الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-انمي سالي-.. تجرّدني السعادة وتُلبِسني حزنها !

سالي عادل

2018 / 9 / 25
الادب والفن


قد يكون من الغريب ومن العجب أن أكتب أول مقالة لي بعد رحيلك ! ولكنها الحقيقة، وأيُّما حقيقة.. حقيقة مرّة، مرّة وقاسية في ذات الآن. كم كنت أتوق أن ترى منجزي بأُمِّ عينيك، وأن تكون أول خطوة لي في عالم النشر وأنت في عالمي لا في العالم الآخر، ولكنها الظروف ! فأنا لم.أكن قد قررت في قرارتي أن اكتب يوما (أي شيئ) قبل تخرجي، ولكن رحيلك الدامي جعل مني أن أكتب أول موضوع، وأي موضوع؟ هو عنك يا أبي !

مذ رحلت في ذلك اليوم الفضيع، في ذلك التاريخ (25 تموز 2018) وإنا لم تهدئ لي راحة، ولا بال يٌذكر.. فـ أنا مذ ذاك الحين ــ وحتى هذه اللحظة التي إُسطّر بها كلماتي ــ أتجرّع الموت في اليوم، لا بل في اللحظة ألف مرة ومرة.
أبتي أو بابا كما يحلو لي (ولكَ) أن أُناديك.. كان رحيلك المفاجئ.. اللا معروف نقمة في حياتي، وما زال ولا ريب سيستمر الى اللا معلوم، ثمة لوعة فِيَّ لا استطيع التعبير عنها البتّة يا حبيبي.

لم يكن عليك يا نور عيني ودليل دنياي أن ترحل بهذه السرعة الخاطفة (رحيلك أسرع من البرق ومن الضوء)، فأنا وعائلتي لا نزال بحاجة ماسة لوجودك بجنبنا، لـ أن تساندنا، وتمسح على شعرنا، وتحضننا في حضنك الحنين جدا، بالأخص أنا صغيرتك و مُدَلَّلَتُك وحبيبتك ودُميتك "الكثيرة الطفولية".. فبعدك لا دلال ولا براءة طفولة ضلّتا فِيَّ.. رحل كل شيئ وما عادت سالي كما التي تعهدها يا "بابا".

ببدو قد إتضح لي الآن (أنا البلهاء) التي لم تعرف غير البسمة يوما، لِما كنت أكثر ومن أشد المشمئزات والكارهات لـ "إينمي سالي" (كارتون سالي) الذي لم أطق مشاهدته بغير ذي ندرة! نعم إتضح الأمر؛ لأنني لم أكن اود رؤية الحزن، أكره الحزن كرها لا يطاق، ولذا أرى أن (سالي) تلك التي لطالما تهرّبتُ منها قد أشاحت بكل حزنها العميق، قد تعرّت منه لتنقله بكل ثقله نحوي أنا، وكأنها تقول لي، ها أنا قد انتقمت منكِ، كيف تتجرئي على عدم رؤياي وأنا التي يحبها القاصي والداني، فبادلتني الثياب (قسريا).. "أَلبستني حزنها، وإِرتَدَت سعادتي" !

أشتاقك كثبرا، كل دقيقة، كل لحظة، كل ثانية.. لم تُروِني زيارتك في أربعينيتك ضمئي، لا أكتفي بها، كل يوم افتح (الكاليري) خاصّتي وأعتكف طويلا، لساعات وساعات في مشاهدة صورنا ومقاطع الفديو الخاصة بي وأنت، حتى أنني اليوم وقبيل ساعتين كنت منهمسة في عادتي تلك (في الرؤيا) مصحوبة بالدموع قد أُغمِي عليَّ، وقبل ذلك ازدادت حالاتي مع أمراضي، كل يوم عند الطبيب، والإكتآب وصل إلى اللا حدود، أهلي فوق تعبهم وحزنهم، زدتُ على كاهِلهم، فما يكادوا يستراحوا حتى يلقوني مغمية فيهرعون بي نحو المشافي!

ثمّة صديق وصديقة قريبان لي، يحفّزاني ويحاولان ما إِستطاعا ان يشُدّا من أزري ولكن لا فائدة مرجوّة، يذكّراني بقرب العام الدراسي الجديد، يجب عليَّ النهوض من عزلتي، استجمع قُواي، من اجل تحقيق ما أُحِب.. تخرجي بـ الأولى على دفعتي؛ فأكون فخراً لك، يحاولان ويحاولان، ولكنني لا آبه لكل ذاك، حتى أنني أفكر جليا في تأجيل دراستي لهذا العام؛ فحزنك أكبر وأعمق من أن يندمل بكل تلك السهولة.

لقد شحب وجهي، وصرت أكبر من عمري بكثير ــ ولا يهمني ذلك ــ بيتنا بغيابك لا طعم له ولا رائحة له ولا لون، فـ كل زاوية منه تذكّرنا فيك.. أبي لم يكن يجدر بك الرحيل وانت لم تتجاوز الـ 46 ! وأنت في بداية حياتك، وأنت في ذروة نشاطك، ثم نحن ما زلنا صغارا، لم نكبر حتى نعتاد تلك المصاعب التي ترافقنا اليوم !

في الأخير، لكم أنتم، إلى كل إنسان وإنسانة.. "حِبّوا باباكم.. عاشروه ما استطعتم.. لا تفارقوه إطلاقاً.. حِبّوه بقوة.. بعنف، ولا تتركوا أثرا يبعدكم عنه لحظة تذكر؛ فـ فراق الأب يترك لوعة وقرصةً في القلب لا تندثر، ونزيفا يسيل دونما توقف".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر