الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التخلي عن القطاع العام تفريط بحقوق العمال و إضعاف للسيادة الوطنية

نضال العبود

2006 / 4 / 6
الحركة العمالية والنقابية


تدأب قوى العولمة الرأسمالية في الدول الكبرى إلى مسخ اقتصاديات العالم الثالث، و فرض شروط مجحفة بحق شعوبها تحت ذريعة إعادة الهيكلة لاقتصادياتها و الجدولة لديونها، للقبول بها في التجمعات الاقتصادية العالمية الكبرى عن طريق الوصفات الجاهزة التي يقدمها ثالوث العولمة (البنك الدولي – صندوق النقد الدولي – منظمة التجارة العالمية)، دون الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الاقتصادية لهذه الدول، و لا المنحى التاريخي لتطور مجتمعاتها.

فالدعوة إلى " لبرلة " الاقتصاد الوطني في سوريا أصبحت واضحة و تزحف من قطاع إلى آخر، تحت مسميات "تحرير" هذه المؤسسة أو تلك، و تحرير هذا القطاع أو ذاك، و ترفع شعارات ملغومة مثل " الاندماج بالاقتصاد العالمي" الذي يعني فيما يعنيه أن نصبح جزءاً من منظومة الشركات العابرة للقارات الساعية إلى تحويل العالم كله إلى "جمهوريات موز" و اقتصاديات الدول النامية إلى مجموعة شركات ملحقة بالمراكز الاحتكارية الكبرى في العالم.

لقد بدأت تباشير التحول إلى اقتصاد السوق بالظهور و التي ستدفع ثمنها غالياً الطبقة العاملة في بلدنا. أبرز مثال على ذلك هو مشروع تعديل قانون العمل الذي يجري إعداده، و فيه إلغاء للمرسوم 149 لعام 1962 القاضي بمنع التسريح التعسفي الذي انتزعته الطبقة العاملة بنضالها أثناء حكم الانفصال، و هو يشابه النضال الذي يخوضه اليوم الطلاب الفرنسيين ضد قانون جديد و مماثل للعمل، يعطي أرباب العمل حق تسريح العمال (CPE) "عقد العمل الأول" ، تسريحاً تعسفياً خلال العامين الأوليين.

أكد العمال مؤخراً في مؤتمراتهم النقابية السنوية أن حماية القطاع العام و إصلاحه هي المهمة الأساسية لهم، و أن ذلك لا يتنافى مع الدور التشاركي للقطاع الخاص الوطني في عملية التنمية مع القطاع العام، كما أكدوا أن إصلاح القطاع العام و تلبية مطالب العمال هو واجب وطني تقتضيه طبيعة المرحلة السياسية الراهنة التي تتطلب تقوية البلاد في مواجهة أخطر مؤامرة استعمارية عليها، و إحباط المخططات الرامية إلى إلحاقها بالمشروع الأمريكي في المنطقة.

لا شك أن ضعف النضال النقابي العمالي و السيطرة عليه من قبل السلطة التنفيذية، قد أدى إلى تراكم القضايا المطلبية للعمال و تزايد همومهم و استفحال السلبيات في العملية الإنتاجية للمؤسسات و الشركات العامة، و تفاقم البيروقراطية في الإدارات و تنامي الفساد مما أدى إلى الخسائر الحالية التي نراها للشركات كمحصلة نهائية لإضعاف الدور الرقابي للطبقة العاملة و تنظيمها النقابي.

بدأت السلطة التنفيذية بتضخيم السلبيات الموجودة في القطاع العام، وإشاعة اليأس من إصلاحها لإخفاء الفساد القاتل الذي ينخر في صلبه، و الفشل الذريع في الإدارة، و إلقائها على عاتق العمال و تنظيمهم النقابي، من أجل الوصول إلى النتيجة التي وصلنا إليها مؤخراً، و هي إعلان عجز السلطة عن الإصلاح الإداري و الاقتصادي، و بالتالي طرح القطاع العام للتأجير أو الاستثمار أو البيع.

تم الحديث كثيراً عن أسباب فشل القطاع العام و مواطن ضعفه، فعملية إصلاحه تمر حتماً بإزالة مواطن الضعف هذه و معالجة أسباب الفشل، و بخاصة تجفيف منابع الفساد و محاسبة الإدارات الفاشلة وفق معايير واضحة، و نبذ أسلوب تعيين الإدارات على أساس الانتماء الحزبي أو الولاءات الشخصية و المحسوبيات.
إن أسلوب الإدارة بالأوامر و التخطيط المركزي الموجه تشكل مقتلاً من مقاتله، فالإدارة الاقتصادية على أساس الحساب الاقتصادي أي حساب الربح و الخسارة، بعد أخذ الأبعاد الاجتماعية بالحسبان مسألة يجب النظر فيها بعمق و تبنيها ضمن السياسة الاقتصادية المقبلة للدولة.

إن التخلي عن القطاع العام و خصخصته يعني بكل وضوح إضعاف قدرة الدولة و التخلي عن دورها المركزي في عملية التنمية، و هو مفتاح العولمة الرأسمالية للتسلل إلى بلادنا و تقويض سيادتها و السيطرة على مقدراتها الاقتصادية مع ما يرافق ذلك من تهديد للهوية الوطنية و ازدياد مرعب في معدلات البطالة و الفقر بدون أن ننسى الأزمات التي يمكن أن تنسف من الجذور الأمن و السلم الاجتماعيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسبانيا تستدعي سفيرتها من الأرجنتين احتجاجا على إهانة من رئي


.. المرشد الإيراني: المسؤولون يتعاملون بشكل جدي ولن تتعطل شؤون




.. بعد إلغاء إسرائيل تصاريح عمليهم.. آلاف العمال يفقدون مصدر رز


.. ما انعكاسات البطالة في قطاع غزة؟




.. إضراب شامل في جنين حدادا على اغتيال القيادي إسلام خمايسي