الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنزة (1)

سلام محمد المزوغي

2018 / 10 / 24
الادب والفن


طرقتْ الباب وهمستْ بإسمي، لمْ أرد وتظاهرتُ بأني قد عبرتُ إلى عالم الأحلام؛ ذلك العالم الذي لم يزدني إلا التباسا. فتحتْ ودخلتْ، اقتربتْ وجلستْ عند قدميّ على حافة السرير.. قالتْ: "أحضرتُ ألبوم الصور، هيا لنشاهد معا، كنا سعداء عندما كنا صغارا ولم نزلْ كذلك حتى تغيّرتَ مؤخّرا".. استدرتُ وأخرجتُ رأسي من تحت الغطاء، نظرتُ إليها وقلتُ: "لم أتغيّر، لكننا كبرنا اليوم.. أنتِ لا تُريدين أن نكبر، تريدين أن نظل صغارا إلى الأبد وهذا مستحيل".... كذبتُ وحاولتُ إيهامها بصدق ما قلتُ وبأني جادّ فيه، لكنها لم تُصدّقْ حرفا من كلامي فهي تعرفني كما تعرفُ نفسها وتعرفُ أني منذ مدة أحاولُ الهروب من مواجهة الحقيقة التي لم أستطعْ تقبلها حتى تلك الفترة، حقيقة يراها الجميع مُرّة وغير مقبولة بالمرّة وكنتُ أرى رأيهم أما هي فلا؛ كانت المُلهِمة والقائِدة الثائرة على رأيهم ورأيي وكنتُ أهربُ منها ومن نفسي لكن دون جدوى.
أرادتْ الدخول تحت الغطاء معي والمكوث بجانبي فرفضتُ زاعما أني عاري، نظرتْ لي وبكتْ وهي تنظر الصور، قالتْ: "لِمَ تفعلُ بي هذا؟ أنتَ تعلم أني أعلم جيدا أنك لا تنام عاريا أبدا.. ولا أنا"، وضعتْ ألبوم الصور على صدري وقالتْ: "انظر، كنا في الخامسة"، عندما نظرتُ تذكرتُ تلك الصورة وذلك اليوم، تذكرتُ كل تلك الأيام الجميلة البريئة، كنا صغارا وكنا سعداء، أنا وهي.... نلعب نرقص نجري نسبح نأكل نشرب وننام.. معا، كما اعتدنا حتى كبرنا أو.. فُرِض علينا أن نكبر دون رجعة إلى صغرنا، إلى براءتنا التي انتُزِعتْ منّا؛ ماما أرادت وقررتْ، بابا سمع وأطاع، فقُتِلتْ براءتنا لتصبح (كنزة) الخطر الداهم بعد أن كانت الأمان والدفء.
تجاوزنا الخامسة والعشرين في تلك الليلة، أتممنا دراستنا الجامعية وكنا ننتظر العمل.. معا، كان ذلك شرطها ولم أبد اعتراضا؛ كان شرطي أيضا.. بعض الشركات قبلت بانتدابي دونها والبعض الآخر قبلها دوني لكننا رفضنا، غضبت ماما منا.. أظنها فقدت كل أمل في التفريق بيننا، وأظنها ندمت على توحيدنا منذ الصغر في كل شيء، أظنها ندمت أكثر يوم قبولها بأن تقص كنزة شعرها لتكون مثلي وربما ندمت أكثر لقبولها بشعري الطويل منذ سنوات الجامعة لأكون مثلها.. تلك الليلة قالت لي: "بابا هو السبب، أنا متأكدة"، وعندما فكرتُ في الأمر وجدتها على حق كالعادة؛ كانت دائما على حق وكان الحق لا يفارقها.. كل الشركات التي اتصلنا بها كانت تستطيع قبولنا معا لكنها لم تفعل، مثلها مثل بابا الذي رفض إلحاقنا بشركته معا؛ قال أن عنده مكان وحيد شاغر وعلينا أن نقرر من يأخذه، رفضنا فغضب ولا يزال.. في تلك الليلة مضى علينا قرابة السنة في سوق البطالة ولا أحد يريد انتدابنا معا، كلهم يريدون أحدنا.... لم يخطر ببالي أن بابا كان وراء كل ذلك ولم أكن أتصور أنه كان مطيعا لماما لذلك الحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد