الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبننة العراق استنساخ على الطريقة الأمريكية

سامي حسن

2006 / 4 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


على وقع طبول الحرب الأمريكية على العراق علت أصوات المسؤولين الأمريكيين والعراقيين من معارضة الخارج والعديد من المتحمسين مهللة لنظام سياسي قادم يعيد للعراقيين كرامتهم وحقوقهم المهدورة، ويفجر طاقاتهم وأحلامهم المكبوتة ويبني عراق المستقبل الواعد بالديموقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين مستعيداً روح حمورابي لبناء دولة القانون والمؤسسات التي افتقدها العراقيون منذ زمن نتيجة لهيمنة نظام الاستبداد.

وها نحن الآن وقد مضى أكثر من سنتين على سقوط نظام صدام.. نطل على المشهد العراقي، وبدلا من أشجار النخيل والقرى المعمرة والمدن المضاءة نشاهد اليباب والتدمير والجثث والفساد والفقر، نسمع أصوات المدافع والرصاص والانفجارات وأنات المعتقلين بدلاً من الشعر والموسيقى والمقامات؟! نشم رائحة الدم والقتل ولا نشم الورد والياسمين؟ هذا هو عراق اليوم، الحلم الموعود ؟! إنه المولود المنتظر.. مشوه الملامح يتداخل فيه الرأس مع اليدين والقدمين، ومع ذلك يمكنك أن تميز فيه بعض العلامات الفارقة: عيون تقرأ فيها بدل البراءة شهوة القتل وصرخات تطلب بدل الحنان والأمان دماً وخراب، وجسد ممزق بالطوائف والمذاهب والعشائر والاثنيات.

هو هو المولود المنتظر، نسخة من لبنان الطوائف والطائفية والطائف؟! إنه عراق اليوم، فريسة صراعات يقودها الاحتلال وأصحاب المصالح الضيقة والتكفيريون والطائفيون، ووقودها الناس البسطاء من جميع الطوائف والمذاهب والاثنيات، ونتائجها واضحة نهب وتدمير وتمزيق العراق ؟! وكما حول الاسرائيليون بيروت عروس البحر إلى حطام، فقد دمر الاحتلال الأمريكي عاصمة الحضارات بغداد، وسرق تاريخ العالم بين النهرين ليباع بالمزاد، إنه العراق، أم تأكل أبناءها كل يوم كما كان لبنان؟! القتل في كل مكان، في الشمال وفي الجنوب وفي الوسط، سيارات مفخخة واغتيالات واعتقالات وتعذيب وتدمير دور العبادة من مساجد وكنائس؟! الاحتلال أمريكياً في العراق واسرائيلياً في لبنان، مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان تتكرر في حي البلديات في العراق والضحية نفسها الفلسطينيين اللاجئين؟!. ومثلما كان لبنان مسرحاً لأجهزة الاستخبارات المتعددة الجنسيات، ها هي اليوم نفس الأجهزة تعبث بالعراق. ومثلما غيب عن قصد الانتماء إلى الوطن في لبنان، يحضر اليوم في العراق المذهبي والطائفي على حساب العراقي؟! ومثلما حصل في لبنان من خلط للدين بالسياسة تعاد الكرة اليوم في العراق، ولتتحول الأديان إلى أوراق لعب بأيدي السياسيين الفاسدين ناهبي المليارات من الدولة والمجتمع المجردين من كل قيم المحبة والتسامح. الاستقطاب الطائفي هو الحاضر في المؤسسات والوظائف والانتخابات؟ بالقتل غيب معروف سعد و مهدي عامل وحسين مروة وكل المناضلين والمفكرين والمتنورين اللبنانيين وبنفس الطريقة يغيبون اليوم في العراق.

بالأمس حاولوا انتزاع عروبة لبنان بذريعة تخلف العرب الذين لا يستحقونه وهو البلد المتحضر الأقرب إلى الغرب، واليوم تجري على قدم وساق عملية سلخ العراق عن محيطه العربي.

وكما هجر اللبنانيون لبنان، تستمر اليوم أمواج الهجرة التي بدأت منذ أكثر من ثلاثين عام من العراق.

هذا هو العراق الوليد اليوم؟ فعلى الراغبين باستنساخ مولود جديد على الطريقة الأمريكية وبالمواصفات الآنفة الذكر التقدم بطلباتهم للسيد بوش وشركاه تشيني ورامسفلد مع أطيب التمنيات بتعثر الولادة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحزمة نارية عنيفة للاحتلال تستهدف شمال قطاع غزة


.. احتجاج أمام المقر البرلماني للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ تض




.. عاجل| قوات الاحتلال تحاول التوغل بمخيم جباليا وتطلق النار بك


.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف




.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟