الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة الرأسمالية في ظل نضوب فرص العمل... هل هي بداية الإنهيار؟؟؟

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2006 / 4 / 2
الحركة العمالية والنقابية


الأحداث التي تشهدها فرنسا هذه الأيام ، في ظل الإنتفاضة الشبابية العادلة والعنيفة التي يقومون بها ، دفاعاً عن حقهم الشرعي بفرص عمل آمنه تضمن لهم الأمن التشغيلي . تُثير العديد من الأسئلة بخصوص مستقبل العمل الآمن والإستقرار التشغيلي للشباب خاصة وللطبقة العاملة في عالمنا عامة .

من هذه الأسئلة: هل هناك إستقرار تشغيلي في ظل الليبرالية الجديدة ؟؟؟ هل سيجد كل طالب عمل فرصة عمل له ؟؟؟ هل الدول الصناعية ستبقى الملاذ الآمن لطالبي العمل ؟؟ الى أين تُبحر مراكب الرأسمالية في ظل العولمة القائمة ؟؟؟ هل الى مواصلة تفاقم ظواهر الفقر والبطالة وإنهاء الخدمات الإجتماعية ودولة الرفاه ؟؟ أم أنها في الطريق الى الإنهيار القريب ؟؟ لماذا يُكابر دعاة الأسواق الحُرة من المحافظين الجدد، ويتنكرون للأزمة التي أفرزتها سياستهم حتى الان ، الا وهي المزيد من البطالة ، المزيد من الفقر ، وفقدان الأمن التشغيلي !!!.

كان بودي أن يقوم أرباب الرأسمالية في الإجابة على هذه التساؤلات، خاصة في الدول التي يُطلق عليها إسم "الدول الصناعية المتطورة" أو "دول الثماني" أو الدول الغنية وغيرها من الأسماء التفضيلية ،لكننا نعي أن ردهم سيكون المزيد من الوعود ، وتغليف الحالة السوداء التي تعيشها مجتمعاتهم خاصة، وعالمنا عامة بالخرق البيضاء. للقول أن حالتنا - حالتهم عال العال ، بل لا سواد ولا إسوداد في الأوضاع التي نعيشها ، فالخيرات تغمرنا والأرباح تزداد والعمل متوفر لكل طالب عمل ، ولا وجود للفقر والفاقة !!!. هذا ما نسمعه اليوم من قادة هذه الدول التي تسير في مسارات السياسة الإقتصادية لليبرالية الجديدة ، بل نجدهم يطلقون على كل إنتفاضة مطلبية ، اذا كانت شبابية أو عمالية أو شعبية ، بأنها " تحرك فوضوي" ، أو "جنائي" وغير ذلك من المصطلحات التي تتميز بإطلاقها الرأسمالية على التحركات والنضالات الشعبية ، في الدول الغنية كما هوالحال في الدول الفقيرة . والهدف هوالتنكر للحقيقة المُرة جداً ، وهي أن سياستهم تسير بنا نحو الهاوية ، بل الى كارثة إجتماعية واقتصادية رهيبة .

قد يعتقد البعض ممن أصابهم الهوس الرأسمالي الغير محدود ،أننا نبالغ في تصورنا هذا . وقد يتهمنا آخرون ب -"التخلف الفكري " ،لأنهم ترعرعوا في نعيم رغد العيش الأكاديمي الرأسمالي ، وجراء ما يتلقونه من العملة الخضراء مقابل "دراساتهم" التي تدعم السياسة القائمة على أساس الليبرالية الجديدة ومواصلة إستغلال الطبقة العاملة من جهة ونهب خيرات الشعوب من جهة أخرى . لكننا نقول لهؤلاء أننا لا نبالغ بتاتا ،فالواقع اليومي ومحصلة السياسة الرأسمالية التي تسير في ركب الليبرالية الجديدة ،هي ارتفاع مضطرد في عدد الفقراء في العالم عامة وفي الدول الغنية خاصة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، فقدان الأمن التشغيلي وضبابية المستقبل لدى القوى العاملة من الشباب ، إنهيار الخدمات الإجتماعية ودولة الرفاه بسبب هذه السياسة التي تحمي وتحافظ وتصون إمتيازات شريحة الأغنياء الرأسماليين على حساب السواد الأعظم من المواطنين . هذا هو "النعيم" الذي غمرتنا به الليبرالية الجديدة وقادتها من المحافظين الجدد حتى الان.

عندما إنضمت النقابات العمالية في فرنسا الى الحملة الإحتجاجية التي قادها طلاب الجامعات والكليات والمدارس الثانوية ، حاولت الحكومة الفرنسية القول أن النقابات تتدخل في موضوع لا يعنيها ، بل إتهمت قيادة النقابات بانها تحاول الإصطياد في المياه العكرة ، لكن هذا الإتهام لم يثن القيادة النقابية عن دعمها للإنتفاضة الشبابية ،لأنها تعي جيدا أن قانون العمل الجديد ،يعني نهاية التثبيت في العمل ،بل نهاية الإستقرار والأمن التشغيلي للشباب الفرنسيين الذين هم الإحتياطي الأهم للطبقة العاملة الفرنسية . الإستنفار النقابي هذا لم يكن محض صدفة ، خاصة وأن النقابات العمالية تعيش المآسي التي أفرزتها السياسة الإقتصادية التي تسير عليها الحكومة الفرنسية والرئيس المحافظ جاك شيراك ، من خلال التناسق والتناغُم مع مخططات قادة الدول الغنية – مجموعة الثماني- الذين يخططون وينفذون سياسة القضاء على ما تبقى من الحقوق العمالية للطبقة العاملة ،من خلال إنصياعهم للمطالب المتواصلة التي تطرحها القوى الرأسمالية التي تقف من خلفهم بل تقبض على خناقهم باستمرار.

القيادة النقابية الفرنسية ومعها الإتحادات النقابية في مختلف الدول الأوروبية ، تعيش مأساة البطالة التي أفرزتها الليبرالية الجديدة جراء سياسةالإستغلال المتواصل ،حيث بلغت نسبة البطالة بين الشباب حتى الآن في فرنسا 22% وفي ايطاليا 20% وفي المانيا حوالي 25% ، وهذه النسبة ترتفع باستمرار ، لدرجة أن البعض من الخبراء يتوقعون أن تتضاعف هذه النسبة خلال أقل من عقد من الزمن ، في ظل بشاعة السياسة التي تعتمدها هذه الدول الرأسمالية . وبذلك وجدت النقابات نفسها أمام واقع خطير يقوم فيه "إقتصاد السوق بفصل أبناءه" حيث يعيش هذا الإقتصاد حالة من الإغراق في الأيدي العاملة نتيجة الضغط الرأسمالي المتواصل ، والذي يدعو الى الغاء دور الدولة في توفير فرص عمل لمواطنيها كجزء من المسؤولية التي تتحملها ، لكن قوى رأس المال فرضت موقفها هذا مما أدى الى غرق المجتمع الأوروبي – في حالتنا هذه – بالبطالة والفقر أيضا. وهناك من يعتقد أن الإقتصاد العالمي سيكتفي لاحقا بتشغيل 20 بالمئة فقط من القوى العاملة في العالم ، مما يعني أن حوالي 80 بالمئة سيغرقون في بحر البطالة ومن ثم الفقر المُدقع . وهكذا ستتمكن قوى رأس المال من تحقيق أهدافها وتنفيذ مآربها ضمن " مصيدة العولمة" التي "نصبتها" للطبقة العاملة أولاً وللمجتمع البشري ثانياً . اذا نجحت الرأسمالية في تمرير مخططها هذا ، فهذا يعني إفراغ كامل للنمط الذي تسير عليه الحكومات الوطنية ، وتفريغ مؤسسات الدولة من قضايا الرفاه وحتى الديمقراطية نفسها – حيث توجد - من مضامينها ، لتحل محلها قوى رأس المال التي تحاول فرض هيمنتها على العالم والتحكم فيه وفقا لمصالحها.

هذا الوضع يؤكد ان الرأسمالية تتخبط في أزمة حقيقية وجادة ، فما يواجه الشباب في فرنسا والمانيا وايطاليا وغيرها من الدول الأوروبية وكافة بقاع العالم ، من فقدان الأمن التشغيلي ، بل بداية نهاية الحلم بالحصول على فرصة عمل، توفر الدخل الكافي لهم، من أجل تخطيط المستقبل . ما هي الا بداية مؤلمة أنتجتها الرأسمالية من خلال سياستها القائمة على أساس فتح الأسواق والسير ضمن ركب الليبرالية الجديدة ،حيث يرتفع عدد العاطلين عن العمل باستمرار ،ومعهم عدد الفقراء مع الغاء خدمات الرفاه وتقويض أسس وركائز دولة الرفاه. ويرافق ذلك فقدان الأمل بالخروج من هذا المأزق الرهيب ، في ظل التقليص المتواصل في الصناعات المحلية وتنقل الصناعة الى مناطق أخرى ، من أجل تشغيل أيدي عاملة رخيصة ، بل أستغلال تلك الأيدي العاملة ، لضمان أقصى حد من الأرباح ، والغاء القطاع العام ،تحت شعار أن الدولة لا يمكنها إدارة مشلريع إقتصادية ، فهذا "من تخصص أصحاب رؤوس الأموال.." ، كل هذه الخطوات التي تفرضها مؤسسات العولمة ،أدت الى هذا الحال .الا وهو إستمرار نضوب فرص العمل ، حتى لدى الدول الغنية – الرأسمالية - .

في ظل هذا التفاقم القائم في فقدان فرص العمل ، أو ظهور بوادر خطيرة لما أُطلق عليه "نهاية العمل" ، تواصل قوى رأس المال الإبحار في مركبها الذي يحمل فكر الليبرالية الجديدة المدعومة من المحافظين الجدد ، وكأن ما يحدث في فرنسا وغيرها لا يعنيها ، بل تواصل الضغط على شيراك بعدم التراجع عن القانون ، معتقدة بأنها ستتمكن من التغلب على هذه الهبة الشبابية لاحقا، ربما ستنجح الرأسمالية بالبطش بالشباب الفرنسي وإخماد جذوة هبته هذه المدعومة من النقابات العمالية ، لكننا نعتقد أن بوادر أزمة الرأسمالية بدأت تتسع ، هذه البوادر لا بد وأنها ستكبر وتتنامى حتى تبدأ مسيرة الإنهيار الرأسمالي في الطريق الى إسقاط هذه الهيمنة على عالمنا وشعوبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كوريا الجنوبية تستدعي السفير الروسي لديها احتجاجا على معاهدة


.. تونس.. ا?نهاء عقود عشرات العاملين بشكل مو?قت في مو?سسات رسمي




.. قضية الهجرة تتصدر المشهد الانتخابي في بريطانيا.. ورهان العما


.. إضراب بمطار رواسي شارل دي غول احتجاجا على تدني الأجور




.. مسيرات السخط الاجتماعي في الأرجنتين تطالب بالإفراج عن معتقلي