الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يجمع جورج بوش ورجال السياسة العراقيين !

يوسف ابو الفوز

2006 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حتى لا أخلط كل الثمار في السلة ، فمن الضرورة الاشارة الى اني هنا لا افتح النار عشوائيا بأتجاه الجميع ، ولا أعني بكلامي كل رجال السياسة العراقيين ، فهناك اسماء نزيهة ، ناصعة التاريخ وثابتة المواقف ، لم تحاول يوما ان تسئ لتاريخها ولمبادئها ومواقفها النزيهة وارتباط عملها ونضالها بقضية الشعب العراقي ومستقبله الديمقراطي الفيدرالي .
اما ما يدعوني للحديث بغضب عن البعض من رجال السياسة العراقيين ، فهو ما اثاره من تداعيات عندي الخبر الذي تناقلته وكالات الانباء مؤخرا ، عن استقالة اندرو كارد ، كبير موظفي البيت الابيض الامريكي ، صاحب الصورة الشهيرة عام 2001 ، التي همس فيها في اذن الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بخبر الهجوم الارهابي في نيويورك يوم 11 سبتمبر ، وكان الرئيس الامريكي يومها يقرأ للتلاميذ في مدرسة ابتدائية في ولاية فلوريدا قصة للاطفال . لست معنيا هنا في الحديث عن العمل الارهابي البشع ، الذي صار علامة تأريخية فارقة لعصرنا الحالي ، ولا عن نتائجه الدراماتيكية في كل انحاء العالم بحيث صارت الدول المتحضرة والمستقرة اجتماعيا تخصص ميزانيات هائلة لمكافحة الارهاب اكثر مما تخصص للتعليم والصحة ، والى جانب كل ذلك جاء غزو العراق واحدا من هذه النتائج .
ما يهمني هنا في هذه السطور هو السيرة التاريخية والفريدة التي تناولتها الصحافة للسيد اندرو كارد ، وتشير الى حقيقة انه والرئيس جورج بوش الابن يتشابهان في خطوط كثيرة في سيرة حياتهما ، ولكن من اهم ما لفت انتباهي فيها هو انهما كانا رجال اعمال قبل ان يدخلا عالم السياسة تحت خيمة الحزب الجمهوري الامريكي ، ويحتلا ارفع المناصب ليقوما بعملية " رد الجميل للوطن " كما شاع عنهما من تصريحات . كان بوش الابن رجل اعمال بارز في مجال النفط ، بينما عمل كارد في مجال صناعة السيارات ، وصار في فترة رئيسا لاتحاد شركات صناعة السيارات الامريكية.
ولو تحدثت الان عن الذي يجمع بعض من ساستنا العراقيين ، مع السيد جورج بوش الابن والسيد اندرو كارد ، فاني لا اعني هنا غزو العراق وتشجيع احتلال البلاد تحت ذريعة الخلاص من الديكتاتورية والاستهانة بقدرات الشعب العراقي للقيام بهذه المهمة ، ولا تسويق الطائفية من اجل مصالح طبقية وحزبية ضيقة ، ولا اللعب تحت الطاولة والكواليس واجترار الشعارات وخداع بسطاء الناس بالحديث عن الديمقراطية والشفافية واليات طبخ الباميا وتوزيع المراكز .
لن نتوقف عند تفاصيل كثيرة في سيرة حياة جورج بوش الابن والسيد اندرو كارد ، لاني من كل ما تقدم اريد الوصول الى حقيقة بسيطة هو ان السادة جورج بوش واندرو كارد دخلا السياسة وارصدتهما في البنوك تتناطح كما يقال ، والكشف المالي الذي قدمه كل منهما لمؤسسات الدولة قبل تسلمه مناصبه يكشف عن هذا ، وقسائم دائرة الضرائب المنشورة التي يدفعها كل منهما لمؤسسات الدولة تكشف ذلك ايضا ، وفوق كل ذلك فان مساهماتهما لاغراض مختلفة ، منها بالتاكيد الاغراض الدعائية ، في تمويل نشاطات خيرية متنوعة . كل ذلك يبين لنا ثراءهما قبل دخول معترك السياسة لتنفيذ برامجهما التي جلبت لهما ثراء اكثر والكوارث لبلادنا وللعالم اجمع. البعض من رجال السياسة في العراق ، ومن كل الاقاليم ، شمالا ووسطا وجنوبا ، ومن كل الطوائف والقوميات ، الامر عندهم معكوس تماما مقارنة مع سيرة حياة السادة جورج بوش واندرو كارد . بعض من ساستنا العراقيين تسلقوا الى المراكز القيادية وتربعوا عليها تحت ستار شعارات براقة وبرامج حزبية توزع الوعود بالرفاه والرخاء يسارا ويمينا . غالبيتهم وصلوا مواقعهم البارزة حفاة ، فقراء ، ببطون ومحافظ خاوية ، ولكن جميعهم ورثوا من النظام الديكتاتوري المقبور ـ وبأقتدار صدامي يحسدون عليه ـ اليات عمل في الشفط واللهف والنهب ، وضمن وضع تعاني فيه اجهزة الدولة العراقية من عدم الاستقرار ، بل وفي احيان غياب وشلل كامل ، وامام الاوضاع السياسية المعقدة التي يمر بها الوطن ، راحوا يشفطون وينهبون كل ما يقع تحت اياديهم ، واغتنوا بسرعة شيطانية ضمن موجة الفساد التي تعم كل مؤسسات الدولة وكأنها وباء مريع . هكذا راحت تفوح روائح كريهة للكثير من الاسماء التي يفترض ان تكون حريصة على مستقبل ابناء العراق وخيرات البلاد وثرواتها ، وهنا نعني اولئك الذين راحت ارصدتهم تكبر في البنوك الاوربية وعينوا لهم وكلاء لمتابعتها ـ قدوة برجالات نظام الديكتاتور المقبور ـ ، واولئك الذين صاروا يتملكون الاراضي والاطيان على امتداد البصر بحيث صار العراق يشهد عودة اقطاعيات من نوع جديد ، او من راحوا يشيدون العمارات الشاهقة في مختلف بلدان العالم ، او اولئك الذين يفرضون انفسهم شركاء بشكل ما لكل مستثمر في قطاع معين ، والخ . اخر ما سمعت من مصادر مطلعة هو حكاية ذلك السياسي المتذاكي ، الذي لم يضع شيئا في حسابه البنكي واكتفى بالقليل الشرعي ، خوفا من حلول يوم يصدر فيه قانون "من اين لك هذا ؟ " ، فراح يسجل الاراضي والاطيان ويفتح الحسابات المصرفية بأسماء افراد عائلته نساءا ورجالا ، ومن مختلف الاعمار ، بحيث ان حفيده الاخير البالغ من العمر عدة شهور فقط هو الان نصف مليونير كما يقال !
لست الوم هذا السياسي الالمعي في هذا ابدا ، فهو لا يريد من حفيده سوى ان تكون له سيرة حياة شبيهة بسيرة الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بان يدخل السياسة وهو ثري بدل ان يدخلها مثل جده فقير وحافي فليجأ مثله ايضا الى لطش اموال الدولة من خلال السمسرة بعقود الدولة الرسمية .

سماوة القطب
30 اذار 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات الخلاف الإسرائيلي بشأن -اليوم


.. رجل في فلوريدا بعمر ال 66 عاما يكتشف صدفة أنه ليس أميركيا




.. العربية ويكند | استطلاعات الرأي تساعد على التنبؤ بنتائج الان


.. العربية ويكند | مركز -بيو للدراسات-: هامش الخطأ في استطلاعات




.. العربية ويكند | بلينكن يعزف الغيتار في كييف بالتزامن مع تقدم