الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصواريخ والعبثية

أمير ضهير

2018 / 10 / 19
القضية الفلسطينية


مع الوقت، يصبح إدراكنا للحقائق أكثر وعيا، ونتمكن من خلال الخبرات الشخصية المتراكمة لدينا من رؤية الأمور والمسائل التي كنا نعيشها بشكل أوضح. هذا المتغير الذي يساهم في تغيير القناعات أو حتى نفيها ليس نابع من قدرتنا الذاتية على ذلك فحسب؛ بل له علاقة بتغير المواقف مع الوقت ومراقبة الأحداث التي نعايشها ومقارنتها مع بعضها البعض.
هذا ما يحدث في غزة الان ومع حركة حماس بالتحديد.
في سنوات التسعينات من القرن الماضي، كنت أتساءل كغيري من المراقبين عن مواقف معينة. منها على سبيل المثال لا الحصر، توقيت العمليات التفجيرية التي تحدث في قلب اسرائيل وجدواها بالتزامن مع جلسات مفاضات مهمة ومصيرية أو مع مؤتمر دولي هام للقضية الفلسطينية يشارك فيه الراحل الخالد ابو عمار رئيس السلطة الفلسطينية.
هذه العمليات كانت تُقابل من طرف اسرائيل باغلاقات مستمرة واجراءات عقابية متسلسلة لنا كفلسطينين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وكذلك على السلطة الفلسطينية حيث كانت المفاوضات تتعطل وتتأجل بذريعة التفجيرات .
الأدهى من ذلك أن تلك العمليات كانت تسمح بشكل مباشر بصعود أسهم اليمين واليمين المتطرف داخل المجتمع الاسرائيلي وتزايد شعبيته وبالتالي تضاؤل فرص الوصول لسلام حقيقي وشامل كنا كفلسطينين نطمح لتحقيقه.
كنا دائما نتساءل عن الهدف من التوقيت وعن جدوى تلك العمليات، لكن التساؤلات كانت حبيسة العقول والقلوب ولم يكن أحد يجرؤ على ذلك -إلا بعض الاشخاص- خوفا من الاتهامات الجاهزة بالعمالة للاحتلال الاسرائيلي ومعاداة المقاومة.
بدأت الانتفاضة الثانية وبدأت حركة حماس معها بتطوير الصواريخ كسلاح تقول انه يمكن أن يصنع الحرية لشعبنا. هذه الصواريخ كانت بدائية بمعاييرنا المنخفضة ثم تطورت واتسع مداها وما زلت بدائية جدا بمعايير دولة الاحتلال الاسرائيلي.
لكن دعونا نضع افتراضا مفاده أن هذه الصواريخ والجهود يمكن أن تصنع نصرا حقيقيا وردعا للاحتلال. ودعونا أيضا نتفق على أن حماس لا تملك أية اجندة أخرى غير تحرير فلسطين.
السؤال هنا، لماذا أدانت حماس اطلاق الصواريخ الاخيرة على اسرائيل قبل ايام بذريعة أنها تخرب جهود التهدئة؟ وهي نفسها من كانت تطلق الصواريخ في السابق، وخربت جهود اقامة الدولة في تسعينات القرن الماضي؟
لماذا هاجمت حماس الرئيس عباس قبل سنوات قليلة لانه وصف الصواريخ بالعبثية وأدان اطلاقها؟! هل أدركت حماس اليوم أن هذه الصواريخ عبثية بعد أن دمرت نظام الحياة في غزة المنكوبة خلال سنوات حكمها السوداء!
حماس تقول أنها لم تكن تدرك جيدا تعقيدات المسألة السياسية والتفاوضية في السابق، ونحن نتفق معها لكننا نضيف أنها أيضا ما زالت غير مدركة لتلك التعقيدات ولا يمكنها إدراك ذلك في المستقبل أيضا.
هذا ليس تجنيا عليها، فكل الشواهد تؤكد بشكل يقيني أنها بهيكلها التنظيمي الحالي والمبادئ التي تشكل عقيدتها السياسية لا يمكن أن تدير ملفات صغيرة ناهيك عن قضية بحجم قضيتنا وتعقيداتها.
دائما كانت قرارت الحركة تصب في مصلحتها التنظيمية الخاصة وفي مصلحة الاخوان المسلمين ودعونا نسرد بشكل مختصر ذلك.
كانت حماس دائما ترفض قيام دولة على حدود العام 67 ثم تراجعت عن ذلك وقبلت ثم تراجعت مرة أخرى وقررت الاكتفاء بهدنة مقابل غزة فقط!
كانت حماس ترفض الدخول للعمل السياسي تحت مظلة اوسلو وعندما فعل بعض قادتها ذلك تم تخوينهم وفصلهم ثم عادت وقبلت ذلك ودخلت الانتخابات!
في المسألة المصرية خرج مسلحين من حماس ضد الرئيس السيسي بالسلاح واشارات رابعة على حدود مصر معلنين دعهم للرئيس السابق مرسي ثم عادت الحركة وقبلت بالسيسي رئيسا وعانت غزة جراء هذا التصرف الارعن الأمرين!
هناك عشرات المسائل الأخرى التي رأينا فيها عدم قدرة حماس على اتخاذ قرار استراتيجي مبني على فهم حقيقي للواقع الفلسطيني والاقليمي والدولي.
أليس من العبث أن نترك حركة كهذه اكتسبت شرعيتها من الدعاية الدينية وقوة السلاح تتحكم في مصير شعب يعاني منذ عشرات السنوات لنيل حريته. يجب أن نتوقف قليلا عند الكثير من الاحداث لندرك حجم الخطر الذي يحيط بقضيتنا وشعبنا الذي يصارع العالم من أجل تحقيق حريته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن