الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتسول وعابر الطريق

زهير مبارك

2018 / 9 / 27
الادب والفن


عندما تمر بأحد الشوارع "الضيقة" في المدينة، وتتعثر بمتسول فيها إن كنت في أحسن الأحوال مرهف المشاعر، وبداخلك مشاعر إنسانية تشعر بالشفقة عليه، فتتناول مما تيسر في جيبك، وتناوله في يده، وتذهب في سبيل حالك مكملاً يومك كالمعدات. ملبداً بهمومك أفكارك مشاغلك .... وبعد دقائق تنسى انك قد قابلت هذا المتسول من الأساس . وقد "يحدث أن تقابل هذا المتسول مرة ثانية في نفس الطريق " الضيقة"، وقد تعطيه أو قد لا تعطيه مما لديك لأن عقلك الباطني قد بدأ يتأقلم على وجوده ويخف ذاك الإحساس بالشفقة عليه مثل المرة الأولى .....، وتمر الأيام، وقد يحدث أن تقابل نفس المتسول أو من على شاكلته أكثر من مرة، فتتجاوز وجده من الأساس وتواصل طريقك، ويصبح في أحسن الأحوال وجود شعور داخلي بالشفقة غير الحقيقية و" تتمتم" كلمات عابرة وأنت تتجاوزه " الله يعطيك "، وأنت لا تفكر بعد تكرار المشهد بأن تناوله أي شيء .
الشفقة عندما تصبح هي السلاح الوحيد التي يتم بثها للمحيط قد تجدي مرة ولكن عند تكرار حالة الاستجداء تصبح " مهنة " لا تعطي الانطباع لتحريك المشاعر إن وجدت، وتبقى المراهنة من قبل هذا المتسول على من يراه أول مرة ليبدأ من جديد بجلب العطف، وتحريك الضمير ويعتاد مع مرور الوقت على تقبل مرور العابرين الذين اعتادوا على رؤيته كل يوم.

أيام الجامعة كنت انزل محطة النقل كمعبر لموقف آخر كان كل يوم يتواجد ذاك المتسول الذي لا يمل من التسول يوماً بعد يوم أدركت كما غيري بأنه صاحب " مهنة اسمها " الشحدة"، وهو مسؤول عن مجموعة متسولين يتبعون أوامره. هو في الظاهر متسول صاحب عوز وفقر في عمقه متسول وقح يمتهن التسول لزيادة ثروته .
مرت الأيام في مكان ليس ببعيد عن ذاك الشاعر الذي كنت أمر من خلاله كان متسول "معقوف " الظهر إلى التشرد والبؤس كان معي ابني وكان طفلاً لم يتجاوز الأربع سنوات في يده مصروفه بعد تجاوزه مباشرة رجع بطريقة لا اراديه، وناوله ما يملك ورجع مسرعاً لم أتكلم كلمة واحدة وتجاوزنا الطريق . كنت أمام طريقين أضيق من الطريق التي كنا بها إما أن أقول لطفلي بأنه ممتهن "الشحدة " فأنفره من عمل الخير ويشكك في كل شيء ومواقف قد يحتاج أن يتصرف كما تصرف معه أو الصمت ليكتشف بطريقته عندما يكبر أن ليس متسول هو محتاج وأنها " مهنة " يراكم ثروته بها.
ليس كل متسول معوز ومن يعطي مرة له يمكن أن يكررها كل مرة إلا إذا كان يريد منه شيئاً محدداً يريده أن يقوم به، وخصوصاً إذا علم أن التسول لديه عبارة عن مهنة اعتاد عليها، واستسهل الطريق لجمع الثروة أو دخل مرتفع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??