الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف الدجال

صاحب الربيعي

2006 / 4 / 6
الادب والفن


تفرض ثنائية الخير والشر حضورها على الثقافة لتقسمها إلى ثقافة تسهم في رفد الحضارة الإنسانية وتعمل على تقدم ورقي الإنسان وثقافة عنف تدعو للقتل وبث الفرقة بين البشر، ولكلاهما أنصار ومنظومة قيم للدفاع عن نفسها.
يمكن تشخيص فعلين للثقافة الإنسانية في ذات المثقف فعل صقل الملكة الإبداعية لإنتاج ثقافة معرفية جديدة، وفعل تهذيب النفس للارتقاء بها لمراتب أعلى تسمو وتعلو على الوعي الاجتماعي السائد باشتراط أن تكون ذات المبدع ذات سوية تهدف لخدمة الإنسان. لكن حين تكون ذات المثقف غير سوية وتفتقد للملكة الإبداعية، يوظف مكتسباته المعرفية لأهداف ومصالح ذاتية وعلى حساب مصالح الآخرين.
عند هذه النقطة الحرجة من التشخيص تكمن خطورة المثقف ذو النوازع الشريرة لأنه يستخدم مكتسباته المعرفية في الدجل والخداع لتحقيق مصالحه الذاتية دون الاستفادة منها للارتقاء بوعيه لمراتب أعلى، بل العكس فإنه يدفع بها نحو الحضيض ليصبح ذاتاً شريرة تبرر فعل الشر في المجتمع.
ويمكن لمس حالة الدجل والنفاق عند (مثقف السلطة تحديداً) فهو يوظف ثقافته لتبرير أفعال العنف والاستبداد للسلطة، ولايعتريه الخجل والحياء من كونه جندياً في جحافل الشر قد يمارس فعل القتل والاضطهاد ضد أقرانه من المثقفين لتحقيق مصالحه الذاتية.
هكذا ذات محتقنة بالحسد والحقد ضد أقرانه من المثقفين يعي أن نتاجه الثقافي يفتقد للإبداع، ويدرك أنه محتقراً ومنبوذاً في الوسط الثقافي. لذا يمارس فعل الشر ضد أقرانه من المثقفين بوعي كامل مدفوعاً بهواجسه الضالة وشعوره بالدونية في المجتمع.
يرى ((خليل فاضل))"أن المثقف يدرك بحسه الفطري أن ما هو حوله هيصة وسيرك، وأن قبضته لاتملك سوى الريح، وأنه في علاقته مع من يتملقهم ويوظفونه. هو بلا معنى (خادم محترم) أنه ليس عبداً مملوكاً يمكن أن يثور ويتحرر لكنه خادم بمحض إرادته يهوى ويسكن بلاط السلطان، وهو من خضم هذا الإحساس القاسي يعاني وينظر بعين الحسد إلى المثقف المبدع في تطوره ومحاولاته للانسجام والقفز فوق الأسوار في ثباته واكتئابه الشريف الراقي والنظيف".
في المجتمعات الرازحة تحت أنظمة استبدادية وتعاني من الجهل والتجهيل، هناك حظوة خاصة للمثقف الدجال (السياسي خاصة) القادر على خداع الجمهور الساذج بخطابه المعسول المليء بالعبارات الفارغة والوعود الكاذبة.
ويستحسنها الجمهور الجاهل المعتاش على الشعارات والوعود الكاذبة التي تحرك فيه العاطفة دون التفكير، فيفرح بها ويصفق لها بكل قوة!. وبخلافه فإن المثقف المبدع الذي لايبيع نفسه ولايؤجر قلمه ويعي مهامه الأساس في الدفاع عن مصالح المجتمع، يعاني من العزلة والتهميش.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن ما من دجال في الفكر أو الفن أو العلم أو السياسة إلا برز للناس في ثياب لامعة، براقة ، ورائعة.....متخيلاً أنه هو الذي يقدم إليهم أروع ثمرات العقل والقلب وأجل نتائج الجهد والجهاد".
إن الإشكال المبتذلة من النتاجات الثقافية ومنتجيه لاتظهر سوى في المجتمعات التي تعاني من الجهل والتجهيل والرازحة تحت أنظمة استبدادية، تسعى لفرض توجهاتها بمعية مثقفين دجالين يكرسون الجهل والتجهيل في المجتمع بغرض إنهاء أي فعل للمقاومة ضد سلطة الاستبداد. فالمثقف الدجال لايشكل خطورة على المجتمع حسب، بل على الثقافة ذاتها لأنه يعمل بوعي على هدم الثقافة الإنسانية بغرض تحقيق مصالحه الذاتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده