الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذبول الحب بعد الزواج .

يوسف حمك

2018 / 10 / 6
الادب والفن


حضور الزوجة في الشعر قديماً و حديثاً ما كان و لن يكون كثيفاً
كالحبيبة أو العشيقة .
و الشعراء لم يركبوا موجة حب زوجاتهم ، و لم يمخروا به في
عباب قصائدهم الغزلية ، أو يغوصوا في المياه الضحلة لذاك الحب
الذي طالته البلادة ، و لامسه الكسل و الترهل .

الحب بعد الزواج ينحسر ، و جمرته تكاد تخبو في أزقة القلب
و دهاليزه ، و لظى ناره يوشك أن يهمد في الصدور .
فلعل وجود الزوجة الدائم و حضورها معظم الأوقات لم يعد يشعل
الحماسة في الصدور .
الفتور يدب القلوب بفعل الخلافات ، و عاصفة الهياج تهدأ بعد تكرار
تحقيق الرغبات ، و إشباع الشهوات .
و الحب يفقد قدرته على التحليق بالزوجين عالياً إلى حيث كان يوصلهما
قبل الزواج .

الحياة الزوجية شراكةٌ طويلة الأمد ، بل أبديةٌ . فيها الخسارة و الربح
بين شريكين دفعتهما الحماسة في البدء لإنشاء تلك العلاقة الثنائية ، بعد
أن وقعا في فخ مصيدة الحب ، و حبائل شباك العشق .
شراكةٌ غالباً ما يكون مصيرها الفشل ، لعدم تجانس الشريكين فكراً و قيماً ،
كما تباين نظرتهما لكل جوانب الحياة و أولويات كلٍ منهما .
مع ديمومة تلك العلاقة رغم هشاشتها . ولا تخلو من انشقاقاتٍ تؤدي إلى
فض الشراكة و التفريق ، فتنتهي بالطلاق .

و نادراً جداً ما تكون الشراكة رابحةً مستديمة النجاح فتيةً لا تطؤها الشيخوخة . كالعلاقة التي وصفت بالاسطورية بين الأديبة الثورية
المتمردة سيمون دي بوفوار ، و الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر .
حيث خاضا معاً معارك فكريةً ضد الخطط الاستعمارية ، و تعايشا مع
الأفكار الشيوعية ، و وقفا مع المرأة و حقوقها .

أما الحب قبل الزواج و خارج مؤسسته فهو منشطٌ يتدفق من خارج الجسم
ليصب في القلب فينشط نبضه ، و به ينتعش .
و سهمٌ عابرٌ للجسم يستقر في جوف الصدر .
و نداءٌ للروح يهمس برقةٍ و لطافةٍ ، يقترن بالأنفاس .
يرسم خيال المحبوب على كل ما يبدو لناظريه . فيغدو جزءاً من ابتسامةٍ ناعمةٍ .
وحده الحبيب يملآ مساحة فكرك ، فلا حيز من الفراغ يتسع لغيره ، و أمره
يعنيك أكثر مما تعنيك نفسك . فتهمل الآخرين أسابيع و شهوراً لانشغال تفكيرك به في كل لحظةٍ . و القلب به ينبض في كل ثانيةٍ .
بعشقه يسري الدم فيملأ العروق ، و يعيده إلى القلب ليكمل دورته الأولى .
فتتالى الدورات ، و تتواصل تباعاً .

بغياب الحبيب يتأزم الفكر ، و يضطرب القلب ، و النفس تثلم بلا سكينةٍ
أو توازنٍ . حتى محاولات ترويضها تغدو غير مجديةٍ . و الأحشاء تختلج و تتأجج
حنيناً .
كل عضوٍ من الجسد ينجذب نحوه بتلهفٍ لأخذ حقه الكامل من الشغف . و كان باب مخزن العشق سيغلق أبدياً بعد برهةٍ . وما بحوزته من رصيد الحب قليلٌ لا يفي غرضه ، فيعرج نحوه يسابق الريح لعله ينال مأربه ،
قبل أن يدركه الوقت ، و يخونه الزمن العاق ، فيمر بمحطات الفشل و اليأس ، أو يطول وقوفه في مؤخرة طابورٍ مديدٍ أمام باب المخزن . فيبحث عن طريقٍ مختصرٍ ليغلب على الوقت ، و يفوز بحبٍ لا يعاب فيه طالما هو فطرةٌ لا يد له في صنعها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هوليوود في دقائق.. خيارات صباح العربية لك في السينما والمنصا


.. بعد هروبه من بلاده بسبب القمع.. المخرج الإيراني محمد رسولوف




.. فيلم -أنورا- يحصل على السعفة الذهبية.. تعرف على جوائز الدور


.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م




.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا