الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المزاد الثقافي

صاحب الربيعي

2006 / 4 / 4
الادب والفن


الرفد المعرفي ليس مساهمة اجتماعية للإرث الحضاري للأمة وأنما هو مساهمات صفوات أبناءها لأن سمة الإبداع تقتصر على ذوات محددة من المجتمع، وتقع عليهم مسؤولية النهوض بمقومات الأمة ومنحها الدور المناسب في الحضارة الإنسانية. وبنفس الوقت لايمكن إسقاط المتطلبات الإبداعية والاهتمام بالمبدعين الذي يقدمه المجتمع لأبنائه من أجل بناء حضارته المعرفية وبالمحصلة يبقى هذا الجهد الذاتي للمبدعين هو الأساس في صناعة المعرفة.
ويمكن القول أن الانتماء للأمة يعني بكل المقاييس الانتماء لهويتها وأرثها ومساهمتها في الرفد الحضاري للإنسانية، والمبدعون هم البناة الأساس لهوية الأمة من خلال رفدهم المعرفي. وبالتالي فإن إبداع وثقافة الأمة لايخضع لأي مزاد مالي داخلي أو خارجي حيث لايمكن شراءه بالمال لأنه صانعاً للقيم العليا للمجتمع. والمبدع (المثقف) الذي يبيع نفسه ويؤجر قلمه، لاقيمة لنتاجه الثقافي لأنه نتاج مدفوع الآجر ومحدد المهام ويخدم توجهات أصحاب رأس المال ولا يصلح للرفد المعرفي للأمة.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن المال هو أرخص وسيلة لشراء قلوب الناس وألسنتهم وحناجرهم وعقولهم، هذه القلوب والألسن والحناجر والعقول هي رصيد كل من يطمح في السلطان والنفوذ".
الثقافة تمثل القيم العليا للمجتمع وهي المحددة لسُبل تقدمه وتأخره، فإن كانت ثقافة المجتمع موجهة من قبل السلطة تكون مهامها محددة وتسهم في تأخره. ويتوقف ذلك على المثقف ذاته فإن كان يعي مهامه ورسالته، تصدى لتوجهات السلطة واتخذ مساراً بعيداً عنها لخدم مصالح المجتمع، وأن كان انتهازياً سلك مسار السلطة وأصبح داعياً لتوجهاتها.
ولاتترك السلطات المستبدة المثقف وشأنه وتسعى بكافة السُبل للإيقاع به وتجيير إمكانياته لخدمة توجهاتها، والمثقف الرافض غالباً ما يتعرض للاضطهاد والعنف والتهميش والإقصاء بغرض إجباره على بيع نفسه وقلمه لها حتى لو بلغ من العمر أرذله!.
يرى ((خليل فاضل))"أن نفسية المثقف في كثير من أحوالها تتأصل وتتعشق وترتكز على علاقته بالسلطة من ناحية وبالبنى الاجتماعية من ناحية أخرى، فالسلطة في بلده أو خارجها تتحكم في أهوائه وتخلق منه انتهازياً أو تضطره لأن (يبيع) في أرذل العمر رخيصاً مع أنه كان يتمكن من البيع غالياً وهو في عنفوانه وشبابه للسلطة. ويكون لسانها وحصانها وتستفيد هي منه بأن يكون بوقها وكاتبها (حتى لو تم ذلك بشكل أنيق جداً، مستتر ومزين بالشعارات)".
وهناك شكل أخر للعرض في المزاد الثقافي حيث بيع المثقف نفسه حين يكون طموحاً بشكل غير مشروع وساعياً للجاه والمال لقاء نتاجه الثقافي، فيسعى لعرض خدماته على كافة السلطات ليستأجر بالمال أو يكافأ بالمركز الوظيفي ولاتهمه المهام والرسالة الثقافية. إنه يعرض بضاعته الثقافية في المزاد لمن يدفع له أكثر يكون خادمه وعبده، ولايبالي بتعارض مصالحه مع مصالح المجتمع أو الوطن!.
هذا الطموح غير المشروع للمثقف الذي يعاني من فقر إمكانياته ومهارته ونتاجه الإبداعي، توظفه السلطات الاستبدادية ليس من أجل خدمة توجهاتها حسب، بل من أجل استخدامه في التصدي للمثقفين الرافضين لها.
وقد حقق العديد من المثقفين طموحهم غير المشروع عبر هذا الاتجاه وعلى حساب أقرانهم من المثقفين الرافضين لنهج سلطة الاستبداد، لكن سرعان ما سقطوا في الحضيض بسقوط سلطة الاستبداد وأصبحوا ونتاجهم منبوذين ومحتقرين من المثقفين والمجتمع معا!.
يقول ((داج همرشولد))"أن ثمة علاقة سببية وعميقة بين قمة طموح الإنسان، وعمق سقوطه المحتمل".
إن سوق المزاد في أنظمة الاستبداد للبضائع الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الرخيصة يحقق ربحاً كبيراً للمثقف الدجال لكنه يخسر خسارة كبيرة بخسارة نظام الاستبداد للسلطة. وبخلافه ينال المبدع ونتاجه الإبداعي أسهم معرفية مربحة على طول مسيرة الحضارة الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده