الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو كانت حرب اكتوبر بقياة عبد النااصر

رضي السماك

2018 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


من المعلوم إن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر شرع بُعيد كارثة هزيمة حرب يونيو / 1967 وفي إطار تحضيره لإزالة آثار العدوان وتحرير شبه جزيرة سيناء بإعادة بناء القوات المسلحة ، بدءاً من تطهير الجيش من القيادات الفاسدة وغير الكفؤة ومن ثم إعادة تسليحها بأسلحة دفاعية وهجومية حديثة متطورة بمساندة سوفييتية ، كما شرع في بعض الاصلاحات السياسية والادارية في التنظيم السياسي الحاكم " الاتحاد الاشتراكي " وجهاز الدولة ، ولم يرحل عن عالمنا في سبتمبر1970 إلا وما لا يقل عن 80 % من التحضيرات للمعركة قد تم إنجازها ، خططاً عسكرية وتعبئة وتدريباً ، ناهيك عن حرب استنزاف كانت أشبه بالتدريب العملي بالذخيرة الحية من خلال الاشتباك مع العدو والتسلل الى خطوطه الامامية للقيام بعمليات ضد جنوده ومواقعه ، كما تم نقل حائط الصواريخ السوفييتية الدفاعي إلى مقربة من ضفة القناة ، وصدّق الرئيس عبد الناصر أيضاً قبل وفاته على الخطة غرانيت الخاصة بالعبور والتي عُمل بها في اليوم الأول من الحرب ، كما صدّق على الخطة 200 التي توقعت ثغرة الفرسوار وكيفية التعامل بها ، وقد فشل السادات في كيفية التعامل معها واتخذها مبرراً للتراجع بعد رفضه مقترحات رئيس هيئة الاركان سعد الدين الشاذلي بهذا الصدد .. وهذه التحضيرات شهد بأهميتها الفائقة في الاعداد لحرب اكتوبر 1973 التي جرت تحت قيادة خليفته الرئيس انور السادات العديد من كبار القيادات العسكرية وشخصيات نافذة في الدولة من تلك التي عاصرت تلك الفترة ؛ ومن القيادات العسكرية التي نوهت بأهميتها على سبيل المثال الفريق أول محمد فوزي وزير الدفاع في عهد عبد الناصر والفريق سعد الدين الشاذلي نفسه .
وهنا يحق لنا أن نتساءل : ماذا لو أن كل تلك الإصلاحات الآنفة الذكر التي أقدم عليها عبد الناصر بُعيد هزيمة حرب يونيو قد أجراها مُقدماً قبل الحرب ، وعلى وجه الخصوص تلك الإصلاحات التي اُجريت داخل القوات المسلحة ، فهل كانت يا تُرى ستقع الهزيمة بتلك الصورة المريعة في بحر ستة أيام فقط ؟ لا أعتقد ثمة إثنان يختلفان بأنه لو كانت اُجريت بالفعل قبل الحرب لاختلفت نتائجها الكارثية ، فإن لم تؤدِ على الأقل إلى فشل العدوان فالارجح لن تُفضي إلى تلك النتائج الكارثية المريعة التي انتهت بتدمير الجيش المصري وبخاصة سلاح الطيران عن بكرة أبيه وهو رابض على الأرض .
وبالتالي وكتحصيل حاصل ما كان للسادات أن يقود القوات المسلحة وتحقق مصر تحت قيادته ملحمة العبور وتلك الانتصارات في سيناء على محدودية الأراضي السيناوية المحررة لولا التغييرات والإصلاحات التي قام بها سلفه عبد الناصر داخل الجيش و داخل جهاز الدولة والتنظيم السياسي ( الاتحاد الاشتراكي ) .
وهنا نصل إلى السؤال بيت القصيد من هذه المقدمة الطويلة : ماذا لو مد الله العمر في حياة عبد الناصر ثلاث سنوات فقط وجرت حرب العبور والتحرير تحت قيادته ، بغض النظر عن اليوم والشهر والسنة الذي تتقرر في عهده الحرب التحريرية ، علماً بأن عبد الناصر كان يخطط لشنها في ربيع 1971 بينما أجّل السادات هذا الموعد بحجج واهية لمراهنته على الدور الامريكي ، هل كانت ياتُرى ستنتهي تحت قيادته بذلك الانتصار المحدود والنتائج الهزيلة بتحرير مساحة صغيرة من سيناء والتي سرعان ما جيّرها السادات للمراهنة على أمريكا للتسوية السياسية وصولاً إلى عقد معاهدة سلام وصلح مع العدو الاسرائيلي ؟
ما من أدنى شك لكل من يتمتع بأدنى درجة من الموضوعية والإنصاف والتجرد عن الهوى السياسي ليدرك جيداً ثمة بون شاسع بين قدرات عبد الناصر القيادية الشخصية وكارزمته الوطنية والقومية والدولية وبين قدرات خلفه السادات ، وإن إدارة حرب 6 اكتوبر المجيدة لوقُيّض لها أن تكون تحت قيادته فلن تنتهي بأي حال من الأحوال بتلك النتائج الهزيلة التي جرت تحت قيادة السادات حيث ارادها منذ البداية حرب تحريك لا حرب تحرير ، وراهن على التسوية السياسية برعاية امريكية منذ السنة الاولى لتسنمه الحكم مما ادى كما نعلم لمعارضة الجناح الناصري اليساري في السلطة المناوئ لتوجهاته اليمينية الامريكية وحيث قام بدوره بتصفيته في مايو 1971 فيما عُرف بما أسماه " ثورة التصحيح " .
صحيح ثمة أخطاء سياسية وعسكرية كبيرة تتصل بالديمقراطية وقع فيها عبد الناصر أفضت الى كارثة هزيمة الجيش المصري في يونيو 1967 تحت قيادة المشير عامر ، لكن من الصحيح أيضاً أن القادة السياسيين والعسكريين التاريخيين العِظام ليمتلكون صفات وقدرات استثنائية هائلة في الحزم وقوة الإرادة والتصميم والمناورة العبقرية مع العدو وحُلفائه بما يؤهلهم اذا ما اجتمعت في ظروف معينة وبمستقل عن المسألة الديمقراطية بتعقيداتها أن يقودوا شعبهم ووطنهم الى النصر على العدو ؛ ولنا في التاريخ القريب حينئذ من حرب اكتوبر النموذج الستاليني خلال الحرب العالمية الثانية خير شاهد على ذلك ، هو الذي حوّل الهزيمة الماحقة التي لحقت ببلاده على جحافل النازيين الألمان الذين وصلوا الى أعتاب العاصمة موسكو إلى نصر ساحق عليها وفرضت بلاده نفسها بعد الحرب كإحدى القوتين العظيين اللتين تتربعان على النظام الدولي الجديد إلى جانب الولايات المتحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال غزة: من أهوال الحرب إلى نقص المواد الأساسية


.. جون كيربي: -خريطة طريق- جديدة لإنهاء الحرب في غزة




.. بين عزلة وانهيار الحكومة.. خطة بايدن تضع حكومة نتنياهو بمفتر


.. على وقع تصعيد خطير في جنوب لبنان.. بيروت أولى محطات وزير خار




.. سقوط 3 صواريخ بالجليل الأعلى واعتراض آخر في إيلات