الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسليم السري والمواقع السوداء

وداد عقراوي

2006 / 4 / 5
حقوق الانسان


ونحن في انتظار تقرير منظمة العفو الدولية "الترحيل التعسفي للمعتقلين" الذي من المقرر إطلاقه غداً الاربعاء 5 ابريل 2006 ساقدم في هذا المقال بعض التوضيحات بخصوص المصطلحات والحقائق التي تواجهها وتتعامل معها منظمة العفو.

"التسليم " السري
سمع العديد منكم مصطلح "التسليم " السري والذي يستخدمه منظمة العفو الدولية للإشارة إلى مجموعة متنوعة من الممارسات التي تقوم بها السلطات الأمريكية وتتعلق بنقل أشخاص من بلد إلى آخر بدون أي شكل من أشكال الإجراءات القضائية أو الإدارية مثل تسليم المطلوبين. وتتضمن هذه الممارسات، التي تجري عادة في السر، نقل المعتقلين في "الحرب على الإرهاب" إلى حجز دول أخرى، تتولى حجز الأشخاص الذين تتسلمهم من سلطات أجنبية، واختطاف المشتبه بهم من أراضٍ أجنبية.

"التسليم الاستثنائي" و "عمليات التسليم الاستثنائية" و"عمليات التسليم العكسية"
المثير للانتباه هو تداول ووجود تسمية "تسليم استثنائي" في الولايات المتحدة الأمريكية وتشير الى عمليات ممارسة نقل المعتقل من حجز الولايات المتحدة إلى حجز دولة أجنبية، ويبدو أن وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه" تلجئ اليه منذ العام 1995. بالاضافة إلى ذلك فتطلق عبارة "عمليات التسليم الاستثنائية" على الحالات التي يُنقل فيها المشتبه بهم إلى حجز الولايات المتحدة ويُعتقلون ويستجوبون على أيدي موظفين رسميين أمريكيين خارج الولايات المتحدة، لكن يطلق عليها أحياناً تسمية "عمليات التسليم العكسية". وتطلق منظمة العفو الدولية عبارة "التسليم السري" على جميع هذه الممارسات.

مصير ضحايا "التسليم" السري
السؤال التالي الذي يطرح نفسه هو ما الذي يحصل لضحايا "التسليم" السري؟ للاجابة على هذا السؤال لابد من الاشارة الى ظهور بعض ضحايا "التسليم" السري فيما بعد في مراكز اعتقال أمريكية رسمية، مثل خليج غوانتنامو. و"اختفاء" آخرين بكل بساطة عقب اعتقالهم من جانب موظفين أمريكيين أو تسليمهم إلى الولايات المتحدة لاعتقالهم لديها.
من ناحية اخرى فكانت تقارير منظمة العفو قد ذكرت بان السي آي إيه، التي غالباً ما تستخدم طائرات سرية مستأجرة من شركات مشبوهة، كانت قد نقلت عن طريق الجو أشخاصاً إلى دول يُعرف عنها استخدم التعذيب وسوء المعاملة في عمليات الاستجواب. ويُزعم أن تلك الدول قد وقع الاختيار عليها تحديداً لتسلم المعتقلين لاستجوابهم، وأن المحققين الأمريكيين هددوا المعتقلين بإرسالهم إلى تلك الدول.

"المواقع السوداء"
كذلك ورد أن ضحايا "التسليم السري" الذين نُقلوا إلى حجز الولايات المتحدة من دول أخرى قد احتُجزوا في مراكز اعتقال سرية تديرها الولايات المتحدة خارج أراضيها تسمى أحياناً "المواقع السوداء" والتي تعتبر نظاماً من السجون السرية يشار إليه في الوثائق السرية بـ "المواقع السوداء"، يتم تشغيلها في أوقات مختلفة في حوالي ثماني دول. ووفقاً للأنباء، ثمة اتجاه لاستخدام هذه المرافق مداورة، حيث يُنقل المعتقلون معاً من موقع إلى آخر، عوضاً عن بعثرتهم في مواقع مختلفة. ورغم الإقرار بوجود مرافق اعتقال سرية للسي آي إيه منذ مطلع العام 2002، فإن صحيفة واشنطن بوست كانت أول من كشف مصطلح "المواقع السوداء" في نوفمبر 2005.

وجود مراكز اعتقال سرية في انحاء متفرقة من العالم
تلقت منظمة العفو الدولية أنباء متكررة تفيد بأن الولايات المتحدة تدير أو أنها أدارت مراكز اعتقال سرية في أفغانستان وخليج غوانتنامو في كوبا والعراق والأردن وباكستان وتايلند وأوزباكستان ومواقع أخرى مجهولة في أوروبا وسواها، بما فيها الأراضي البريطانية الواقعة في المحيط الهندي المعروفة باسم دييغو غارسيا. ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية ومكتب التحقيقات الاتحادي "أف بي آي" والسي آي إيه جميعها التعليق على هذه الأنباء. ونفت حكومة المملكة المتحدة مزاعم وجود مثل مراكز الاعتقال هذه في دييغو غارسيا.

حال الضحايا
وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت مقابلات واسعة مع ثلاثة رجال يمنيين "اختفوا" في حجز الولايات المتحدة وكانوا محتجزين في مواقع اعتقال سرية لمدة 18 شهراً تقريباً. وبحسب شهادتهم، نُقل الرجال عدة مرات، لكنهم كانوا يُحتجزون دوماً في عزلة تامة، دائماً في زنازين ذات جدران خاوية، وبدون غطاء للأرضيات ولا نوافذ ولا ضوء طبيعي. ولم يتحدثوا إلى أحد سوى المحققين ولم يتحدث إليهم أحد. وفي زنازينهم كانت هناك دندنة دائمة منخفضة كضجيج غير واضح وغير موسيقي، تُستبدل به أحياناً موسيقى غربية صاخبة. وبوجود إضاءة اصطناعية على مدار الساعة، ولم تكن أوقات الصباح والظهيرة والليل تُعرف إلا بأنواع الوجبات التي كانت تُقدم، أو لأنه قيل للمعتقلين إن وقت الصلاة قد حان. وطوال أكثر من عام، لم يعرف الرجال في أي جزء من العالم يتواجدون، وما إذا كان الوقت نهاراً أو ليلاً، والطقس حاراً أو بارداً، ممطراً أو مشمساً. وطوال الأشهر الستة أو الثمانية الأولى، أمضوا كل ساعة يقظة تقريباً يحدقون في الجدران الأربعة المُصمتة لزنازينهم التي لم يغادروها إلا للاستجواب. ولم يشاهد أي من الرجال قط بعضهم بعضاً، أو أي معتقل آخر، لكن أحد الرجال يظن أن حوالي 20 رجلاً كانوا يؤخذون إلى غرفة الدوش في قسمه كل أسبوع، رغم أنه لا يعرف عدد الأقسام التي يضمها المرفق.

اعتراف الإدارة الأمريكية بلجوئها الى "التسليم " السري
من المهم هنا التركيز على اعتراف الإدارة الأمريكية بلجوئها الى "التسليم " السري، واصرارها على أن الممارسة تهدف إلى نقل المعتقلين في "الحرب على الإرهاب" من الدولة التي أُسروا فيها إلى وطنهم الأم أو إلى دول أخرى يمكن فيها استجوابهم أو احتجازهم أو تقديمهم إلى العدالة. وزعمت أن عمليات النقل هذه تجري وفقاً للقانون الأمريكي والواجبات المترتبة على الولايات المتحدة بموجب المعاهدات، بما فيها تلك المترتبة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتنكر أنها تنقل المعتقلين من بلد إلى آخر بقصد السماح بعمليات استجواب تتضمن التعذيب.

موقف منظمة العفو الدولية من هذه الممارسات
من الجدير بالذكر بان منظمة العفو الدولية تعتقد بأن هذه الممارسات غير قانونية لأنها تتجنب أية إجراءات قضائية أو إدارية مثل التسليم القانوني. وبموجب القانون الدولي، يُمنع تسليم أشخاص من بلد إلى آخر بدون أي نوع من الإجراءات القضائية أو الإدارية.

وعلاوة على ذلك، تم القبض على معظم ضحايا "التسليم" السري واعتقالهم بصورة غير قانونية أساساً : فالبعض تم اختطافهم؛ والبعض الآخر حُرموا من أية إجراءات قانونية. واحتجز ضحايا كثيرون "للتسليم" السري أو يتواصل احتجازهم رهن الاعتقال التعسفي المطول وما فتئوا يتعرضون للاختفاء القسري. كما أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع جميع ضحايا "التسليم غير القضائي" واكدوا تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

ف"التسليم " السري ينطوي على انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، بينها الخطف والتوقيف والاعتقال التعسفي والترحيل غير القانوني بدون اتباع الإجراءات القانونية المرعية. كما أنه ينتهك عدداً من الضمانات الأخرى لحقوق الإنسان: مثلاً ليس هناك إمكانية أمام ضحايا "التسليم" السري للطعن في قانونية اعتقالهم أو في القرار التعسفي بنقلهم إلى دولة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين