الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفات تناجي ملائكة السلام

عبد الحكيم نديم

2003 / 3 / 18
الادب والفن


رفات تناجي ملائكة السلام*

                                                    عبد الحكيم نديم         
                                                     شاعر وفنان تشكيلي عراقي
                                         
•                    ستبقى نافذة الوطن مشرعة لحين مرور ملائكة السلام
•                      لكل من ذهب مع ريح الحرب مفقودا ً
•                         ولا يملك إلى الآن ، قبرا ً غير بطن الهوام !


*        *         *


                                                                             
في تلك الفسحة الرطبة ،
امتداد ٌ لعيون تنطق رفض رؤية الدم ،
وفي روحها ثمة حفر ٌ لقنابل عمياء ،
حشرجة تخرق سكون الأفق ،
 بين طعنات الأب المجنّد
 قسرا ً صوب المعسكرات الأبدية !
  وفي ليلة ميلاد أول طفلٍ لزمن الحجارةِ
 وانحسار الرصاص ،
 يكنّونه أبا فرحٍ من ينجو بالجُرحِ
 من الحروب الطويلة ،
 والتي تلد في المطاف المرهق للروح
 حضارة عقيمة
 لا ، لا ، تسوقوني للمجزرة  كما تشتهي  ،
 دوائر التجنيد والنفوس ،
 فأمي المجنونة المربوطة بإحكام ٍ
 خلف شبابيك مرقد العبّاس،
 طلباً لوقف هجمات جحافل انساب التتار ،
 أنا أؤمنُ في وعي بطيور النحس
 فسمّو وليدي من بعدي فوهة البركان ،
ووجع طفل الحجارة
هذا هو أوان القارعة والرّعد ،
 بعد شهر وشهرين ، وبعد سنين ،
 ستنتهي أسطورة الإنذار الكاذبة
في مساء الجبهة المفتعلة على الأحذية اللمّاعة،
 ودق صفارات الزقاق بدنو أسراب الشر ،
 الكل يحصي على مضض جلود المساكين  الداكنة
 من ندرة الماء بخنادق الشّرف
يحصون بلا اكتراث وكلّ ثانية تمضي من ربيع العمر بين السواتر المزركشة بالسنة اللهب وعلى عجل من البرق  الجنرالات يحصون قطع الأشلاء المتناثرة بفعل الصواريخ النمساوية المستوردة ، ببراميل سوق النفط ، يُحّبون الشهرة الفارغة ،والسمعة الرفيعة ، وهم يبْصمون بالعشرة كي لا تنتهي أودية نزيف الحرب في ارض الله الواسعة ،
 وخلف جدار الموت نرهف السّمع
 لبكائية أم فقدت بالأمس أكبادها الثلاثة ،
 وحصادها المر من كل هذا وذاك ،
 شهادة وفاة تصلح بأن تُكّنى بين الطوابير الطويلة
 بأم الشهيد، وذكريات ثقيلةٌ تمّر من أمام منصة المخيلة المغبرة ،
  كانوا كالأسماك الناعمة  عندما يقفزون جذلا ً
 في بركة الدار أمسيات الصيف ،
 الجنرالات يبولون وقوفا ً
 خلف المزارع المعزولة ،
ويؤدون لهن تحيةً لعمل الأنفال ، وفي قفاهم بصماتٌ من القروح القديمة ، وفي لهاثهم عفونة مزمنة لحفر القنابل ،
وفي القطار القادم من خط النار لحين أوان زمن الهروب ،
 المخبر الأملط المدلل للسرية الخاصة
 يضبط بالآلة الصغيرة ، همس الجنود ودقات القلوب ،
وارتجاف الأجفان ، أي حوار بليد هذا الذي يجمع بين الصداقة
 وقبض فاتورة المقصلة ، رهط متجانس بين جيل رماد الحروب ،
 في المقاعد الخلفية للحافلة الساخنة بلهب الصيف وضجيج المسافرين وصوت الأغاني الريفية الجنوبية ، وبكاء رضيع آلمه مدخنة السجاير المحلية ،
 ترى أتنتهي يوما ً هذه النار المشؤومة ،
 ونحن بعد في فنتازيات أحلامنا الوردية ،
 فمنذ الأزل عودونا على حمل توابيتنا الخشبية
أليس مهدنا الصغير والمصنوع من خشب غاباتنا الخضراء يذكرنا بمجزرة الفؤوس الرهيبة لقامات أشجارنا الباسقة ، ألم تر كيف سرقنا لذة إغفاءة نوم السحر من عيون أمهاتنا الساهرة رحمة لزعيقنا المتواصل طلبا للمؤانسة وطرد وحشة المكان . ونفيق من إغمائنا فوق سطح دارنا المرشوش بعرق نفوسنا الحائرة
والمحرومة منذ نصف قرن من نعيم الكهرباء !
 ولا قيمة إنسانية لنوبل السلام يُمنح من يجهل أنشودة السلام وبين الغصب والشرف وقتل أطفال المدارس والبحث عن فتوى لقتل الناموس ،
 لا مغلوب يا أخي المنتفض برشقة الحجارة، وبأنهر من دم الشهادة ، والقدس تأبى جمع المال والذائدون للشرف المعلى هم اشهر من نار على علم ، الوطن مذاقه في اللسان، وحبه مكر لا يجيده غير لهجة الإعلام ،
وشيء مطلسم كعشق الشيطان ، وفي الهزيع الأخير من الليل تنسدل الستارة ثانية على المسرحية الهزلية ، 
ونقرأ بكل شجن بقايا الأضواء الساقطة
على وجوه الأشخاص الباهتة ، وجه ٌ ملمّع ٌ كوجه حذاء الآمر ،
ووجه ٌ مقعّر ٌ من كثرة التحديق لمثلث الغوانـ....... ، ويجهش بالبكاء طلبا للرعشة والسعادة الكاذبة ، وينسخ التاريخ المخجل أشباهٌ من قلة الخيول الأصيلة ،
 وتاهت الُربان والقراصنة بين عتمة الأمواج ،
 وأنت بعد على مرمى من الشاطئ المسكون بحكايات الجان وانتظار عروس البحر للغريب التائه بلا كيان،
 فمجرد وهم وسراب ، ما يسمونه الأرض بدل السلام والجزار يمتطي اليوم صهوة خنزير السلام ،
وبعد قرن على غباء قادة الحروب ،نسمع ترنيمة رفات جمجمة مجهولة

علموني يا من تركتم جثتي في العراء ،
 طريق العودة وقراءة مزج الألوان
فأنا لا أطيق وحشة ارض الحرام ،
ولا عبء قيد المذلة والهوان ،
 أتذكر وقبل أن يبيعوني أدعياء الوطن بالشعارات والخطب
كنتُ حراً طليقاً ، وكان قلبي منبعا للثار وواحة لأريج الأقحوان ،
أرجعوني حياً يافعاً واسقوني كاس الحقيقة،
 لا تحلفوا لي  كذباً بالإنجيل والقرآن ، هلاّ عرفتم طريق السلام ، بعدما ظللتم ملايين مثلي بالبطل والجبان ، أرجعوني وارجعوا رُفاتي لمسقط رأسي ،
وان لثمت رفاتي ثغر الراية ودثرتها لردح ٍ يد الزمان ،
لا أريد أي وصفٍ ولا ينعتني شاعر الخليفة نفاقاً بعسل الكلام
أرجعوني لجنة آبائي وأحلامي وفيها يمكن أنسى أحزاني ،أنا يا ناس لا أطيق سماع الأناشيد ولا عيش الذل المطرز بالّدٌر والجُمان ،
كل عامنا وعقلنا المسكر بالخير، بالأمس وبعد طول النسيان
تم تبادل رفات قتلى الحروب في البلدان الفائضة بالحرية وأداء الخدمة العسكرية والعلم ما دمت حيا !!!!
  زغرودة طويلة كطول حدودنا البرية والبحرية ولهذا الحس الممزوج بالحنان !
 المسكون بالحيطة والحذر ونعتنا للمتسلل خطئاً بالعميل المزدوج
أو دفنه على مقاس الحذاء العسكري ، رغم نداء الضمير في المحاجر الصحية ،
بعد انتهاء اللجان من عد الرفاة ،
 تصرخ جمجمة العريف حمد العلوان من أنين فتاة كرميانية مؤنفلة،وكما صرخت ضمائر800 جندي عراقي قبل قرن من الزمن الغابر وضعتهم الدولة العثمانية العلية ،في زرائب الماشية ليفتك بهم الجوع والمرض
وتصل منهم رسالة إلى أهل الرحم في بغداد ولم يصل خبر الأنفال إلينا ،(يا أهل بغداد يا إسلام يا نصارى لخاطر الله لخاطر الحبيب  المصطفى
لخاطر روح الله عيسى ابن مريم شو فولنا ﭽارة سوولنا حل خلصت أرواحنا صار لنا سبع سنين أسرى ارحمونا الله يرحمكم
دزو  طارش من عدكم جمعو لنا ﭽم فلس لو عانة لموّها ولو صدقة من الـﮕهاوي الله لا يطيحلكم محب بأسر وحق محمد ﭙارة وحده ما عدنا بطرف هاي الورقة أسماء إلي ويانه مروتكم خبّرو أهلهم انو بعدهم عايشين  رمضان ابن مهدي الدوسري من سوق حمادة  علوان بن حسن العلي ﮔهوجي من سبع  أبكار عبد الحسين بن محمد ياسين من العبخانة *)  يا ناس ما اكثر رفات
منسيات تحت ظلال رايات الحروب
نحن هنا منذ عقدين من السلام ،
 فمتى تحين لنا ساعة اللقاء ، ؟!

       

• النص المكتوب بين القوسين باللهجة الدراجة العراقية وهي رسالة لمجموعة من الأسرى العراقيين الذين وقعوا في اسر القوات الروسية وقد تم سوقهم الى الأستانة وبقوا هناك  لفترة طويلة في الزنزانات المهملة بعد الحرب العلمية الأولى التأريخ يعيد نفسه !  
•        
• القصيدة من ديوان معد للطبع قريبا









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟