الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الجزائر يكرهون المبدعين

أسامة هوادف

2018 / 10 / 5
الادب والفن


نتعجب كثيرا حين نسمع عن الشباب الذين اختاروا ركوب زوارق الموت مفضلين أن تقتات حيتان البحار من لحومهم على أن يدفنوا في وطنهم، لكن حين نسمع ونشاهد معاناة المبدعين يبطل العجب!
منذ أسابيع نشر باحث في تاريخ صلاح الدين بن نعوم على حسابه على الفيس بوك قائلا" يا جماعة الخير ،من يستطيع توفير لنا منصب بسيط كعون أمن أو منظف في البلدية أو حارس في مقبرة اليهود ويضيف قائلا ..أخوكم تورمت قدماه بالمشي..أتجه إلى الاستئذاب يوما بعد يوم!" ، ومنذ سنوات اتصلت بصديقة من المبدعات في مجال الكتابة والنثر أخبرتني بحرقة أنها تفكر في الانتحار لأن كل لأبواب أغلقت في وجهها ولأن أعمالها لم تنشر أضافة الى الأمراض التي ألمت بها ، وجملت ما أخبرتني به أن الانتحار قدر المبدعين، حينها تذكرت الكاتب الكبير عمر أزارج الذي حاول الانتحار مرتين و قال عبارة تجسد مأساة المفكرين والمبدعين في الجزائر ( لم يبقى لنا في هذا البلد إلا الحلول الفردية لقد حسمت أمري سأعود للاغتراب) وأراد عمر أزارج أن ينشئ مجلة فكرية لكن السلطات المعنية لم ترد عليه، المفكر محمد أركون تعرض هو كذلك للتهميش ولا ننسى ما تعرض له مؤلف "الربوة المنسية" مولود معمري من مضايقات وتشويه سمعته وتخوينه، جاك دريدا هو كذلك دفع الثمن كان يصرخ في الغرب أنا جزائري ولدت في الجزائر لكنهم بدل أن يكافئوه أخذوا منزله وهمشوه ، ومرة سئل من طرف مجلة فلسفية شهيرة " الفلسفة الجذرية" هل ما زلت تصر على أنك جزائري فقال( الجزائريون أقنعوني أنني لست جزائريا) و محمد ديب مات في منزل تابع لبلدية باريس ولم يقدم له أي شيء رغم ثلاثيته الرائعة (الدار الكبيرة والحريق والنول)،مالك حداد عاش أواخر حياته متنقلا بين الحانات ويذكر أنه زار هواري بومدين مدينة قسنطينة وطلب أن يلتقي بمالك حداد فلم يجد هذا الأخير غير على خوجة من أجل أن يقرضه معطفه من أجل رؤية الرئيس، وكذلك عاش كاتب ياسين مهمشا، ويقسم الكاتب عمر أزارج أنه لو عاش فرانز فانون إلى ما بعد الاستقلال لما بقي في الجزائر ، ابن فانون عمل موظفا متعاقدا في السفارة الجزائرية في باريس وعومل كأجنبي وزوجته انتحرت في الجزائر للصعوبات التي واجهتها ،يرى عمر أزارج أن القضية ليست قضية أشخاص لكنها ثڨافة متجذرة في الجزائر ، وينصح الناس بعدم النجاح لأن الناجح في الجزائر سيعاقب؟
شاعر الثورة مفدي زكرياء عاش أواخر أعوامه مهمشا،الشيخ البشير الإبراهيمي توفي وهو في الإقامة الجبرية وكذلك مفكر الحضارة مالك بن نبي مات وهو تحت الإقامة الجبرية، عيسي مسعودي صوت ثورة التحرير مات بعدما أصيب بمرض نادر وهو فقدان صوته وهذا بعدما تسببت السلطات في ضياع أرشيفه الصوتي الذي هو أرشيف الثورة .
يقول الدكتور أمين الزاوي (ربما يكون موت الصوت دليل كأبته على أرشيفه الذي تم محوه أو تضييعه) سهيلةالخالدي أحد القامات الإعلامية في الوطن العربي عاش سنوات عديدة في دار العجزة بباب الزوار ثم انتقل الى غرفة ببناية غير مكتملة يملكها أحد الخواص،هذا المفكر والإعلامي المخضرم عمل في حقل الإعلام منذو عقود وعمل في معظم الصحف العربية ولديه العديد من المؤلفات يحلم ببيت يأوي كتبه، ولت ننسى الفنان الجزائري العالمي "عبد القادر فراح" الذي أوصي بدفنه في بريطانيا ،ومات ودفن هناك بعدما خيبت أمله السلطات الجزائرية وهو الذي قصد الجزائر وكانت نيته التأسيس لمسرح حديث حقيقي والمساهمة في نهضة حقيقية لقطاع المسرح ،لكن وزارة الثڨافة عاملته ببرود وتعجرف، المرحوم طاهر بن عيشة الموسوعي وشيخ المثڨفين عاش في عزلة بعدما أصيب بمرض ونسيه المسؤولون وكان دوما يقول (الجزائر تخلصت من حكم الاحتلال فوقعت في حكم الأنذال).
وعندما نستعرض تراجيدية معاناة المثڨفين في الجزائر ،يجب علينا ذكر فيلسوف الجزائري أستاذ مالك بن نبي الدكتور وخريج جامعة السربون"حمودة بن ساعي" هذا العقل نادر الذي عاش الفقر والتهميش بعد لأستقلال وكان يأمل بنشر كتبه لكن لم يتحقق ذلك وأنتهى به حال بعد لأستقلال كاتب عام في أحد مقاهي باتنة وكان قد أشاد به عبد الحميد أبن باديس والبشير لأبراهيمي ومالك بن نبي، ولا ننسى محمد صالح باوية الذي يعد علامة بارزة في حركة الشعر الجزائري المعاصر الذي رحل عن دنيانا الفانية ،وما أبنته وزارة الثقافة ولا تساءلت عن مصيره وما أبنه اتحاد الكتاب ، ولابد من ذكر معاناة مطربة لأصيلة حسنة بشارية،لتى لا تمتلك منزل وتقيم في بيت ولدتها في بشار ،وكانت وزارة ثڨافة قد منحتها مؤخرا وسام أستحقاق فقالت بعد نهاية الحفل وماذا أفعل به أريد حائطا أعلق عليه شهادات ولأوسمة لتى نلتها، ويعيش الصديق الروائي أنور رحماني التهميش والحرمان من قبل القائمين على شأن ثڨافي ولأعلامى رغم أن صحافة لأجنبية تشيد به وأعتبرته كافكا ابوطن العربي ، وقبل أن أنسى يجب ذكر قصة الدكتور في الفيزياء النووية لمين مرير الذي انتقل إلى جامعة(ميتشعين) بالولايات المتحدة وراح يحصد الشهادات الكبرى في معهد الفيزياء النووية وعندما بلغ محطة دكتورة دولة في الفيزياء النووية أصبح معبود طلاب هناك والجميع يريد لأستفادة منه ،ولكنه فضل العودة إلى الجزائر حتى ينقل عبقريته إلى بلده ،حيث عاد وأدي واجب الخدمة الوطنية،وحاول بعد ذلك أن يجد لنفسه منصبا"دكتور دولة في الفيزياء النووية" في المنظومة التوظيفية،ولكن الصدمة كانت عنيفة جدا،فتارة موظف بشركة سوناكوم تحت إمرة من لم يدخلوا حتى الثانوية ،وتارة أخرى في بطالة إلى أن وجد نفسه متعاقدا في مصالح الغابات (تشغيل الشباب) مقابل مبلغ زهيد لايكفي خبز يومه ولأن مابين العبقرية والجنون شعرة أنسحب إلى جسر الملاح بقسنطينة ورمى بنفسه إلى أعماق الجسر وكان ذلك يوم 16 أفريل 2001 (عيد العلم) ، وقصة حنان التي درست الطب والجراحة في بريطانيا عن طريق تغطية الدولة لكافة تكاليف دراستها المادية،وعندما تخرجت سنة 2008كانت الوحيدة من بين الطلاب المبعوثين التي قررت العودة للوطن لخدمة أبناء قريتها في ولاية أدرار لتقابل برفض مسؤولي وطنها معادلة شهادتها وعدم الإعتراف بها.
هذه بعض النماذج من معاناة أهل الفكر في الجزائر الذين أصبحوا يتسآلون: هل الإبداع لعنة والذين بدل من أن تساعدهم وزارة الثقافة والوزارت المعنية ،أصبح شغلها الشاغل استقبال المطربات في عز أزمة التقشف وترميم أثداء صنم حجري واهتمام وزير الثڨافة بأخذ صور وأستقبال مراهق أسمه ريفكا ،لو علم ميهوبي ما يعانيه مثقفو الجزائر كان لابد أن يذرف دما لا دمعا ،ولكن لمن تقرأ زبورك يا أسامة ،يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير "فولتير" (كلمة واحدة رقيقة أسمعها وأنا حي،خير عندي من صفحة كاملة في جريدة كبرى،حينما أكون قد مت ،ودفنت) وعندنا في الجزائر مثل يقول (كي كان حي مشتاق لتمرة وكي مات علقولو عرجون) ويقول المفكر العربي أسامة عكنان الجزائري المنشأ والذي عانى من تهميش وتضيق في الجزائر وكنت أنا شاهد على ذلك(يكذب من يقول أن فلانا كرم بعد موته، إن من لم يكرم في حياته لا حاجة له بالتكريم بعد موته، فأي تكريم لعقلك أو لجسدك أو لعملك بعد موتك موجه للأحياء وليس لك، لأنك هناك في غنى كامل عن أي تكريم من قبل الأحياء، إن التكريم الوحيد الذي ستحتاج إليه ٱنذاك هو تكريم الله لك) وأقول القائمين على هذا البلد أن الأيادي التي اغتالت مولود فرعون أرحم من طريقة تهميشكم المبدعين والأدباء قضوا حياتهم من أجل إخراج ثقافة الشعب الى العالمية ، وفي الختام أختم بمقولة لأستاذة "منه علي" (بلد تتفنن في قتل طموح أبنائها بلد لا تستحق الاحترام).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم ما كشفته الممثلة برناديت حديب عن النسخة السابعة لمهرجا


.. المخرج عادل عوض يكشف فى حوار خاص أسرار والده الفنان محمد عوض




.. شبكة خاصة من آدم العربى لإبنة الفنانة أمل رزق


.. الفنان أحمد الرافعى: أولاد رزق 3 قدمني بشكل مختلف .. وتوقعت




.. فيلم تسجيلي بعنوان -الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر-