الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و الثورة (12 - 1 )

عبدالغفار محمد سعيد

2018 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة:
لقد أكملت كتابة هذه الورقة فى اغسطس 2017 ، لكنى لم انشرها كسلسلة مقالات ، بل قدمتها فى سبيل نشر المعرفة والوعى وسط الشباب والمهتمين كمحاضرات بالفيديو عن طريق البث الحى المباشر من خلال وسيلة التواصل الاجتماعى ( الفيسبوك) ، وكنت قد قدمت المحاضرة الاولى يوم 6 سبتمبر 2017 ثم تلتها سلسة الحلقات.

اولا مفهوم المشروع فى المجال الإدارى :
بالطبع لابد من تحديد أهداف المشروع أولا ثم يبدأ تخطيط نشاطات الإعداد التى تسير على هدى خطة تنفیذیة تتضمن خطوات عملیة تؤدي لتحقیق غایة عامة یستھدفھا المشروع، ويتم عبر ذلك التوصل لإنجاز رؤية يتم تجسيمها وتنفيذها على أرض الواقع.
وتتطور وثائق المشاريع بتجويد المھنیة الإداریة، حيث يتم ربط الخطوات بالأھداف والنتائج بالطريقة التى تجعل المقدمات موصولة بالنتائج وفق الخطوات و الطرق التى رسمت وحددت للوصول الى ذلك ، وفى هذا الاتجاه يتم تحديد مؤشرات الانجاز التى تضبط وتضمن الالتزام بالخطة وفق الخطوات التى وضعت لها ، وتسهم تلك المؤشرات فى ضمان تحقق االتقدم ، يتم تقييم المشروع خلال مراحل تنفيذه حيث يتم تقييم كل مرحلة والتأكد من وصولها للنتائج المرجوة ومعالجة السلبيات التى تطرأ ، بعدها يتم الانتقال الى المرحلة التى تعقبها.

المشروع فى المجال السياسى :

المشروع فى مجال السياسة و الفكر ليس مشروعا ربحيا بالمعنى التجارى أو المالى يتم من خلاله وضع استثمارات وانتظار تحقيق عائد، بقدر ما إنه استثمار فى الانسان والبنية التحتية لمؤسسات الدولة فى اتجاه تحقيق الرفاهية للمجتمع ، وبما يحقق التنمية البشرية و الاقتصادية المستدامة المتوازنة، ويرسخ الحقوق الاساسية ، و التبادل السلمى للسلطة، إنها حزمة من السياسات العامة التى تستهدف تغييرات مستقبلية فى مجالات كالسياسة والاجتماع والثقافة وغيرها ، يتم ترجمتها الى تشريعات وقوانين تتسق واهداف المشروع وتعمل فى اتجاه تحقيقه، ففى المجال الاقتصادى على سبيل المثال يتمثل ذلك فى استهداف توزيع أكثر عدالة للدخل والثروة أو زيادة قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل أو رفع مستويات المعيشة.

مشروع وطنى سودانى ، بمعنى مشروع جامع للمكونات السكانية السودانية التى تشكل الشعب السودانى في كافة مناطقهم يخاطب كافة إحتياجاتهم المادية التنموية والروحية المتمثلة فى ثقافاتهم واعراقهم ، مشروع تنتهى فيه الثنائية المخلة فى تعامل السلطات السودانية المختلفة منذ الاستقلال بين الريف و الحضر حيث انحصرت التنمية فى افضل صورها فى السودان فى الحضر السودانى (وسط البلاد) .
مشروع تلعب فيه مؤسسات الوعي و الاستنارة تلك المعنية بحقوق الانسان ،المعنية بالثقافة ، التنظيمات الاجتماعية و الجهوية ، المهنية، المنظمات المعنية بالتدريب وتلك المعنية بتقديم مختلف الخدمات دورا مهم فى هذه الظروف الاستثتائية الحرجة من عمر السودان .
مشروع يستطيع ان يجيب على مختلف الاسئلة التى تطرحها القضايا السودانية منذ الاستقلال المتعلقة بتأسيس الدولة الوطنية وخروج البلاد من عبأة دولة مابعد الاستعمار ، النظام السياسى و الادارى للبلاد، المواطنة، الثقافات المختلفة، التنمية المستدامة ،الديمقراطية الاقتصادية الهادفة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتداول السلمى للسلطة.
المشروعات المطروحة على الساحة الان على قلتها وندرتها هى مشاريع احزاب و حركات وتيارات سياسية من دون رابط يجمع بينها على صعيد الرؤية السياسية المستقبلية، و على مستوى تعزيز الهوية الوطنية وتعزيز الكيان الوطنى السياسي للسودانيين.
لا يمكن ان يصدر المشروع الوطنى كتعبير عن رؤية ذاتية أو رغبوية بل يصدر كاجابة عن كل الاسئلة التى تطرحها المسالة السودانية و كتعبير عن مختلف مكونات الشعب السودانى وتلبية للحاجات المادية و الروحية لمختلف مكونات الشعب ،وتحقيقا لذواته الثقافية والدينية فى اتجاه تحقيق الذات السودانية الكلية فى تنوعها الحدائقى ، وتحويل وإعادة بناء مشروع الدولة السودانية التائهة فى بنية دولة ما بعد الاستعمار التى انتجت الازمة العميقة التى تعيشها البلاد منذ الاستقلال وحتى اليوم، وفق مشروع وطنى متفق عليه يجيب على اسئلة كل السودان.

التنمية السياسية من اهم متطلبات المشروع الوطنى :

التنمية السياسية هى عناصر ومتطلبات اساسية لعمليّة التغيير ، بمعنى انها كتنمية إدارية وقانونية أي خلق نظام قانوني وإداري تتحقّق من خلاله السيادة الكاملة للدولة ويصبح هذا النّظام أساساً لشرعيّتها واستقرارها ويحصل على رضاء المواطنين.
وهى كتحديث سياسي يستهدف نقل الأفراد والمجتمع من التقليدية إلى الحداثة، وتدعيم قدرات النّظام السياسي. العمل على بناء الديمقراطية من خلال بناء المؤسّسات وتدعيم الممارسات الديمقراطية، الأمر الذي يَستلزِم نشْر الديمقراطية و العلمانية و اعتماد البعد الاقتصادى للديمقراطية حتى تكون مكتسبا شعبيا تدافع عنها الجماهير وتحميه، وان يتم توطينها داخل الثقافة الوطنية ( هى وقيم المواطنة وحقوق الانسان) ، بتضمينها فى المنهاج التعلمية واعتبارها جزء من التربية الوطنية.
من اهم عناصر التنمية السياسية فى السودان ، وقف الحرب بمواجهة جذورها من تهميش واستعلاء ثقافى وعنصري ، وتأسيس نظام لا مركزى حقيقى ، يعاد فيه بناء المؤسسات الاتحادية بما يضمن تمثيل الاقاليم المختلفة واحترام التنوع الثقافى والدينى واللغوى وعدالة توزيع السلطة وفرص التنمية والخدمات
احد عناصرالتنمية السياسية ايضا تعبئة ومشارَكة جماهيرية، حيث تتضمَّن دَور المواطنة ومعايير جديدة للولاء والانخراط. وهى بهذا المعنى كتصميم للدولة القومية بمعنى صنع الأمّة /‏‏ الدولة، وقبول شكل واحد من النّظام السياسي ، النظام الديمقراطى التعددى و تثبيت ممارسة التبادل السلمى للسلطة من شأنه مواجهة الانقسام السياسي وتحقيق التكامل القومي.

*صحفى وباحث سودانى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل