الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب العمّال التونسي يدير ظهره للنظريّة الماركسيّة للدولة – مقتطف من - حزب العمّال التونسي حرّف الماركسيّة منذ تأسيسه : كتيّب محمّد العجيمي - الطبقات و الصراع الطبقي - نموذجا -

ناظم الماوي

2018 / 9 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


بصدد ادارة الظهر للنظريّة الماركسيّة للدولة :
ورد فى الصفحة 18 من الكتيب إيّاه : " عندما تقام سلطة العمال {عن طريق العنف الثوري } فإنّ الدولة الإشتراكية تمارس ديمقراطيّتها و التى تتمثل فى :
- سحق مقاومة البورجوازية .
- بعث الخوف فى صفوف الرجعيّين .
- دعم سلطة الشعب المسلّح ضد البورجوازية .
- تمكين البروليتاريا من قمع أعدائها بالعنف ."
من جديد يروّج الكاتب للمفاهيم التحريفية البرجوازية فهو يكرّر فكرة قمع البرجوازية – المطاح بها طبعا بما أنّه لا يتحدّث و لا يعترف بنشوء برجوازية جديدة فى صفوف الدولة والحزب البروليتاريّين فى الظروف الجديدة للإشتراكية بإعتبارها مرحلة إنتقالية مديدة من الرأسمالية إلى الشيوعية . وهو يوحي بأنّه يفصّل ممارسة الديمقراطية البروليتارية ، لا يذكر شيئا عن ممارسة الديمقراطية داخل الطبقة العاملة و فى علاقتها مع حلفائها من الشعب مثلما يتجنّب ذكر دكتاتورية البروليتاريا و ممارستها ضد البرجوازية القديمة منها و الجديدة و الرجعييّن ذلك أنّ "سحق مقاومة البرجوازية " لا يدخل فى خانة الديمقراطية و إنّما هو مظهر من مظهري دكتاتورية البروليتاريا : الدكتاتوريّة ضد الأعداء ( قمعهم و تحطيم مقاومتهم بالقوّة كما يقول لينين ) و الديمقراطية للبروليتاريا و الطبقات الشعبيّة عامة . و هكذا لدولة دكتاتورية البروليتاريا مظهرين هما الديمقراطية و الدكتاتورية فى آن معا و ذكر مظهر واحد هو تحريف للماركسية و تشويه برجوازي لها .
قال ماركس : " ... بين المجتمع الرأسمالي و المجتمع الشيوعي تقع مرحلة تحول المجتمع الرأسمالي تحوّلا ثوريّا إلى المجتمع الشيوعي . و تناسبها مرحلة إنتقال سياسية أيضا ، لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا ..."
و شارحا علاقة دكتاتورية البروليتاريا بالديمقراطية ، أكّد لينين : " إن ديكتاتورية البروليتاريا ، أي تنظيم طليعة المظلومين فى طبقة سائدة لقمع الظالمين ، لا يمكنها أن تعطي مجرد توسيع للديمقراطية . فديكتاتورية البروليتاريا ، إلى جانب التوسيع الهائل للديمقراطية التى تصبح لأول مرّة ديمقراطية للفقراء ، ديمقراطية للشعب ، لا ديموقراطية للأغنياء ، تفرض فى الوقت نفسه جملة من التقييدات على الحرّية حيال الظالمين ، المستثمِرين ، الرأسماليين . يتوجب علينا قمعهم لكيما نخلص البشرية من عبودية العمل المأجور ، و ينبغى تحطيم مقاومتهم بالقوة ، و واضح أنّه حيثما يكون القمع و يكون العنف ، فلا حرذية و لا ديمقراطية .
و قد أفصح إنجلس عن ذلك بجلاء رائع فى رسالته إلى بيبيل إذ قال كما يذكر القارئ : " إنّ البروليتاريا بحاجة إلى الدولة لا من أجل الحرّية ، بل من أجل قمع خصومها ، و عندما يصبح بالإمكان الحديث عن الحرّية ، عندئذ لن تبقى الدولة ".
( لينين " الدولة و الثورة " ، الصفحات 92 و 94-95 ) .
يسمى أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعيّة الجديدة – شيوعيّة اليوم الأشياء بأسمائها العلمية فالمجتمع هو مجتمع إشتراكي نمط / أسلوب الإنتاج فيه إشتراكي أمّا شكل الدولة كجهاز خاص ، آلة خاصة لقمع طبقة لطبقة أخرى خلال الحقبة الإشتراكية كمرحلة إنتقالية ممتدّة من الرأسمالية إلى الشيوعيّة فهو دكتاتورية البروليتاريا التى تمارس ضد البرجوازية القديمة منها و الجديدة و على جميع الأصعدة و التى تمارس الديمقراطية البروليتارية فى صفوف الشعب أي البروليتاريا و الكادحين عموما . إنّ الكاتب الخوجي الدغمائي - التحريفي يدور حول فكرة دكتاتورية البروليتاريا و كانّه طير وقع فى الفخّ و يودّ التخلّص منه . هو يودّ التخلّص من دكتاتورية البروليتاريا كما رأينا و نرى إذ أنّ دكتاتورية البروليتاريا تشيع الخوف فى صفوف التحريفيين بإعتبارها حجرالزاوية فى الماركسية و النيل منها يعنى النيل من الماركسية و رفع رايتها حقّا قولا و فعلا يوجه للتحريفية طعنة فى الصميم .
علاوة على ذلك ، لا تتمثّل الديمقراطية فقط فى ما ذكره العجيمي . فالصراع ضد البرجوازية - طبعا القديمة بالنسبة له - لا يكتسى طابع القمع المسلّح العنيف فحسب بل يكتسى أيضا و بصفة أساسيّة أشكالا متنوّعة من الصراع على كافة الصعد . فالقمع المسلح يحصل فى فترات إحتدام الصراع و تهديده بقلب الدولة البروليتارية وهو مع ذلك ليس إلاّ مواصلة للصراع السياسي الذى لا هوادة فيه على طول المرحلة الإشتراكية ف " الحرب هي إمتداد للسياسة " إن الحرب بهذا المعنى هي السياسة ، و الحرب نفسها عمل سياسي ." و " إن الحرب هي إمتداد للسياسة ، ولكن بوسائل أخرى " فحين تتطور السياسة إلى مرحلة معينة لا يمكنها أن تتطور بعدها بالوسائل العادية ، تندلع الحرب كي تزيح العقبات التى تعترض طريق السياسة... و حين تزاح العقبة و تحقق السياسة هدفها ، تقف الحرب. و لكن إذا لم تزح العقبة تماما فلا بد أن تستمر الحرب حتى يتحقّق الهدف كليا... و لهذا يمكن القول بأن السياسة هي حرب غير دامية ، و أن الحرب هي سياسة دامية "
(ماو تسى تونغ ، الصفحتان61 و 62 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " )
و نشدّد على الإضافة الماويّة لعلم الشيوعيّة بهذا المضمار فنؤكّد على أنّه ينبغى على البروليتاريا أن تمارس دكتاتوريتها فى كافة المجالات دون إستثناء إذ أنّ دولة البروليتاريا هي دولة دكتاتورية البروليتاريا على البرجوازية بجميع شرائحها القديمة منها و الجديدة التى تولدها تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاته بما هو مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية يحمل عناصر نمط الإنتاج الرأسمالي فى البنية التحتية و البنية الفوقية وبصورة مركّزة فى صفوف الدولة وخاصة الحزب البروليتاري كمحورللمجتمع الإشتراكي ككلّ كما يحمل عناصر نمط الإنتاج الشيوعي فى البنيتين و الطريق الرأسمالي و الطريق الإشتراكي فى صراع لم يتحدّد من سينتصر فيه نهائيا و ما لم نبلغ الشيوعية فإمكانية الردّة و إعادة تركيز الرأسمالية واردتان جديّا و قد تحوّلت هذه الإمكانية إلى واقع فى كلّ من الإتحاد السوفياتي و الصين رغم النضالات البطولية للحيلولة بشكل واع و مخطّط له دون تلك الردّة لا سيما فى الصين الماويّة .
إنّ تناسي تكريس الدكتاتورية الشاملة للبروليتاريا على البرجوازية القديمة منها و الجديدة يصب فى خانة تحريفية تشجّع على المستوى الإقتصادي على توسيع الحقّ البرجوازي ( التوزيع غير المتساوي للمنتوجات ) الذى يبقى ساري المفعول شأنه شأن التقسيم الإجتماعي للعمل بين العمل الفكري و العمل اليدوي وعلى المستوى الثقافي يزيد فى فتح المجال لإخضاع الشعب الكادح لثقافة البرجوازية التى إن هيمنت عليه تسهل عليها تاليا إعادة تركيز الرأسمالية . وعلى مستوى صراع الخطّين داخل الحزب كمنبع حياة الحزب و تطوّره وكإنعكاس للصراع الطبقي الدائر فى المجتمع ، تعزّز التحريفية موقف أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب و الدولة و نشاطهم بما أنّها تجنذبهم التعرّض للنقد و الفضح و العزل جماهيريا و عندئذ يجدون الطريق سالكا دون مقاومة أمام سعيهم لقلب طبيعة الحزب و الدولة من حزب و دولة بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين .
و فى الأخير يعنى تناسى دكتاتورية البروليتاريا على الأصعدة جميعها كذلك عدم القضاء على الطبقات بإعتبار أنّ الدولة لن تسعى لحلّ التناقض بين العمل اليدوي و العمل الفكري ( أهمّ أسس ظهور الطبقات حسب إنجلز فى " ضد دوهرينغ " ) و التناقض بين الريف و المدينة ... و كلّ هذه المسائل تدخل ضمن تكريس دكتاتورية البروليتاريا / ديمقراطية البروليتاريا ( إضافة حتّى لإعادة تربية العناصر البرجوازية و البرجوازية الصغيرة و حتّى العماليّة كما يشير إلى ذلك لينين فى " مرض " اليسارية " الطفولي في الشيوعية " ) .
و الغاية الشيوعيّة من هذا كلّه هي القضاء على الطبقات و القضاء على الحزب (أ ي نعم !!! ) و القضاء على الدولة ذاتها لا لتعويضهما بحزب و دولة برجوازيّين بل لأن بحلول المجتمع الشيوعي عالميا الخالي من الطبقات جميعها برجوازية و بروليتارية ... لن يبقى للحزب البرولتاري و الدولة البروليتارية أي أساس أو مبرّر وجود . لذلك فإن الدولة البروليتارية تقوم على تناقض عميق للغاية فهي تسعى لتوطيد قاعدتها لمواجهة البرجوازية الجديدة و القديمة و الإمبريالية العالمية و لكن عليها منذ البداية أن تعمل من أجل إعداد أرضية إضمحلالها لاحقا.
الكاتب الخوجي الدغمائي - التحريفي لا يهتمّ البتّة بهذا و لا يتحدّث أصلا عن أفق نهاية الصراع الطبقي عبر الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و هو لا ينبس ببنت شفة عن الشيوعية كمجتمع تنتفى فيه الطبقات. إنّه هكذا يتجلّى غير جدلي بالمرّة حيث يرى نشوء الطبقات و لا يرى إضمحلالها و يرى نشوء الدولة و لا يرى إضمحلالها ، يرى الديمقراطية البروليتارية و لا يرى دكتاتورية البروليتاريا . إنّ نظرته الإحادية الجانب تركّز على جانب من المسألة متناسية الجانب الآخر ، نقيضه. و هذا ليس منهجا ماديّا جدليّا ينطلق من القانون الجوهري للجدلية ، قانون التناقض / وحدة الأضداد و إنّما هو منهج ميتافيزيقي مثالي .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
حزب العمّال التونسي حرّف الماركسيّة منذ تأسيسه : كتيّب محمّد العجيمي " الطبقات و الصراع الطبقي " نموذجا

" هذه الإشتراكيّة إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتوريّة الطبقيّة للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ".

( كارل ماركس ، " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850" ، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2 ، الصفحة 282 )

-----------------------------------------

" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظريّة و أن يتخلّصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أنّ الاشتراكيّة ، مذ غدت علما ، تتطلّب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلّب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمّال بهمّة مضاعفة أبدا..."
( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل ؟ " )
------------------------------------

" قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذّجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم ، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية و إهتراء . "
( لينين ، " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " )
---------------------------
" إنّ ميل المناضلين العمليين إلى عدم الإهتمام بالنظرية يخالف بصورة مطلقة روح اللينينيّة و يحمل أخطارا عظيمة على النظريّة تصبح دون غاية ، إذا لم تكن مرتبطة بالنشاط العملي الثوري؛ كذلك تماما شأن النشاط العملي الذى يصبح أعمى إذا لم تنر النظريّة الثوريّة طريقه . إلاّ أنّ النظريّة يمكن أن تصبح قوّة عظيمة لحركة العمّال إذا هي تكوّنت فى صلة لا تنفصم بالنشاط العملي الثوري ، فهي ، وهي وحدها ، تستطيع أن تعطي الحركة الثقة وقوّة التوجّه و إدراك الصلة الداخليّة للحوادث الجارية ؛ وهي ، وهي وحدها ، تستطيع أن تساعد النشاط العملي على أن يفهم ليس فقط فى أي إتّجاه و كيف تتحرّك الطبقات فى اللحظة الحاضرة ، بل كذلك فى أيّ إتّجاه وكيف ينبغى أن تتحرّك فى المستقبل القريب . إنّ لينين نفسه قال و كرّر مرّات عديدة هذه الفكرة المعروفة القائلة :
" بدون نظرية ثورية ، لا حركة ثوريّة " ( " ما العمل ؟ " ، المجلّد الرابع ، صفحة 380 ، الطبعة الروسية ) "
( ستالين ، " أسس اللينينية - حول مسائل اللينينية " ، صفحة 31 ، طبعة الشركة اللبنانية للكتاب ، بيروت )

-------------------------------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بدّ أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم . فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي . "
( ماو تسي تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "
12 مارس/ أذار 1957 " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص21-22 )
-------------------------------------
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية .
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005).
==========================================

مقدّمة :
لقد آل السيد محمد العجيمي على نفسه أن يقرّب فى كتيّبه الصادر في جويلية 1989 عن دار نشر تونسيّة هي صامد للنشر و التوزيع ؛ ضمن سلسلة مكتبة الشبيبة ، المفاهيم الماركسية – اللينينية من شباب الطبقات الشعبية التونسية إلاّ أنّه ، مثلما سنعرض بالتفصيل ، لم يقدم له ماركسية - لينينيّة و إنّما بالعكس قدّم له تحريفيّة فجّة مشوّها الماركسيّة أيّما تشويه . و مع ذلك نشكر السيد محمد أوّلا ، على أنّه فى عمله وفّر بوضوح لم نجده فى كتب أخرى جملة من أهمّ النقاط الأساسيّة في الخط ّ الإيديولوجي و السياسي الذى يقود حزب العمال " الشيوعي " التونسي الذى كان وراء تلك السلسلة من الكتب المعبّرة عن آرائه ( كان يصف نفسه بالشيوعي – و الشيوعية الثوريّة منه براء منذ بداياته الأولى - لعشرات السنين منذ تأسيسه و تخلّى عن هذا النعت منذ سنوات الآن ) و ثانيا ، على أنّه سمح لنا من خلال الدراسة و النقد بأن نعمّق وجوها من معرفتنا التمييز بين الشيوعيّة الحقيقيّة ، الشيوعيّة الثوريّة من جهة و التحريفية من جهة ثانية و مزيد نقد تحريفيّة هذا الحزب المتمركس و بالتالي قد يسمح لدارسي و دارسات عملنا النقدي هذا ، فضلا عن نقدنا السابق لكتاب أحد أهمّ قادة حزب العمّال آنذاك سنة 1989، محمّد الكيلاني ، " الماويّة معادية للشيوعيّة " وتعريتنا إنتهازيّته المتعدّدة الأوجه ( أنظروا موقعنا الفرعي على الحوار المتمدّن )، بفهم جوانب من أسس ذلك الحزب وتطوّر مساره عبر العقود و خطّه الذى ما إنفكّ يشوّه الماركسيّة و يواصل تحريفها بشتّى الطرق معانقا بجلاء ما بعده جلاء الديمقراطية البرجوازية ؛ وبرفع وعيهم الطبقي البروليتاري ، إن كانوا من الشيوعيين و الشيوعيات سيما و أنّ ما يصحّ من نقد لهذه الفرقة التحريفيّة ينسحب على عديد الملل الأخرى المتمركسة في القطر و في البلدان العربيّة و عالميّا .
و مجدّدا ، مضطرّون إضطرارا ، كي لا يعدّ هذا أو ذاك عملنا تهجّما على أي شخص كان ، أن نؤكّد أن ما يهمّنا هو نقاش الخطّ الإديولوجي و السياسي لحزب سياسي و عليه إن إصطفينا كتاب السيّد محمّد العجيمي فليس هو كشخص هدف نقدنا الماركسي بل هدفنا هو الجدال الماركسي العلمي ضد التحريفيّة التي خرّبت و تخرّب الحركة الشيوعية عربيّا و عالميّا و نشر البديل الثوري حقّا ألا وهو الشيوعية الجديدة أو الخلاصة الجديدة للشيوعية التي طوّرها بوب أفاكيان كسلاح في الكفاح من أجل تفسير العالم تفسيرا علميّا ماديّا جدليّا و تغييره شيوعيّا ثوريّا وغايتنا الأسمى ليست أقلّ من تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال والإضطهد القومي و الطبقي و الجندري و إرساء مجتمع شيوعي عالمي .
و " تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتّساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيء مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( بوب أفاكيان ، " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الجزء الأوّل – جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 )
بصدد التنكّر لدكتاتورية البروليتاريا :
فى رسالة إلى يوسف فيديماير مؤرخة فى 5 مارس 1852 كتب كارل ماركس :
" ... و فيما يخصّنى، ليس لي لا فضل إكتشاف وجود الطبقات فى المجتمع المعاصر و لا فضل إكتشاف النضال فيما بينها. فقد سبقنى بوقت طويل مؤرّخون برجوازيّون بسطوا التطوّر التاريخي لهذا النضال بين الطبقات ، وإقتصاديّون برجوازيّون بسطوا تركيب الطبقات الاقتصادي . و إنّ الجديد الذى أعطيته يتلخّص فى إقامة البرهان على ما يأتى :
1- أن وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل تاريخية معيّنة من تطوّر الإنتاج ،
2- أن النضال الطبقي يفضى بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا ،
3 - أن هذه الديكتاتورية نفسها لا تعنى غير الإنتقال إلى القضاء على كلّ الطبقات و إلى المجتمع الخالي من الطبقات ."
( ماركس ، إنجلس ، لينين : " حول المجتمع الشيوعي " ، دار التقدم موسكو ، الطبعة العربية ، صفحة 65 )
و فى مقتطف كثير التداول خطّه لينين حول دكتاتوية البروليتاريا ، أكّد : " الأمر الرئيسي فى تعاليم ماركس هو النضال الطبقي . هذا ما يقال و ما يكتب بكثرة كثيرة . بيد أن هذا غير صحيح . و عن عدم الصحة هذا تنتج ، الواحد بعد الآخر ، التشويهات الإنتهازية للماركسية و ينتج تزويرها بحيث تصبح مقبولة للبرجوازية . ذلك لأن التعاليم بشأن النضال الطبقي لم توضع من قبل ماركس ، بل من قِبل البرجوازية قبل ماركس، وهي بوجه عام مقبولة للبرجوازية . و من لا يعترف بغير نضال الطبقات ليس بماركسي بعدُ ، و قد يظهر أنه لم يخرج بعدُ عن نطاق التفكير البرجوازي و السياسة البرجوازية . إنّ حصر الماركسية فى التعاليم بشأن النضال الطبقي يعنى بتر الماركسية و تشويهها و قصرها على ما تقبله البرجوازية . ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا . و هذا ما يميّز بصورة جوهريّة الماركسيّ عن البرجوازي الصغير ( و حتّى الكبير ، العادي ) . وعلى هذا المحك ينبغى التحقّق من الفهم الحق للماركسيّة و الإعتراف الحق بها ." ( " الدولة و الثورة " صفحة 35-36 ، دار التقدّم ، موسكو ، الطبعة العربية ) .
يشدّد لينين على أنّ حجر الزاوية فى التفريق بين الماركسيّ و غير الماركسي هو الإعتراف بدكتاتورية البروليتاريا أمّا بالنسبة للكاتب الذى ننقد ففى تقديمه للكتيّب يقول : " نظرية الصراع الطبقي و مفهوم الطبقات و نشوءها و تطوّرها هي حجر الزاوية فى الماركسيّة – اللينينيّة ". و البون كما نرى شاسع و الإختلاف بيّن لا غبار عليه . السيّد العجيمي لم يفهم شيئا من حجر الزاوية فى الماركسية وهو يعيد الخطأ الذى حذر لينين الثوريين من الوقوع فيه ، إنّه يعترف بالصراع الطبقي فقط . " إن حصر الماركسية فى التعاليم بشأن النضال الطبقي يعنى بتر الماركسية و تشويهها و قصرها على ما تقبله البرجوازية ". هذا الكلام اللينيني ينطبق بالضبط على السيّد العجيمي الذى " لم يخرج بعد عن نطاق التفكير البرجوازي و السياسة البرجوازية " و ليس غريبا أن لا نجد على طول الكتاب وعرضه و لو كلمة واحدة عن ديكتاتورية البروليتاريا !
و هكذا منذ البداية ، نرى أن السيد العجيمي و من ورائه أصحاب نفس الخطّ الإيديولوجيّ الخوجي الدغمائيّ- التحريفيّ – حزب العمّال " الشيوعي " التونسي عند كتابة ذلك الكتيّب - يتنكرون لماركس و للينين و لا يعترفون بدكتاتورية البروليتاريا و إنّما يعترفون فقط بصراع الطبقات لا غير. و يكيلون الشتم لماو تسى تونغ طوال عقود طويلة على أنّه غير ماركسي ( لا ننسى أنّ سنة صدور الكتيّب الذى ننقد نشر الحزب ذاته باسم محمّد الكيلاني كتابا أضرّ كثيرا بالحركة الشيوعيّة في القطر ألا وهو " الماويّة معادية للشيوعيّة " الذى تناولناه بالنقد و دلّلنا بالدليل القاطع و البرهان الساطع مدى إنتهازيّة صاحبه و جماعته في العدد 5 / سبتمبر 2011 من نشريّة " لا حركة شيوعيّة ثوريّة دون ماويّة " ، تحت عنوان " فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية : " الماوية معادية للشيوعية " نموذجا ( فى الردّ على حزب العمّال و " الوطد" ) " ) . و الحال أنّ ماو كان أكثر الماركسيّين ما بعد ستالين فهما للمسألة و قد خاض على رأس الماركسيين - اللينينيّين على النطاق العالمي بأسره صراعات عظيمة ضد التحريفيّة المعاصرة السوفياتيّة منها و اليوغسلافيّة و الإيطاليّة و الفرنسية إلخ حول دكتاتورية البروليتاريا و قد ساهم بقسط كبير فى دفع الصراع الطبقي أمميّا و دون أدنى شك فى الممارسة و التنظير لدكتاتورية البروليتاريا فى بلاده الصين .
و عقب الصراعات المتتالية لخّص ماو مرّة أخرى تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالميّة فطوّر الماركسية - اللينينيّة موضّحا أنّ دكتاتورية البروليتاريا لا تزال حجر الزاوية فى الماركسية - اللينينية و أنّه على البروليتاريا أن تمارس دكتاتوريّتها على البرجوازيّة ( التى توجد بأشكال جديدة و حتّى داخل الحزب الشيوعي ذاته ممثّلة فى أتباع الطريق الرأسمالي الذين يعملون على إعادة تركيز الرأسمالية ، و التى ينكر وجودها فى المجتمع الإشتراكي كافة أرهاط التحريفيّين ) و على الأصعدة كافة . كما أوضح ، وهو يمارس الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا صينيّا ، أنّ شكل الصراع الطبقي البروليتاري لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و وسيلته و طريقته هي الثورات الثقافية البروليتارية الكبرى مطوّرا بذلك أطروحات لينين في " الدولة و الثورة " و فى" مرض " اليسارية " الطفولي فى الشيوعية " بصدد كيفية مقاومة البيروقراطية والبرجوازية الجديدة و مجيبا بذلك على سؤال كيفية تثوير المجتمع الإشتراكي بعمق فى إتّجاه الشيوعيّة.
هذا ما أهّل الماويّة كمرحلة جديدة ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية أن تكون مفتاح فهم التحوّلات التحريفيّة التى شهدتها البلدان الإشتراكية سابقا و إعادة تركيز الرأسمالية فيها. و دون مساهمات الماويّة الخالدة فى هذا الشأن و فى غيره و ما طوّره لاحقا بوب أفاكيان من خلاصة جديدة للشيوعية ، أو الشيوعيّة الجديدة لا يمكن فهم التجارب الإشتراكية السابقة فهما علميّا ماديّا جدليّا كما لا يمكن فهم عالم اليوم و تغييره ثوريّا .
" قال لينين : " ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا ". لقد تدعم هذا الشرط الذى طرحه لينين أكثر على ضوء الدروس و النجاحات القيمة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ . و يمكن لنا القول الآن ليس بماركسي غير الذى يعمم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظل دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتّى الوصول إلى الشيوعية . و كما قال ماو فإنّ: " كلّ خلط فى هذا المجال يؤدّى لا محالة إلى التحريفية ".
( " بيان الحركة الأممية الثورية " 1984 ؛
كتاب شادي الشماوي " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية - اللينينية - الماويّة " – مكتبة الحوار المتمدّن )

بصدد ادارة الظهر للنظريّة الماركسيّة للدولة :
ورد فى الصفحة 18 من الكتيب إيّاه : " عندما تقام سلطة العمال {عن طريق العنف الثوري } فإنّ الدولة الإشتراكية تمارس ديمقراطيّتها و التى تتمثل فى :
- سحق مقاومة البورجوازية .
- بعث الخوف فى صفوف الرجعيّين .
- دعم سلطة الشعب المسلّح ضد البورجوازية .
- تمكين البروليتاريا من قمع أعدائها بالعنف ."
من جديد يروّج الكاتب للمفاهيم التحريفية البرجوازية فهو يكرّر فكرة قمع البرجوازية – المطاح بها طبعا بما أنّه لا يتحدّث و لا يعترف بنشوء برجوازية جديدة فى صفوف الدولة والحزب البروليتاريّين فى الظروف الجديدة للإشتراكية بإعتبارها مرحلة إنتقالية مديدة من الرأسمالية إلى الشيوعية . وهو يوحي بأنّه يفصّل ممارسة الديمقراطية البروليتارية ، لا يذكر شيئا عن ممارسة الديمقراطية داخل الطبقة العاملة و فى علاقتها مع حلفائها من الشعب مثلما يتجنّب ذكر دكتاتورية البروليتاريا و ممارستها ضد البرجوازية القديمة منها و الجديدة و الرجعييّن ذلك أنّ "سحق مقاومة البرجوازية " لا يدخل فى خانة الديمقراطية و إنّما هو مظهر من مظهري دكتاتورية البروليتاريا : الدكتاتوريّة ضد الأعداء ( قمعهم و تحطيم مقاومتهم بالقوّة كما يقول لينين ) و الديمقراطية للبروليتاريا و الطبقات الشعبيّة عامة . و هكذا لدولة دكتاتورية البروليتاريا مظهرين هما الديمقراطية و الدكتاتورية فى آن معا و ذكر مظهر واحد هو تحريف للماركسية و تشويه برجوازي لها .
قال ماركس : " ... بين المجتمع الرأسمالي و المجتمع الشيوعي تقع مرحلة تحول المجتمع الرأسمالي تحوّلا ثوريّا إلى المجتمع الشيوعي . و تناسبها مرحلة إنتقال سياسية أيضا ، لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا ..."
و شارحا علاقة دكتاتورية البروليتاريا بالديمقراطية ، أكّد لينين : " إن ديكتاتورية البروليتاريا ، أي تنظيم طليعة المظلومين فى طبقة سائدة لقمع الظالمين ، لا يمكنها أن تعطي مجرد توسيع للديمقراطية . فديكتاتورية البروليتاريا ، إلى جانب التوسيع الهائل للديمقراطية التى تصبح لأول مرّة ديمقراطية للفقراء ، ديمقراطية للشعب ، لا ديموقراطية للأغنياء ، تفرض فى الوقت نفسه جملة من التقييدات على الحرّية حيال الظالمين ، المستثمِرين ، الرأسماليين . يتوجب علينا قمعهم لكيما نخلص البشرية من عبودية العمل المأجور ، و ينبغى تحطيم مقاومتهم بالقوة ، و واضح أنّه حيثما يكون القمع و يكون العنف ، فلا حرذية و لا ديمقراطية .
و قد أفصح إنجلس عن ذلك بجلاء رائع فى رسالته إلى بيبيل إذ قال كما يذكر القارئ : " إنّ البروليتاريا بحاجة إلى الدولة لا من أجل الحرّية ، بل من أجل قمع خصومها ، و عندما يصبح بالإمكان الحديث عن الحرّية ، عندئذ لن تبقى الدولة ".
( لينين " الدولة و الثورة " ، الصفحات 92 و 94-95 ) .
يسمى أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعيّة الجديدة – شيوعيّة اليوم الأشياء بأسمائها العلمية فالمجتمع هو مجتمع إشتراكي نمط / أسلوب الإنتاج فيه إشتراكي أمّا شكل الدولة كجهاز خاص ، آلة خاصة لقمع طبقة لطبقة أخرى خلال الحقبة الإشتراكية كمرحلة إنتقالية ممتدّة من الرأسمالية إلى الشيوعيّة فهو دكتاتورية البروليتاريا التى تمارس ضد البرجوازية القديمة منها و الجديدة و على جميع الأصعدة و التى تمارس الديمقراطية البروليتارية فى صفوف الشعب أي البروليتاريا و الكادحين عموما . إنّ الكاتب الخوجي الدغمائي - التحريفي يدور حول فكرة دكتاتورية البروليتاريا و كانّه طير وقع فى الفخّ و يودّ التخلّص منه . هو يودّ التخلّص من دكتاتورية البروليتاريا كما رأينا و نرى إذ أنّ دكتاتورية البروليتاريا تشيع الخوف فى صفوف التحريفيين بإعتبارها حجرالزاوية فى الماركسية و النيل منها يعنى النيل من الماركسية و رفع رايتها حقّا قولا و فعلا يوجه للتحريفية طعنة فى الصميم .
علاوة على ذلك ، لا تتمثّل الديمقراطية فقط فى ما ذكره العجيمي . فالصراع ضد البرجوازية - طبعا القديمة بالنسبة له - لا يكتسى طابع القمع المسلّح العنيف فحسب بل يكتسى أيضا و بصفة أساسيّة أشكالا متنوّعة من الصراع على كافة الصعد . فالقمع المسلح يحصل فى فترات إحتدام الصراع و تهديده بقلب الدولة البروليتارية وهو مع ذلك ليس إلاّ مواصلة للصراع السياسي الذى لا هوادة فيه على طول المرحلة الإشتراكية ف " الحرب هي إمتداد للسياسة " إن الحرب بهذا المعنى هي السياسة ، و الحرب نفسها عمل سياسي ." و " إن الحرب هي إمتداد للسياسة ، ولكن بوسائل أخرى " فحين تتطور السياسة إلى مرحلة معينة لا يمكنها أن تتطور بعدها بالوسائل العادية ، تندلع الحرب كي تزيح العقبات التى تعترض طريق السياسة... و حين تزاح العقبة و تحقق السياسة هدفها ، تقف الحرب. و لكن إذا لم تزح العقبة تماما فلا بد أن تستمر الحرب حتى يتحقّق الهدف كليا... و لهذا يمكن القول بأن السياسة هي حرب غير دامية ، و أن الحرب هي سياسة دامية "
(ماو تسى تونغ ، الصفحتان61 و 62 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " )
و نشدّد على الإضافة الماويّة لعلم الشيوعيّة بهذا المضمار فنؤكّد على أنّه ينبغى على البروليتاريا أن تمارس دكتاتوريتها فى كافة المجالات دون إستثناء إذ أنّ دولة البروليتاريا هي دولة دكتاتورية البروليتاريا على البرجوازية بجميع شرائحها القديمة منها و الجديدة التى تولدها تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاته بما هو مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية يحمل عناصر نمط الإنتاج الرأسمالي فى البنية التحتية و البنية الفوقية وبصورة مركّزة فى صفوف الدولة وخاصة الحزب البروليتاري كمحورللمجتمع الإشتراكي ككلّ كما يحمل عناصر نمط الإنتاج الشيوعي فى البنيتين و الطريق الرأسمالي و الطريق الإشتراكي فى صراع لم يتحدّد من سينتصر فيه نهائيا و ما لم نبلغ الشيوعية فإمكانية الردّة و إعادة تركيز الرأسمالية واردتان جديّا و قد تحوّلت هذه الإمكانية إلى واقع فى كلّ من الإتحاد السوفياتي و الصين رغم النضالات البطولية للحيلولة بشكل واع و مخطّط له دون تلك الردّة لا سيما فى الصين الماويّة .
إنّ تناسي تكريس الدكتاتورية الشاملة للبروليتاريا على البرجوازية القديمة منها و الجديدة يصب فى خانة تحريفية تشجّع على المستوى الإقتصادي على توسيع الحقّ البرجوازي ( التوزيع غير المتساوي للمنتوجات ) الذى يبقى ساري المفعول شأنه شأن التقسيم الإجتماعي للعمل بين العمل الفكري و العمل اليدوي وعلى المستوى الثقافي يزيد فى فتح المجال لإخضاع الشعب الكادح لثقافة البرجوازية التى إن هيمنت عليه تسهل عليها تاليا إعادة تركيز الرأسمالية . وعلى مستوى صراع الخطّين داخل الحزب كمنبع حياة الحزب و تطوّره وكإنعكاس للصراع الطبقي الدائر فى المجتمع ، تعزّز التحريفية موقف أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب و الدولة و نشاطهم بما أنّها تجنذبهم التعرّض للنقد و الفضح و العزل جماهيريا و عندئذ يجدون الطريق سالكا دون مقاومة أمام سعيهم لقلب طبيعة الحزب و الدولة من حزب و دولة بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين .
و فى الأخير يعنى تناسى دكتاتورية البروليتاريا على الأصعدة جميعها كذلك عدم القضاء على الطبقات بإعتبار أنّ الدولة لن تسعى لحلّ التناقض بين العمل اليدوي و العمل الفكري ( أهمّ أسس ظهور الطبقات حسب إنجلز فى " ضد دوهرينغ " ) و التناقض بين الريف و المدينة ... و كلّ هذه المسائل تدخل ضمن تكريس دكتاتورية البروليتاريا / ديمقراطية البروليتاريا ( إضافة حتّى لإعادة تربية العناصر البرجوازية و البرجوازية الصغيرة و حتّى العماليّة كما يشير إلى ذلك لينين فى " مرض " اليسارية " الطفولي في الشيوعية " ) .
و الغاية الشيوعيّة من هذا كلّه هي القضاء على الطبقات و القضاء على الحزب (أ ي نعم !!! ) و القضاء على الدولة ذاتها لا لتعويضهما بحزب و دولة برجوازيّين بل لأن بحلول المجتمع الشيوعي عالميا الخالي من الطبقات جميعها برجوازية و بروليتارية ... لن يبقى للحزب البرولتاري و الدولة البروليتارية أي أساس أو مبرّر وجود . لذلك فإن الدولة البروليتارية تقوم على تناقض عميق للغاية فهي تسعى لتوطيد قاعدتها لمواجهة البرجوازية الجديدة و القديمة و الإمبريالية العالمية و لكن عليها منذ البداية أن تعمل من أجل إعداد أرضية إضمحلالها لاحقا.
الكاتب الخوجي الدغمائي - التحريفي لا يهتمّ البتّة بهذا و لا يتحدّث أصلا عن أفق نهاية الصراع الطبقي عبر الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و هو لا ينبس ببنت شفة عن الشيوعية كمجتمع تنتفى فيه الطبقات. إنّه هكذا يتجلّى غير جدلي بالمرّة حيث يرى نشوء الطبقات و لا يرى إضمحلالها و يرى نشوء الدولة و لا يرى إضمحلالها ، يرى الديمقراطية البروليتارية و لا يرى دكتاتورية البروليتاريا . إنّ نظرته الإحادية الجانب تركّز على جانب من المسألة متناسية الجانب الآخر ، نقيضه. و هذا ليس منهجا ماديّا جدليّا ينطلق من القانون الجوهري للجدلية ، قانون التناقض / وحدة الأضداد و إنّما هو منهج ميتافيزيقي مثالي .

بصدد طمس مبدأ العنف الثوري كمولّد للتاريخ :
فى حديثه عن الصراع الطبقي كتب السيّد العجيمي بالصفحة 15 من كتيّبه : " يصبح من الضروري تحطيم جهاز دولة الأقلّية ( دولة الأقلية ) و لا يكون ذلك إلاّ بالثورة الإجتماعية " ، و ذلك فى مرحلة معيّنة من تطوّر الصراع .
و تتوقّعون و نتوقّع طبعا الإجابة على سؤال عادة ما يثيره الماركسيون - اللينينيون عموما حتّى لا نقول الماركسيون - اللينينيون- الماويون وأنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعيّة الجديدة ، كيف تتمّ الثورة ؟ و لكن هيهات أن يشفى الكاتب غليلنا فهو لا يعير المسألة إنتباهه و يقفز بسرعة على مسألة حيويّة فى الفهم المادي التاريخي ألا وهي مسألة مبدأ العنف الثوري " مولّد الثورات " حسب إنجلز فى " دور العنف فى التاريخ " .
إنّ التغاضى عن مثل هذه القضية المركزيّة فى الثورات يضع كاتب " الطبقات و الصراع الطبقي " و من لفّ لفّه فى خندق التحريفية المعاصرة التى تروّج للتحوّلات السلميّة ( لمزيد فهم هذه النقطة من الضروري الإطلاع على الصراعات التى خاضتها الحركة الماركسية - اللينينية و على رأسها الحزب الشيوعي الصيني الماوي ضد التحريفيين من كل الأرهاط ، خلال الخمسينات و الستّينات و السبعينات أساسا ) .
ثمّ فى الصفحة 18 يضع الكاتب الخوجي الدغمائي -التحريفي " العنف الثوري " بين معقّفين (عندما تقام سلطة العمال {عن طريق العنف الثوري } فإن الدولة الإشتراكية تمارس ديمقراطيتها ). و نلاحظ أوّلا أنّ هذه الصيغة لا تفى بالغرض فماركسيا - لينينيا ( وماركسيا – لينينيا – ماويا و حسب أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعيّة الجديدة ) نستخدم العنف الثورى المسلّح و نردفه بالجماهيري للتمايز مع العنف الفردي أو العنف الذى يمارسه الإرهابيون أو الذى تمارسه مجموعات رجعيّة أو تحريفية بغرض تقاسم السلطة و ليس لتحويل المجتمع ثوريا بالإعتماد على الشعب. فقد قال ماو تسى تونغ " الحرب الثورية هي حرب جماهيرية ، لا يمكن خوض غمارها إلا بتعبئة الجماهير و الإعتماد عليها " و" الشعب و الشعب وحده هو القوة المحركة فى خلق تاريخ العالم " .
ونلاحظ تاليا أنّ المسألة بالنسبة للسيّد العجيمي مسألة ثانوية للغاية أو لا قيمة لها أو- وهذا هام جدّا- مضافة للنصّ الأصليّ. و الإحتمال الأخير ليس مستبعدا فحزب العمال " الشيوعي " التونسي أقرّ فى مؤتمره التأسيسي برنامجا لا وجود فيه لمبدأ العنف الثوري . و هاكم ما جاء فى هذا البرنامج ضمن فصل المهمّات على المستوى السياسي : " تحطيم جهاز الدولة الإستعماري الجديد و الإطاحة بثنائي البرجوازية الكبيرة و الهيمنة الإمبريالية من أجل تحقيق الإستقلال الكامل و الفعلي لتونس " و فى بقية الفقرات التالية لا أثر لمبدأ العنف الثوري الذى يجيب كما قلنا عن سؤال كيف يتمّ تحقيق الثورة و من سيمسك بزمام السلطة لاحقا و كيف سيمارسها و ضد من و مع من بحكم أنّ الجيش يعبر جوهريا عن المجتمع الذى يصبو إلى إرسائه بقيمه و علاقاته المتنوّعة .
عند هذا الحدّ ، نشير إلى أنّ ماو تسى تونغ طوّر الإستراتيجيا العسكرية البروليتارية بصورة شاملة لأوّل مرّة فلا لينين و لا ستالين و لا إنجلز و لا ماركس من قبله صاغوا منهجيا الإستراتيجيا العسكرية البروليتارية الصالحة لعصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية . لقد خوّلت تجربة أكثر من عشرين سنة من الحرب الأهلية فى الصين و حرب المقاومة ضد اليابان من صياغة هذه الإسترايتيجيا التى نجملها فى عبارة حرب الشعب التى تتخذ طريق الإنتفاضة المتبوعة بحرب أهلية فى البلدان الإمبريالية و تكون حربا شعبية طويلة الأمد بمراحلها الثلاث : الدفاع الإستراتيجي و التوازن الإستراتيجي و الهجوم الإستراتيجي و قواعد الإرتكاز و حرب الأنصارفى المستعمرات و المستعمرات الجديدة / أشباه المستعمرات ... و تقوم حرب الشعب على مبادئ ماويّة منها أنّ الحزب يوجّه البنادق و أنّ الشعب و ليس السلاح هو المحدّد وأنّه يتعيّن التعويل على تعبئة الجماهير الشعبية و كذلك على القوى الذاتيّة ...
و عليه يمكننا القول إنّ العجيمي الخوجي أضاف تلك الكلمات إضافة متأخّرة لنصّه الأصلي وهو يتغيى التعمية لا أكثر و لا أقل و ذلك بعد أن تعرض برنامج الحزب الذى يعرض فى كتيبه بعض مفاهيمه النظرية للنقد كما يمكننا القول إنّ هذا الحزب الخوجي الدغمائي - التحريفي يضرب عرض الحائط بهذا المبدأ ولنا أن نقارن بين أطروحات الدغمائيين التحريفيين الخوجيين المفضوحين مع مقولتين شهيرتين واحدة للينين و الأخرى لماو تسى تونغ تباعا و نستشف مدى تمسك الشيوعيين الثوريين بالماركسيّة و تطويرهما لها فى مقابل مدى سقوط الجماعة الخوجية فى التحريفية :
1- " إن أهمّ المسائل فى حياة الشعوب يمكن حلّها فقط بالقوّة " ( لينين ، " خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء " )
2- " إن الإستيلاء على السلطة بواسطة القوّة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي – اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حد السواء . "
(ماو تسى تونغ ، " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص 65 )

بصدد إنكار إشتراكيّة الصين الماوية :
نقرأ بالصفحتين 12و 13 من كتيب العجيمي الخوجي : " و لم يعد الحديث عن النظام الإشتراكي حديثا طوباويا أو حلما بل أضحى حقيقة ملموسة و الشعوب فى كل البلدان كانت تلاحظ كيف أن الشعوب السوفياتية تبنى مجتمعا بيديها و تتحوّل روسيا ذاك البلد المتخلف فى ظرف سنوات معدودات إلى بلد مصنع و متقدم من سنة 1917 إلى 1954. و ظهرت بلدان الديمقراطيات الشعبية (الصين – يوغسلافيا – ألبانيا ...) و لكن الإنقلاب الذى أقامه خروتشوف و جماعته و إرتدادهم عن مبادئ الماركسية - اللينينية حوّل الإتحاد السوفياتي إلى بلد إمبريالي هدفه التوسّع و إستغلال بقيّة الشعوب تحت شعار " المساعدة " و " الأممية " ...إلخ و بذلك تحوّلت بلدان الديمقراطيات الشعبية إلى توابع للإتّحاد السوفياتي – بل هنالك بعض منها ( الصين ) أصبحت له طموحات توسّعية و تحوّل إلى بلد إمبريالي و لم تسلم من الردّة التحريفية سوى ألبانيا البلد الإشتراكي الوحيد فى العالم الآن " .
جليّ أنّ مسألة الموقف من الصين مسألة شائكة لا تزال تضجر الجماعة بما هي محلّ خلاف فى جوانب منها فى خطّهم الإيديولوجي و لم يتوصلوا إلى حسمها بشكل لا غبار عليه . فنلفى هنا العجيمي يتحدّث عن الصين بعد 1954 كبلد ديمقراطية شعبية مثله مثل ألبانيا و إلى جانبها . و الديمقراطية الشعبية هي شكل من أشكال ديكتاتورية البروليتاريا وهي مرتبطة طبعا بالنظام الإشتراكي كما جاء فى الإستشهاد أعلاه - هي إشتراكية . و العجيمي وهو محقّ فى فهمه هنا أنّ فى الصين حصلت ردّة تحريفية حيث " لم تسلم من الردّة التحريفية سوى ألبانيا " ، كتب . أمّا فيما يتعلّق بمتى جرى ذلك فى الصين و من قاده فإنّه لا يقول شيئا . بإقتضاب شديد، نلخّص المسألة فنقول إنّ الصين شهدت صعود التحريفية بقيادة دنك سياو بينغ إلى السلطة و بالتالي صعدت البرجوازية الجديدة إلى دفّة الحكم و أطاحت بالقيادة البروليتارية الماوية سنة 1976 إثر إنقلاب دموي أعاد تركيز الرأسمالية فى الصين . و قد كان " الأربعة " رمز و نواة القيادة الشيوعية الماوية التى فضحت التحريفيين حتى أثناء المحاكمات.
و إعتبار أنّ الصين صارت بلدا إمبرياليا – وهو محلّ إتفّاق جميع الخوجيّين المفضوحين منهم و المتستّرين - لا يعدو كونه إعادة لمقولات خوجا فى كتابه " الإمبريالية و الثورة " ، 1978 الذى بسط فيه بنفسه هذه الأطروحات وقد إستقاها من التحريفيين السوفيات الذين صاغوا تلك النظرية الخرقاء حول تحوّل الصين إلى دولة إمبريالية تريد لعب دور محدّد كقوّة عظمى فى السياسات العالمية و ذلك فى إطار الصراع المحتدم الذى قادته الصين الماوية ، الصين الإشتراكية ( صين دنك سياو بينغ رأسمالية تسعى إلى لعب دور كبير فى السياسة العالمية ) على رأس أحزاب ماركسية – لينينية أخرى فى العالم ضد التحريفية المعاصرة السوفياتية منها و اليوغسلافية و الإيطالية و الفرنسية ... و كتاب " نقد المفاهيم النظرية لماوتسى تونغ " الصادر عن دار التقدم ، موسكو ، سنة 1971 ، يقف شاهدا و دليلا قاطعا على ذلك .
إلى ذلك نضيف أنّ ألبانيا هي " البلد الإشتراكي الوحيد " مقولة من باب إحلال الأحلام محلّ الواقع صيغت فى 1989 و عبّرت عن خطإ فى قراءة واقع ألبانيا حيث أنّه حتّى فى أواخر الثمانينات كانت السياسات التى أرساها أنور خوجا تجعل البلاد تتخبّط فى أزمة خانقة و تتّخذ طريق إعادة الرأسمالية و توجهات حزب العمل الألباني فى تلك الأيّام و لا سيما إسقاط تمثال ستالين و إعادة الملكية الخاصة و إعادة العلاقات مع الدول الإمبريالية بما فى ذلك الإتّحاد السوفياتي و فتح البلاد للإستثمارات الخارجية إلخ ترجمت ذلك . و اليوم فى القرن الواحد و العشرين و نحن نعلم علم اليقين ما آلت إليه ألبانيا يتبيّن مدى فداحة خطأ تلك القراءة الحالمة المثالية و مدى خطر إفرازات الخوجية الدغمائية - التحريفية المعادية لعلم الثورة البروليتارية العالمية .
و يهمّنا هنا أن نؤكد أنّ موقف العجيمي الخوجي من الصين شأنه فى ذلك شأن موقف حمّه الهمّامي المبثوث فى بعض كتاباته يتضارب جزئيّا مع ما يتحفنا به خوجا ذاته و محمد الكيلاني الرمز الخوجي المفضوح آنذاك و القيادى حينها في حزب العمّال " الشيوعي " التونسي فى " الماوية معادية للشيوعية ". فخلافا للعجيمي ، يعتبر خوجا و الكيلاني حينذاك تلميذه الذى نهل من معينه أن الصين لم تكن يوما إشتراكية و أنّها لم تشهد ردّة و أن دنك سياو بينغ و ليوتشاوتشى و لين بياو ماويين لا فرق بين سياساتهم و سياسات ماو تسى تونغ . و هذا تحليل مغرض لا أساس له من الصحّة تفصيله ليس هذا مجاله و يمكن أن نحيل من يودّ التعمّق فى المسألة على كتاب شادي الشماوي " الصين الماوية : حقائق و مكاسب و دروس " على صفحات و بمكتبة الحوار المتمدّن على الأنترنت .

بصدد اللخبطة التروتسكيّة لأنواع الثورات فى العالم :
فى الفقرات الأخيرة ( صفحة 22 ) من الكتيّب و الواردة تحت عنوان " ماذا تعنى الثورة الإجتماعية ؟ " جاء ما يلى :
" و ليست كلّ الثورات ذات طبيعة واحدة فإذا أتت ثورة ضد الإقطاع و لإرساء سلطة البرجوازية فهي ثورة برجوازية و إذا قامت سلطة العمّال و الفلاحين و أتت بالإشتراكية فهي ثورة إشتراكية ".
فى عالم أواخر القرن العشرين ، لا وجود فى جعبة الكاتب الخوجي " الماركسي أكثر من اللزوم " إلاّ لنوعين من الثورات هما الثورات الإشتراكية و الثورات البرجوازية . و أوّل ما تجدر الإشارة إليه هو أنّه فى عصرنا ، عصر الإمبرياليّة و الثورة الإشتراكية ، لم يعد ثمة مكان لثورات "ضد الإقطاع " فحسب لإرساء سلطة البرجوازية أي " ثورة برجوازية " فهذا النمط قد ولّى مع تطوّر الرأسمالية إلى المرحلة العليا ، الإمبريالية و مع قيام ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى .
و قد أكّد ستالين و الأممية الثالثة فى مناسبات لا تحصى أنّ الثورة البرجوازية من الطراز القديم ضد الإقطاع فقط لإرساء سلطة برجوازية لم تعد ممكنة فى الواقع العالمي الجديد من تطور الإمبريالية و عصر الثورات الإشتراكية .
والثورات البرجوازية من الطراز الجديد التى طوّرها ماو تسى تونغ إنطلاقا مما بلغته الأممية الثالثة و من القيام بالثورة فى الصين هي ثورة الديمقراطية الجديدة أو الوطنية الديمقراطية التى لم يذكرها الكاتب إذ لا وجود لها فى قاموسه ، هذه الثورة لم تعد من مهام البرجوازية الوطنية بل أضحت من مهام البروليتاريا التى عليها لتحقيق ظفر الثورة أن تقود بقية الطبقات الشعبية فى ثورة ديمقراطية جديدة / وطنية ديمقراطية لن ترسى سلطة البرجوازية الوطنية بل ترسى سلطة تحالف أساسي بين العمال و الفلاحين بقيادة البروليتاريا عبر حزبها الشيوعي كنواة صلبة حولها تلفّ بقيّة الطبقات الكادحة و المتضرّرة من الإقطاع و الإمبريالية و الرأسمالية البيروقراطية / الكمبرادورية . و تعدّ هذه الديمقراطية الجديدة للإنتقال تاليا إلى الثورة الإشتراكية .
و إن تمكّنت البرجوازية الوطنية أو البرجوازية الصغيرة فى هذا النوع من البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة و شبه الإقطاعية أو المستعمرات الجديدة من إفتكاك قيادة الثورة فإنّها لن تفلح فى تركيز سلطتها و تطوير مجتمع رأسمالي مستقلّ مثلما تم ّذلك فى الماضى ، قبل المرحلة الإمبريالية ، و سترتبط بالسوق الإمبريالية العالمية فيتحوّل طابعها هي لتصبح كمبرادورية أو تلتحق بالبرجوازية الكمبرادورية و تجعل من ثمة من البلد مستعمرة جديدة . والأمثلة التاريخية على ذلك لا تنقص المطّلعين على التاريخ المعاصر لبلدان العالم .
و نتوقّع إحتجاجا من السيّد العجيمي ( أو أشياعه ) الذي سيصرخ و عيناه تتطايران شررا : " لكننى أتحدث عن الماضي ، عن الثورات البرجوازية التى حصلت مثل الثورة الفرنسية لسنة 1798 ! ".
و بكلّ برودة دم و روية و رحابة صدر سنرد " سيدى ، تعلّمنا الشيوعيّة كعلم أن نعتمد " التحليل الملموس للواقع الملموس " و إنّه لمن التحريفية التغاضى عن نوع هام للغاية من الثورات العالمية ( تيار من تياري الثورة البروليتارية تحت قيادة الأحزاب الشيوعية الثورية ) فى مرحلة الإمبريالية ألا وهو نوع الثورات الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية . التحريفيون و بصورة خاصة التروتسكيون هم الذين ينكرون هذا النوع من الثورات . فى مرحلة الإمبريالية قسمت الإمبريالية العالم و هي تعيد تقسيمه بإستمرار هذا العالم المنشطر بالتالى إلى حفنة من القوى الإمبريالية من جهة و غالبية الشعوب و الأمم المضطهَدة من جهة ثانية . و الواقع كما قرأته الشيوعية الثوريّة على نحو صحيح يؤكد أن الثورات الديمقراطية الجديدة ليست أقل من التيار الثاني للثورة الإشتراكية العالمية وأن من بين مناطق الإعصارات الثورية منذ الستينات من القرن الماضي إلى الآن تبرز مناطق آسيا و أمريكا اللاتينية و أفريقيا .
و التناسي التروتسكي لمعالجة الثورات الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية و الحال أنّ الواقع فى الأقطار العربية يحتاج بالضبط لمثل هذا النوع من الثورات ليس خاطئ فحسب و إنّما هو رجعيّ كذلك لإلغائه الفرق بين النوعين من الثورات الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية و الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات الجديدة فيطمس المسألة الوطنية فى عمقها و يقدّم أجلّ الخدمات لعملاء الإمبريالية و لأسيادهم و حلفائهم .
سيدى العجيمي ، إنّكم ترنون إلى تثقيف الشباب فى حين أنّكم تغالطونه فلا تحدّثونه عن الواقع الملموس و تطمسون نوعا هاما من الثورات التى زلزلت العالم ولا تزال تزلزله مثلما هو حاصل الآن في الهند و الثورة التي يقودها الماويّون هناك . إنّ الكلام عن الماركسية بصورة مجرّدة بعيدا عن حركة الواقع بينما " الحقيقة دائما ملموسة " حسب لينين لا يعدّ سوى دغمائية . و ما قمتم به يجسد بجلاء ترويجكم للتروتسكية و إنكاركم لأفكار ستالين و الأممية الثالثة و الإضافات الخالدة لماوتسى تونغ و للثورة الديمقراطية الجديدة /الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات أو المستعمرات الجديدة . و من جماعة حزب العمال "الشيوعي" التونسي لا نستغرب هذا بالنظر إلى أنّه يقتدى بالخطّ الإيديولوجي الذى صاغه أنور خوجا في " الإمبريالية و الثورة " أين أعرب عن تبنّى الكثير من الأفكار التروتسكيّة و عن آراء دغمائية - تحريفية من النوع الثقيل !!!

بصدد تشويه تعريف الطبقات الاجتماعية و تبعاته :
من المسائل الجوهرية الأخرى فى فهم الشيوعية الثوريّة مسألة تحديد مفهوم الطبقات و أسس ظهورها و إضمحلالها . و فى هذا المجال أيضا يخبط " صديقنا الخوجي " خبط عشواء . إذ خطّ بالصفحة الثالثة من الكتيب : " يقول لينين : " الطبقات هي المجموعات الكبيرة من الناس التى تتمايز طبقا لمكانتها فى نظام محدد تاريخيا للإنتاج الإجتماعي و لعلاقتها ( فى جزئها الأكبر مسنودة بالقوانين و مصبوغة فيها ) بوسائل الإنتاج ، و لدورها فى التنظيم الإجتماعي للعمل ... الطبقات هي تلك المجموعات من الناس التى تستطيع واحدة منها الإستحواذ على عمل الآخرين بفضل الفرق بين مكانتها من نمط محدد للإقتصاد الإجتماعي ".
و بعد أسطر من ذلك أورد : " والطبقات تعنى بالضبط مجموعة محدّدة من الناس لها موقعها من عملية الإنتاج ووسائله . و الطبقات هي نتيجة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج . و الملكية ليست ظاهرة أزلية دائمة فهي بمجرد زوال الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج تضمحل ".
و نبوّب نقدنا الآتى فى نقاط ثلاث :
1- مرجع الإستشهاد بلينين حسب الكتيب (ص 23) هو المجلد 39 ، ص15 من الأعمال الكاملة للينين – بالفرنسيّة طبعا فلا وجود للأعمال الكاملة للينين باللغة العربيّة - و الحال أن هذا الإستشهاد موثّق فى المجلد 29 ، ص 425 ! نزاهة علمية أم تحريف مقصود ؟ لكم الحكم خصوصا عقب النقطتين التاليتين .
2- يتساءل المرء المنتبه إلى ما حذف من مقولة لينين و عوّض بثلاث نقاط مسترسلة. و لأننا لا نثق فى الإستشهادات مثلما يقدّمها العجيمي الخوجي و أمثاله كمحمّد الكيلاني و بحثا عن الأمانة العلمية عدنا إلى لينين لنطلعكم على ما حذف مما قاله بعد " التنظيم الإجتماعي للعمل " بالضبط : " بالتالي بأشكال الحصول على حجم الثروات الإجتماعية التى يتمتعون بها وأهمية ذلك الحجم ".
إذن السيّد العجيمي لم يذكر شرح لينين " للتنظيم الإجتماعي للعمل " ، لم يذكر ما سيتناساه عمدا فى تعليقه التالي محدّدا الطبقات ب"مجموعة محدّدة من الناس لها موقعها من عملية الإنتاج و وسائله ". فيتغاضى بالبساطة كلّها عن العنصر - الركيزة الثالثة لمفهوم الطبقات الإجتماعية أي الموقع من عملية توزيع الثروات و الحصة المتحصل عليها .
و لسائل أن يسأل لماذا يقترف هذا " الماركسي -اللينيني " و من ورائه حزب العمّال " الشيوعي " التونسي هذا التحريف الفجّ لكلام لينين ؟
والإجابة تكمن فى الخطّ الإيديولوجي الخوجي الدغمائي - التحريفي الذى يصدر عنه العجيمي و يسعى لنشره . إنه يطمس مسألة توزيع الإنتاج و دورها فى تحديد الطبقات و يرسى قاعدة إنكار وجود البرجوازية الجديدة فى المجتمع الإشتراكي ، هذه البرجوازية المتولّدة عن الفروق فى توزيع الإنتاج أو ما أسماه ماركس فى " نقد برنامج غوتا " ، " الحق البرجوازي " الذى يفرز طبعا برجوازية إذا لم تجر محاصرته فما بالك إذا لم يعترف بوجوده أصلا . هذا الفهم هو الفهم الخوجي للصراع الطبقي فى المجتمع الإشتراكي أو فى ظلّ دولة دكتاتورية البروليتاريا على أنّه صراع طبقيّ دون طبقات متناقضة فالبرجوازية كطبقة ، خوجيا ، غير موجودة خلال مرحلة الإنتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية . و جاء محمد الكيلاني الخوجي هو الآخر المعبّر عن جوهر أفكار حزب العمّال" الشيوعي" التونسي آنذاك فى " الماوية معادية للشيوعية " ليردّد ذلك إذ كتب فى الصفحة 79 : " يتكوّن المجتمع الإشتراكي من طبقتين : الطبقة العاملة و الفلاحون الكلخوزيون كطبقتين صديقتين لكن متمايزتين بوضعيتهما فى الإنتاج الإجتماعي . وإلى جانبهما توجد فئة إجتماعية أخرى فئة المثقفين الثوريين" و رأي الخوجيين المفضوحين هذا بشأن الطبقات فى المجتمع الإشتراكي هو ذات رأي الخوجيين المتستّرين فى " هل يمكن إعتبار ماوتسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا ؟ " الذى نال منّا بعض النقد و نتعهّد بإتمام الشغل على صياغة نقد كامل و شامل لهذا " البحث " المهزلة !
و لعلّ المنطق قادكم معنا للسؤال فى إستنكار و من أين أتت البرجوازية التى قامت بالردّة فى الإتّحاد السوفياتي و فى الصين ؟ ( و فى ألبانيا ، إن أرادوا ؟ ) هل أتت من عدم ؟ أو أنزلت من السماء أو من ماوراء الطبيعة ؟ إن المنطق الخوجي منطق غير مادي و غير جدلي بالمرّة ، إنّه قطعا مثالي ميتافيزيقي .
و يؤدى إنكار وجود أحد العناصر الثلاثة فى تحديد مفهوم الطبقات ، الموقع نسبة لتوزيع الإنتاج ، إلى إنكار وجود البرجوازية الجديدة فى المجتمع الإشتراكي و من هنا يقدّم الدغمائيون - التحريفيون أعظم خدمة للبرجوازية الجديدة و أكبر مغالطة للطبقة العاملة التى بهذه الطريقة ستخوض صراعا طبقيّا وهي لا تعرف من هو عدوها (حسب الخوجيين غير موجود). و عليه سيفتح الباب على مصراعيه أمام البرجوازية الجديدة لكي تستولي على أجزاء من السلطة البروليتارية و شيئا فشيئا تحدث بعد مراكمة كمّية سلميّة التحوّل النوعي / الردّة لتعيد تركيز الرأسمالية و لتجعل من حزب و دولة البروليتاريا حزبا و دولة برجوازيين . و هذا ما حصل فى الإتّحاد السوفياتي إثر وفاة ستالين الماركسي العظيم الذى أخطأ بإنكار وجود برجوازية جديدة فى ظلّ الإشتراكية (مشروع دستور 1936) و لكن لئن أخطأ ستالين و بدأ يستشعر خطر إمكانية ردّة و إن ليس بصورة جليّة تماما فى " القضايا الإقتصادية للإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي " ، فإن الخوجيّين يعيدون الوقوع فى الخطأ بدغمائية رغم النقد البناء من منظور بروليتاري المنطلق من المبدأ الجدلي إزدواج الواحد/ قانون التناقض/ وحدة الأضداد الذى أنجزه ماوتسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني لتجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و لستالين الماركسي العظيم بالرغم من بعض أخطائه التى تقدر بثلاثة من عشرة مقابل سبعة من عشرة من الجوانب الصائبة التى ينبغى إعتمادها فى علم الثورة البروليتارية العالمية ( أنظروا " حول مسألة ستالين " و العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " ). و عندما يتجلّى الخطأ و يتمّ التشبث به يغدو الأمر دغمائية - تحريفية .
و العجيمي الخوجي و من نحا منحاه لم يتّعضوا بما حصل فى الصين حيث تأسيسا على فهم ماوي أرقى لوجود الطبقات و الصراع الطبقي و التناقضات الطبقية التناحرية فى ظل الإشتراكية و فى داخل صفوف الحزب الشيوعي عينه و إمكانية حدوث ثورة مضادة سلميا عبر صعود التحريفية للسلطة الذى يعنى صعود البرجوازية للسلطة كما أكد ماو تسى تونغ ، فضح الشيعيون الثوريّون حقا قولا و فعلا وجود البرجوازية الجديدة الناجمة أساسا عن تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاته بما هو مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و تحديدا عن التناقضات بين العمل الفكري و العمل اليدوي و " الحق البرجوازي " و الإختلافات فى توزيع محصول الإنتاج و خاضوا صراع خطّين ضد أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب و الدولة و صراعا طبقيا بروليتاريا ضد البرجوازية الجديدة والقاعدة الموضوعية التى ما تفتأ تولّدها أي تناقضات المجتمع الإشتراكي التى ذكرنا و قاموا ضمن ما قاموا به بمحاصرة الحق البرجوازي قدر الإمكان نحو مزيد تقليص الفروقات شيئا فشيئا واضعين نصب أعينهم دوما الأفق الشيوعي ومعالجة تلك التناقضات المولّدة للمجتمع الطبقي من منظور و بموقف و منهج بروليتاريين . فكانت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كطريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتارية من أعظم مساهمات ماو تسى تونغ فى علم الثورة البروليتارية العالمية التى صارت معتبرة أعلى قمة بلغتها ممارسة دكتاتورية البروليتاريا إلى يومنا هذا. ( بهذا الصدد راجعوا ردّنا على نقد أصحاب " هل يمكن إعتبار ماو تسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا ؟ " و أصحاب " الماويّة معادية للشيوعيّة " في العدد 4 / أوت 2011 من " لا حركة شيوعيّة ثوريّة دون ماويّة ! " و عنوانه " ترّهات خوجيّة بصدد الثورة الثقافيّة ( في الردّ عل حزب العمّال و " الوطد " ) ؛ و في تقديرنا من أفضل الكتب لفهم هذه الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى كتاب شادي الشماوي " الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى أرقى ما بلغته الإنسانيّة في تقدّمها صوب الشيوعيّة " ، مكتبة الحوار المتمدّن ).
إنّ الخوجيّين لم ينهلوا من أرقى ما توصّل إليه علم الثورة البروليتارية العالميّة حينها و إنّما إنحدروا إلى الدرك الأسفل والهاوية التحريفية و ها نحن نلمس لمس اليد كيف أنّهم ينشرون الدغمائية - التحريفية و يقدّمون أجل الخدمات لأعداء البروليتاريا و فكرها .
3- " الطبقات هي نتيجة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج . و الملكية ليست ظاهرة أزلية دائمة فهي بمجرد زوال الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج تضمحل " .
حسب العجيمي و أمثاله جذور الطبقات هي الملكية الخاصة . هذا جميل من أناس يدعون الماركسيّة . من جديد يحرّفون الماركسيّة وفى هذه المرّة يذرّون الرماد على ما أكّده ثاني مؤسّسى الماركسيّة و نقصد إنجلز رفيق ماركس الحميم ففى كتابه " ضد دوهرينغ " ( ص 328 ، طبعة دار التقدم موسكو ، 1984 ) نقرأ :
" إنّ إنقسام المجتمع إلى طبقتين - إستغلالية و مستغَلّة ، سائدة و مضطهَدة - كان نتيجة حتميّة للتطوّر السابق الطفيف للإنتاج ، و طالما أنّ العمل الإجتماعي الإجمالي يعطي منتوجا لا يكاد يتجاوز أسباب المعيشة الأكثر ضرورة للجميع ، و طالما أنّ العمل يستغرق بالتالي ، كلّ وقت الأغلبية الهائلة من أفراد المجتمع ، أو وقتهم كلّه تقريبا ، يظلّ هذا المجتمع منقسما من كلّ بد إلى طبقات. فإلى جانب هذه الأغلبية الهائلة المشغولة حصرا بالعمل القسري ، تنشأ طبقة متفرّغة من العمل الإنتاجي المباشر و تمارس تصريف الشؤون العامة للمجتمع مثل إدارة العمل و شؤون الدولة و القضاء و العلم و الفنّ و هلمجرا. و هكذا فإنّ أساس التقسيم إلى طبقات هو قانون تقسيم العمل ."
الخوجيون يقسمون بالأيمان الغليظة بأنّ " الطبقات هي نتيجة الملكيّة الخاصة لوسائل الإنتاج " ومعلّم البروليتاريا العالميّة يقرّ حقيقة بحوث علميّة أجريت بأنّ " أساس التقسيم إلى طبقات هو قانون تقسيم العمل ."
من البيّن حالئذ أنّ الخوجيين يحرّفون مقولات مؤسّسى الماركسيّة لا لشيء إلاّ ليدخلوها فى قوالبهم الجامدة الدغمائيّة -التحريفية التى لا تخدم سوى المعادين للبروليتاريا و علم الثورة البروليتارية العالميّة . و نسأل من لم يضع على عيونه عصابة و من لم يصم آذانه لأنّه لا عمى كعمى من يريد التعامى و لا صمم كصمم من يريد التصامم : فى الإتحاد السوفياتي و فى الصين ألم تقع مشركة وسائل الإنتاج و قضي تقريبا على الملكية الخاصة و مع ذلك لم تضمحل الطبقات و لا إضمحلّ الصراع الطبقي بل بالعكس إحتدّ و بعد جولات و صولات متعدّدة تمكّنت الطبقة البرجوازية الجديدة النابعة من تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاته من إفتكاك سلطة حزب و دولة البروليتاريا و حوّلتهما إلى حزب و دولة برجوازيّين و أعادت تركيز الرأسمالية ؟ و الشيء عينه ينسحب على ألبانيا رغم ما إدّعي من نقاوة أيديولوجية و صلابة مبدئية و سياسة بروليتارية إلخ للدعاية و التعمية لا غير و فى الواقع يسّر الخط الإييولوجي و السياسي و التنظيمي الذى رسمه خوجا و طبّقه الخوجيون على البرجوازية الجديدة إعادة تركيز الرأسمالية و الخوجيّون فى ألبانيا و عبر العالم فى ذهول تام و كثير منهم إلى الآن غير قادر على إستيعاب وشرح ما حصل في ذلك البلد .
خاتمة :
لم تؤدّى الخوجيّة كدغمائيّة - تحريفية إلى ما آلت إليه ألبانيا من إعادة تركيز الرأسماليّة و قد وقفت البروليتاريا هناك و وقفت الجماهير الشعبيّة مشدوهة فلم يفهم لا أعضاء الحزب و قواعده ولا العمّال و الفلاّحون شيئا ممّا يجرى أمامهم فحسب و إنّما خرّبت الحركة الشيوعية العالمية و حتّى الأحزاب و المجموعات الخوجيّة الباقية حاليّا فى تراجع و إنحصار وهي فى القطر تنشر الأفكار البرجوازية في وضح النهار و لا تزال تدّعى زيفا أنّها شيوعية كلّ هذا خدمة لأعداء البروليتاريا و تأبيد سيادة الطبقات الحاكمة و دولها محلّيا و عالميّا . بينما على الضفة الأخرى و رغم خسارة الصين كحصن ثوري بروليتاري و نموذج ملهم للثورة فإنّ الشيوعيين الثوريّين بعد تعميق دراسة تجارب دكتاتورية البروليتاريا و إستخلاص الدروس القيّمة و نقد الأخطاء و الهنات و إعادة تنظيم أنفسهم على أسس أصلب على جميع الأصعدة والغوص فى الصراع الطبقي من أجل تغيير العالم بإتّجاه الشيوعية ، أخذوا يتقدّمون بخطوات جبّارة عمليّا – مع عثرات طبعا - و نظريّا حيث طوّر بوب أفاكيان إطارا نظريّا جديدا ، الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعيّة الجديدة ، لقيادة الموجة أو المرحلة الجديدة للثورة الشيوعية التى تلوح فى الأفق . و لا بدّ لمن يرنو حقّا إلى القيام بالثورة الشيوعية و تحرير الإنسانيّة بإنشاء عالم شيوعي أن يتسلّح بشيوعية اليوم أو الشيوعية الجديدة ، الخلاصة الجديدة للشيوعية . و الطريق إلى غايتنا الأسمى شائك لكن المستقبل وضّاء !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال