الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب أهلية أم لا ؟

جليل البصري

2006 / 4 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


نحتاج إلى رأس نعامة لكي لا نرى الحقيقة الكريهة التي تفوح منها رائحة الطائفية البغيضة , ونحتاج إلى المزيد المزيد من التغاضي لكي لا نرى بوضوح إن القتل على الهوية يجري على قدم وساق . طالعت في شبكة الانترنيت وفي احد المواقع العراقية نداءا لرجل يسمي نفسه ( الدكتور طالب الرماحي ) عنوانه ( هكذا يقتل أهل البيت في العراق من قبل سنة أحفاد أبي سفيان ومروان بن الحكم ) ليظهر لنا رجلا من القرن الواحد والعشرين يعيش الحاضر بأحقاد التاريخ ليصبح التاريخ قضيته ونظريته التي يفصّل الحاضر على ضوئها فيدعو ( أبناء شعبنا الأبي إلى الاستعداد الكامل لمعركة استئصال منتسبي المدرسة السفيانية من جذورها ) .. وإذا كان هذا حال الدكتور فكيف بالرجل البسيط الذي تحركه الفتاوى كيف تشاء .. لا أريد أن أخيف احد ولا أريد أيضا أن أكون متفائلا كاذبا لكن الواقع يتراجع بشكل مخيف , وفرص الانقضاض على منجز الحرية تزداد قوة . وقد تراجعت الحريات الشخصية بشكل كبير تحت ضغط التهديد والإرهاب والايدولوجيا الدينية والطائفية المسيطرة على الوضع دون إعلان رسمي ففي بغداد العاصمة التي كانت قبل عقود من الزمن تزهو بتقدم أهلها وتحضرهم باتت الأناقة جرأة يمكن أن تحول صاحبها إلى هدف وبات الموظف غالبا ما يحمل ربطة عنقه في جيبه ليرتديها داخل غرفته وباتت الصابئية والمسيحية ترتدي الحجاب خوفا من العناصر المنفلته من عقالها تحت أي واجهة دينية أو طائفية .. وصار حجب الحريات الشخصية محكوم بأمزجتها واستهتارها لا بالدستور الجميل الذي دبجناه وصوتنا له وخدعنا أنفسنا والعالم به .. قبل أيام عكفت وزارة الدفاع النمساوية على توظيف أئمة لحوالي آلف نمساوي مسلم يخدمون في الجيش أسوة بالخدمة الدينية الموفرة للمسيحيين بطوائفهم , وتعامل قادة الجيش النمساوي مع مشكلة ظهرت بين النمساويين المجندين الذين يشكلون 3,5% من جيشها وهي رفضهم أداء تحية العلم النمساوي بدعوى تعارضها مع معتقداتهم الدينية , بأسلوب غير أسلوب الإجراءات التأديبية بل سمح لهم بعدم حضور هذه المراسيم في المستقبل , فأين نقف نحن من هذا المستوى الرفيع من التعامل مع حرية الإنسان الشخصية واختياراته الدينية والعقائدية وماذا كان سيحصل لو حدث شيء مماثل لدينا .. وجرت مصادرة حقوق المواطن السياسية تحت مسميات ثلاث شيعية و سنة وكرد وجرى توتير الأوضاع وشحنها وزيادة استقطاب الانقسام حولها لتصبح الأصوات المطالبة بالحرية والاستقلالية والفردية ضائعة وسط الزحام والتوتر والاحتقان , ويجد هذا المواطن نفسه ضائعا و تائها وسط صراع يبدد في ظاهرة بين هذه المكونات لكنه في الحقيقة صراع طائفي ضد استقلالية وحريته , صراع من اجل تغييبها وسحقها وجعلها مجبرة على الانضواء تحت واحد من هذه الألوية الطائفية وتشعباتها لإدامة وجودها البايلوجي . ولقد كثر الحديث عن الحرب الأهلية أو ما يسميه آخرون بالحرب الطائفية التي وجدت في تفجير المرقدين الشريفين في سامراء فرصة الانفلات من قيود العقل الإنسانية لتمرغ الإنسان في وحل التخلف الكريه الدامي .. إنها الوحشية بعينها التي تمارسها قوى منظمة لتفرض سطوتها على الشارع بعد أن ظلت فترة من الزمن محتجزة في الكواليس والشوارع الخلفية .. وليست المشكلة في إن نختلف على التسمية أو نختلف على إن ما يجري هو حرب طائفية وأهلية أم لا ؟ .. لكننا يجب أن لا نختلف على إن ما يجري هو حرب ضد المواطن وحريته وعيشه ووجوده , حرب ضد المواطن الذي اظهر قدرة على ممارسة الحرية بدرجة عالية من المسؤولية والنشاط والفاعلية يمكن أن تهتز أمامها كل الطروحات القديمة والمتهالكة وكل هذه المؤسسات التي تعشعش فوق صدور الطامع لهواء الحرية الطلق .. إن غول الحرب الأهلية والطائفية بين الشيعة والسنة هو غول مزيف وهي تصنعه العقول المريضة التي تفزعها نزعة الحرية هنا أو هناك هذه النزعة التي لن تبقى لهم سلطة عليه وتوقعهم في حراجة الأساس الخطأ الذي بنيت عليه مصالحهم وطموحاتهم السلطوية .. وأخيرا ليس الطموح إلى السلطة بعيب لكنه يجب أن يكون طموحا للسلطة التي تقف خادمة للمواطن ومصالحه وحريته , لا وصية عليه موجهة له بما يلذ لها وتشتهي .. فأين نقف نحن من ذلك ؟ اترك الجواب لكم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص