الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنمية بالتهميش الاجتماعي/ سوريا

أيهم أسد

2006 / 4 / 6
الادارة و الاقتصاد


وفق الدراسات والنماذج الاقتصادية البحتة يعاني 30% من الشعب السوري من الفقر ويعيشون في ظله، ويتأثرون بثقافته، وينتجون سلوكياته، ويُبعدون بواسطته عن المشاركة والحراك الاجتماعي، وبتحويل هذه النسبة إلى أرقام مطلقة نجدها تساوي نحو 5.5 مليون مواطن، وأكثر هؤلاء يتوضعون في مناطق إنتاج الذهب الأسود والأبيض والأصفر، وتحديداً في المنطقة الشمالية الشرقية، إنهم يقبعون فوق ثروة ولا يملكون أي ثروة، إنه لخلل اجتماعي كبير! وبالطبع فهذا الرقم مؤهل ومرشح للزيادة مستقبلاً بسبب التراجع الاقتصادي العام الذي يشهده الاقتصاد منذ سنوات، وبسبب غياب برنامج متماسك للإصلاح الاقتصادي، واستمرار تفشي نموذج اقتصاد الفساد وسيطرته على مفاصل الاقتصاد الحيوية، الأمر الذي يفتح باب الانتساب إلى نادي الفقر بدون شروط مسبقة، ويمنح هوية "مهمش اجتماعياً" لملايين جديدة من الناس وفي مناطق سورية كافة.
وفي ظل تحول الدولة السورية إلى دولة ريعية بالمطلق بدأت تفقد توازنها النفطي، ولا تسيطر على عملية الإنتاج الاجتماعي، وتفتقد بنية صناعية حديثة، ولا تملك مشروع تطوير مستقبلي لبنيتها الاقتصادية والاجتماعية، بل وتعتاش على رفع الأسعار، وفرض الضرائب، وضغط الإنفاق، والاقتراض الخارجي، وتأجير القطاع العام. في ظل هذا التحول يستمر تحويل الثروة الاجتماعية المنتجة إلى فئة محدودة مستفيدة من امتيازاتها وتحالفاتها السياسية والاقتصادية التاريخية والراهنة، ويزداد الانقسام الطبقي وتتوسع دائرة التهميش الاجتماعي لتطال شريحة كبيرة من المواطنين على حساب تحقيق تنمية اقتصادية لحفنة قليلة من الأثرياء التقليدين والجدد، الأمر الذي ينقل سوريا مستقبلاً إلى حالة من "تخصيص التنمية" مقابل "تعميم التهميش".
لم يعد ينظر للفقر من زاوية الحاجات المادية فقط، بل بات ينظر إليه من زاوية نقص القدرات والفرص، والقدرات والفرص هي قدرات وفرص سياسية واقتصادية واجتماعية، وبالتالي تحول مفهوم الفقر وتوسع إلى مفهوم "التهميش" بكل أبعاده، حيث ينتج التهميش إقصاء وحرماناً مركباً مادياً ومعنوياً، ورغم هذا التطور في مفهوم الفقر مازال ينظر إليه في سورية على أنه مجرد نقص في الطعام والشراب فقط، لا على أنه نقص في الحقوق الإنسانية، وخلل في المشاركة الاجتماعية، وبناء عليه انطلقت الدعوات لحل مشكلة الفقر بالطرق الاقتصادية لوحدها كزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة الدخل الفردي وغيرها من الطرق الأخرى، ولم تنطلق لحل المشكلة بالطرق المركبة الشاملة النابعة من تركيبة المجتمع في سوريا، ومن حاجات تطوره السياسية والاقتصادية، وهذا ما قزّم المشكلة والحل معاً. وتطويراً لهذه الفكرة نقول إنه من الممكن تقليص الفقر وتخفيض أعداد الفقراء، ولكن قد يكون من غير الممكن تقليص دائرة التهميش الاجتماعي. فهذا التقليص مرتبط بدرجة كبيرة بتقاسم وتوزيع السلطة في المجتمع، بين الدولة، ورأس المال، والمجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والشارع، وطالما أن هذه المكونات في سورية ما يزال بعضها في حالة فوضى وارتباك، وبعضها الآخر في حالة غياب وإقصاء، فإن عملية التنمية ستبقى قائمة ولكن سيكون زادها ووقودها ملايين المهمشين لا الفقراء وحدهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا