الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي إصلاحات اقتصادية ؟ (2/2)

محمد بن زكري

2018 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في ظروف الفوضى الخلاقة ، حيث تطابقت النظرية مع التطبيق ، في الحالة الليبية من ثورات الربيع العربي ، كان لابد أن يحدث ذلك ؛ بدءً من (نهب) نحو 400 مليار دينار من المال العام ، و انتهاءً إلى (الإصلاحات الاقتصادية) ، التي كشفنا جانبا من عوراتها ، في القِسم الأول من هذا التناول البحثي ، و نستكمل كشف جانب آخر منها ، كما يلي هنا ..

أكذوبة الإصلاحات الاقتصادية :
ليس لإصلاحاتهم الاقتصادية من الإصلاح إلا اسمه ، فإن ما يزعمونه - مثلا - من أن إعادة تفعيل القانون رقم (27) لسنة 2013 ، في شأن تقرير منحة للزوجة و الأولاد ، سوف يعيد التوازن بين دخل المواطن و بين قوى السوق ؛ مردود عليه بأن علاوة العائلة تلك ، فضلا عن كونها مجرد (رشوة) مقابل تمرير قرار الرواتب الفلكية لأعضاء المؤتمر الوطني العام .. في حينه ، ثم الآن .. مقابل تخفيض القيمة الشرائية للدينار ، فإنها منحة - أو رشوة - مقصورة فقط على موظفي الحكومة ، دون سواهم .. هذا أولا . أما ثانيا : فهي مقصورة على الأولاد ما دون سن الثامنة عشر ، أما الأولاد ما فوق سن 18 فلا حق لهم فيها .. بالرغم من بقائهم عالة على آبائهم ، بفعل البطالة ، نظرا لأنه لا وجود لأي تشريع ليبي يقرر منحة بطالة (بالأحرى : تعويض بطالة) للمعطلين عن العمل . و ثالثا : لم يحدد القرار ما إذا كان استئناف تفعيل القانون رقم 27 لسنة 2013 بشأن علاوة العائلة ، سيكون احتساب مفعوله بتاريخ رجعي اعتبارا من تاريخ إيقاف صرف العلاوة ، أم فقط اعتبارا من تاريخ صدور قرار الرئاسي رقم 1300 لسنة 2018 (و العوض على الله) . أما رابعا : فلقد أغفل المجلس الرئاسي (و شركاؤه) في برنامج الإصلاحات الاقتصادية المزعومة ، أن يوردوا أية إشارة إلى (تدارك) تطبيق القانون رقم (5) لسنة 2013 ، بإضافة حكم (المادة 21 مكرر) إلى القانون رقم 13 لسنة 1980 ، في شأن الضمان الاجتماعي ، التي ورد في نصها : " إذا زيدت مرتبات العاملين في الدولة ، زيد معاش المتقاعدين منهم ، بذات النسبة التي يزداد بيه المرتب المقابل لدرجة صاحب المعاش عند التقاعد .... " ، اعتبارا من تاريخ صدور القانون في 20 يناير 2013 . وذلك رغم تواضع هذا التعديل في بنية أسوأ نظام تقاعد على الكوكب .
و إن حكومة ما يسمى المجلس الرئاسي (حكومة السراج) ، مثلها مثل كل الحكومات الليبية قبل و بعد فورة فبراير ، لم تفكر في أن تقرر حق (تعويض بطالة) للمعطلين عن العمل ، بما يعادل الحد الأدنى للأجور . و لم تفكر بتصحيح وضع معاشات التقاعد لموظفي الدولة ، بل على العكس من ذلك امتنعت حتى الآن عن تنفيذ القانون رقم (5) لسنة 2013 . و لم تفكر مطلقا بتنظيم عملية الاستخدام في القطاعين العام و الخاص ، بما يحقق تكافؤ فرص العمل ، و منع و إبطال المحسوبية في التوظيف بجهاز الحكومة و مؤسسات القطاع العام . و لم تفكر بتقرير حد أدنى (إجباري) للأجور ، و تقرير حد أعلى للرواتب ومعاشات التقاعد . و لم تفكر بتعديل نظام الضرائب - على الأرباح التجارية - و ترشيد الجباية . و لم تفكر (و لا تريد أن تفكر) في تجريم الاتجار بالعملة في السوق السوداء . إنها فقط أسرعت إلى التفكير بتخفيض سعر صرف الدينار ، لا لشيء آخر إلا لـ (تعويض) ما استنزفته ممارسات الفساد المالي الحكومي و المضاربة في السوق السوداء و التلاعب الإجرامي بالاعتمادات المستندية ، من السيولة النقدية في الوعاء المصرفي ؛ استقطاعا من أرزاق المستهلِكين محدودي الدخل ، و سطوا على جيوب الفقراء و المفقَرين .
و لعل أكبر خدعة - أو كذبة فاضحة و مفضوحة - لمزاعم إصلاحاتهم الاقتصادية ، هي رفع الدعم تدريجيا عن السلع التموينية ، انتهاءً إلى إلغائه كليا و نهائيا ، بدعوى مكافحة التهريب . و لقد تم رفع (إلغاء) الدعم على السلع التموينية (حتى الأساسي منها) ، دون أن تفي السلطة الحاكمة ، بما كانت - مرارا - قد تعهدت به ، من تحويل قيمة الدعم على السلع التموينية ، إلى دعم نقدي يُصرف مباشرة للمواطنين ، وفقا لبيانات منظومة الرقم الوطني أو منظومة جمعيات الصندوق الحكومي - الكومبرادوري - لموازنة الأسعار (وريث المؤسسة العامة للسلع التموينية ، و الجمعيات التعاونية الاستهلاكية سابقا) .

ليست منحة :
يتعمد أطراف اتفاق الإصلاحات الاقتصادية - كما فعل محافظ البنك المركزي - و يتعمد منظرو تلك الإصلاحات ، أن يطلقوا صفة (منحة) ، على مبلغ الألف (1000) دينار ، المسموح لأرباب الأسر بـ (شرائها) بسعر الصرف الرسمي المعلن في النشرة اليومية لمصرف ليبيا المركزي (1 دولار = 1.4 دينار) . و هم إذ يفعلون ذلك ، لا يجهلون أنها ليست (منحة) ، لكنهم يتكاذبون بقصد التضليل ؛ فالمنحة تكون بدفع المبلغ دون أي مقابل ، و ليست إجراء مصرفيا لاستبدال المبلغ المذكور ، وفقا لسعر الصرف الرسمي (الأصلي) . فما هي إذن المنحة ؟
المنحة .. بدلالة اللفظ في كل اللغات ، هي ما يُعطى مجانا و بلا شروط . و على سبيل المثل : هي ما قررت السلطة الاتحادية السويسرية مؤخرا تطبيقه - تجريبيا - في قرية (رايناو) ، بمنح دخل أساسي شهري ، شامل و غير مشروط ، لكل فرد من سكان تلك القرية ، بغض النظر عن عمل الفرد و طبيعة مهنته ، بحد أدنى قدره 640 دولارا لكل فرد يقل عمره عن 25 عاما ، و بحد أقصى قدره 2600 دولار لكل فرد يزيد عمره عن 25 عاما . و ذلك بعد أن صوّت الشعب السويسري بنسبة قرابة 80% ، في استفتاء رسمي جرى سنة 2016 ، ضد مشروع قانون يقضي بـ (منح) 2500 فرنك شهريا ، لكل مواطن سويسري ، مجانا و سواء كان يعمل أو لا يعمل ، و أيضا لكل أجنبي مقيم بسويسرا مدة 5 سنوات إقامة مستمرة . (1 فرنك سويسري = 1.0385 دولار أمريكي) .
فأين هي حقيقة منحة السلطة السويسرية ، من أكذوبة (منحة) سلطة دولة الميليشيات الليبية و إصلاحاتها الاقتصادية ؟!
هذا من حيث شكل (المنحة) ، التي هي ليست منحة كما أسلفنا ؛ أما من حيث المحتوى ، فهي دعم غير مباشر لاقتصاد السوق السوداء ؛ ذلك أن المواطن العادي رب الأسرة ، المثقل بأعباء سياسات الإفقار و التجويع ؛ بعد أن يقاسي مشقات و مذلة الوقوف في الطوابير ، و بعد أن يتكبد دفع رسم مئوي - باهظ - مقابل معاملة تحويل دنانيره إلى دولارات و الحصول على بطاقة فيزا ، سوف يضطر مرغما تحت ضغط الحاجة ، أن يبيع دولاراته في السوق السوداء ، للاستفادة من فارق السعر في سداد ديونه و تدبير نفقات الحد الأدنى من تكاليف المعيشة لأسرته .
و ذلك يعني أن سيولة نقدية مهولة الحجم من العملة الأجنبية ، تقدر بنحو 7 مليار دولار (نقدا) ، سيتم ضخها في السوق السوداء ، لتنشيط دورة راس المال المضارب ، استنزافا للدخل القومي ، و إنهاكا للموازنة العامة ، و تأجيجا للأسعار ، و تهريبا للعملة ؛ انتهاء إلى أزمة اقتصادية و مالية (دورية) جديدة ، قد تكون أشد وبالا من سابقتها .

دعم السوق السوداء :
نصّ قرار المجلس الرئاسي بفرض رسم على مبيعات النقد الأجنبي ، في مادته رقم (6) ، على أن : " يُستثنى من تطبيق أحكام هذا القرار مخصصات أرباب الأسر من النقد الأجنبي " . و (المخصصات) المذكورة هنا ، هي مبلغ الألف (1000) دينار ، المسموح لكل فرد أن يدبره بوسائله الخاصة و يدفعه من جيبه الخاص ، ليشتري به عملة أجنبية ، بسعر الصرف الرسمي (دون إضافة الرسم الضريبي 183%) ، و هي ما اعتبره محافظ البنك المركزي (منحة) ، كما سبقت الإشارة إليه .
و تأكيدا لما سبق لنا قوله ، نزيد فنؤكد تأكيدا قاطعا ، بأن أغلبية أرباب الأسر ، سوف يعيدون (مضطرين) بيع ما يحصلون عليه - في بطاقات الفيزا - من دولارات ، كي يستفيدوا من فارق السعر بالعملة الليبية ، لسداد ديونهم و تلبية الحاجات المعيشية الضرورية الملحة لعائلاتهم ، من السوق المحلية ، المنفلتة من كل الضوابط القانونية و الأخلاقية . و بذلك سيتم ضخ ما لا يقل عن 6.5 – 7 مليارات دولار في السوق السوداء (وفقا لبيانات سجل الرقم الوطني) ، كما حدث فعلا في السابق (تجربة 400 و 500 دولار) ؛ الأمر الذي يُعتبر دعما لنشاط السوق السوداء ، و (منحة) للمضاربين في تجارة العملة ، ما سيضاعف و يقوّي دور السوق السوداء في التحكم بحركة الاقتصاد الوطني ، على المستويات و في المجالات كافة .
كما نصّ محضر الاجتماع الخاص بشأن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية (المنعقد بعضوية كل من : رئيس المجلس الرئاسي ، و رئيس المجلس الأعلى للدولة ، و نائب رئيس المجلس الرئاسي ، و محافظ مصرف ليبيا المركزي) ، في النقطة تاسعا ، على أن : " يُسمح لكل مواطن بتحويل مبلغ عشرة آلاف دولار سنويا بالوسائل المتاحة ، عملا بالضوابط و الأعراف الدولية " .
و بصرف النظر عن - أو مع لفت النظر إلى - أن المواطن العادي ، في الأغلبية الساحقة عدديا ، و المسحوقة اقتصاديا و اجتماعيا ، من الشعب الليبي ، لا يمكن - حد الاستحالة - أن يتوفر على مبلغ العشرة آلاف (10,000.0) دولار ، ليقوم بتحويله للأغراض الشخصية ، و أن قلة قليلة فقط ، هم مَن سيستفيدون مِن هذه الرخصة ، بطريقة (نظيفة) ؛ فإن الواقع سيشهد عمليات تحايل لعقد صفقات (غير نظيفة) ، يستغل فيها الأثرياء حاجة الفقراء ، فيستخدمونهم - مقابل نسبة مئوية - في عمليات تحويل العشرة آلاف دولار تلك ، من أجل جمع مئات آلاف الدولارات ، ليصار لاحقا إلى ضخها في السوق السوداء ، و لو بربح سنت واحد لكل عشرة دولارات . و المحصلة النهائية هي - بكل المعايير الاقتصادية و الاجتماعية - دمار شامل ، بلا أدنى مبالغة .

رفع الدعم عن المحروقات :
و استمرارا لسياسات الإفقار و التجويع ، التي درج عليها النظام السابق .. و خاصة في عشريته الأخيرة النيوليبرالية ؛ لم يكتفوا في نظام نكبة فبراير بتجميد الرواتب و المعاشات ، و لم يكتفوا بعدم تعيين الخريجين ، و لم يكتفوا بعدم تقرير تعويض بطالة للمعطلين عن العمل ، و لم يكتفوا بإطلاق غول قوى و قوانين السوق الحرة ، و لم يكتفوا برفع الدعم كليّاً عن السلع التموينية .. دون الإيفاء بما تعهدوا به من تعويض المواطن نقدا ..
فهاهم يتوجهون بكل ما في عقلية التآمر ، و بمطلق عدم الشعور بالمسؤولية ، إلى تعديل سعر الصرف ، بتخفيض قيمة الدينار أمام الدولار ، و رفع الدعم عن المحروقات (حيث سيصبح ملء خزان سيارة ركوب صغيرة ، لا يقل تكلفةً عن 20 دينارا) ، في بلد لا بديل فيه عن استعمال السيارات الخاصة ، حيث إنه ليس من وجود على الإطلاق لأية وسيلة من وسائل النقل العام .
و كم تبدو فجوة الحضارة هائلة الاتساع ، عندما نعلم أن ألمانيا تخطط لجعل النقل العام (مجانيا) ، في كل وسائل النقل العام - المتقدمة جدا - داخل المدن ، و أن دولة أستونيا قد شرعت فعلا في تعميم النقل العام المجاني ، الذي كانت منذ خمس سنوات ، قد فعّلته على سبيل التجربة ، داخل العاصمة (تالين) !
أما في بلد كليبيا ، حيث لا وجود أصلا لوسائل النقل العام ، للاستغناء بها عن استعمال السيارات الخاصة . و في بلد صار كل سكانه يعتمدون - اضطراريا - على المولدات الكهربائية التي تعمل بالوقود النفطي ، جرّاء انقطاع الكهرباء لفترات طويلة . و في بلد صار أغلب مواطنيه يعيشون تحت مستوى خط الفقر . فإنه كالمعهود في (الحكام) كافة ، من فقدان أية مصداقية ، فإنهم مع رفع الدعم عن المحروقات ، ليس من الوارد أن يفوا بأي التزام ، بشأن استبدال الدعم على الوقود - كما يلمحون إليه - دعما نقديا ، يُدفع للمواطن مباشرة (و لا أحد يدري كيف سيكون ذلك لو قرروه فعلا) . و إنهم برفع الدعم عن الوقود - بدعوى مكافحة التهريب - يكملون ما بدءوا به من رفع الدعم عن السلع التموينية (دون استبداله بالدعم النقدي المباشر) ، لإحكام إغلاق دائرة الفقر المطلق على واقع حياة الناس و مصائرهم .
و هم إذ يرفعون الدعم - سواء جزئيا أم كليا - عن المشتقات النفطية ، يعلمون علم اليقين ، أن ذلك لن يقضي على تجارة تهريب الوقود ، و لن يحد من المضاربة محليا في أسعار الزيوت المعدنية و الغاز المنزلي ؛ ذلك أنهم هُم من يحمي الفساد و يمارسه . و هُم بإجراءات إصلاحهم الاقتصادي المزعوم ، إنما يتعمدون إفقار المواطن و ذبحه اقتصاديا من الوريد إلى الوريد ، لينعموا هم و أولادهم برفاهية العيش في المنتجعات السياحية و فنادق الخمسة نجوم حول الكرة الأرضية .

أضاليل أطفال الأنابيب النيوليبراليين :
بيقينية (علموية) تتطابق في مفارقتها للواقع مع اليقينية الغيبية ، يردد أغلب الاقتصاديين من تلاميذ مدرسة آدم سمث ، ما تلقنوه في المناهج التعليمية الرسمية بالجامعات الليبية ، و في جامعات الغرب ، من نظريات و آراء المفكرين الاقتصاديين و علماء الاقتصاد في الغرب الراسمالي ، صاغها أصحابها نتيجة دراستهم لتطور الظواهر الاقتصادية في الدول الصناعية المتقدمة ، كما فعل جون ماينارد كينز و ميلتون فريدمان ، مما لا يصلح للتطبيق في دولة متخلفة جدا و ذات اقتصاد ريعي مثل ليبيا ؛ فما قد يجدي نفعا (مؤقتا) في معالجة الاختلالات الهيكلية و الأزمات المالية في أميركا أو بريطانيا أو حتى اليونان ، ليس من الضروري - أو من الوارد أصلا - أن يأتي بنتيجة مجدية في معالجة قصور الأداء أو التشوهات البنيوية في الاقتصادات المتخلفة كالاقتصاد الليبي ، اللهم إلا في ربط الاقتصاد الوطني ربط تبعية مطلقة بمصالح الاحتكارات العابرة للقوميات بدول المركز ، في مرحلة الاستعمار الجديد ما بعد الامبريالية ، ما يستحيل معه تحقيق أية تنمية اقتصادية - راسمالية - مستقلة في دول الأطراف . و تلك مسألة نظرية ليس هنا مجالها .
و في التطبيق ، لا ينتظر من (الإصلاحات الاقتصادية) المتفق عليها في تونس ، برعاية أميركية - كما قال محافظ مصرف ليبيا المركزي - و بحضورٍ إشرافيّ لصندوق النقد الدولي ، أن تصب في مصلحة حل الأزمة الاقتصادية - المالية في ليبيا ، خاصة و أن الأزمة هي في حقيقتها أزمة سياسية ، ناجمة عن الصراع حول السلطة و الغنائم . و سنرى أنه فيما عدا انفراج مؤقت لأزمة السيولة النقدية ، و انعكاسها إيجابيا بانخفاض نسبي - غير ذي بال - في أسعار السلع المستوردة ؛ فستكون لها انعكاسات سالبة و مدمرة ، فيما يتصل بالصناعات المحلية ، التي سترتفع أسعار منتجاتها ارتفاعا مرعبا ، على الأقل بنسبة 100 % ، عما كانت عليه قبل تاريخ 19 سبتمبر 2018 ، نتيجة لفرض رسم (183%) على مبيعات النقد الأجنبي ، للأغراض التجارية . و على سبيل المثال ، فإن أسعار الاسمنت و حديد التسليح و كل مواد البناء ، سوف ترتفع ، و كذلك أسعار المواد الغذائية كالمشروبات و العصائر و مشتقات الألبان و لحوم الدواجن و البيض ، و أيضا أسعار النقل بالشاحنات و سيارات الأجرة ؛ ما يعني استمرار معاناة المواطن من تدهور المستوى المعيشي ، خاصة مع رفع الدعم عن السلع التموينية و المحروقات . هذا فضلا عن ارتفاع كلفة الخدمات العامة كافة ؛ مما يرهق ميزانية الدولة ، بتضاعف قيمة التزامات تنفيذ المشروعات . و المحصلة النهائية لهذه الإصلاحات ، هي الدمار .

ما الحل ؟
قد يسأل سائل : ما الحل إذن ؟ و الإجابة باختصار شديد ، هي أن الحل الحقيقي ، مرهون باتخاذ حزمة متكاملة من القرارات السياسية (الوطنية و الجريئة) ، التي يعرفونها جيدا ، و قد سبق لي كما للكثيرين غيري اقتراحُ بعضٍ منها ، و لعل أيسر التدابير الإجرائية و أسرعها مردودا إيجابيا ، هو إصدار طبعة ورقية جديدة من فئتي 5 و 10 دنانير ، و إلغاء الإصدارات القديمة (تدريجيا و كلما دعت الحاجة) ، ابتداءً من إلغاء فئتي 20 و 50 دينارا .. كمرحلة أولى ، على أن يتم الاستبدال خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين ، مع وضع قيود على حق السحب نقدا . لكنهم لا يملكون شرف و لا شجاعة الإقدام على اتخاذ مثل هذا القرار - في السياسة النقدية - و النهوض بمسؤولية تنفيذه . أما الجواب القاطع ، فهو عند جموع المقهورين و الجياع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا