار تكوين رأسمال ثابت سنة 2006 منها 53 %من قبل المؤسسات الاستثمارية و 5400 مليون دينار سنة 1997 45 %بالمائة فقط منها متأتية من الأفراد والعائلات و الإدارة العمومية ، هذا هو واقع نمو مؤشرات اقتصادنا الأساسية خاصة في مجالات الاستثمار الحقيقي خلال اتفاقية الشراكة التونسية الاوروبية التي لم تجلب لنا شيئا على أرض الواقع .
ان تقدّم المفاوضات حول "الاليكا" دون الوقوف عند تقييمات جدية لمآلات وانعكاسات اتفاق الشراكة لسنة 1995 ، خاصة مع تهرّم نسيجنا الصناعي ، وتفاقم المشاكل الاجتماعية وأهمّها البطالة وتحديدا الارتفاع المهول والاستثنائي في بطالة أصحاب الشهائد ، الى جانب تفاقم نسب الأمية والانقطاع المبكّر عن الدراسة و تدهور الخدمات الاساسية للمواطنين في كل القطاعات ... الخ ، باختصار شديد ان تقدّم هذه المفاوضات في ظل الانهيار الهيكلي لكل مؤشّرات اقتصادنا الوطني في العشريتين الاخيرتين ، الى جانب الأزمات الظرفية الحادة المرتبطة بالانتقال السياسي الذي تحياه تونس ليس سوى عملية قتل سريرية للبقية الباقية من امكانيات اقتصادي وطنية هزيلة في قطاعي الفلاحة والخدمات التي لم تطلهما يد اعادة الهيكلة والشراكة ايجابا أو سلبا ، فلئن ثبت من التجربة أن الاتحاد الاوروبي لم يعمل حقيقة على هيكلة مؤسساتنا الصناعية في السابق لتأهيلها لمستوى الشراكة ، فكيف لنا أن نتقدّم معه في اتفاقية التبادل الشامل والمعمّق مع اقتصاديات في حجم الاقتصاد الأوروبي بعد عقود من تأهيله لمؤسساته وقطاعات الإنتاج الاقتصادي في كل نواحيه وخاصة منها الصناعية والفلاحية ... الخ بمؤسسات خدمية تعاني من التهرّم الاقتصادي و المالي وسوء الإدارة والتصرّف والخدمات و قطاع فلاحي مرتكز في غالبيته على الفلاحة الرعوية وصغار الفلاحين المثقلين ببطئ نسق الانتاج وموسميته مع انخرام موازناتهم واستثماراتهم الصغيرة بالديون الفلاحية الى جانب المعظلة المزمنة للاشكال العقاري للاراضي الفلاحية ؟ . لذلك فان التقدم في مفاوضات “الاليكا"، قبل أن نضع خطّة وطنية شاملة وواضحة لاصلاح قطاع الخدمات وخاصة مؤسساتنا العمومية أصلاحا جذريا ، وقبل توجيه المجهود الوطني للنهوض بقطاع الفلاحة بشكل استراتيجي حتى يتأهل للمنافسة مع الشريك ويكون رافعة للقطاع الصناعي المنهار ، ليست أكثر من تمهيد للتفويت مرّة واحدة فيما تبقى من مؤسسات عمومية وفي البقية الباقية من قطاعاتنا الاستراتيجية المنتجة للثورة وتحويلنا في النهاية الى سوق صغيرة رديفة للاتحاد الاوروبي يبيعنا فضلاته التكنولوجية وبسلعه المشوهة المتراكمة مقابل المزيد من بؤسنا وشقائنا وتفقيرنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”


.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو




.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج


.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة