الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع التعريف بالكتاب والادباء العراقيين ومنجزاتهم - الحلقة (1): محمود احمد السيد

عباس موسى الكعبي

2018 / 9 / 30
الادب والفن


مشروع التعريف بالروائيين العراقيين والرواية العراقية

هو مشروع فكري شخصي بسيط للتعريف بالكتاب والادباء العراقيين ونماذج من اعمالهم الروائية والقصصية.. هذا المشروع الذي طالما راود ذهني يتعلق بكتابة بعض السطور للتعريف بالادب العراقي السردي واهم الروائيين والكتاب في تاريخ العراق الفكري ونماذج من بعض منجزاتهم.. واثرت ان اشرع بالروائيين والكتاب الرواد ممن دونوا ذلك التاريخ الحديث نسبيا في فن كتابة الرواية.. اتمنى ان ينال هذا الجهد قبول الاصدقاء من المهتمين وغير المهتمين بالسرد العراقي.. وسأبدا بالرائد الفعلي للقصة العراقية الكاتب محمود احمد السيد مع نموذج من منجزه الشهير (جلال خالد – 1928)..
نشأ السرد العراقي الحديث في مطلع القرن الماضي، متأثرا بتطور هذا الفن في الدول الغربية، ووصل إلينا عن طريق مصدرين رئيسيين: الأول، الأدب التركي أو ما ترجمه الأتراك، وقد تأثر به جملة من رواد السرد العراقي وعلى رأسهم مؤسسه محمود احمد السيد، الذي قرأ هذا النوع من الأدب باللغة (التركية).. أما المصدر الثاني، فهو المنجز السردي المصري والسوري، والذي يعد صورة أخرى أكثر سطحية للسرد الرومانسي الغربي وبالأخص الفرنسي، وكذلك ما ترجمه الأدباء المصريين والسوريين من الأدب العالمي ..

الحلقة (1): محمود احمد السيد:

هو (رائد القصة الحديثة في العراق)، حسب مقالة كتبها الدكتور علي جواد الطاهر نشرت في عدد نيسان / ابريل 1969 من مجلة (الآداب) البيروتية.. ولد السيد في بغداد في 14 آذار سنة 1903 وتوفي في 1937. وتحددت ثقافة محمود السيد بدراسته الدينية في مكتبة أبيه المدرس في جامع الحيدرخانه . ثم درس في المدارس العثمانية الأولية لينتسب الى دورة في الهندسة في زمن الاحتلال الانكليزي . ثم سافر الى الهند ومكث فيها عاماً كاملاً اطلع فيه على أحوال الهند الثقافية والاجتماعية وتعرف فيها على المفكر الهندي الاشتراكي (سوامي) وتأثر به ثم عاد الى العراق عام 1920 أيام ثورة العشرين ليدون تجربة رحلته الى الهند وقيام ثورة العراق في روايته القصيرة (جلال خالد) التي أصدرها عام 1928 . درس (السيد) التركية مثل أبناء جيله وترجم عنها من الآداب الانكليزية والروسية.. وكانت أولى أعماله رواية قصيرة بعنوان (في سبيل الزواج) أصدرها في آذار 1921 بمقدمة لصديقه الكبير حسين الرحال احد ابرز مثقفي العراق التقدميين أيامها. تبعها السيد برواية اخرى بعد عام هي (مصير الضعفاء) طبعت مع سابقتها في القاهرة بمقدمة لمحمود حلمي الناشر صاحب المكتبة العصرية . ثم اصدر السيد مجموعة من قصصه القصيرة في نفس العام (1922) تحت عنوان (النكبات).. إضافة الى تجاربه الحياتية التي كان يسطرها دون كبير تشذيب او عناية بل هي الرغبة العارمة في الكتابة الدرامية ثم اصدر بعد ذلك (الهام المتقابلة) وهي حوارات فكرية دارت على شكل رسائل بينه وبين صديقه عوني بكر صدقي ثم أتت رسائله الصغيرة التي طبعت على شكل كراريس فكرية لتظهر بعد سنوات روايته الأولى الأهم (جلال خالد) عام 1928 ، وهي رواية أعيد نشرها في مجموعة أعماله الكاملة التي أصدرها الأستاذان الدكتوران علي جواد الطاهر وعبد الاله احمد..

رواية جلال خالد:
هي اول رواية عراقية في تاريخ الادب العراقي.. تتألف من جزأين وهي عبارة عن مذكرات للعراقي جلال خالد في فترة الاحتلال البريطاني للعراق وقد غادر بلاده تخلصا من شدة وطأة الاحتلال ، وهو فتى في العشرين من العمر , تبدأ الرواية برحيل المواطن جلال خالد في اصيل اليوم السابع من مارس 1919 من بغداد إلي الهند على متن الباخرة (بارجورا), وقد لفتت انتباهه فتاة يهودية جميلة كانت في طريقها الى سنغافورة مع ابيها الكهل وفتى سيتزوجها هناك، لكنها سلبت لبه وظلت تداعب افكاره.. ثم وصوله إلى مدينة مومبي، فيجد اغنياءها يتمتعون بكل ما لذ وطاب وشعبها فقيرا.. وبعد سنة وبضعة اشهر يغادرها الى كلكتا التي وجد حالها حال يومبي وهناك يلتقي بالكاتب الهندوسي ف. سوامي , الذي يعمل على تشجيع الناس على الثورة من خلال كتاباته، ويؤكد اختلافه عن جلال خالد انه بقي في وطنه لنشر الأفكار الوطنية ، وتكون فيما بينهما العديد من الحوارات التي تخص الحرية والثقافة وحقوق المرأة قبل العودة الى بغداد بعد نحو سنة واربعة اشهر لتفاجأه الاخبار باحتلال الفرنسيين لسورية .
وتضمن الجزء الثاني من القصة مراسلات بين جلال خالد و صديقيه احمد مجاهد و (ك. س) بعد ان اجتمع بهما في داره وحدثهما عن الكاتب الهندي, وتتحدث الرسائل المتبادلة عن احوال الناس السيئة والرغبة في الثورة لا سيما في جنوب العراق ، ويري خالد أن الثورة والاصلاح تكون من خلال نشر المعرفة والتعليم وترك التقاليد القديمة التي لا تؤدي إلا للفرقة فضلا عن حاجة العراق الى رجال والى جهود تبذل من اجل اصلاجه وتقويم نظامه .
جلال خالد هو نص وجودي مؤدلج، اقترب من الواقع نسبيا، وحدد المشكلة بطريقة ناضجة سبقت عصره بسنوات، حيث تناول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تخلف العرب والمسلمين عموما عن ركب الحضارة، فوظف الروائي أسلوب التورية في التعبير عن آراءه الجريئة والحساسة انذاك، عن طريق طرح المشكلة في ساحة بعيدة عن مجالها الحيوي، فنقلها من العراق إلى الهند، في حوار بين البطل جلال خالد وصديقه الكاتب الهندي اليساري، يفصح فيه الأخير عن إحد أسباب تخلف الهند بقوله .. (هذه المعابد لا تنفعنا نحن الهنود اليوم، ليس لدى الشعب مدارس بقدر ما لديه منها).. لقد غابت عن الكاتب الكثير من التفاصيل المهمة بالنسبة للقارئ مثل (تحديد ملامح ابطاله، والبيئة المحيطة بهم .. إضافة إلى غياب الأدوات التي يمكن أن تعالج المشاكل الاجتماعية التي طرحها) وكما في رسالة البطل الأخيرة لصديقه احمد مجاهد..(اجتمعنا فتحدثنا كثيرا ثم انتهينا فلم نرسم خطة عمل، ولن نقدر على ذلك.. فإننا اتفقنا على أن لا نتفق)...
لقد مثل جلال خالد شاخصا توارى خلفه محمود احمد السيد، وما رحلة جلال خالد إلى الهند إلا رمزية مادية، لرحلة فكرية عاشها الكاتب نفسه، أسفرت عن تحول قناعاته ورؤاه الفكرية والدينية والاجتماعية، نتيجة تأثره الكبير بالأطروحات الفكرية الحداثوية.. وقد وضح هذا الأمر في الفصل التاسع، حين تحول البطل من الفكر الديني القومي إلى الثوري التحريري الاشتراكي، بعد استماعه لعدة دراسات أدبية وفكرية، مثلت تجارب أدبية وفلسفية وسياسية عالمية، في احد المنتديات، أثناء تواجده في الهند ..

وتبقى رواية جلال خالد للروائي محمود احمد السيد، علامة مضيئة في تاريخ السرد العراقي الحديث، تستحق منا الكتابة والاهتمام والاستذكار. وفي هذا الصدد، لابد لنا ان نشكر دار ومكتبة سطور لصاحبها سندباد الثقافة ستار محسن على اعادة نشر الرواية وجعلها متاحة امام القارئ العراقي والعربي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟