الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الاحتجاجية (3)

رشيد برقان

2018 / 10 / 10
الادب والفن


تتخذ وظيفة كل شيء محتواها من تعريفه، لهذا يبدو جليا أن وظيفة الثقافة الاحتجاجية ستكون مرتكزة على دعامتين هما:
ــ الهدم؛ أي هدم الثقافة السائدة والعمل على خلق ثقافة مناهضة هدفها المركزي هو مواجهة سعي الدولة والطبقات السائدة نحو تأبيد الهيمنة. كما تعمل بشكل مناقض للثقافات القديمة التي تقدم الواقع بوصفه قدرا محتوما لا يملك الانسان أمامه سوى الرضى والإذعان. وتدخل في صراع مع ثقافة الرضى والزهد والتصوف. وتتصدى لكل ثقافة هروبية تعتصم بالجانب الأكاديمي، أو الجانب الفني التجريدي المنقطع عن كل واقع، أو الفرح الساذج والبهرج الكذاب. وعموما تناهض كل مظاهر التقليد في المجتمع.
لا تتخذ الثقافة السائدة في المجتمع طابعا عاما ولا تبقى في حدود معينة، فهي تعمل أولا على بناء ذاتها وتدعيم أسسها. ولكنها أيضا تعمل على صبغ كل أنماط التعبير المجتمعية بصبغة تنسجم معها أو تتماهى مع متطلباتها. مما يخلق داخل المجتمع أنماطا تعبيرية، رغم كونها متعددة، نجدها كلها تصب في إطار تبرير القهر الذي تعيشه الفئات المستغَلة. ولعل هذا ما يفسر سكونية الثقافة الصوفية، وسلبية التعبير الكناوي، والبعد الخارق في سير حمادشة ولجوئها إلى الإيمان بقدرة الأموات على تخليص الأحياء من محنهم. وكذلك التأويل القدري للدين الذي يلغي كل أشكال الإرادة الإنسانية.
ــ البناء؛ أي بناء أسس جديدة للثقافة. وبهذا تعد شكلا من أشكال بناء رأي عام وتوجيهه توجيها صحيحا يراعي مصالح الفئات الصاعدة الطموحة نحو التحرّر والتنوير والحداثة؛ حيث تساهم في إنضاج الوعي الشعبي، وتسعى إلى تحسيس الناس بوضعهم الاجتماعي ومكانتهم داخل المجتمع، وبهذا تشكل أيضا وسيلة من وسائل الصراع داخل المجتمع.
لا يمكن بناء فكرة جديدة ولا ترسيخها في الذاكرة الشعبية دون إحداث رجة ولا خلخلة في الأفكار السابقة؛ لهذا تكون فكرة البناء في الثقافة الاحتجاجية فكرة ثاوية تالية ومؤجلة في غالب الأحيان لأن الجهد ينصب بأكمله على الهدم.
ولعل الغاية الكبرى لكل ثقافة احتجاجية هي خلق موجة عمق كبيرة، مفعمة بالغضب، مؤطرة بالتساؤل، ساعية نحو هدم كل أركان الثقافة القديمة تمهيدا لبناء ثقافة جديدة على أنقاضها. فالمعلوم أن عموم الناس يميلون إلى الكسل، السكون والاطمئنان إلى الأفكار القديمة، ولعل في هذا نقطة قوة تلعب لصالح الثقافة السائدة، ومسألة محفزة للثقافة الاحتجاجية لكي تجد كل الدعامات التي توقظ البنيات التساؤلية لدى الانسان، وتدفع به نحو ترك الدعة والاستقرار، والبحث عن وضع جديد هو وضعه الحقيقي والفعلي؛ فالدلائل التاريخية تشير إلى أن النساء قد يكن في لحظة تاريخية معينة أكثر المدافعات عن وضع هو أصلا ضد مصلحتهن وموقعهن، ولن يزيد وضعهن إلا تأزيما. والشيء نفسه أثبتته التجربة في حق الفئات المسحوقة التي يقع توظيفها لتواجه القوى المتحرّرة على أساس أنها هي العدو الحقيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??


.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي




.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط