الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقعة حمراء

هدى يونس

2018 / 9 / 29
الادب والفن


بقعة حمراء!!

هدى يونس



دخانا يشكل كائنات تتلاشى , ودخان آخر يُخرج كائنًا يكون بداية لكائنات أخرى تتلاشى.. تخرج كمية أخرى وقبل تحديد هويتها تختفى.. وتراكم المدفوع ، وكون تلال سحب تتحرك ، حتى إنتهى التبغ .
على حبال البلكون البعيد .. تتطاير ملابس بأشكال وأطوال تتقارب، عدا الأخيرة ملاية كبيره عليها بقعة حمراء ، يُطير الهواء ما يسبقها من ملابس , وتزيد مساحة البقعة باعتبارها وردة !!

ذكرتها بلحظة وقوفها أمام باب الجزار تسأل عن أخيه الذى تطمئن لعطائه ، لم تجده ، تلاحقت وعود الأخ ولم تجد مهربًا ، بدأ التقطيع من أماكن توافق عليها .. عند تحريك يده على السطح الخشبى الغليظ تتغير القطع.. ترفضها.. يتركها جانبًا.. ويقطع من أماكن أخرى توافق عليها.. وتتغير ويتكرر الموقف .
ركزت تتابعته.. عند دورانه يلتقط قطع أخرى بعد ترك ما بيده .. تردد استغفارًا بصوت عالٍ .

إطمأن لهدوئها .. يده تلتقط بخفة القطع ولسانه لا يتوقف عن مدح أولاد الأصول ، وغلفها .
مد يده يعطيها والأخرى لتأخذ الثمن ، استلمتها بيديها ، وقذفته بها فى لمحة !!.
وإستدارت هادئة تاركة المكان .
لمحت ذهوله وشلل حركته ، وإبتعدت ، سمعت سبابه ، وإتهامها بالجنون .
هونت ما تسمعه وإستغفرت ربها ، عقلها راض عما فعلته ورافض عودتها إليه .
ظل يوسوس مؤكدًا حمايتها ومحافظًا على هيبتها ، تثق فيما يقوله ، وترفض مساعدته..
هو من حرضها على صفع ضابط الشرطة المحب على وجهه دون توقع .. وتدمير زواجها.
فى طريقها تلاشى صوت السباب .. وانشغلت بعبور الشارع .
تسترجع ما حدث .. وهل ما حدث يستحق رد فعلها .. وكيف تم ؟..
وبدأت وسوسته : " أنا من أعجز الجزار ، وملأتُ داخله رعباً ومخاوف ، وتركته بعد إكتمال سيطرتى عليه ، بعد سبابه لك جلس فى ركن يرتعد ، ولا يقوى على الحركة ، يتأكد قولى فى الأيام المقبلة عند رؤيته لك !! "
جزء منها يرضى عن تأكيد مكانتها وعمل حساب وجودها ، أما قلبها يناجى الرب ليخلصها من هذا الشيطان المارق الى الأبد..
يرى ويسمع بكائها ودعائها وكرهها لوجوده ، ولا يتركها ، ويتقاسم معها عمرها ، ومصيرها .!!
يضيق من كرهها له وهو العاشق ، تمرد على أبيه وسلطانه بسبب إقترانه بإنسية.
تبصق عن يسارها سبعاً ليبعد الله عنها شروره وضلاله..
ويتوعدها هو بعذابه.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
البقعة الكبيرة الحمراء الوحيدة خلف الغسيل المتراكم فى البلكون البعيد . ذكرتها بحدث مر عليه أكثر من عشرون عامًا ، كانت قادرة وقتها على الفعل ، وتحملت تبعات مواقف أكثر حسمًا ، قبل أن تغرقها طوفان تكاسل وهروب وإنسحاب .
تسرب موقف يجر آخر يؤكد طبيعتها التى تحمل سلامًا وتحديًا رافضًا للقهر ..
تتذكر أحداثاً تملأها طاقة وإستعادت وعيًا وإرادة تخلت عنها بلا أسباب ؟...
والبقعة الحمراء تتناثل ويخرج منها مواقف تنسف حوائط شُيدت وتعددت حتى عزلتها عن تاريخها..
تحدق فى البقعة الحمراء أكثر تبحث عن إجابات لتصحيح المسار !! وإنتابها دوار !!
تشبثت بعتبة الشباك الواقفة جواره .. إنخفضت رأسها وأُغمضت ، رأته داخلها ، ولم تستطع فتح عينيها .
بعد مرور سنين تسمع ضحكته المتوعدة .
وجوده المفاجئ إرتبط بدوارها ، تود لعنته ، تود الجلوس ، ولا تقوى .
عاد إستقرار وقفتها ، تسبه وتلعنه بصوت مسموع ..
وهو يلعنها ويلعن حبه لها ، ويسخر من تحديها العاجز ، وملازمته لها رغما عنها ..
يرد على تساؤلها الذى لا تعلنه ، إختفيت ولماذا أتيت ؟
أجابها : بين الحين والآخر أحضر وأطمئن على إخماد تمردك وإختفاء قدرتك على مواجهتى .
وسبب حضورى تمعنك فى البقعة الداكنة التى تثير تمردك على سلبيتك !!
وقف أمامها على سور منور العمارة المواجه للشباك ، تشير بإصبعها نحوه وتردد قرآنًا .
يتحرك بغيظ يهددها ويأمرها أن تكف .. ولا تأبه بتهديده ويختفى ..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

سمعت سبابًا وصراخًا ، ورأت قوم على سطح البيت المهجور المجاور ، وأسفله مسجد ...
تحول السطح لساحة عراك ، كراسى تطير ، زجاجات تحلق ، عصى تتقاذف ، يسقط أشخاص ، ويتصادم آخرون ، ظهر أمامها على السور يبتسم ، وكلما حرك رأسه ، يشتعل الصدام والصراخ ..
ثم تحول هو لهدف ، تُلقى عليه زجاجات وعصى .. ثابت فى مكانه ، يتفادى ما يُلقى بخفة تحمل إستهزاءاً ولم يصب بشئ .

إختفى ..
تحولت هى هدفًا ، تحاول أن تبعد ولا تقوى ، تشير الأيدى والأصوات تأمرها بغلق الشباك .
لا تقوى .. ولا يتوقف المتخاصمون .. إخترقت جبهتها قطعة زجاج ، صرخت ، ألهمها الألم إنتزاعها.. وجدته على السور يبتسم ، مشيرًا لمجرى الدم المتسرب الى عينيها.. قذفته بقطعة الزجاج المنتزعه جانبها وهو يشير بيده يحذرها ، والتصقت به بعد تناثرها على جسده .. وتناست الألم..
أصوات الصراخ بدأت تقل حتى إختفى كل شىء ، وعاد السطح مهجورًا .
حين إمتلكت الرؤية ، زاحمها تفكك روابط تاريخها الشائه وتبدد فى برارى ملحية مجهولة ..
لم يتبقى غيره على السور ، تتمنى ان تكون عاصفة رعدية تُقلعه كى تنجو هى..
وهو مشغول بنزع شظايا الزجاج ، بعدها بعثر طوب السور خلف الأفق وإختفى .
تلك المرة لم يكن إختفائه غامضاً كالمرات السابقة ..
كانت تتابعه وتجمع المتناثر منها وتبتهل كى يعتدل ميزان كونها، ظلت ترصده لآخر نفطة رؤيتها...
رأت بقعة داكنة من دم متجمد على عتبة الشباك وعلى ملابسها ..
وتحت قدميها بقعة حمراء أكبر !! .

هدى يونس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع


.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح