الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا افتتحت وزيرة خارجية النمسا كارين كنايسل كلمتها في الجمعية العامة للامم المتحدة باللغة العربية ؟

اياد حلمي الجصاني

2018 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا افتتحت وزيرة خارجية النمسا كارين كنايسل كلمتها في الجمعية العامة للامم المتحدة باللغة العربية ؟

بقلم الدكتور اياد الجصاني
ارسل لي صديقي الدكتور عبد الجبار العبيدي استاذ الحضارة الاسلامية في جامعة الكويت سابقا قبل ايام فيديو حول القاء كلمة وزيرة الخارجية النمساوية في الجمعية العامة للامم المتحدة باللغة العربية ولربما كان يسألني هذا السؤال فاجبته اقول " شكرا لك يا صديقي على اهتمامك . ان هذه السيدة المحترمة التي اصبحت وزيرة للخارجية في النمسا كانت تربطني بها علاقة قديمة بخصوص عملها كمحاضرة في الاكاديمية الدبلوماسية في فيينا في الثمانينيات من القرن الماضي اي بعد عشرين عاما من تخرجي من الاكاديمية نفسها. وبعد نكبتنا في غزو العراق عام 2003 كنت التقي بها من خلال حفلات الاكاديمية الدبلوماسية وكانت تحب الحديث معي بالعربية وغالبا ما تدعوني الى محاضراتها التي تلقيها في مختلف المؤسسات في العاصمة فيينا . كانت كنايسل شابة جميلة عزباء رفيقها كلب كبير الحجم يحرسها في دارها القريبة من مدينة فيينا .
ليس من الغريب ان تصبح كنايسل وزيرة لخارجية النمسا وتصل الى هذا المنصب بحق رغم انها تنتسب الى حزب الحرية اليميني الذي يشغل شتراخة رئيس الحزب نفسه منصب نائب رئيس الوزراء النمساوي وهو المتطرف ضد المسلمين. وبالمناسبة ارجو ان تسمح لي يا صديقي ان اذكر لك ان حضرتي الذي تخرج من الاكاديمية الدبلوماسية عام 1966 وحصل على الماجستير في العلاقات الدولية عندما كرمني وزير الخارجية النمساوي برونو كرايسكي عام 1964 بالموافقة على قبولي كاول عراقي فيها بعد حصولي على الدبلوم العالي اي (الماجستير) في الترجمة من جامعتي فيينا وكراتس ، عاد حضرتي الى الوطن مستجيبا لنداء المسكينة امي التي كانت تنادي: " يمة الوطن لا تنساه ". عدت سريعا للوطن اطلب عملا في وزارة الخارجية ببغداد لكن طلبي رفض ولم يتحقق لانه اولا اني لست من ابناء الطائفة المسيطرة على شئؤون وزارة الخارجية ولا من ابناء الاغنياء ولا من حزب معين ولا من عصابات موظفي وزارة الخارجية المعشعشين فيها. ولو بقيت في النمسا وابواب الحظ كانت مفتوحة لي على مصراعيها وانتسبت الى الحزب الاشتراكي النمساوي بزعامة كرايسكي نفسه لكنت بالامس وزيرا للخارجية النمساوية قبل الوزيرة كنايسل او سفيرا او في اي منصب رفيع في الدولة . يا صديقي العزيز لو ان العراق يحتضن ابناءه من اصحاب الكفاءات دون تمييز لا صبحت انا شخصيا وزيرا للخارجية في العراق ولاصبحت انت بحق وزيرا للتعليم العالي وبامتيازات اكاديمية لم يحلم بها لا الوزير المهرب والمختلس هوشيار زيباري ولا الوزير المزور علي الاديب ولا (1) اي وزير من كان قبله او بعده ولكن هذا الوطن قدر له ان يسير نحو الانحطاط كما ترى اليوم يا صديقي للاسف الشديد (2) .
اما عن القاء الوزيرة كنايسل كلمة النمسا في اللغة العربية والفرنسية والاتجليزية والاسبانية فهذا امر اثار ضجة نحوها مثلما اثارت دعوتها للرئيس الروسي بوتن الى حفل زواجها مؤخرا في النمسا وخاصة في الوسط الصهيوني المتنفذ هنا في فيينا رغم انها اختتمت كلمتها بذكر كلمة في العبرية . ولا ادري والعلم عند الله ماذا سيكون لهذه السيدة من مصير امام صهاينة فيينا !! لم لا تلقي الوزيرة كلمتها بالعربية والعربية من اللغات الرسمية لمنظمة الامم المتحدة ؟ علما ان لغتها الالمانية ليست من لغات الامم المتحدة . المهم ماذا قال الوزراء او السفراء العرب الذين حضروا اجتماعات الجمعية العامة ؟ لقد صفقوا لها. وهل كان باستطاعتهم الحديث في كلماتهم مثلها في الجمعية العامة عن مآسي العراقيين والسوريين واللبنانيين اليوم كما جاء في خطاب الوزيرة التي اكدت على هذه المآسي دون من ان توجه انظار العالم الى مخاطر دعم الارهاب والحصار والتهديدات بالحروب التي يشنها الرئيس الامريكي ترامب على الصين وروسيا وتركيا وايران وكوريا الشمالية وسوريا والعراق ؟ لقد خرجت كنايسل عن التقليد المتعارف عليه في خطب الجمعية ولو كنت سفيرا لتحدثت مثلها بكل اللغات التي تعلمتها . كنايسل كما ترى يا صديقي من سيرة حياتها انها عاشت طفولتها في عمان وتعلمت العربية عندما كان ابوها يعمل طيارا للملك حسين آنذاك . عاشت الى قرب مآسي الشعب الفلسطيني وصراعات العرب الفاشلة مع اسرائيل وتشبعت بروح الحقائق والمآسي التي يعيشها الفلسطينيون والعرب عموما وتعلمت لغتهم العربية. فالننظر الى بعض من توجهات الوزيرة كنايسل وهي المتخصصة في دراسات الشرق الاوسط ونظرتها للنفوذ الصهيوني في اوربا والشرق الاوسط وموقف امريكا المعادي للناتو والاتحاد الاوربي عموما :
من كتابي الاخير الصادر عام 2008 بعنوان : " احتلال العراق وبرنامج الاصلاح الديموقراطي الامريكي : حقائق واوهام " وفي الفصل الثالث بعنوان : امريكا واوروبا وبرنامج الاصلاح الديموقراطي وفي نفس الفصل بالذات بعنوان :" امريكا واوربا وبرنامج الاصلاح الديموقراطي ، نقلت بهذا الخصوص ما كتبته كارين كنايسل حول هذه المعطيات وهي قول :" بالنظر لضعف المؤسسات الديموقراطية وسيطرة النشاط الاقتصادي الذي يُحابي العلاقات العائلية وتفاقم الفساد ، تبدو عملية الانتقال في الدول المتوسطية اكثر صعوبة وتعقيدا مما هي في دول اوربا الوسطى والشرقية. وتجدر الاشارة الى الحالة العبثية التي تتعلق بالاتفاق مع اسرائيل . ففي اثناء الهجوم الذي شنه الجيش الاسرائيلي ضد مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني ، حاول الاتحاد الاوربي ان يلعب دور الوسيط ، لكنه فشل في محاولته . لانه ثبت ان الاتحاد الاوربي لم تكن له وسيلة للضغط على اسرائيل الا من خلال استخدام اتفاق الشراكة معها ، والذي يسمح لها بتصدير اكثر من ستين بالمائة من صادراتها الى الاسواق الاوربية . غير ان الاتحاد الاوربي تحفظ كثيرا حول تعليق هذا الاتفاق وتعديل نسبة الصادرات الاسرائيلية ، خوفا من انسحاب الدولة العبرية من الحوار الاوربي المتوسطي وتنصلها من كل ما يمكن ان يُقدم عليه الاتحاد الاوربي لاحقا . وهكذا تبين ان البرنامج الاوربي المتوسطي لم يسهم اطلاقا حتى الان في استقرار منطقة البحر الابيض المتوسط بسبب غياب الاهداف والدوافع الواضحة".
وتواصل كنايسل حديثها قائلة :"منذ بداية تصعيد النزاع الاسرائيلي الفلسطيني في خريف عام 2000 ، اصبح واضحا ان كل شراكة اوربية متوسطية ستبقى رهنا بحل النزاع في الشرق الاوسط. وهذا ما اظهر بوضوح تام اهمية الدور الاساس للولايات المتحدة الامريكية التي لم تشارك في البرنامج الاوربي المتوسطي الهادف اصلا الى استقرار العلاقات بين بلدان حوض البحر الابيض المتوسط والاتحاد الاوربي ، حتى ان اسرائيل اغلقت الطريق امام بعثات اوربية رفيعة المستوى رافضة لاية جهود وساطة اوربية . كذلك اطلقت الصحافة الاسرائيلية حملة منظمة من التحليلات والتعليقات حول الانقسام والتفسخ في دور الاتحاد الاوربي المؤيد عادة للفلسطينيين ( كارين كنايسل في العربية : رسائل من بيبلوس، من اعمال المؤتمر الذي عُقد حول موضوع : الثقافات والاديان والنزاعات ، في قرية مزار بجبل لبنان في سبتمبر ايلول 2002 ).
هذا ما رغبت ان اطلعك عليه يا صديقي العزيز وارد عليك حول خطاب الوزيرة كنايسل وهو قليل من كثير. متمنيا لهذه السيدة الوزيرة كل النجاح في عملها فهي تمثل الجيل السياسي الجديد الصاعد نحو المجد في سماء النمسا وعموم الاتحاد الاوروبي..

(1)سومر نيوز 26 يوليو 2016 : تناقل ناشطون ومثقفون، خلال اليومين الماضيين، وثائق ومعلومات تفيد بأن وزير التعليم العالي السابق علي الاديب لايمتلك الدكتوراه بل لا يمتلك اي شهادة جامعية وما بحوزته هو عبارة عن شهادات مزورة.
(2) كرس هوشيار زيباري جهوده بعد تقلده منصب وزير خارجية العراق على تكريد سفارات العراق في الخارج . وكمثال على ذلك كان سفير العراق والقنصل في سفارتنا في فيينا كرديان في نفس الوقت . اما بعد تقلده منصب وزير المالية فقد اتهم بالتهريب ونهب الملايين من اموال الدولة . راجع مقالتي بعنوان : " رسالة مفتوحة الى وزير خارجية جمهورية العراق السيد هوشيار زيباري " كنت وما ازال سفيرا لبلادي ... ولكن ... " المنشورة في صحيفة مركز النور بتاريخ 1 اكتوبر 2010
اخبار العالم 1 سبتمبر 2016 : "طالب الادعاء العام العراقي الخميس 1 سبتمبر/أيلول وزير المالية هوشيار زيباري بالكشف عن هوية الشخص الذي تمكن من تهريب 6.5 مليارات دولار، وكان زيباري أشار إليه خلال تصريحات صحفية. وقال القاضي عبد الستار بيرقدار المتحدث باسم السلطة القضائية،: "الادعاء العام يطلب رسميا من وزير المالية إيضاح أقواله بخصوص اسم الشخص الذي ذكره في إحدى وسائل الإعلام المحلية بأنه قام بتحويل 6.5 مليارات ونصف المليار دولار إلى حسابه الشخصي لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه".
" صوت مجلس النواب العراقي الاربعاء بالإجماع على اقالة وزير المالية هوشيار زيباري، إثر استجوابه في ملفات فساد مالية وإدارية، حسبما افاد نواب في البرلمان. وتمت اقالة زيباري خلال جلسة تصويت سرية برئاسة رئيس المجلس سليم الجبوري وحضور 249 نائبا. وكان النائب هيثم الجبوري المنتمي لائتلاف دولة القانون قد اتهم في وقت سابق وزير المالية بـ"تخصيص أموال لتأجير منازل له، وصرف نحو مليوني دولار سنويا كأجور لنقل فريق حراسته جوا من إقليم الشمال إلى بغداد وبالعكس خارج الضوابط المحددة في قانون الموازنة الاتحادية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟