الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


د . هويدا ناصيف تمتم : لتتجمّر اللهفة من لهفتي !!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 10 / 5
الادب والفن


الايروتيك سلوك طبيعي لاستمرار الحياة مقابل الموت والفناء ، واللغة كائنٌ حيٌّ ينتمي للطبيعة، فهي تنمو وتهرمُ وتمرضُ وتتوالد وبها أجيال مختلفة من الطفل للشاب للرجل والعجوز الهَرم، وهي في حالة حركة دائبة بين حزن وفرح ومرض وولادة وموت . من هنا فالتعبير عن مفردات الحياة شعريا ، يلتقي هذا التعبير بتجدد الحياة جماليا، فلا تكون إزهار للطبيعة إلا بفعل التلاقح الذي تقوده الطبيعة برياحها ونحلها ومطرها، ولا تتم الولادات الحيوانية والإنسانية إلا بفعل جنسي ترعاه الطبيعة والغرائز ، ولا تتم القصيدة الحقيقية إلا بفعل شبيه لولادةٍ حيَّةٍ قابلة للنمو والحياة .( وباستخدام لغة ابن عربي فإن القصيدة، إذا لم تكن ايروتيكية لا يُعوَّل عليها ، وايروتيكية هنا تعني منتمية للطبيعة في فعلها اللغوي، وليست إباحية أو خلاعية وليست إيروتيكية بشكلها، وإنما بمعنى قدرتها على القيام بفعل جنسي مع التاريخ .)، من هذه المقدمة القصيرة احاول الدخول الى عوالم الدكتورة هويدا ناصيف الشعرية ، هذه العوالم التي تمتلك جاذبية التبرير في سر بقاءها وصيرورتها التكوينية والولادية .. حاملة هما حياة متجددة مع سر الوجود ، بل وتصر على الخلود المنفعل والمجابه للفناء والخراب الجمالي للكون .. (لا تحسبوا أنّ الَّليالي ذلَّتي
فجر النهار يضاء من أعوامي)، وهذه احدى دعواتها في قصيدة (لا تخرسوا دمعي)، لتقود ثورة منفعلة ومحتجة في قصيدة (بك صرخت روحي) من خلال مفردات (الثورة والنار واللهفة) .. تقول :

(بك صرخت روحي
ففي عينيك
ثوراتي
ونار ودخان
يا عشقي
المحكوم بالأبد
لك أتلو صلاة شوقي
فأنت الليلة
قرباني البعيد
ومذبحتي
المسافرة مع الريح
يا مرارة
استوقدت علقم الصبر
تنهد
على صدر حسرتي
وليستريح الكلام
في تمتمات الدجى
لتتجمّر اللهفة من لهفتي
لأشتعل نصرًا
عند هزيمة نصري)

ويحتدم الصراع بين الوجود والعدم، بين النار والدخان، بين الخفوت والتوهج وتتصارع المتضادات في هذه القصيدة .. يقول هيدغر : "الوجود سؤال، لكنه ليس من الموجود في شيء" فـ(الشعر والوجود، يشكلان بؤرة رؤيوية تأويلية تعددية تدرك الكينونة بوصفها انفتاحا للموجود، ولذا فما فتئ هيدغر باعتباره باحثا أصيلا في العلاقة التواشجية بين الشعر والوجود، يؤكد "على أن الإنسان لا يستطيع معرفة ما لا يمكن حسابه، أي أن يصونه في حقيقته، إلا انطلاقا من مساءلة خلاقة وقوية تستمد من فضيلة تأمل أصيل، فهذا الأخير يحمل إنسان المستقبل إلى مكانه بين الإثنين: الوجود والموجود، حيث يكون من طبيعة الوجود، والحالة هذه، أن يظل غريبا في قلب الموجود، وهذا المكان هو الكينونة هنا أو الوجود في العالم باعتباره مجالا لدنيا انفتاح الوجود ولانسجامه واحتجابه في آن معا". وهنا يشير هيدغر إلى هولدرلن بوصفه شاعرا يعرف شيئا بخصوص هذا الموضوع.)، ان الشاعرة الدكتورة هويدا صنعت رؤية خاصة بها تجاه الوجود والحياة وربطت شعرها بالتمظهرات الايروتيكية ، كعنوان حياتي يستمد سر الخلود والاستمرار وربطت شعرها بالوجود كقولها :

(قتلوا حنيني بالبعاد وحاصروا
صبري انا فلتعتقوا إسلامي
إنّي عشيقة /مشتهاةٌ/عاشقي
حكموا ونفِّذ في الهوى إِعْدامي)

فقضية العشق والاشتهاء ، قضية تحمل معاني الاستمرار ، يقابلها الحكم بالاعدام .. لكن التساؤل هل ان الشاعرة رضخت لذلك الحكم ؟ ، بل كان جوابها :

(لا تخرسوا دمعي ولا مستلهمي
فأنا لفي ادمان من آلامي
أدمنت عشقه لا تدينوا أَحْرُفي
شوق الهوى أَنْزِفْهُ من أقلامي)

اذن هي مستمرة من خلال نزف اقلامها الذي يمده توالد الرؤى في داخلها وتمسكها بالحب والجمال ، (إذن فالشعر من هذا المنظور تحفيز دائم على المشاكسة المؤزمة لنسق العقل [الأداتي ]، وهي مشاكسة ومكاشفة في آن واحد، فالمكاشفة تجل للمفارقة الحيوية، والمشاكسة تجل آخر للاختراق والخلخلة وتأزيمها للعقل يتم باغتصاب قانون اللغة وتدمير قواعد التواصل اللساني، ومن ثم لا تصبح الكلمات دالة على العالم الوضعي، ولكنها تغدو دالة على الأشياء ذاتها، وهي في كامل عريها ووحشيتها، وهو عري إغراء ولذة، وانكشاف وافتضاض)، واكرر قول الشاعرة هويدا :

(يا عشقي
المحكوم بالأبد
لك أتلو صلاة شوقي
فأنت الليلة
قرباني البعيد
ومذبحتي
المسافرة مع الريح
يا مرارة
استوقدت علقم الصبر
تنهد
على صدر حسرتي)

فهي ذات عشق ابدي تتلوه كصلاة خاشعة ، تحمل الوان الصبر في مواجهة ثورات عديدة ثورة الجسد بلهفاته ورغباته وثورة العقل الذي يحمل دفة التوازن والهدوء في المواجهة التي تقودها الشاعرة هويدا في جل قصائدها بل ودواوينها الماضية .. يقول هير قليطس: "إن على الذين يحبون الحكمة أن يتساءلوا عن أشياء عديدة في الحقيقة"، فهل توقفت الدكتورة هويدا ناصيف عن تساؤلاتها ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى