الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكفيل

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


تابعت في الفترة الأخيرة المهازل التي كشف عنها توغل المال السعودي في الرياضة، وعلى الرغم من أن المال السعودي قد توغل في السياسة والاقتصاد وغيرها من مناحي الحياة في مصر إلا أن الرياضة وحدها هي التي يلتفت إليها الناس في بلدي وبالتحديد كرة القدم!
ولو رأينا من هذا الشعب حمية مماثلة على التفريط في تيران وصنافير أو بيع وتأجير مساحات شاسعة من الأراضي والمصانع والشركات للمستثمرين السعوديين والخليجيين بصفة عامة لما وصلنا الى هذه المرحلة التعيسة التي نعيشها الأن حيث يتحكم المال الخليجي في الكثير من مناحي الحياة ومن الشخصيات العامة.
والحقيقة أن تجربتي الشخصية في هذا المجال كانت في غاية التعاسة، فبعد أن عملت في المستشفى العسكري بأحد دول الخليج لستة سنوات، قاموا بتعيين فتاة تنتمي لأحد العائلات المتحكمة في البلد معي في نفس المكان ولأني لم أنصاع لارادتهم في وضعها على رأس العمل وتمسكت بوضعي في المكان والنابع عن خبرتي في المجال الذي أعمل به واجهت منهم حرب من نوع قذر لا يخطر على بال أكثر العقول المريضة المختلة.
وكم كنت متعجبة من ثقتهم الكبيرة في قدرتهم على ملاحقتي في بلدي وقدرتهم على التحكم في المسؤولين والجهات السيادية هنا، وتصورت أن هذه الثقة ليس لها أساس وأنهم غير قادرين على الوصول اليّ في مصر.
ولكن ويال العجب لقد تمكنوا من ملاحقتي هنا بواسطة أجهزة بلدي وابناء بلدي بأكثر مما فعلوا عندما كنت أعمل لديهم!
إن هذه التجربة التي أعيشها منذ سنوات وبعد عودتي من تلك البلد الخليجية كشفت لي حقائق لم أكن أتمنى أن أعرفها في يوم من الأيام.
لقد تعلمت أنني في بلد غاب فيها تماما القانون وحل محله القوة والمال فبالنفوذ والمال يمكنك أن ترتكب أي جرم وأنت أمن تماما من المحاسبة.
تعلمت أن لكل شخص في هذا البلد ثمن وأن الشرف والنخوة والذمة والشهامة مجرد ادعاءات وكلمات ليس لها اي مدلولات.
فلكل شخص في هذا البلد ثمن والشعب "المتدين بطبعه" لا يعرف من الدين أكثر من غطاء رأس يوضع على رؤوس النساء وليس له علاقة بنصوص القرآن الصريحة الواضحة التي لا لبس فيها ولا بالسنة.
الكل في هذا البلد لا يمانع في نيل المال من أي مصدر ولو كان تهريب آثار بلاده ومحو تاريخها أو كان خطف الأطفال الأصغار وبيع أعضائهم والاتجار بهم أو استخدامهم في أعمال غير مشروعة أو استيراد الأغذية الفاسدة والمغشوشة من أعلى سلطات في البلاد أو بيع الأرض أو العرض فالكل يبحث عن المال من أي مصدر.
ولا بأس إذا في أن تقوم بإيذاء من يعتبره الكفيل عدو له طالما دفع الثمن المناسب لك، والمدهش أنك لن تجد لك سندا ولا نصيرا أمام هؤلاء الذين تمكنوا من شراء البلاد والعباد بثمن بخس.
لقد كنت اتابع الصداقة القوية التي تجمع بين الرئيس المصري وملك هذه الدولة الخليجية الصغيرة والزيارات المكوكية التي يذهب فيها الرئيس المصري هو وزوجته اليهم والتدريبات العسكرية المشتركة التي يقوم بها البلدان معا على الرغم من أن الجيش هناك في أغلبه مكون من باكستانيين وهنود وسودانيين!
وكنت أعتقد أن المسألة ليست عامة ولكنهم قد وجدوا في عدم رضوخي لهم ما يجرح كبريائهم فقاموا بالتوصية عليّ بشكل خاص للتنكيل بي ومطاردتي في عيشي ومنعي من ممارسة مهنتي الأصلية التي أملك الكثير من الخبرة فيها، ولكن بعد ازمة تركي آل شيخ تبين لي أن الخليجي بوجه عام يمكنه أن يفعل ما يشاء في هذا البلد فبكلمة يتم القبض على مشجعي النادي الأهلي وبكلمة تحرم أمال ماهر من الغناء في بلدها وبتويتة يهرع اليه كبار الرؤوس في الدولة لتركع تحت اقدامه راجية إياه أن لا يتركهم فهو ولي النعم الذي يمنع ويمنح.
ولأن هؤلاء لا يمكن أن نطلق عليهم مستثمرين بالمعنى الطبيعي المعروف للمستثمرين فإن بإمكانهم الخروج بالأموال التي دخلوا بها وأكثر في اي لحظة دون وجود قانون ينظم هذه العملية أو عقوبات تطبق عليهم في هذه الحالة ففهي النهاية نحن لا نعيش في دولة إنما في حظيرة يمكن لأي كان أن يشتري ما بها من كائنات لا رأي لها ولا كيان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية