الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحة الإنجابية بالرشيدية: أرقام مفزعة تكشف معاناة الساكنة

علي بنساعود

2006 / 4 / 3
الحركة العمالية والنقابية


الوضعية الصحية بالرشيدية، بالجنوب الشرقي المغربي، واحدة من "النقط السوداء" التي تجر الإقليم إلى أسفل درجات سلم التنمية البشرية، والتي تستدعي مجهودات حقيقية للنهوض بالمنطقة وإخراج ساكنتها من براثن الإقصاء والتهميش.

هذه مسلمة جاء ليؤكدها عرض ألقاه الدكتور أبو بكر ادريسي أخصائي أمراض النساء والتوليد بمستشفى مولاي علي الشريف بالرشيدية حول "الصحة الإنجابية".

العرض أورد أرقاما مفزعة تكشف معاناة ساكنة الإقليم، وخصوصا منهم النساء والأطفال. ولعل أخطر هذه الأرقام هو ذاك المتعلق بنسبـة الولادات بالمؤسسات الصحيــة والتي لا تتجاوز 39.29% مما يعني أن زهاء ستين في المائة من نساء الإقليم يلدن في البيوت! مع ما يستتبع ذلك من مشاكل قد تؤدي إلى الوفاة. أما نسبة مراقبة الحمل بالإقليم، فلا تتعدى %59.31 من مجموع 14000 مولود يرون النور بالإقليم كل سنة. أما وفيات الأطفال حديثي الولادة والمواليد الموتى، فتبلغ ما نسبته 26.68 في كل مائة ألف مولود.

وتتضح خطورة هذه الأرقام جليا عند مقارنتها بمثيلتها على المستوى الوطني رغم أنها هي نفسها خطيرة، حيث لا تتجاوز نسبـة الولادات بالمؤسسات الصحيــة وطنيا 54,4%.

والأخطر، حسب صاحب العرض، هو أن الولادات العسيرة تأتي على رأس أسباب وفيات الأمهات بالإقليم بما نسبته 35,60%، تليها مضاعفات الإجهاض بنسبة 29,30%، والنزيف بنسبة %12، فالضغط الدموي بما نسبته 8,86%، مع الإشارة، يضيف صاحب العرض، إلى أن 99% من هذه الوفيات ممكن تجنبها!!!

الدكتور ادريسي لم يفته أن يعدد ما أسماه "مكاسب على صعيد إقليم الرشيدية" محددا إياها في إقدام وزارة الصحة على بناء دور الولادة والمستشفيات، وتجهيزها، وتنظيم دورات تكوينية لصالح الشغيلة الصحية...

أخصائي أمراض النساء والولادة هذا أضاف أن هذه الجهود أدت إلى تخفيض نسبة وفيات الأم والرضيع دون السن 28 يوما خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مسجلا، في نفس الآن، أنها لم ترق بعد إلى تحسين نسبة الولادة داخل المؤسسات الصحية، حيث لا تزال نسبة 60,71% من الولادات تتم خارج المؤسسات الصحية وذلك، حسبه، لعدة أسباب منهـا: تجاهل المخاطر والمجازفة بالولادة داخل المنازل، والتأخر في الوصول إلى المؤسسات الصحية، وفي التكفـــل بالحالات الصعبة والخطيرة، كما أن نقل المرأة الحامل إلى المؤسسات الصحية قد يواجه عدة عراقيل منها: وقوع البيت في منطقة معزولة أو أن الطرق والمسالك وعرة أو أن وسائل النقل تكون غير متوفرة في الوقت المناسب أو أن ثمنها لا يكون في متناول الأسرة، وقد تموت المرأة الحامل أثناء المسار أو عند وصولها إلى المستشفى البعيد.

وللوقاية من مضاعفات الحمل والوضع، وإتاحة أفضل الفرص أمام الأمهات والأطفال، يرى الدكتور ادريسي الذي كان يتحدث خلال ندوة نظمتها مندوبية الثقافة بالرشيدية، بقاعة فلسطين، بتنسيق مع جمعية أطباء الصحة العمومية احتفاء باليوم العالمي للمرأة، أنه لا بد من تحسين الخدمات الصحية، مؤكدا، في نفس الوقت، أن القطاع الصحي، بمفرده، لا يستطيع أن يتغلب على مشكل وفيات الأمهات، بل لا بد، حسبه، من تعبئة اجتماعية واسعة وفعالة، لأن المصالح الصحية لا تكون مجدية إلا إذا كان بوسع النساء ولوجها، لذلك ينبغي بذل مجهودات مشتركة لتسهيل ولوج هذه المؤسسات، وذلك بتطوير البنيات الطرقية وشبكات الاتصال بين الجماعات والمراكز الصحية والمستشفيات، وتوعية المواطنين وتحسيسهم بالمآسي التي تنجم عن وفيات الأمهات، وبإمكانية تفاديها بمراقبة الحمل والوضع، والمشاركة الجماعية في توعية المواطنين في كل مكان، وذلك، بتعبئة الموارد المتوفرة، وتحسين وضعية المرأة، وتخليصها من بعض التقاليد والقيود الاجتماعية والاقتصادية التي مازالت تكبلها، وخاصة في البادية من قبيل الفقر والأمية والعادات والتقاليد وتوفير وسائل لنقل الحالات المستعجلة إلى المستشفيات.

ولتوضيح خطورة وضعية الصحة الإنجابية وطنيا، قارن الدكتور ادريسي بين أرقام المغرب وأرقام دول عربية وأخرى أوربية، وهي أرقام كشفت أن نسبة وفيات النساء المغربيات أثناء الوضع ما تزال مرتفعة تناهز 228 وفاة في كل 100.000 ولادة حية، بينما لا تتعدى في مصر 174 وفاة، وفي تونس 164 وفاة، وفي سوريا 79 وفاة، وفي أوربا، بما فيها القسم الشرقي، لا تتجاوز 19 وفاة، أما في فرنسا فهذه النسبة تبلغ 6 في المائة ألف، بينما لا تتعدى في الدول الاسكندنافية 2 في كل مائة ألف ولادة!!!

أما وفيات المواليد البالغين أقل من 28 يوما، فهي تبلغ 27 متوفى في كل مائة ألف في المغرب، بينما تبلغ صفرا في المائة ألف في تونس، و9 متوفين في المائة ألف في سوريا. أما الأطفال البالغون أقل من سنتين فتبلغ نسبة الوفاة في صفوفهم 40 في المائة ألف في المغرب، و21 في المائة ألف في تونس و11 في المائة ألف في سوريا، بينما تبلغ نسبة وفاة الأطفال البالغين أقل من خمس سنوات 47 في المائة ألف في المغرب، و27 في المائة ألف في تونس، و20 في المائة ألف في سوريا!!!

وفي ختام عرضه، دعا الدكتور ادريسي بإلحاح هيئات المجتمع المدني إلى التعاون مع جمعية أطباء الصحة العمومية بالرشيدية في التحسيس بأهمية الصحة الإنجابية، وبخطورة التغاضي عنها وإهمالها، معتبرا أن التطبيب حق لا ينبغي التنازل عنه مهما كانت الظروف، وأنه حينما يتعلق الأمر بالحياة أو الموت، ينبغي السير إلى الأمام وتجاوز إشكالات قلة الأطر وهشاشة التجهيزات وسوء الاستقبال... التي اعتبرها العديد من المتدخلين من الأسباب الحقيقية لارتفاع نسبة وفيات النساء والأطفال بإقليم الرشيدية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تستفيد حماس من هذا الاجراء؟


.. رغم انتقادات سوناك.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون ا




.. مظاهرة في الأردن احتجاجا على هجوم إسرائيل على رفح جنوب قطاع


.. ناشطان بيئيان يحاولان تدمير -كارتا ماغنا- أو -الميثاق العظيم




.. استمرار اعتصام طلاب جامعة جونز هوبكنز الأمريكية احتجاجا على