الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاصفة الفصل الاحادي

جهاد الرنتيسي

2006 / 4 / 3
القضية الفلسطينية


للاحداث علاقة جدلية مع المراحل ، فهما في حالة تبادل دائم لادوار التاثير والتاثر ، وتحديد التفاصيل ، والمفاصل ، والملامح النهائية ، وارضية قراءتها ، وامكانيات استيعابها ، وكيفية التعاطي معها .
والمؤشرات المحيطة بالمنطقة العربية في المرحلة الراهنة تتجه نحو مزيد من الضبابية التي تضفي طابع الانتقالية .
فما يحدث منذ دخول ارييل شارون الى الحرم القدسي وحتي نجاح كاديما في انتخابات الكنيست اقرب ما يكون الى حالة تأرجح بين زمنين .
وفي مثل هذه الحالات يبقى الجسم المتارجح مشدودا الى جميع الاتجاهات وخاضعا لجميع الاحتمالات .
والى جانب فضاءات التارجح ـ التي تتسع وتضيق بين الحين والاخر ـ يساهم تفاوت موازين مكونات المشهد المتارجح في تحديد الاتجاهات وامتدادات اللحظة الرمادية .
وفضاءات حركة المشهد السياسي في المنطقة خاضعة لمؤثرات الكتل الدولية وليست حالة من الفراغ يمكن المضي فيها الى اقصى الحدود .
ولا تحتاج معرفة المكون الاكثر استفادة من مؤثرات الكتل ، ومن ثم ايجاد الظروف التي تتيح له القدرة على ادامة التارجح في الاتجاه الذي يريد الى بحث وتمحيص .
فالواقع الذي تنطلق منه العواصم العربية نتاج تراكمات هزائم متلاحقة ، وتخلف اجتماعي ، وتخبط سياسي ، وعجز اقتصادي .
ويتجاوز هذا النتاج حد الكفاية لتحويل النظام الرسمي العربي الى حالة هلامية لا تتقن سوى امتصاص افعال الخصوم في الخارج والحد من تفاعلات الداخل على امل الافلات من متطلبات التغيير .
ولسياسات ردود الافعال ملامح يصعب اغفالها فهي تدور حول متطلبات البقاء ، ولا تجرؤ على صياغة الاستراتيجيات ، او الحماس لتغييرات ذات جدوى مما يبقيها في حالة من الدوران حول صانعيها .
ولا شك في ان امتلاك اسرائيل لقدرة المبادرة بتحديد اتجاه الاحداث يلعب الدور الابرز في اهتمام مراكز صنع القرار ، و الابحاث ، والدراسات بنتائج انتخابات الكنيست .
وتولد طبيعة اهتمامات هذه المراكز اعتقادا بانها تبحث عن اتجاهات الفعل المقبل ، وافرازاته ، واثاره المحتملة على جوانب الحياة ، للتعايش مع هذه الافرازات ، وتهيئة المنطقة العربية لتقبل الصدمات المقبلة دون هزات كبرى ، والحد من حدة ردود الفعل .
فالامكانيات التي يمكن البناء عليها في المدى المنظور تحيل الخروج من هذه الدائرة الى حالة من الديماغوجيا والتضليل الذي لا يخلو منه الخطاب الرسمي العربي .
وكثيرا ما تقود محاولة تثوير الخطاب السياسي الراكد الى البحث عن نقاط الضعف في تفاصيل المشهد الاسرائيلي وتضخيمها للتقليل من امكانيات الخصم وقدرته على المبادرة .
وفي هذا السياق جاء التركيز على اصطفاف الاسرائيليين الى جانب انعدام الوضوح بتصويتهم لصالح برنامج " الحل الاحادي " غير مكتمل الملامح الذي يتبناه " كاديما " ويبقي " العمل " الباب مفتوحا امام دعمه .
وينطوي اجتزاء هذه الالتقاطة عن سياقها العام على رغبة في الاكتفاء برؤية الجزء الظاهر من جبل الجليد .
ففي تصويتهم الى جانب برنامج الحل الاحادي ، وتجاهلهم للاحزاب اليمينية المغرقة برامجها بطروحات التوسع ، وحل القضية الفلسطينية على حساب الاردن لا يخرج الاسرائيليون عن انحيازهم للحل الامني .
وغموض برنامج كاديما الذي اتاح له اكتساب صفة الوسطية في وسائل الاعلام لا يعني القطع مع خلفيته اليمينية .
وحسب ما اعلنه قادة كاديما مع اشتداد حمى التنافس الانتخابي ستبقى الضفة بعد تقسيمها الى كانتونات عرضة للاقتحام الاسرائيلي ، ومنافذها خاضعة للاحتلال ، وان اطلق على اجزائها مصطلح الدولة .
وفي مواجهة القنابل الدخانية التي اطلقها كاديما لتغليف برنامجه بالغموض لم تعدم احزاب اليمين المتطرف سبل ايجاد ثغرات في الشوط الذي قطعته خطوات الحل احادي الجانب .
وبين هذه الثغرات استمرار حالة انعدام الامن في المناطق المحاذية لغزة رغم الانسحاب الاسرائيلي من القطاع .
ويجد اليمين المتطرف في هذه الثغرات ما يبرر توقعاته بعدم صمود الحكومة التي سيتم تشكيلها على اساس برنامج الحل احادي الجانب ودعوته الى انتخابات مبكرة .
وللالتفاف على هذه الدعوات يبدو المناخ مهيا لاندفاع اولمرت في سباق مع الزمن للانتهاء من تحديد حدود اسرائيل .
ويجد زعيم كاديما في موقف الادارة الاميركية الموغل في الابتعاد عن قرارات اللجنة الرباعية ما يسانده .
ففي تصريحاتها غداة ظهور نتائج انتخابات الكنيست لم تخف كونداليزا رايس استعداد واشنطن لدعم خطة الانفصال احادي الجانب بحجة غياب الشريك الفلسطيني بعد فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي .
وبوضع بيضها في سلة كاديما وجدت الادارة الاميركية نفسها في تباين مع شركائها في اللجنة الرباعية .
وظهر هذا التباين واضحا في الطابع التوفيقي للبيان الذي اصدرته اللجنة اثر اداء حكومة حماس لليمين الدستورية .
فقد هدد البيان بمقاطعة الحكومة الفلسطينية مالم تغير برامجها دون تحديد مهلة لعملية التغيير الامر الذي جرى التعامل معه باعتباره مؤشرا على خلاف وجهات النظر بين واشنطن التي ترغب في خنق حكومة حماس من خلال حصار دولي وبقية اطراف الرباعية التي تسعي الى احداث تغييرات في طريقة تفكيرالحكومة الفلسطينية وادارتها للامور .
ويمكن التعامل مع خلاف اطراف اللجنة الرباعية الراعية لخطة خارطة الطريق باعتباره مقدمة لاعلان وفاتها .
ومع وصول فرص تنفيذ الخطة الدولية الى طريق مسدود تتسع احتمالات تسويق الفصل الاحادي لتصبح الخطة الغامضة اسرائيليا الخيار المتاح لتسوية القضية الفلسطينية .
وامام هذه التطورات تتحول مبادرة السلام العربية الى طلل جديد يلقي عليه رموز النظام الرسمي العربي نظرة عابرة بين قمة واخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال