الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الاحتجاجية (2)

رشيد برقان

2018 / 10 / 5
الادب والفن


بصدد التعريف.
لا تستقيم دراسة أي ظاهرة ولا الإطلال عليها ما لم تتسلح بتعريف واضح لها يحصرها ويقنن حدودها ويميز الفروق الدقيقة بينها وبين ما يجاورها من ظواهر ومصطلحات.
والظاهرة التي نهدف الإحاطة بها وحصر دائرتها هي ثقافة الاحتجاج؛ وهي خطاب قد يتخذ شكلا تعبيريا، سواء أكان لغويا أو تصويريا، بحيث يعمل من خلال هذا الشكل على تقويض أسس الثقافة السائدة، ويخلق مسافة نقدية بينها وبين المتلقي. كما يعمل على نزع الجانب الوثوقي فيها. فإذا كانت كل ثقافة تعمل على بناء الثقة بينها وبين متلقيها، سواء عبر أواصر عاطفية أو وجدانية أو حتى علمية، فإن الثقافة الاحتجاجية تعمل على كسر هذه الأواصر إما بإظهار عيبها، أو تقويض أسسها، أو بيان تهافت مستنداتها. فمن البديهي أن الثقافة، كل ثقافة، تبني قلاعها وحصونها على أسس الثقافة المتداولة والسائدة، وليس بالضرورة على أسس علمية. ومن هنا نجدها خليطا من المعتقدات الخرافية والبدهيات الدينية، والحقائق التاريخية الموجّهة، والأسس العلمية المجتزأة. والأساس أنها لا تعبّر عن طموحات وتطلعات فئات اجتماعية، وكلما كانت تعبيرا عن تطلعات فئات كبيرة، كلما تمّ التغافل عن أسسها والتناقضات التي يمكن أن تكون ثاوية فيها، ولكنها عندما لا تتجدد ولا تعمل على استيعاب تطلعات وطموحات الفئات الجديدة يظهر تناقضها، والذي كان دائما موجودا، ولكنه لم يكن يزعج حاملي هذه الثقافة. وتكون مهمة الفئات الجديدة هي الكشف عن هذا التناقض في نوع من الدفع بهذه الثقافة، إما نحو التطور، أو التدمير. ولعل هذه هي مهمة الخطاب الاحتجاجي.
وفضلا عمّا ذكر، تميل الثقافة السائدة نحو السكون والثبات، وتأبيد الوضع القائم بمستندات متنوعة ومتعددة، فتكون مهمة الثقافة الاحتجاجية هي تقويض أسس الثبات والدفع بهذه الثقافة نحو الحركة، والسخرية من هذه الحركة. فالثقافة الاحتجاجية تريد دائما تأكيد موت الثقافة السائدة، وكونها لم تعد قادرة على التطور. لهذا تعمل دائما على خلق مطبات ومآزق أمامها، وتضعها في مواضع كاشفة ومبرزة لتناقضها وتهافتها.
بهذا يمكن التسليم على أن الثقافة الاحتجاجية هي كل أشكال التعبير الثقافي التي تظهر في لحظات التحوّل المجتمعي، أو اللحظات الممهّدة لهذا التحوّل، والتي تهدف إلى هدم أسس الثقافة السائدة، وتمهد الطريق نحو خلق الانفصام بين نمط معين من الثقافة المحافظة وبين جمهورها أو من كانوا يعتقدون أنهم جمهورها. كل هذا من أجل بناء ثقافة جديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??


.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي




.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط