الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدى الزرقة

فاطمة الشيدي

2006 / 4 / 3
الادب والفن


ليس البحر أزرقا بشكل حقيقي ، ولست مالحة كما ينبغي ،لذا ربما لم يكن الوقت كافيا لندمغ ألسنتنا بالبيان البيْن ، وأوجهنا بالحنين الجميل ، كنا نمضي متعبين ، مقتفيين أثر ضحكة خرساء ، عرفت كيف تنفذ للب تماما .. لذا أيضا ربما لاتوجد فسحة خضراء كيما نسوى الوجع المعجز في لذته الغائبة ، ولا وقت لنعجن البله المشغول بعناية على شباك الغيب ..
النوارس تقف على مسافة ضحكة ذابلة من البحر
وأنا أقف على بعد جرح من الآن
الريح ريحان
البحر يحضر أرواح النوارس ليصنع من ريشها قوس قزح جديد
والعاشق يخزن صدى صوت البحر في صدفة ميتة ، ليقدمها هدية لحبيبته في (عيد الحب)
السلافات المتناثرة من شعر الليل تكبل الصرخات الآثمة كي لاتفضح عجزها
الموتى يشهرون ضحكاتهم اللزجة حتى الغثيان في وجه الصبح
الأصنام تتوالد
والحجارة تتشكل وفق معطيات الحضور
***
(السَمْرة) اليابسة على مدخل الذاكرة ، تهزأ من كل هذه المساحات الآهلة بالاخضرار والزرقة ، تصرخ أففففففففففف حاصرتهم اللغة التي تبخرت من أصابع الموج في آخر مد .. كانت تقيم علاقة جسدية مع البحر ، وهي تتحدى جنونها الملطخ بالدمع ،وترسل نظرتها في الأفق بلا وجه .
***
لندعي الغياب إذن
لنكور الغربة على حافة أمنية معتقة الحنين
فليس من عين تبصر الرمد المنضود
وليس من قلوب تصلح أن تكون مشاجبا للوله
وليس من أقنعة تناسب لحظات الحزن الجليل
ربما بخطوة طائشة يمكنني أن أفصل روافد غربتي على مضايق الوهم ، وأحفر في أجنحتي مساحة للفقد ، وربما سأعتذر لليم على رفضي لأبوته الجبارة ، فلليتم رائحة لزجة تروقني حين تعتريني رغبات الحنين ، وكما أن البحر ليس أزرقا تماما فأنا لست مالحة بما يكفي ..
على مدخل الحكايات أقف
شحيحة كيباس الخليقة
دافئة كخطيئة لم تبرد أناملها من فيض اللهفة
الكائنات تعبرني بوجوم محموم
أنا الكلفة بألفة مقيتة
***
في المشهد الأخير للحكاية، كان ثمة رجلا أخضرا عطرني، ببقايا الريحان في أطرافه حين صافحني ببطء مقصود ، لكنه كان رطبا بما يكفي لنمو حقل معطر برائحة الخيانة حول روحه ، تبسمتُ للمرأة العطشى داخلي : "هذا رجل أخضر وأنت امرأة زرقاء ،، والرجل العذب لن يستسيغ امرأة مالحة جدااا كأنت "
أجلس على حافة الصخب كي أكتب أو أنتحب
أو كي لا أخلو إلىّ
أو كي لاتنطلق الكائنات المتناومة داخلي
وتبدأ بالركض في أعصابي
صارخة بالبرد والحزن
***
ثمة كائنات مقيتة تحيا داخلي تتفنن بالعزف على الشرايين بأظافرها النحاسية ، تتكلم..تهذر..تضحك بهستيرية ..تنتحب ،تمارس شغبها ( تخرج لسانها) .. تحرك الأشياء بفوضى كي تغير انتباهي عما يحدث .. تأخذني في غياب دافئ حميم إلى متاهات قصية ، ومفازات جارحة ، تحضر أرواح الموتى ، تتحدث عن: (العدل المحلق في سماوات الرب فقط ، عن الجوع والعري والمرض ، عن الكائنات الناقصة ،عن الأقنعة ) ، تبدأ في العويل، وتأمرني أشاركها فأمتثل لها بلا إرادة.
أيتها الأشياء التي تكفلت بوجعي
هذا قتل مجرد
مآتم بحجم الغياب الذي يقهقه في دمي
عربات بعجلة واحدة تسير في رأسي
حجب النور المنتشرة تسدد نحوي بصيرتها
تخيط صدارات البهجة بخيوط الحزن الحادة
أستحضر وهن الروح الخراب
تبدأ جنازات الكينونة داخلي
وأبكي كطلقة مكتومة الصوت
***
احتياج الكلام
اجتياح الفوضى
أشياء تمتد عميقا كخنجر يتلهف للمضي
يرتد كضوء جفل من عناق الظلمة
ينسحب للخلف بأقدام الشهقة المتوالية اللهاث
لابأس
قليلا .. قليلا سيبرد ككل الجراح
سيشترك مع الأشياء في الخبز والحيز
كان أعلى
كسائل لا تتملكه الأشكال .. (كان)
بخطوة واحدة قفز خارج المفازات
تحرر من هالته الطويلة
أصبح ثقيلا جداا .. (لم يكن له وزن)
وأناااااااااا لم أكن أضيق من الآن
ها أتسع
أشحذ غيابه
أشهر له مأذنتي
أصلى صلاة الموتى
السياب يحضر ( مطر مطر مطر)
لالا أيها العزيز بل (موت موت موت )
يهرع الموتى ليغتسلون في دمي
يكفون عن البكاء
الزخات محزونات الأطر تغادر السماء إليّ بانتباه مفتعل
كان وجه مضطرب بلا أقنعة
تراقص بخفة ريث أن يموت
كسمكة خارجة للتو من البحر

***
مات
مدهشة تلك اللحظة القابضة على الروح
المخيلة تميمة الفقد الأزلية
الموتى يهبطون في دمي بمظلات ملونة
يباركون الرعشات الوحشية
يتبهرج المشهد بالفرح المطلي بالفتنة الغاصة بالوجع وبهدايا الكائنات الخفية
***
مر من مر لم تكترث الكائنات المتسربة من شقوقي الكثيرة ،فلاتزال تتشمس على جرحي الدافئ ، وتغتسل في صدى الضحكة الممتدة من زمن التدوين ، والمعلقة على حبال التاريخ ، الرجل البارد لم يهتف بي (تعالي) ، فقررت أن أبقى دافئة على هاوية الفناء لأذرع ظل البحر الراسخ في قعري ، وأرضع حنين الفقد الأزلي ..
يأكلني الملح
أنفجر كسحابة ثقيلة بالودق
أشهر حزني للريح بكبرياء
تترمد على بقاياه المترملة
لاوقت لأنشق رائحة الفجيعة ،(قالت):
اليد التي تلوّح تصلح أيضا للسلام
أتبعثر بفوضى اللهيب المترسب في قعر الكأس
منفلتة من جموح الخليقة
كتيار أخطأ لحظة الاشتعال
ولم ينطفئ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك