الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الاحتجاجية (1)

رشيد برقان

2018 / 10 / 2
الادب والفن


شكلت حركة 20 فبراير بحق لحظة فاصلة في تاريخ المغرب الحديث، بين مغرب ريعي محافظ سمته العامة الفساد، يسعى إلى تأبيد سلطة لم يعد لها مبرر تاريخي، ولم تعد تمتلك إلا قوة الحديد والنار من أجل تأكيد مشروعيتها. وبين مغرب جديد متحرر بدأ يتلمس طريقه نحو الإمساك بأدوات التعبير ووسائط التواصل، ليوظفها من أجل إيصال صوته. وقد أظهرت حركية 20 فبراير، من ضمن ما أظهرت، بطلان أطروحة العزوف السياسي، وأن الفئات المجتمعية الشابة الرافضة لسياسات الدولة خرساء غير مبالية، وغير مهتمة بما يعتمل في المشهد العام للبلاد. كما أظهرت أن الشباب والفئات المقهورة داخل المجتمع، وإن لم تستطع بعد بلورة تصورها السياسي وإطارها التنظيمي، فإنها غير قابلة للابتلاع من طرف الوصفات الجاهزة للمخزن. صحيح أن الحركة لم تبلور تصورا سياسيا رافضا، ولكنها خلقت الجو العام للتحرر، وكشفت عن الإمكانات الهائلة للقوى الحية داخل المجتمع، وبينت لها أنها تمتلك قدرات في التعبير عن مطالبها، وإيصال وجهة نظرها.
وفي مثل هذه الظروف؛ أي استمرار الدولة في تجاهل المطالب المشروعة، وتصاعد الاحتجاجات، وغياب الإطار السياسي الناظم للاحتجاجات والموجّه لها نحو أفق ثوري. تُطرح الواجهة الثقافية بوصفها إحدى أدوات إذكاء الصراع، وآلية من آليات الدفاع عن مشروعيته، وأداة فعالة لبناء رأي عام رافض لأطروحات الدولة ومناوئ لها.
كما تأخذ الواجهة الثقافية الرافضة في مثل هذه الظروف خاصية احتجاجية رافضة توجّه كل إمكانياتها نحو الرفض والتصدي لكل مستندات الدولة وأدوات دفاعها عن سياساتها. قد تتعدد تسمياتها بين ثقافة الرفض، والثقافة الممانعة، وثقافة الاحتجاج، ولكن يبقى الخيط الناظم الذي يخترق كل هذه الأشكال التعبيرية هو رفض أطروحات الدولة والقوى المحافظة، والسعي نحو تقويض مرتكزاتها، والدفاع عن تصور بديل بشكل صريح أو ضمني، غالبا ما يأخذ في مراحله الأولى شكل غضب عارم يوجه لكل رموز السلطة، ولكنه ما يلبث أن يتطور ليعطي شكلا تعبيريا وموقفا من الوجود مناهضا للدولة ومتماهيا مع طموحات الطبقات المتطلعة نحو التغيير.
ونسعى من خلال المقالات القادمة تقديم هذا النمط من الثقافة، وتأطيرها ضمن مشهدنا الثقافي، لأننا نرى فيها الخاصية المهيمنة على المشهد الثقافي، خصوصا عندما نستحضر الدعامات الجديدة والبعيدة عن أيدي المخزن. كل هذا بغية تسليط مزيد من الضوء عليها والتعرف على خاصياتها، وتبيان جوانب القوة والضعف، وكيف يمكنها أن تسهم في خلق نمط جديد من التعبير الثقافي يصالح الإنسان مع ذاته، ويدفع به نحو تنبي أفكار تدافع عن مصلحته في التغيير والتحرر والانعتاق. كما نراهن على أن هذا الشكل من الثقافة هو الأقدر على التعبير عن طموحات الفقراء والكادحين، وهو الذي بإمكانه جعلهم يدركون قدراتهم في الإبداع، وفي التوصيل، وكذلك في الترويج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض