الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم من شعر أبد من وجود

محمد علاء الدين عبد المولى

2006 / 4 / 3
الادب والفن


للشعرِ يومٌ في حديقتهِ
سيلبسُ فيه شمساً غضةً
هل سوف ينتظر القرنفلَ؟
أم مرورَ الأرضِ بين يديهِ تُقرِئه السلامْ
من سحره لمعت خواتمُ ذكرياتٍ
واحتسى قبل الخروجِ نبيذَ عذراءٍ
تربّي بين نهديها الحمامْ
يا صمته
أغضى قليلاً عن نشازِ عابرٍ
ونأى بكلّ حواسه عما يثيرُ الروحَ
عما يقذفُ الإيقاعَ في بئر الحطامْ
وتعمّدَ التحديقَ في اللاّشيء
وانتبذَ الكلامْ
مستسلماً لحديقةٍ أخرى ستنمو داخلَهْ
يرتادها نسلٌ خفيّ من إناثِ الريحِ
يرقصُ زوربا فيها
يؤجّلُ موته اليوميّ
يكسرُ جرّةَ الأقدارِ
يدفع بالجنونِ إلى أقاصيه
يدٌ: بحرٌ
يدٌ: سفنٌ
أصابعُ للتّموّجِ مخملاً
وأصابعٌ نصبت شِراكاً للغيومِ الراحلهْْ
عين تشعشع مثل لؤلؤةٍ
وعينٌ روحُ جنّيٍّ تحلّ بها
وعين لا تـُرى, متآكلةْ
للشعرِ زورباه إذاً
فالعبْ بهذا الكونِ ياضلّيلُ
لا تملأْ جبينكَ بالنجومِ المطفأةْ
اليومُ يومُكَ,
فارتكبْ كلّ المدائحِ في انبهارِ السيّداتِ
ودرْ على أحياءِ قلبكَ,
سـمِّ كل الساحراتْ
من بيتِ أشباحِ الطفولةِ,
وانتهاءً بانفلاتِ القمقمِ الشبقيّ من عينيكَ...
هلْ سميتَ أم أخفيتَ ؟
إن الشعرَ أكبرُ من صدى متجوّلٍ
بين الصّخورْ
من زهرةٍ يأتي, ومن عشبٍ نما بين القبورْ
من شجـْرةِ التينِ القديمةِ
من تسلُّـقِها لتبحثَ عن حليبِ التينِ
كنتَ تظنّه فيها
ولمـّا استـُنزفت
فوجئتَ بالأنثى وراءكَ تنحني
ويشقُّ نهداها الضّحى الورديّ,
تـَأذنُ بالعبورْ
فانعمْ بأنوارِ النبيّ...
فلستَ أولَ من يباغته
بياضُ النهدِ في هذا الحضورْ
......
......
والشعرُ يأتي من سقوطِ التّوتِ في أرض المساءِ
إذ كنتَ تسترقُ الوميضَ من الثقوبِ
تسيلُ أصواتُ النساء على الحجارةِ
والرجالُ يغادرونَ إلى الصلاةِ
وأنتَ تـُرفَعُ مرّةً أخرى على توتٍ عتيقٍ
كاشفاً – من فوقُ – سفحَ القلعةِ
الممتدّ حتى ذكرياتِ الأمّ عن جيشٍ يصيدُ
العابريـنْ
الشعرُ يهربُ من رصاصِ القنصِ
ملتجئاً إلى الصمتِ المجنّحِ في الأزقةِ
أو بيوتِ المنشدينْ
الشعرُ يلبسُ جبّة الشيخِ الجليلِ
مساءَ يبدأُ طقسُ (زاويةِ الخميسِ)
أكنتَ تنشدُ مثلهم
لينزّ عطرٌ من عروقك يا فتى؟
داروا كـقنطرتينِ تـتّحدانِ
ثمّ تباعدوا عفواً وعادوا,
كلّ عبدٍ موجةٌ كسرت عقالَ البحرِ
وانفلتتْ لتبحثَ عن معلّمها...
تواجدَ عارفونَ متيّمونَ
وأحكموا إيقاعَ دورتهم وغابوا في بساطٍ
طارَ في شطحِ الجنونْ
ما عدتَ تبصرُ أينَ أقدامُ الهواءِ
وكيفَ تنخطفُ البصائرُ والعيونْ
سكروا بنجوى الله واشتعلوا
هم الفقراءُ والمستوحشونْ
ظلّ الفتى متربصاً
يحصي كلاماً كان يسقطُ من أكفّ المنتشينْ
كان الكلامُ معسّلاً
هل كان من توتٍ وتينْ ؟
هل كان ذِكراً للإلهِ فقط؟
أما كانت لهم أسرارهم
حتى يفيضَ الدمعُ من أدنى أصابعهم
أكانوا يطلبون الخمرَ في عليانِ نشوتهم
رأيتُ رؤوسهم أقمارَ رقصٍ في البياضْ
وعمائمُ ابتلّت بماءِ الياسمينْ
هل كان ذِكراً ما جرى
أم رقصةَ الروح السجينْ ؟
والشعر رقصٌ يا فتى
فأثرْ به خصرَ السحابِ
بسهرةِ استحضارِ جنـّيّ السرورِ
أقم له نذُراً
تلمّسْ وقعه في لذّة المحرابِ
واقطفْه إذا ضاءت ثريا مسجدٍ
أذّنتَ فيه ذات فجرٍ للصلاةْ
فرأيتَ روحَ أبيكَ يبكي صبوةً
ثم انتبهتَ لأنه يبكي على غسقِ الحياةْ
......
......
والشعرُ أنفاسُ الورودِ
تضيقُ في عنقِ الزجاجةِ
كنتَ طفلاً عندما واراكَ أهلكَ في الظلامْ
أيقظتَهم:" سأموتُ من ضـِيقِ النفَـسْ "
...في الصدرِ قلبٌ واهمٌ أن الفضاءَ
على مقاسِ جموحه
ويودّ من لهب الإلهِ ولو قبسْ
في الصدرِ – من جذرِ الطفولةِ – كهفُ أصداءٍ
طبولٌ نازفات في احتفالات الغجرْ
الريحُ تعدو كالوحوشِ وراء صدري
وهي تقذف خلفها قلباً نحيلاً
قلْ كأن البحرَ فيه يُـحتضرْ
ضِيق على ضِيقٍ
وما كانت تريق الروحَ فوق الجمر أنثى,
لم تكن بغدادُ حنظل حلمنا
والشاعر المغدور لم يكبر به التابوت بعدُ
ولم تكن جداتنا يحكين من لغة الشآمْ
غير القرنفلِ مائلاً بدلاله وشذاهُ
نحو المرأة الأولى وقد دخلت إلى الحمّام
مثل خرافة بيضاء...
تنعس في عبير الدفء
تطلق شَعرها مرخى على ظهر الغمامْ
كم مرّةٍ أفرغتَ أجرانَ النساءِ من العطورِ
وقد مضين مجلبباتٍ بالسوادِ
وتحته عسلٌ تجسّد واستقامْ ؟
وصنعتَ من آثارهنّ حريرَ مروحةٍ
لصيفِ النارِ في جنبيكَ
حين تقلّد الأزواجَ في عرسٍ/ منامْ
ما سرّ هذا الضِيقِ ؟
هل عاينتَ منذ البدءِ هذا المشهدَ الدمويّ
في فصل الختامْ ؟
الآن يستند الصبيّ إلى قصيدته
يحاول جعلها فصحَ القيامةِ
وهو يؤمن أنه لم يستطع بعدُ القيامْ
......
......
الشعرُ من ليلٍ صحا
لتطوفَ أسئلةُ المغني بين أبوابِ الشتاءِ
ورحلةِ الصيفِ العقيمْ
وهو الدخولُ الحرّ فيما ليس يشبهه
يعتّقه الحديثُ, وقد يحدّثه القديمْ
لكنه ضدّ الصراط المستقيمْ
والشعر بعضُ تهكّمٍ في حضرةِ السلطانِ
بعضُ تهدّمٍ في لحظة البنيانِ
كلّـيٌّ إذا سلّمتَه أمرَ الفصولْ
وقواه أخفى من كلامِ الأرضِ في أرواحها السّفلى
يقولُ ولا يقولْ
وكأنه قيّومُ أسرارِ الوجودِ
فلا يحولُ ولا يزولْ
......
للشّعرِ يومٌ...
سوف ينتعل الربيع ويعتلي عرش الرحيقِ
له طقوسٌ لا تُحَدّ , له نفوسٌ لا تُعَدّ
فكيفَ أُظهِره وفيه باطنٌ ؟
أو كيف أُبطِنه وفيه ظاهرُ ؟
فلتشهدوا ماذا يقولُ الشاعرُ:
للشعرِ يومٌ آخرُ
للشعرِ يومٌ آخرُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??